اتفاقية سايكس بيكو وشعوب المشرق

دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5163 - 2016 / 5 / 15 - 03:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

في مثل هذا اليوم، قبل قرن كامل ( 14 أيار 1916)، وقّعَ ممثلو فرنسا وبريطانيا وروسيا اتفاقية تقاسم النفوذ العثماني في المشرق بعدما بدا لهم علامات انهيار خصومهم في الحرب العظمى. وقد عُرفت الاتفاقية باسمي وزيري خارجية بريطانيا وفرنسا ( مارك سايكس وفرنسوا بيكو ). الإتفاقية، نصّت على ضمّ أجزاء من الولايات العثمانية، كردستان وكيليكية وسورية وجبل لبنان والموصل، إلى النفوذ الفرنسي. أما الأجزاء الأخرى من كردستان العثماني وبغداد والكويت وشرقي الأردن، فإنها ستضم للنفوذ البريطاني. وبالنسبة لفلسطين، فإنها من المفترض أن تكون تحت إدارة الدول الثلاث الموقعة على الاتفاقية.
بعد قيام الثورة البلشفية عام 1917، تم كشف وثائق اتفاقية سايكس بيكو وتبرأت منها الحكومية الروسية الجديدة. في تلك الأثناء، كانت القوات البريطانية والفرنسية قد بدأت فعلياً بالاستيلاء على ممتلكات الدولة العثمانية في المشرق. إلا أن تداخل الجبهات، جعل من المستحيل تنفيذ الاتفاقية المذكورة. فالبريطانيون، هم من سيطروا على معظم مساحة العراق العربي وكردستان الجنوبية. وعلى ذلك، لم يكونوا مستعدين للتنازل عن ولاية الموصل، الغنية بالنفط المكتشف حديثاً. كذلك جرت تطورات أخرى على الأرض، لم تكن بحسبان موقعي الاتفاقية. إذ اجتاحت الفصائل الأرمنية واليونانية مناطق كيليكية وأجزاء من كردستان الشمالية، مستغلة هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العظمى. كما أن جيش شريف مكة، المدعوم من الانكليز، واصل زحفه في سورية حتى وصل إلى حلب. وكان شريف مكة يبغي إقامة مملكة عربية في سورية الداخلية، معتمداً على وعود من الإنكليز مثلما تجلى في مراسلاته مع السير مكماهون.
الكرد، من ناحيتهم، كانوا بمعظمهم ملتفين حول الجنرال مصطفى كمال ( أتاتورك )، الذي استغل خشية زعمائهم من التوسع الأرمني في بلادهم، فخدعهم بوعود الاستقلال ما لو ساعدوه في ما صار يُعرف لاحقاً ب " حرب التحرير ". المتنورون الكرد، وعلى رأسهم الجنرال شريف باشا، تمكنوا من التأثير على دول الحلفاء وتضمين اتفاقية سيفر ثلاثة بنود حول استقلال بلادهم. أما في كردستان الجنوبية، فإن الشيخ محمود الحفيد سيطر على مدينته السليمانية وأعلنها عاصمة ل " مملكة كردستان "، وكان واضحاً أنها خطوة لن ترضي المحتلين الإنكليز، المسيطرين على البصرة وبغداد والموصل. غير أنّ الأمور ما لبثت أن اختلطت مجدداً على الأرض، حينما تمكن مصطفى كمال من هزيمة الأرمن واليونانيين نهائياً. عند ذلك، تنكّر كمال لوعوده بخصوص استقلال كردستان. وما عتمَ أن نجح هذا في إجبار دول الحلفاء على توقيع اتفاقية لوزان عام 1923، والتي تنص على إلحاق كردستان بالدولة التركية وبدون أي ذكر لحقوق سكانها السياسية أو الثقافية. وبالنسبة لكرد سورية، فإنهم في ذلك الوقت كانوا بدون أي تنظيم سياسي، ناهيك عن القوة العسكرية. ولم يصدر أي رد فعل عن الكرد، حينما أعلنت المملكة السورية الفيصلية عام 1918، أو لدى تأسيس الدولة السورية تحت الانتداب الفرنسي بحدودها الحالية في بداية ثلاثينات القرن المنصرم.

#دلور_ميقري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات