الحقوق والحريات المدنيةوالسياسية الواردة في الإعلان العالمي والفرق بينها وبين باقي الحقوق

رديف مصطفى

الحوار المتمدن-العدد: 1392 - 2005 / 12 / 7 - 08:09
المحور: حقوق الانسان
    

إن هذه المقارنة تندرج في إطار نشر ثقافة حقوق الإنسان, والتعريف بها, وتجذيرها, وتبيئتها, وتوطينها في ثقافتنا المحلية التي تفتقر عموماً إلى الأسس النظريةوالمعرفية والفلسفية الخاصة بهذه الثقافة ، مضافاً إليها ثقافة الديمقراطية والمجتمع المدني ، التي لم تنتشر في بلداننا إلا في العقدين الأخيرين ، بعد قطيعة دامت فترة زمنية غير قليلة مذ فشلنا في الإجابة عن أسئلة الحداثة والنهضة ، التي طرحها الأفغاني ومحمد عبدو والطهطاوي والكواكبي والتونسي وغيرهم .
وتندرج كذلك في إطار تعزيز النضال السياسي والقانوني و المطلبي من أجل حقوق الإنسان و أخص بالذكر منها الحقوق والحريات المدنية والسياسية الواردة في الإعلان العالمي لما تتميز به هذه الحقوق من أهمية أساسية في الحفاظ على إنسانية الإنسان وكرامته وإعلاء شأنه سواءً على مستوى الحاكم أو المحكوم ، ونظراً لكونها تؤسس لباقي الحقوق وهي تعد بحق المدماك الأساسي الذي تبنى عليه باقي الحقوق الواردة في الإعلان في إطار بناءً سياسي واجتماعي سليم . و بعيداً عن وهم الخصوصية ودون أي مواربة ومن أجل بناء نظام ديمقراطي حقيقي ينبغي أن تندرج هذه الحقوق والحريات في الدساتير والقوانين المحلية لكافة الدول كما وردت في متن الإعلان والاتفاقيات ذات الصلة ، وأن يجري إعمال هذه القوانين وتسيدها فالقانون جوهر الديمقراطية .
وكما تندرج في إطار التذكير بأن التركيز على هذه الحقوق والحريات أو التفريق بينها وبين باقي الحقوق الواردة في الإعلان لا يتأتى من منطلق التقليل من أهمية باقي الحقوق ، بل ينبع من منطلق التأكيد على الأهمية الخاصة والجوهرية بالنسبة لهذه الحقوق وخصوصاً في إطار الفهم النظري ووعي الخلفية النظرية والفلسفية والتاريخية لهذه الحقوق والحريات التي كتبت من منظور فلسفي ليبرالي صرف خلافاً لغيرها من الحقوق ولاشك أن امتلاك هذا الوعي النظري الفلسفي الذي يعتبر الفضاء المرجعي المؤسس للقضايا العملية ، يساهم في تقليل المسافة بين الفكر والممارسة ، ويساهم مساهمة فعالة في تطوير ثقافة حقوق الإنسان و تبيئتها كما يساعدنا على امتلاك تصورٍ وفهم واقعيين لهذه الحقوق وطبيعتها وأسئلتها النظرية
ـ الحقوق والحريات الأساسية السياسية والمدنية للفرد والواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو ما يسمى بحقوق الجيل الأول . تسع عشرة وتتناولها تسعة عشرة مادة من مواد الإعلان ابتداءً من المادة الثالثة وانتهاءً بالمادة الحادية والعشرين كما تناولها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر في 16 / كانون / 1966 بالتفصيل .
أولاً :
الحقوق والحريات المدنية :
1 ـ الحق في الحياة والسلامة الشخصية :
و يرد هذا الحق في المادة الثالثة من الإعلان :
( لكل فرد الحق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه ) . وكما تتناوله هذه المادة من العهد فلا يجوز القضاء على حياة أي إنسان أو إزهاق روحه تحت أية ذريعة كانت ، وحق الحياة حق طبيعي ملازم لكل إنسان لا يجوز ان يحرم أحد من حياته تعسفاً وهذا الحق غير خاضع للتقييد حتى في حالات الطوارئ سنداً للمادة / 4 / من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .
ولتحقيق هذا الحق فان جميع الدول مطالبة بتأمين الحماية القانونية لهذا الحق والعمل على إلغاء عقوبة الإعدام أو تخفيفها إلى أقصى حد ممكن وهي مطالبة أيضاً بأن تتخذ تدابير فعالة ومحددة لمنع إخفاء الأشخاص ، وإجراء تحقيقات جدية وفعالة ودقيقة في حالات الأشخاص المفقودين وتفادي الحروب وحل النزاعات بشكل سلمي كما ينبغي ان ينص قانون الدول على خطر أي دعاية للحرب أو للعنف أو لكراهية .
2 ـ حظر الرق والعبودية ومنع تجارة الرقيق بكافة أشكالها :
تنص المادة / 4 / من الإعلان على ( لا يجوز استرقاق أحد أو استعباده ، ويحظر الرق والاتجار بالرقيق بجميع صورها ) .
وكما تؤكد / 8 / من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على حظر الرق أو العبودية أو السخرية أو العمل الإلزامي . إن الاسترقاق والاستعباد هو إقدام الإنسان على بيع أخيه الإنسان فضلاً عن / على تملكه ، ويدخل ضمن هذا المفهوم تجارة الرقيق الأبيض وتجارة تأجير القاصرين للأعمال المنزلية وكما أعتقد بأن حرمان المواطنين من حرياتهم المدنية والسياسية يعتبر نوعاً من العبودية .
3 ـ منع التعذيب والحماية من التعرض له أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو الحاطة بالكرامة .
تنص المادة / 5 / من الإعلان :
" لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو إلا إنسانية أو الحاطة بالكرامة " كما تؤكد المادة / 7 / من العهد الدولي على منع التعذيب لا شك أن الهدف من هذا الحظر أو المنع الوارد في المادتين المذكورتين أعلاه يهدف إلى الحفاظ على السلامة البدنية والعقلية للإنسان وهذا الحظر لا يقتصر على حظر الأفعال التي تشكل اعتداءاً جسدياً أوألماً بدنياً بل يتعداه إلى الأفعال التي تسبب للضحية ألماً معنوياً نفسياً وعقلياً ، وتندرج في الإطار نفسه العقوبات التأديبية الشديدة ، كالتكبيل بالحديد لمدة طويلة والحبس الإفرادي لمدة طويلة أيضاً ، كما يدخل في الحظر إجراء أية تجربة طبية أو علمية على الأشخاص دون موافقتهم الحرة .
ـ إجراءات الحماية من التعذيب والمعاملة اللاإنسانية وضمانتها :
بداية لا بد من الإشارة سنداً للمادة الرابعة من العهد الدولي : لا يجوز التذرع بالأساليب المخفضة كتبرير للانتهاك كأن يتذرع البعض بتلقي الأوامر من سلطة عليا ينبغي على جميع الدول أن تتخذ إجراءات وتدابير تشريعية وقانونية وقضائية في حظر وتجريم فعل التعذيب وفق الإعلان والعهد ضمن ولايتها وأن تضمن هذه التدابير على عدم شمول جرم التعذيب بالتقادم وألا تقدم السلطات على تشميل جرائم التعذيب بالعفو وعدم التشجيع القضائي لجرم التعذيب ويشكل الأخذ من قبل القضاء بالإعلان المأخوذ تحت التعذيب تشجيع له كما ينبغي أن يوضع الموقوفون في أماكن احتجاز معلومة معزف بها وان تلتزم الدول في كل ما يخص بالقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء ولا بد من حملات إعلامية بغرض التوعية للمواطنين وخصوصاً لضباط الشرطة والمشرفين على السجون . كما أن الدول مطالبة بالالتزام ببنود الاتفاقية العالمية لمناهضة للتعذيب .
4 ـ الحق في الحرية والأمان الشخصي ومنع القبض والاعتقال والنفي تعسفاً:
تنص المــادة / 9 / من الإعلان على :
" لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً " وهذا ما تؤكده المادة / 9 / من العهد الدولي على أنه لا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفاً ، و لا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقاً للإجراء المقرر فيه .
ـ يتوجب إبلاغ أي شخص يوقف بأسباب توقيفه والإسراع في إبلاغه بالتهم الموجهة إليه وللموقوف الحق في توكيل محامٍ واللجوء إلى المحاكمة دون إبطاء بخصوص قانونية اعتقاله.
ـ لكل شخص كان ضحية توقيف أو اعتقال غير قانوني الحق في الحصول على تعويض .
5ـ حق المساواة أمام القانون وعدم التمييز بين الأفراد:
تنص المادة / 7 / من الإعلان :
" الناس جميعاً سواء أمام القانون ، وهم يتساوون في حق التمتع بحماية القانون دونما تمييز ... الخ " , وتؤكد المادة / 26 / من العهد على المساواة أمام القانون وتؤكد المادة الثالثة منه على عدم التمييز ، والمساواة أمام القانون تعني أن يخضع الجميع للقانون وان تتاح المعاملة نفسها التي يكفلها القانون لجميع الناس بحيث يصبح الجميع متساوين في تطبيق القانون عليهم دون أي تمييز بسبب اللون أو العرق أو الجنس أو الدين أو الرأي السياسي ... الخ .
6 ـ حق الفرد في اكتساب الجنسية وعدم جواز حرمانه منها وحقه بتغيرها :
تنص المادة / 15 / من الإعلان // 1 ـ لكل فرد حق التمتع بجنسية ما .
2 ـ لا يجوز تعسفاً حرمان أي شخص من جنسيته ولا من حقه في تغيير جنسيته //
كما تؤكد على هذا الحق المادة /24 / من العهد على أن لكل طفل الحق في اكتساب جنسية ويتوجب تسجيل كل طفل فور ولادته ويعطى اسماً يعرف به .
7ـ منع التدخل التعسفي في حياة الإنسان الخاصة وحريته ومسكنه ومراسلاته:
تنص المادة / 12 / من الإعلان " لا يجوز تعريض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته ،و لا لحملات تمس شرفه وسمعته ولكل شخص حق في أن يحميه القانون من مثل ذلك التدخل أو تلك الحملات وتؤكد المادة / 17 / من العهد على حرمة الحياة الخاصة وعدم التدخل التعسفي والغير القانوني وتندرج في هذا الإطار حملات التكفير والتخوين التي تطال الأشخاص .
8 ـ الحق في حرية التنقل واختيار مكان الإقامة داخل دولته والحق في الخروج والعودة دون عوائق :
المادة / 13 / من الإعلان تنص على:
" لكل فرد الحق في حرية التنقل وفي اختيار محل إقامته داخل حدود الدولة ولكل فرد الحق في مغادرة أي بلد ، بما في ذلك بلده ، وفي العودة إلى بلده" وتنص المادة / 12 / من العهد الدولي على هذا الحق . ويشمل هذا الحق عدم وضع أي حظر على أي شخص في مغادرة البلاد والعودة إليها وتقديم التسهيلات الحكومية وعدم حرمان الناس من جوازات السفر .
9 ـ حق التقاضي أمام قضاء مستقل وعادل في المعاملة :
تنص المادة / 10 / من الإعلان :" لكل إنسان ، على قدم المساواة التامة مع الآخرين ، والحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة ، نظراً منصفاً وعلنياً ، للفصل في حقوقه والتزاماته وفي أية تهمة جزائية توجه إليه " وتقف عليه المادة / 14 / من العهد بشكل منفصل ويرتبط هذا الحق باعتبار الناس سواء أمام القضاء وان تكون قضاياهم محل نظر منصف من قبل محكمة مستقلة وحيادية ومنشأة بحكم القانون .علنية إلا فيما خص بعض الحالات الخاصة بالأحداث أو المقتضية حرمة الحياة الخاصة للأطراف المتقاضين ، وعلى درجات ومجانية من أجل حسن سير العدالة وان تقوم على افتراض البراءة إلى حين صدور حكم قضائي بات وان لا تحاكم أحداً عن جرم سبق إن حوكم عليه وأن تحقق في قضايا كل من يدعي تعرضه للتعذيب وألا تأخذ بإقرار من وقع عليه التعذيب وأن يحاكم الشخص حضورياً أمامها أو بواسطة محام يختاره هو .
كما ويندرج في إطار الحقوق المدنية حق الملكية وعدم انتزاعها من أي شخص تعسفاً .

#رديف_مصطفى (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات