أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 84















المزيد.....

ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 84


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 5166 - 2016 / 5 / 18 - 14:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 84
ضياء الشكرجي
[email protected]
www.nasmaa.org
تهالك الجعفري على المنصب لثلاث مرات
عندما كان أمام حزب الدعوة فرصتان، إما أن يكون الجعفري نائبا لرئيس الجمهورية، وإما أن يتخلى عن ذلك مقابل وزارتين، أو لعله ثلاث وزارات للحزب، عمل بأقصى جهده في إقناع قيادة الحزب، بأن جعل نيابة رئاسة الجمهورية هو الأنفع للحزب، وهكذا كان الأمر عندما أصر على أن يتولى رئاسة الوزراء في مقابل عدد من الوزارات للحزب، وعندما سألت المالكي بقولي بقطع النظر عن صحة أو عدم صحة الاختيار، كيف جرت آلية تقديم مرشح الحزب لرئاسة الوزراء، باعتبار أن مرشح حزب ما لا بد أن يقدم ترشيحه من قبل الحزب الذي يتخذ قرار الترشيح بآلية معتمدة من قبله، فأجاب المالكي، بأنه حيث كان الجميع في الحج، (القياديون في مرحلة غاية في الحساسية كلهم ما شاء الله حجاج)، وكان وحده المفاوض باسم الحزب، ولإصرار الجعفري، كان هو الذي رشحه لذلك، وقال لي إنه مستعد لتحمل مسؤولية ذلك، ومن حق الحزب أن يقدمه لمحكمة حزبية. أما في المرة الأخيرة فقد عطل العملية السياسية، وبالتالي عطل مسيرة العراق كله لثلاثة أشهر، [المالكي كسر كل الأرقام القياسية من بعده، وقياسا بالمالكي يكون الجعفري أزهد الزاهدين في المناصب] بسبب إصراره على التمسك للترشيح، رغم الرفض الواسع من قبل جل القوى السياسية، فالعراق كله يتوقف في ظرف هو في غاية الحرج، لخاطر عينَي الشخصية التاريخية الاستثنائية المدعوة إبراهيم الجعفري. فلا أدري كيف يتحمل المسؤولية الوطنية، و(الشرعية) والأخلاقية في تعطيل العراق كله، من أجل شخصه، وقناعته غير المحدودة بمؤهلاته الفريدة. وكان طوال الفترة يصر بشكل غريب ومحزن ومضحك على ادعاء أن الشعب قد اختاره، بينما هو مرشح ضمن قائمة الائتلاف [وفقا لنظام القائمة المغلقة]، وليس هناك أي دليل أن معظم الناخبين إنما انتخبوا القائمة تأييدا للجعفري، الذي صور في پوسترات الدعاية الانتخابية بعناوين قرآنية مثل «القوي الأمين»، و«ألا إن حزب الله هم المفلحون»، ولم ينسحب حتى جاءت، كما شاع والله العالم، إشارة من كل من علي خامنئي وعلي السيستاني.
الجعفري يأرق لليلة كاملة بسبب كلمة في صحيفة الصباح
عندما كتبت الصباح افتتاحية أشارت إلى وجود مؤامرة لإسقاط الجعفري، دون وجود إشارة إلى تأييد الصحيفة للمؤامرة، اتصل مكتب الجعفري في صباح اليوم التالي برئيس التحرير [محمد عبد الجبار الشبوط] معاتبا إياه، وبقول أن الدكتور لم ينم من أذاه من هذه الكلمة طوال الليل. ولا أدري كم ستؤرقه حلقات صديقه الشكرجي هذه. على أي حال ليس لي رغبة أبدا في إيذاء شخص كان لمدة طويلة صديقا حميما وأخا عزيزا، لكن العراق أحب إلي وأعز علي، والجعفري آخر من لي تصفية حساب معه. [على ذكر محمد عبد الجبار الشبوط، نجد أنه تحول مؤخرا، كما هو الحال مع عزت الشابندر، وسعد المطلبي، إلى مجندين للمالكي، الذي كانوا يعارضونه بشدة ومنهم من كان يكره حزبه حزب الدعوة أيّما كراهة.]
الجعفري وكراس التعريف بحزب الدعوة
عند دخول العراق بعد سقوط الديكتاتورية لم ير الجعفري غير نفسه مؤهلا لتعريف الشعب العراقي بحزب الدعوة، وكتب كراس التعريف متجاوزا رفاق حزبه في القيادة، واستغرق بتناول المرحلية والسرية، وكأن الزمن قد توقف عند لحظة التأسيس، [وبما يكاد يكون بنفس لغة النشرات الداخلية السرية الخاصة بالحزبيين (الدعاة) الموسومة بـ(صوت الدعوة)] ولم يلتفت بذكائه إلى حقيقة أن الكثير من تلك المفردات لم تعد صالحة لهذا الزمان، من فرضية مراحل العملية التغييرية الأربع (الفكرية، فالسياسية، فالثورية، ثم الحُكمية)، وكأنه لم يلتفت إلى أن الحزب قد تخلى [مضطرا] عن فكرة حكم العراق من قبل الحزب، وبإقامة الحكم الإسلامي، وأن هناك مفردات لم تعرفها أدبيات الحزب في مرحلة التأسيس، كالتعددية والديمقراطية وتداول السلطة. أما السرية فكتب عنها وكأنها مرادفة تماما لمفهوم التنظيم والتحزب، فاستغرق في إثبات مشروعية التنظيم الحزبي إسلاميا، بدليل العمل السري للرسول ولبعض أئمة أهل البيت، [مستصحبا دفاع الحزب تجاه شبهات لاشرعية العمل الحزبي دينيا، مما كان يثار ضد حزب الدعوة في إيران في الثمانينيات، لاسيما من قبل المجلس الأعلى، قبل أن يتحول هو إلى حزب من الأحزاب، إذ كانت أدبيات الحكيميين تنظّر للفرق بين خط العلماء، وخط الأحزاب، معتبرين خط العلماء هو الأكثر استيفاءً لشروط شرعية العمل السياسي إسلاميا، من خط الأحزاب، التي تريد أن يكون دورها بديلا عن دور العلماء] ولولا أني أجريت بعض المراجعة والتعديل في وقتها، لخرج الكراس بشكل كارثي. وكذلك استغرق الجعفري في كراسه في مفاهيم ثقافة التأسيس المتأثرة بوضوح بثقافة حركة الإخوان وحزب التحرير، من قبيل أسلمة المجتمع وغيرها. [وأشك جدا أنه وكثيرين غيره قد تخلوا عن أهدافهم الإسلامية تلك، كأسلمة المجتمع، وهدف "الدولة الإسلامية" المؤجل، دون أن يلغى كليا.]
الجعفري والنظام الداخلي الجديد لحزب الدعوة
كما بينت في مذكراتي مع الدعوة، أني طالما طالبت الحزب قبل السقوط بإعادة كتابة النظام الداخلي، وبضمنه برفع مبدأ ولاية الفقيه، الذي أدرج بضغط إيراني، ومع إدراج الديمقراطية التي بقيت الدعوة تتجنب استخدامها إلى آخر يوم في أدبياتها. ولكن لم يلق ذلك أذنا صاغية، حتى دخلنا العراق من غير نظام داخلي، ولا برنامج سياسي للحزب، إلا ما كان قد كتب في لندن عام 1992 تحت عنوان (برنامجنا)، والذي اشتمل بشكل خجول على بعض مضامين الديمقراطية، مع تجنب المصطلح. ومع هذا لم يوافق عليه أعضاء القيادة في إيران وسوريا، ولم يعترفوا به، بل راحوا ليصدروا في مقابله ما أسموه (منهاجنا)، والذي كان يمثل خطوة متأخرة جدا عن (برنامجنا). المهم كان لا بد بعد دخول العراق ومع اقتراب الانتخابات للجمعية الوطنية للمرحلة الانتقالية، من كتابة نظام داخلي جديد للحزب، فشكلت لجنة فيها من الأعضاء المالكي، وصلاح عبد الرزاق، وعبد الرزاق الكاظمي، ممثلا لتوجهات الجعفري، وكاتب هذه السطور، الذي ترك بصمات واضحة على النظام، لاسيما في ما اشتمل عليه من مفاهيم ديمقراطية. بينما كان عبد الرزاق الكاظمي ينسب كل فقرة كتبناها في اللجنة يراها جيدة ومحكمة إلى الجعفري، وفي كل مرة كنت أصحح دعواه، ويعود ويصر على أن ينسب عبارات للجعفري لم تكن منه. هذا لون من ألوان التملق من قبل حاشية الجعفري المتقربين إليه زلفى. وهكذا كان يحب لحاشيته أن تتعامل معه، تملقا وتزلفا وصنمية بلا حدود. [ولم يدرك أن مثل هؤلاء يضرونه أكثر مما ينفعونه.]
قيادة حزب الدعوة والديمقراطية
بقيت قيادة الحزب غير متفاعلة مع مفردة الديمقراطية، إلا بشكل محدود، ومع تحفظ شديد. ففي الوقت الذي تحول كل من الجعفري والمالكي قليلا إلى قبول استخدام مفردة الديمقراطية، ووقّعا على البيان التأسيسي لـ«المنتدى الإسلامي الديمقراطي العراقي» الذي أعلنته بمبادرة مني في خريف 2002، اتخذت القيادة قرارا بالدفاع عن مشروع الشكرجي (المنتدى)، ولكن دون إدراج أسماء في قائمة الموقعين من أعضاء القيادة العامة، فسحب الاثنان توقيعيهما بقرار من القيادة. [وهذا ما أخبرني المالكي به في وقته، وأيد الجعفري لي ذلك لاحقا.] أما أعضاء القيادة العامة الآخرون فبقوا على تحفظهم على الديمقراطية، وأترك هنا ذكر أسماء المتحفظين والرافضين والمتهكمين والمدعين امتلاك دليل شرعي على عدم جواز الديمقراطية، والكل يتذكر تنظير الأديب بقبولنا بالديمقراطية في جانبها السياسي، ورفضنا للديمقراطية كفلسفة، وهذه على أي حال خطوة متقدمة، ربما اضطرارية للبعض، إذ كان قول معظم الإسلاميين، بمن فيهم من حزب الدعوة أننا نقبل بالديمقراطية كآلية وليس كنظام. [هذا أصلا إذا قبلوا آنذاك بالكلام عن الديمقراطية.]
حزب الدعوة والوسط الحوزوي والمرجعية
عموم الدعويين لهم تحفظ على سلوك جل المنتمين إلى سلك المعممين، فهناك حتى داخل الحزب ثمة خطان؛ خط (الأفندية)، وخط المعممين. إذن محمد باقر الحكيم كان محقا في حملته مطلع الثمانينيات، عندما روّج عبر الإعلام الخاص به لثنائية خط العلماء وخط الأحزاب، وبذلك كان يلمز للدعوة، باعتبارها لا تمثل خط العلماء، بل تريد أن تجعل الحزب ندا وبديلا للعلماء وللمرجعية، بينما تيار الحكيم قد استخدم مفردات العلماء والحوزة والمرجعية وولاية الفقيه للمزايدات السياسية، وتسقيط الخصوم السياسيين، لاسيما حزب الدعوة [الذي كان يعتبره الند والمنافس الأكثر خطورة على طموحاته القيادية]، هذا بالرغم أن الدعوة كانت تملك العشرات من المعممين في صفوفها، بينما كان المعممون الحكيميون يُعدّون بأصابع اليد الواحدة، وبمستويات متواضعة، إلا ما ندر. الأفندية داخل حزب الدعوة كانوا غالبا ما يشكون من نَفس الاستعلاء والطبقية والشعور بالامتياز لدى معممي الحزب نفسه. وفعلا لاحظت هذا النَفَس في الفترة التي لبست فيها العمة، حيث انفتح عليّ بعض المعممين من داخل الحزب، لأنهم ظنوا أني أصبحت واحدا منهم، لكنهم لم يدركوا أني في العمق لم أكن يوما واحدا منتسبا إلى سلك أصحاب العمائم. أرجع لأقول إن معظم أفراد الحزب غير منسجم مع فكرة تولي المرجع للشأن السياسي، والولاية العامة على الأمة، ولا يرتاح لروحية المعممين الذين يتعاملون على أن لهم ثمة وصاية على الناس. ولكن عندما دخل حزب الدعوة العراق رأى نفسه أن يدرأ عن نفسه شبهة عدم الاندكاك في المشروع المرجعي، والذي رفع رايته نده السياسي القديم المجلس الأعلى. فيما يتعلق بالجعفري فهو من غير شك واحد ممن يتحمل مسؤولية تكريس سلطة المرجعية، التي تتعارض مع مبادئ الديمقراطية والدولة المدنية. أما وجود دولتين، وسلطتين، ودستورين، ومرجعيتين سياسيتين، فهذه ثنائية كرسها الإسلاميون الشيعة في العراق، والجعفري أحد أبرز رموز تكريس هذا الواقع. وأنا أتكلم عن مفهوم ومبدأ ومنطلق، وليس عن مصداق خاص.
مسؤولية الجعفري منفردا أو مشاركا عن الكثير من الظواهر
إذن الجعفري يتحمل مسؤولية تسييس المرجعية، وتسييس المذهب، وتسييس الإسلام عموما، ومسؤولية الطائفية السياسية، التي يريد الآن بدعوى مشروعه الإصلاحي أن يظهر نفسه بريئا منها، كما ويتحمل مسؤولية تقوية التيارات الدينية المتطرفة، ويتحمل مسؤولية التسامح مع التدخل الإيراني بل وتكريسه، ويتحمل مسؤولية خروقات وزارة الداخلية في عهده. ولا يمكن تبرئته من مسؤولية كل ذلك، كما لا يمكن التقليل من خطورة وضرر كل من تلك المظاهر التي تكرست وتجذرت واتسعت واستفحلت بالمسؤولية المنفردة أو المشاركة التي يتحملها الجعفري، وخاصة في عهده. وإني عندما أذكر كل هذا وغيره، فإنما أقتصر على ما لدي من معلومات، وأتجنب الكتابة فيما لا علم لي فيه، فإني وبحكم إبعادي عن دوائر القرار السياسي الضيقة، بسبب تقاطعي السياسي والفكري تدريجيا، مع هذه الدوائر المتخلفة، لا تتأتى لي فرصة الاطلاع على كل أسرار الإسلاميين بما فيها أسرار الجعفري. [المالكي تجاوز الجعفري بكثير في مسؤوليته عن الكوارث السياسية، التي حصلت في عهده أثناء ولايتيه الأولى والثانية، وبالأخص في الثانية – ونعوذ بالله من الثالثة، وهذا ما سيتناوله بإذن الله كتاب لاحق لي، ربما يكون اسمه «بعدما أرست سفينتي على مرافأ العلمانية».]
لماذا لا نعرف أسماء قيادة حزب الدعوة الحالية
هل ما زال الحزب مستصحبا مقدس السرية في العمل الحزبي؟ لماذا لم تعلن بعد المؤتمر العام الأخير للحزب أسماء أعضاء القيادة الجديدة؟ من المؤكد أنه لم تعد حاجة للمحاصصة المناطقية كما كان الأمر عليه في عمل المهجر (5 من إيران، 4 من أورپا، 2 من سوريا)، ومن هنا لم يعد هناك مبرر ليكون عدد أعضاء القيادة العامة أحد عشر عضوا. لكن كم هم الآن، وما هي أسماؤهم، ولماذا التكتم؟ ومع هذا أحب أن أضع القراء بالصورة عن أعضاء القيادة المنتخبة في آخر مؤتمر عام للحزب قبل سقوط النظام البائد، وإلى وقت قريب جدا، ليكون ثمة تصور وتقويم لقيادة حزب كان يُتَصوَّر أن بمقدوره أن يقود العراق. القيادة كانت مؤلفة من الأعضاء أدناه:
من أورپا:
1. إبراهيم الجعفري
2. حيدر العبادي
3. وليد الحلي (حصل على الأصوات المطلوبة من حزبيي إيران وليس من أورپا)
4. علي العلاق
من إيران:
5. علي الأديب
6. حسن شبر
7. مهدي العطار
8. حسن السنيد
9. أحتمل أبو أحمد البصري [الغريب أنه لحد الآن يظهر بهذا الاسم الحركي، مستصحبا طريقة العمل السري في المهجر، عندما كان المعارض في المهجر يخفي اسمه الحقيقي خوفا على أسرته في العراق.]
من سوريا:
10. نوري المالكي
11. عبد الحليم الزهيري
وأترك التقويم (التقييم) للعارفين بهذه الشخصيات، وأدائها وخطابها وثقافتها.
إضافات لموضوع الجعفري
سجلت كرؤوس أقلام بهدف تفصيلها في حلقة ثامنة أو أكثر.
-;- الجعفري مدين للشعب العراقي بالاعتذار عن:
o كوارث حقبته
o مسؤوليته عن خروق الداخلية.
o منحه هبات للحكيم (أملاك بأثمان رمزية).
o تعطيله للعملية السياسية لثلاثة أشهر.
o تقويته للتيار الصدري.
o تكريسه لولاية المرجعية كصيغة عراقية لولاية الفقيه.
-;- دوره في الدستور، كان متأذيا جدا من قبول سامي العسكري بعبارة «ثوابت الإسلام المجمع عليها» التي وردت في قانون إدارة الدولة.
-;- في لقائه على الحرة في 26/03/2008 «لم يتغير فكري ومبادئي وقيمي»: إذن هل ما زال يؤمن بدولة إسلامية على مبدأ ولاية الفقيه، وهل ما زال يرى تعارض الديمقراطية مع الإسلام؟
-;- وتحدثه في تاريخ لاحق جدا، على ما أتذكر عام 2012 بلغة (نحن، أبناء محافظات الجنوب)، بمعنى (نحن الشيعة)، مما ينقض دعواه أنه تحول إلى مشروع وطني يعتمد المواطنة. والحمد لله الذي يكشف لنا نوايا هؤلاء بشطحات لسانهم، التي تفضح حقيقة دواخلهم. أما إذا أردنا أن نتحدث عن شطحات المالكي، فنحتاج إلى كتاب كامل، وربما إلى مجلدات، وهكذا إذا أردنا الكلام عما يتحمل مسؤوليته، التي تعادل ما ذكرناه عن الجعفري عشرات الأضعاف، وهذا يعود لفارق المدة الزمنية لكل منهما، ففرق بين سنة واحدة للجعفري، ولثمانی-;- سنوات للمالكي (06/02/2013)، فلو استقصينا فقط تصريحات وخطب المالكي، لأُلِّفَت على ضوئها الكتب، ولعله المجلدات، يمكن أن نسميه «شطحات رئيس الوزراء» أو «غرائب الخطاب لرجل دولة»، أو شيء من هذا القبيل.

 -;-
تقويمي لأحزاب الائتلاف في أيامي الأخيرة معهم
في سيراكوزا في إيطاليا وبدعوة من بختيار أمين باسم معهد (المعهد العالمي للدراسات العليا عن القوانين الجنائية) International Institute of Higher Studies in Criminal Sciences، كنت شاركت في دورة حول الفيدرالية في العراق، من الفترة الواقعة بين 12 إلى 19 تشرين الثاني لعام 2005 (غادرنا بغداد إلى عمان في 10/11 ثم وصلنا في مساء اليوم التالي إلى مكان الدورة، وغادرنا عائدين في 20/11/2005)، وكان من المشاركين الذين بلغ عددهم الثلاثين نديم الجابري الذي كان في حينه الأمين العام لحزب الفضيلة الإسلامي، وأثناء حوار ودي على فنجان القهوة بيننا، امتزج فيه شيء من المزحة الساخرة حول وضعنا السياسي، تعبيرا عن خيبة الأمل قلت: «أي قائمة برلمانية هذه التي نحن فيها؟»، وأعني الائتلاف، ثم رحت أعدد كتل الائتلاف قائلا: «حزب الدعوة الذين هم جماعتي ولم أعد أطيقهم إلا بعناء شديد (وبالگوة جارعهم)، المجلس مشروع إيراني، تنظيم العراق النسخة المتخلفة لحزب الدعوة، التيار وما أدراك ما التيار، وأنتم (الفضيلة) لستم إلا النسخة المحسنة من التيار.»، ونسيت في حينه ذكر الإسلاميين المستقلين الذين يحسبون أنفسهم على المرجعية، والذين هم إما مغالون بالمرجعية، وإما ليسوا إلا متاجرين بها لغرض الربح السياسي. وما الجعفري إلا أحد مفردات هذا الواقع المهمة، وأحد أركانه الأساسية، فهو رمز من رموز هذا الائتلاف، وهذا الاصطفاف الطائفي، وهذه المزايدة بالمرجعية، وهذا التسييس للإسلام. هذا لا يعني أن من المستحيل أن يحصل تحول عند سياسي ما، ولكن للتحول الصادق مؤشراته ومصاديقه ومراحله وأشواطه، وهذا كله ما لم نشهده في سيرة الجعفري السياسية. ولذا لي ولغيري من الوطنيين مبررات عدم إمكان التعويل على مشروع الجعفري، وعدم إمكان منحه الثقة، ومبررات اعتقادنا مخاطر المشاريع الجعفرية أكبر بكثير من احتمالات المنافع الوطنية [لكن سياسات المالكي لدورتين أنست الجعفري]. ولهذا السبب وطنت نفسي لأكون أول المعارضين للجعفري، لا لشيء والله إلا لأجل العراق، والعراقيين، والمثل التي أؤمن بها من مبادئ الديمقراطية، والاعتدال، وأولوية الهوية الوطنية، والفصل بين المؤسسة الدينية ومؤسسات الدولة، وعدم تسييس الدين، ونبذ الطائفية السياسية، وكل ألوان الطائفية، والاستفادة من تجربة العالم المتحضر، والصدق، والنزاهة، وجعل الإنسان والوطن والمواطن فوق الاعتبارات الشخصية والحزبية والدينية والقومية والمذهبية. ولأني أؤمن أن ليس من خطر على مشروع وطني بقدر خطر مرض الإيمان المطلق بالذات، عندما تصاب به شخصية قيادية، فمثل هذه الشخصية لا بد من درء خطرها عن الوطن، مهما كان حبها للوطن وللشعب، لأن هذا الحب يتلاشى أمام الإيمان المطلق بالذات [وقد فاقه المالكي]، أو لأن مصالح الوطن لا يمكن فهمها وتفسيرها وتأويلها واستنباط أحكامها إلا في ضوء هذا الإيمان المطلق بالذات للقائد الذي يتوهم صادقا أنه يمثل ضرورة تاريخية. فالعراق ليس بحاجة إلى ضرورة تاريخية، بقدر ما هو بحاجة إلى خدّام مخلصين يؤدون دورهم ويذهبون، ليأتي من بعدهم من يكمل المسيرة، ولا نحتاج إلى قادة-آلهة، ولا إلى قادة-ملائكة، ولا إلى قادة-أنبياء، بل إلى خدم مخلصين.



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 83
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 82
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 81
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 80
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 79
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 78
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 77
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 76
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 75
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 74
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 73
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 72
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 71
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 70
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 69
- المكامن الحقيقية لاستعصاء عملية الإصلاح السياسي
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 68
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 67
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 66
- ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 65


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 84