أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - -ديمقراطية- التجمعات الدينية.. هيمنة وإلغاء















المزيد.....

-ديمقراطية- التجمعات الدينية.. هيمنة وإلغاء


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 1393 - 2005 / 12 / 8 - 11:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


غالبية التجمعات السياسية الدينية في الساحة العربية ومنها الكويتية تعتبر تجمعات طائفية ولا يمكن لها أن تؤمن بالديمقراطية. فرغم إنها أطلقت شعارات تعبّر عن نبذها للطائفية في ثقافتها وفي عملها، وتؤكد على الالتزام بالديمقراطية كآلية ومحتوى، والالتزام بمواد وروح الدستور الوطني والقومي، وكذلك الالتزام بالأسس التي يقوم عليها المجتمع المدني كالإيمان بالحرية والتعددية واحترام حقوق الإنسان وفق الفهم الحديث لتلك الأسس، لكنها في الواقع العملي لا تستطيع أن تتجرد من ثقافتها الأصولية المعادية لأغلب ما تم ذكره، تلك الثقافة القائمة على أسس دينية وطائفية والنابذة للحرية بمعناها الحديث، كما لا ترضى بالتعددية وفق إطارها الموسّع، ولا تقبل بأن يتم احترام الإنسان وفق معيار الأنسنة الحديث بل وفق فهمها وتفسيرها الديني القديم، لذا لا يمكن إلا أن تكون مهيمنة إلغائية.
فالفكر الديني الذي تتبناه تلك التجمعات، السنية والشيعية، يعكس مرجعها الثقافي المناهض في أغلبه لأسس المدنية الحديثة، ومن منها تزعم غير ذلك فعليها إثبات ذلك من خلال أفعالها.
فالأحداث على أرض الواقع والرؤى الفكرية وردود الأفعال السياسية والقضايا المتبناة من قبل تلك التجمعات تدل بأن معظمها تصب في إطار مناهضة الحداثة، وما رفع شعار الديمقراطية والتعددية واحترام حقوق الإنسان إلا أحد شيئين: إما جهل بحقيقة تلك الرؤى والمفاهيم، وإما ضحك على الذقون من أجل تمرير مشروعها للسيطرة على الهوية الوطنية وتحويلها في وقت لاحق إلى هوية أصولية.
فالحركات أو التجمعات الدينية في الكويت تشدد على التزامها بالديموقراطية "كآلية" لتنظيم عملها السياسي وغير السياسي، رغم وجود البعض منها الذي يرفض أن "يدمقرط" عمله أو حتى أن يعترف بآلية الديموقراطية.
لكنها في المحصلة تتجه لرفض الاعتراف بالديموقراطية كروح ومحتوى، وتنزع إلى مواجهة المفاهيم الحداثية التي تتأسس عليها. أي أنها تضع نفسها في منطقة تبرز خلالها الآلية لتنفصل عن المحتوى الحداثي، رغم أن الآلية ليست سوى وسيلة يستحيل أن تنفصل عن محتواها، وإذا ما انفصلت فستصبح هي الهدف ويتم تجاهل المحتوى، وبالتالي سيتم التفريط بالكثير من القضايا المرتبطة بالمحتوى، كقضايا حقوق الإنسان، على حساب الزعم بأن آلية الديموقراطية هي التي تعبّر عن قيمة الديموقراطية.
فعلى سبيل المثال تعتبر مواقف تلك الحركات أو التجمعات (السنية منها والشيعية) من قضية حقوق المرأة السياسية أوضح مثال على اختيار الوسيلة كأصل يحل محل المحتوى، حيث أبرزتها على أنها هي الأساس في فهمها الخاطئ للديموقراطية.
فالحركات، المؤيدة والرافضة للحقوق السياسية للمرأة، لم تتخذ مواقفها استنادا إلى مفاهيم الحداثة التي تشكل روح الديموقراطية، مثل مفهوم الحرية والتعددية واحترام حقوق الإنسان ونسبية الحقيقة، بل اتخذت مواقفها انطلاقا من الرأي الديني الفقهي الذي يحدد شرعية أو عدم شرعية إعطاء المرأة حقوقها.
لذا لم تكن وسيلة الديموقراطية، إلا آلية لتثبيت موقف شرعي فحسب، أي هي آلية تحدد جواز أو عدم جواز حقوق المرأة السياسية، وليست آلية للموافقة على موقف حداثي.
فالاعتراف بحرية الاعتقاد لدى الإنسان انطلاقا من حقه كإنسان، وليس انطلاقا من الفهم الديني والجواز الشرعي، هو موقف يدلل على مركزية الحداثة ومفاهيمها في هذا الإطار بوصفها هي الحَكَم لقبول أو رفض تلك الحرية. في حين أن الاعتراف بذلك انطلاقا من التفسير الديني الفقهي يدلل على أن الخطاب الديني، وليس الخطاب الحداثي، هو البوصلة في تأييد أو رفض حرية الاعتقاد أو مجمل الحريات الإنسانية الأخرى.
فلو أن مجموعة من المواطنين طالبت مجلس الأمة (البرلمان) بالاعتراف بها وتشريع عملها كمجموعة ملحدة والسماح لها بتشكيل جمعية تدعو من خلالها لأفكارها وأنشطتها، فإن أول صدمة ستواجهها وأول العراقيل ستوضع في طريقها ستكون من قبل الحركات أو التجمعات الدينية التي تزعم التزامها بالديموقراطية وبالتعددية وحرية التعبير، والتي إمّا ستنعتها بالكفر وبالخروج عن الدين أو ستقمعها وتفرض الاستبداد عليها بحجة المحافظة على "ثوابت الدين وعادات المجتمع". والمبرر في هذه الموانع والعراقيل مرتبط بالتفسير الديني الفقهي، إذ مهما كانت درجة التأييد الموجودة في نصوص وروح الدستور لهذا النوع من الأنشطة إلا أن محصلة ذلك ستكون عدم الاعتراف بالتعددية السياسية والفكرية وعدم الإيمان بحرية الاعتقاد التي هي جزء لا يتجزأ من مفاهيم الحداثة التي تشكل روح الديموقراطية.
فالحركات أو التجمعات الإسلامية تلجأ إلى آلية الديموقراطية لإلغاء موقف يتعارض وفهمها للشرع حتى لو خالف ذلك روح الديموقراطية وروح الدستور. فهي تختار الآلية وتثبتها في أجندتها الفكرية كهدف بدلا من أن تكون وسيلة. وإن لم يتحقق مطلبها هذا فإن الديموقراطية ستصبح مهددة لأنها ستساهم، حسب زعمها، في تثبيت قاعدة مضادة للدين.
لذا لا يمكن هضم وقبول الديموقراطية، كوسيلة وكروح، قبيل هضم مفهوم الحرية والعدالة وحقوق الإنسان ونسبية الحقيقة وسيادة القانون بمعناها الحديث.
فأنصار تلك الحركات يتغنون بإيمانهم بالديمقراطية ولهم نواب في مجلس الأمة ويطرحون رؤى لتقنين التعددية، لكنهم يجهلون ـ أو يتصنّعون ذلك - أن التعددية السياسية لا يمكن أن تقوم لها قائمة من دون أن تسبقها التعددية الثقافية والفكرية، وأن مجلس الأمة لا يملك المقومات في أن يكون مجلسا ديمقراطيا من دون وجود المقومات الرئيسية التي تستند إليها الديمقراطية، وعلى رأسها الحرية والتعددية واحترام حقوق الإنسان الفرد. فالإيمان الحقيقي بتلك المقومات هي أس الإيمان بالعملية الديمقراطية، وهي لا تلتقي لا من قريب ولا من بعيد مع مفهوم احتكار الحقيقة، سواء كانت تلك الحقيقة دينية أو غيرها. والحياة المدنية والسلم الاجتماعي لا تهددهما مقومات الديمقراطية بل تهددهما المفاهيم الاحتكارية التي تؤسس لظهور الوصاية على حرية الفكر والتعبير، أي تهددهما الأفكار المتبناة من قبل الأصولية الكويتية.
إن فهم الإسلاميين قاطبة للدين الإسلامي باعتباره منهج حياة، قائم على "لاهوت التسلط والاستبداد" أو الهيمنة والإلغاء، أي اللاهوت التاريخي الذي لا يزال يرفض مفاهيم بديهية تتكئ عليها الديموقراطية.
فعلى سبيل المثال لا يزال الآخر الديني أو الليبرالي أو العلماني أو الملحد مرفوضا في الخطاب الديني، ولا تزال الأنثى إنسانا من الدرجة الثانية في مقابل الذكر الذي يحتل منصبا وصائيا بما جعله قيّما عليها ومهيمنا على أمورها ومتسلطا على شؤونها.
ولو نظرنا نظرة سطحية وليست معمقة إلى كتب فقهاء ومراجع الدين من السنة والشيعة لرأينا كمّ الوصايا الدينية السياسية وغير السياسية الحاثة على معاملة المرأة كإنسان تحتل مرتبة أدنى من الرجل، وللاحظنا كيف تلعب تهم التكفير والإرتداد والفسق واللامساواة بين المسلم وغير المسلم دورا رئيسيا في إلغاء الآخر ومنعه من ممارسة مسؤولياته في الحياة، هذا إذا استثنينا الفتاوى الحاثة على قتل هذا الآخر.
إن ذلك يجرنا إلى طرح مثال من أقوال وأبحاث الشيخ يوسف القرضاوي (شيخ المعتدلين والوسطيين!) في كتابه "الصحوة الإسلامية من المراهقة إلى الرشد" والذي يقول فيه انه "أولى بالمسلمين أن يتفقوا على آلية للتغيير ويستفيدوا مما وصل إليه العالم من الوسائل الديموقراطية، والمؤمن يلتمس الحكمة أنى وجدها ولا حرج على المسلمين أن يقتبسوا من الوسائل عند غيرهم ما دامت هذه الوسائل غير مخالفة لنصوص الشرع ولا قواعده بل هي من المصالح المرسلة التي تتحقق بها مقاصد الشريعة ومنافع الناس". أي أن الديموقراطية لدى القرضاوي ليست سوى "وسيلة" لتطبيق الشريعة ولا تعتبر "غاية" في ذاتها لتحقيق المنظومة القيمية الحديثة.



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين صلاح الدين وصدام والزرقاوي.. لم نتعلم الدرس
- ادعاءات.. وافتراءات ضد الديموقراطية
- الاسلام هو الحل
- إلغاء حكم الإعدام.. وحق الاختلاف


المزيد.....




- اللواء باقري: القوة البحرية هي المحرك الأساس للوحدة بين ايرا ...
- الإمارات تكشف هوية مرتكبي جريمة قتل الحاخام اليهودي
- المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
- أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال ...
- كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة ...
- قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ ...
- قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان ...
- قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر ...
- قائد الثورة الاسلامية: شهدنا العون الالهي في القضايا التي تب ...
- قائد الثورة الاسلامية: تتضائل قوة الاعداء امام قوتنا مع وجود ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - -ديمقراطية- التجمعات الدينية.. هيمنة وإلغاء