|
زهر اللّوز -11-
نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
الحوار المتمدن-العدد: 5164 - 2016 / 5 / 16 - 09:09
المحور:
الادب والفن
سوف أعدّ أيّام الأعياد اللّيلة. . . أعدّ نجوم السّماء في العيد الأوّل بعد بداية التّاريخ احتفلنا به على هامش رقصة صيد شوينا غزالاً جميلاً كان يركض بكت أمّ الغزال. سمعت ماذا تقول لو وقع الغزال بيد حيوان لكانت امّه ربما خلصته وقع في أيدينا ، أمّه تراقبه من بعيد، وهو يصرخ: ماما. من يومها أصبح الإنسان سيّد هذه الدّنيا . . . في العيد الثّاني ، الثالث ، والرّابع وبعدها جميع الأعياد اختار الإنسان أسياداً له من بين الإنسان يستطيع السّيد أن يفعل بالبشر مثلما فعل سيد الأرض بالغزال هو قانون العبيد والسّادة الذي يسري مفعوله الآن تنافس السادة، وأصبح العيد عيدين ثم ثلاثة، ومئة أعدّ منذ عامين، ولا تنتهي الأعياد . .. أفكّر في العيد. هذا الهمّ الأزلي في أن تُرغَم على الفرح بطريقة ما لأنّ أحدهم أراد أن يفعل هذا. غدا يأتي العيد بكلّ ثقله. لا يمرّ على بيوت الفقراء، لكنّ الجميع يفرح لقدوم العيد. تعدّ سلمى الأيّام من أجل أن تلبس ثوب العيد. اشتريت لها ثياباً جميلة. لا بأس في أن يأتي العيد. سوف أصنع كعك العيد، أستيقظ باكراً ، أزور قبر أمّي . في العيد كانت أمّي تطبخ الأرز والدّجاج، يأتي الرّجال وقت الغداء. تضع لهم الطّبق. يأكلون القليل من الأرز ، نأكل نحن ما تبقى دون أن نفكّر بأنّ اللحم قد انتهى من فوق طبق الطّعام. الرّجال تعوّدوا على أكلّ اللحم. النّساء هنّ من يقدمنه لهم لأنّ الأطفال لا يعرفون الطّعم وكلّه عندهم طعام. -منذ متى أنت هنا يا خاسر؟ -منذ العيد الأوّل حيث شوي الغزال الطّفل. ليتك لم تتبرّعي بالعمل مع أمّ الريم2 أخشى عليك من الدّخول إلى هذه الأماكن. هي أماكن موبوءة. لي تجربة مريرة فيها. كنت صبّاب قهوة لا أعرف سوى أن أقدّم الفنجان للضّيف. صبّ القهوة حرفة جميلة فيها الكثير من الفن. تعوّدت يدي على مقدار القهوة التي أقدّمها في الفنجان، وعندما يمتدّح قهوتي إنسان . يغمرني الفرح فأنتشي لأنّني فنّان. كنت حرّاً في الأفراح والأتراح. أضع منقل الفحم أمامي، أجلس أمامه دون حراك، أقدم قهوتي للزوّار، أكسب ما يكفيني . أتى ذلك اليوم المشؤوم. رشّحوني لصنع القهوة في بلاط السّلطان، كان ألف صبّاب قهوة يتنافسون على المنصب، فزت أنا، صرت أرافق السّياسيين في كلّ جولاتهم كي أصبّ لهم القهوة. قُتِلَ السّلطان . أصبح ابنه سلطاناً، اتّهمني بقتل أبيه ، فمتّ بضربة سيف على عنقي. السلطان الابن هو من قتل أباه عرفت ذلك بعد موتي من أصدقائي الذين اتهموا بتهم مشابهة ولحقوا بي. -من هؤلاء الذين أحضرتهم معك ؟ -هؤلاء جيراني، وأصدقائي هناك. يريدون أن يتعرّفوا على أنفسهم من خلال حكم محايد، رشّحتك لهذا المنصب، وستبدئين على الفور. -تقدّمي يا باربي . لماذا أرى حزناً في عينيك؟ ثم أين لحم جسدك؟ هل صدّقت حكاية الجسد العضم بدون لحم؟ -لن أتقدّم. أعطيت حكمك قبل أن أدلي بشهادتي. -باربي على حق. أنا هكذا متسلّطة في الحوز على السّؤال، والجواب، وكأن من يجلس قربي غير موجود . تقدّمي يا ساندريلا. قولي ما تشائين. -هذا الأمير الذي تزوّجته ، والذي يقف قربي الآن. لم يكن نبيلاً. أرغب أن أضيف ذلك إلى الحكاية. كان زواجه منّي نزوة. انتهت بعد عدّة أيّام ، رماني كما تربى الكلاب. متّ من الجوع. تزوّج من ساندريلا 2 وعندما رماها قتلته. لحق بي. قال: تعلّمت الدّرس. ليس كلّ النساء ساندريلا. -كنت مظلومة مع زوجة أبيك يا ساندريلا. لماذا سكتِّ عن الظّلم؟ خلقتِ لنا قصّة عشّشت في صدور النّساء. كلّهن يبحثن عن أمير. الأمير لا يأتي .كان عليك أن تحاربي الظّلم وتلتقي بشاب يشبهك، لكنّك لا زلت جميلة. أصبحت السّاعة الثّالثة بعد منتصف الليل، ولم يتبقّ سوى ساعات للفجر حيث سوف أذهب إلى قبر أمي. لا أستطيع أن أكون حكماً لجميع هؤلاء الذين أحضرتهم. سوف أرفع الجلسة إلى ما بعد العيد . هيا يا خاسر .خذ أصدقاءك وارحل. دعني أعيش ليلة العيد دون متاعب. مع نسيم الفجر. يسري في جسدي وخزة خفيفة تشعرني بوجودي. كأنّ العيد أراد أن يمنحني وخزة سعادة. لماذا نحمل هموم العالم على أكتافنا؟ حلّت الليلة المباركة. ليلة العيد. كل الأشياء عندي جيدة في هذا العيد. سوف أوقظ مكرود حتى يوصلني إلى المقبرة .هو المرشد لي في جولاتي على القبور، يعرف كلّ السّكان هناك. جهاز التّحكم مرميّ على الأرض، ولا أحد في غرفة النّوم. يبدو أن مكرود ذهب إلى صلاة الفجر. منذ متى يصلي مكرود؟ شيء يحيّرني. قبل دقائق كنت أسمع شخيره. ربما هرب من العيد، وربما أجده في المقبرة كالعادة. الليلة عيد، أحتاج لرجل اسمه مكرود كي يصبّح على عيدي. لا يمكن أن أعيش طوال حياتي مع شبح. أحبّك يا مكرود حتى لو كان اسمك لا يعجبني. كم أرغب أن أرى رجلاً يشبه مكرود، ولا يشبهه أيضاً. نجلس معاً في سهرة طويلة نناقش فيها أمور العيد، نختلف، ويعلو صراخنا، ثمّ يضمّني إليه . يقول لي: لا تحزني حبيبتي. سوف أستدين من أمّي وأجلب لك ما تريدين، يمسح دمعي، أتنازل عن حقي في العيد كرامة له. لا أعرف إن كانت كلّ النّساء مثلي. يقي دقائق وسوف أحمل الكعك إلى المقبرة. كلّ عام وأنت بخير يا شجرتي الحبيبة. لماذا يتناثر الورد منك؟ -إنّني حزينة. سجلّي في مفكّرتك الجديدة: شجرة اللوز تبكي. حزينة لأنّ صديقتها سوف تغادر. -توقف النّداء في داخلي أيّتها الشّجرة . لكنّك سوف تغادرين قريباً. هذا ما قالته لي شجرة اللوز التي تقع قرب الباب في حديقتي الخلفيّة فجر العيد الذي شعرت فيه بوخزة فرح.
#نادية_خلوف (هاشتاغ)
Nadia_Khaloof#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زهر اللّوز -10-
-
زهر اللّوز -9-
-
زهر اللّوز -8-
-
زهر اللّوز -7-
-
زهر اللّوز -6-
-
زهر اللّوز -5-
-
زهر اللّوز -4-
-
زهر اللّوز -3-
-
زهر اللّوز -2-
-
زهر اللوز -1-
-
حكاية الفحل،والقارورة
-
نضال الطّبقة العاملة من أجل عالم أفضل
-
وقوع الطّبقة العاملة في فخ - الحرب ضدّ الإرهاب -
-
من - عمى ألوان-
-
تأثير الفكر الدّيني المتشدّد على المرأة
-
نضال الطّبقة العاملة من أجل حقوقها
-
الأوّل من أيّار - يوم العمّال العالمي-
-
رحلة البحث عن حذاء -1-
-
دور المرأة العاملة في المجتمع
-
قانون تعنيف الرّجل من قبل المرأة
المزيد.....
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|