إبراهيم رمزي
الحوار المتمدن-العدد: 5159 - 2016 / 5 / 11 - 23:07
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إصدار الفتاوي هواية رائجة، بحثا عن التميز والإثارة، وكسب الشهرة الخادعة، والتألق الموهوم.
وهي - في الحقيقة - هواية شاقة ومتعبة، تكدّ الذهن، وتُجهد التفكير، وتؤرّق الخيال، .. فليس من السهل العثور على "سبب" لتضييق ما اتسع من العيش على "المؤمنين"، ولجْم آخر ما تعوّدوه مما تبقّى من الحرية بين أيديهم. لا بد من إتقان عقدة المشنقة قبل وضْعها حول أعناقهم لمراقبة كمية الهواء الذي يستنشقونه بـ "إسراف"، والحد من "تبذيرهم" حين يتنفسون.
وبعد عناء البحث عن "السبب"، و"نشوة" العثور عليه، أو افتراض العثور، لا بدّ من التسبيب. وهذه أهون المراحل. إذ يكفي الاستناد إلى راوية "مجهول" أو "مسطول"، أو سطور في كتاب مهمول، ..
ولإضفاء شيء من التوابل على الفتوى، لا بأس من الاستعانة بـ "الكذب الأبيض"، والاستدلال بجمل غامضة، مثل:
- "كما أثبت ذلك العلم الحديث"
- أو: "وِفق دراسة علمية، نشرتْها جماعةٌ من علماء جامعة: ... (اختر ما تشاء من جامعات العالَم المتقدم، ... ومراكز بحوثه، ومختبراته، ومعاهده، ...)
الصيغة الأولى فضفاضة "قـــــــــــد تعفي" من توثيق المرجع.
والصيغة الثانية ابتداع يخون صاحبه الذي لا يعرف أي لغة أجنبية. وهو شيء جارٍ به العمل في الثقافة العربية، فهناك من استشهدوا بترجمات "وهمية" أو منحولة، أو مبتورة، أو محرّفة. وجاء من اعتمد ما استشهدوا به كـ"حقيقة ثابتة". حتى المنفلوطي - مثلا، رغم "أزهريته" - "ترجم" عن الفرنسية بعض القصص.
ويدخل في التهييء تصيّد الوقت الملائم لإخراج "الفتوى"، فإما أن تكون صبّا للزيت فوق نار الغليان، أو تحريكا لمياه البِرك الآسنة.
بعد وضع "الرتوشات" الأخيرة على تهييء فتواك/ قنبلتك الموقوتة، ألق بها وسط القطيع،
فقد تكون "محظوظا" إذا وُجد من "يصدّقها ويتّبعها" وذاك سيدفع بك في طريق التنافس - مع أشباهك - في نشر الزيف والافتراء والتدليس والتمويه ..
وإذا صادفت مِنّا استنكارا، فلَك صبيبُ وابلٍ من السخرية والإشفاق، لأنك أخطأت المنطلَق، وأخطأت الهدف، وأضعتَ جهودك في التفاهة والسفاهة والخرف. واستحققت الإضافة إلى لائحة المهووسين بتكريس: الجهل، والتخلف، والغباء.
يقال: المرء مخبوء تحت لسانه، حتى إذا نطق عُرف. وحالنا يقول: أفْتِ تُعرَفْ.
#إبراهيم_رمزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟