|
نقابة الصحفيين والشخصية المصرية
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 5161 - 2016 / 5 / 13 - 15:01
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
نقابة الصحفيين والشخصية المصرية طلعت رضوان لماذا استمر العداء للصحافة بعد يوليو1952 ؟ ولماذا تكره أنظمة الاستبداد الصحافة الحرة ؟ أصرّ الصحفيون المصريون على كرامتهم الشخصية وتعظيم دور الصحافة للرقى بمجتمعنا، وأعتقد أنّ يوم4مايو2016هو حلقة فى سلسلة طويلة من نضال شعبنا لنيل حريته ، عندما عرفتْ مصر الصحافة منذ أواخر القرن التاسع عشر (مجلة الهلال- العدد الأول فبراير1893) وصحيفة (الجريدة - العدد الأول9مارس1907) برئاسة أحمد لطفى السيد. وفى تلك الفترة عرف شعبنا ظاهرة (الجمعيات والنقابات) وقد تأخر تكوين نقابة للصحفيين ، ونجحوا فى 31مارس1941فى تأسيس نقابتهم . وفى عام1948تقرّر إنشاء مقر ثابت للنقابة ، فإذا بالقوات البريطانية تحتل المقر. فأرسل سكرتير عام النقابة (حافظ محمود) خطابـًـا إلى ملك بريطانيا ورئيس وزرائها طالبهما فيه ((بالإجلاء الفورى عن مقر النقابة)) وتـمّ التوقيع على هذا الخطاب من الصحفيين وكان من بينهم فكرى أباظة. وبعد يوميْن خرجتْ القوات البريطانية من مقر النقابة. ودخل حافظ محمود فى صراع مرير مع ضباط يوليو1952عندما اكتشف أنهم يتجسّـسون على اجتماعات النقابة. وتصاعد الصراع بعد تأميم الصحافة ، الذى اعتبره الصحفيون (تكميم الصحافة) ووأد للحريات. وفى عام1964 تصاعد الصرار أكثر بعد أنْ فاز حافظ محمود بمنصب النقيب ، وكانت نتيجة الانتخابات ((صدمة للنظام الناصرى)) الذى توقــّـع فوز أحد الصحفيين الموالين للنظام. واشتـدّ الصراع عندما أدان حافظ محمود ((الادعاء الناصرى الزائف حول حقوق العمال وحرية العمل النقابى.. فقرّر عبد الناصر خلعه)) ثم توالى عنف النظام ضد النقابة فى عهدىْ السادات ومبارك ، ولم يهتز ضمير الصحفيين ، فخاضوا نضالا مبدئيًا وحضاريًا وانتصروا على النظام فى كل معركة خاضوها لوأد محاولات النظام قمع الحريات. وتاريخ الصحافة المصرية قبل يوليو1952تاريخ مُـشرّف ، حيث ظاهرة الصحف المستقلة، ولا وجود لبدعة (وزارة للاعلام) فأدى التيار الليبرالى واليسار دورًا عظيمًا فى مقاومة الاحتلال البريطانى ومهاجمة الملك وحاشيته ، حتى الصحف التى كان يُـموّلها القصر (نظرًا لمرض الدونية القومية عند البعض) فإنّ المسئولين عن تلك الصحف تمرّدوا على الملك وحاشيته فى أواخر أيامه. وانتقدوا الملك بشدة ((وبذلك اندمجوا مع الحركة الوطنية)) (د. لطيفة سالم - الصحافة والحركة الوطنية المصرية - هيئة قصور الثقافة - عام2012- ص230) وكان للصحافة المصرية الدور الأعظم فى مُـهاجمة الإنجليز، من بينها مقالات المفكر سلامة موسى ، وهى المقالات التى أزعجتْ السفير البريطانى، مثل مقاله (الامبراطورية البريطانية تــُـعربد) وكما هاجم الإنجليز هاجم بشدة رئيس الوزراء إسماعيل صدقى الذى شنّ حملة ضد اليسار (بالضبط كما فعل النظام بعد يوليو1952) وبالتعاون مع الإنجليز تمّـتْ مصادرة العدد من الصحف والمجلات اليسارية مثل (الفجر الجديد) والقبض على أصحابها ومحرريها. ولم يتخلف الشعراء عن النضال والانخراط فى الحركة الوطنية ، فكتب الشاعر كامل الشناوى مقالا شديد اللهجة ضد مشروع صدقى/ بيفن . وكانت نتيجة تلك الحملة الصحفية من جموع الصحفيين والمُـبدعين هى فشل المشروع . وعندما اشتـدّ نضال الفدائيين المصريين ضد الإنجليز فى مدن القنال ، فإنّ جيش الاحتلال ردّ بكل عنف فمات وجـُـرح مصريون كثيرون ، فشنــّـتْ الصحافة المصرية حملة قوية ضد الإنجليز شارك فيها كامل الشناوى، فكتب مقالا فى الأهرام هاجم فيه وحشية الإنجليز (ص129) وبعد فشل مشروع صدقى/ بيفن ، أصدر حاكم عام السودان (البريطانى) بيانــًـا فيه اجحاف بحقوق مصر، فشنــّـتْ الصحافة المصرية حملة ضده ، وكتب فكرى أباظة (بأسلوبه الساخر) مقالا فى الأهرام شكره فيه لأنه وحـّـد الأحزاب وكل القوى الوطنية فى صف واحد تجاه بريطانيا. ومصر على حق وبريطانيا على الباطل (ص58) وعندما اشتـدّتْ الحركة الوطنية ضد الإنجليز، وخصوصًـا بعد سحب العمال المصريين من معسكراتهم ، واشتداد حركة الكفاح المسلح ، وتزايد السخط ضد الانجليز، فى تلك الفترة نشر الأهرام نداء شيخ الأزهر الذى طالب فيه ((بالهدوء والسكينة وتسليم المسألة للمسئولين والسمع والطاعة وعدم التمادى فى المظاهرات)) (ص110) فبينما الحركة الوطنية ضد المحتل إذا بشيخ الأزهر يُـطالب بالهدوء ومنع المظاهرات ، وهو الموقف الذى استمرّ بعد يوليو1952وأشهرالمواقف تأييده للسادت عقب انتفاضة يناير77. وبينما كان دور المؤسسة الدينية منع المظاهرات (لصالح الإنجليز) جنــّـدتْ صحيفة (الجماهير) الماركسية أقلام كتابها للهجوم على أميركا ورفض الوساطة بينها وبين بريطانيا ومصر. وكتبتْ صحيفة النداء (ربيع 1948) أنّ أميركا هى الاستعمارالجديد فى الشرق الأوسط. ونشرتْ صحيفة (المصرى) مقالا بعنوان (دور أميركا فى النزاع القائم) وبـّـختْ فيه السفير الأمريكى لتحامله على مصر. وأنّ بريطانيا أصبحتْ تعتمد على أميركا فى كل ما ترتكبه من جرائم ضد مصر. حتى صحيفة الأهرام ساهمتْ فى الحملة ضد أميركا والإنجليز. ونشرتْ تصريحــًـا لأحد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكى الذى قال ((إنّ أميركا أقدمتْ على خطوة فى طريق الدمار، لأنّ وزير الخارجية يربط مصيرنا بمصير الاستعمار البريطانى المُـنهار)) وقد أثبت الواقع تخطيط أميركا فى سحب البساط تدريجيًـا من تحت أقدام الإنجليز لتحقيق مصلحتها (من 150- 155) وكان الزعيم الهندى (نهرو) على وعى بدور أميركا حيث قال عند زيارته لمصر ((فى اعتقادى أنّ انجلترا أصبحتْ غير موجودة بل أميركا فقط (صحيفة المصرى15نوفمبر1949) فى تلك الفترة من تاريخ مصرالحديث ، أدّتْ الصحافة المصرية دورًا مهمًـا (ليس ضد أميركا وبريطانيا فقط) وإنما ساهمتْ فى تحقيق العدالة الاجتماعية ، فكتب توفيق الحكيم مطالـبًـا بتطبيق (قانون الضريبة التصاعدية) وإحكام الرقابة على شركات المرافق العامة كالمياه والنور (مقال بعنوان " لستُ شيوعيًـا ولكن "- أخبار اليوم11/10/1947) وكتبتْ د. نجوى حسين خليل ((يتبـّـن لنا من دراسة مجلة روزا ليوسف أنها من أشد المؤمنين بأنّ الأمم لا تستطيع أنْ تقف على أقدامها إلاّ مستندة إلى الجيش ، إلاّ أنها لم تؤمن أنّ من حق الجيش أنْ يتدخل فى سياسة بلده أو يسيطر على الشعب ويـُـحـدّد مصيره)) واستشهدتْ بمقال لإحسان عبد القدوس – روزا ليوسف - 6/4/1949، وذلك فى كتابها (المجتمع المصرى فى الصحافة المصرية -1945- 52- هيئة الكتاب المصرية- عام1993- ص123) وكتبتْ الفنانة إنجى أفلاطون مقالابعنوان (المرأة المصرية والمشكلة الوطنية) (ص280) وفى الكتاب العديد من النماذج عن دور الصحافة المصرية لمقاومة الاحتلال والفساد السياسى ، وكانت نقابة الصحفيين هى منبر الدفاع عن الصحفيين وعن مصركلها ، وبالتالى فإنّ ما حدث مؤخرًا هو حلقة جديدة تؤكد أنّ شعبنا قادر على مقاومة كل أشكال الاستبداد. ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هوّ الأزهر مؤسسة للدين ولاّ للسياسة ؟
-
لو الرئيس عزل وزير الداخليه.. ح يحصل إيه ؟
-
تناقض العلاقة بين الرب العبرى وشعبه المختار
-
لماذا الأزهر ضد الوحدة الوطنية ؟
-
ما مغزى تحالف (الوسطى) مع المتطرف ؟
-
هل للترتث العربى جدوى من استمراره ؟
-
الماركيز دى ساد بين المسرح والواقع
-
مغزى أنْ يستعين النظام بترزية القوانين
-
لماذا لم يتعلم العرب درس التقدم ؟
-
عبد الوهاب المسيرى وتفسيره الإسلامى للحضارة
-
هل مصر دولة دينية أم مدنية ؟
-
ليه النظام خايف يعرض الاتفاقيه على البرلمان ؟
-
هل الأنظمة الوطنية تفرط فى أراضيها ؟
-
لماذا لا يتم تدريس التاريخ الحقيقى للإخوان المسلمين ؟
-
لماذا يدافع الأزهر عن الدواعش ؟
-
المفكر الرافض نموذج النسخة الكربونية : د. على مبروك نموذجًا
-
تاريخ العلاقة بين فكرة الآلهة والبشر
-
مفتى مصر ومفهوم المواطنة
-
لماذا لا تتعلم أوروبا الدرس ؟
-
نداء إلى منظمات حقوق الإنسان العالمية
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
-
ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|