|
حلاّق دمشق .. وتنابل السلطان
جريس الهامس
الحوار المتمدن-العدد: 1392 - 2005 / 12 / 7 - 10:52
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
في الخمسينات والستينات من القرن الماضي كان الكتاب رفيق المواطن العربي عموما والسوري خصوصا وخير جليس في جلسات الأصدقاء وكان يقال يومها : إن لبنان يصدر الكتاب بتقنية عالية وسعر رخيص والسوريون والعراقيون والسودانيون في طليعة القرّاء العرب .ولم يقتصر الكتاب في تلك الفترة على الإنتاج الفكري والأدبي الحديث بل صدرت معظم كتب التراث وتم نبش مئات المخطوطات الضائعة المنسية لتطبع بأناقة وتقدم للقراء وعشاق الحقيقة . ومن هذه المخطوطات الهامة كتاب صدر عن إحدي دور النشر المصرية بعنوان ( حلاّق دمشق ) مجهول الموْلف عثر عليه بين أكوام الأوراق المبعثرة في أحد البيوت الدمشقية القديمة على ما أذكر وتم ترميمه وتحقيقه بأيد حاذقة ونظيفة وطباعته لتأريخ حقبة من تاريخ الإحتلال التركي في دمشق فى القرن الثامن عشر كان الحلاقون حتى زمن قريب يجمعون أخبار الناس والسلطة ويعرفون الشاردة والواردة في مجتمعهم قبل انتشار وسائل الإعلام المكتوبة أتحفنا هذا الحلاق بأخبار أهل دمشق ومعاناتهم من الجهل والفقر والظلم من جهة ومن طغيان ونهب عسكر الساطان وحرّاس عسكر الوالي وحاشيته ووعاظه أصحاب الجلابيب والذقون والطرابيش ففي عام 1850 مثلا يحدثنا بأن الجراد غزا الأراضي السورية والتهم جميع المحاصيل حتى أضحت الغوطة قاعا صفصفا وفقد الطعام والخبز وا ستغل تجار الحبوب الكارثة ليضاعفوا أرباحهم ويخفوا الحبوب ويضاعفوا أسعارها خشي الوالي ( لالا باشا ) على ولايته من ثورة الجياع وطلب الفتوى المنقذة والمخدرة فجاءته على عجل وهي : أن أسباب غزو الجراد لأن الله غضب على الشعب بسبب فجوره لأنه سكت عن انتشار الراقصات السافرات في الأعراس والموالد فأرسل له الجراد ليعود إلى الإيمان وانتشر جنود الإنكشارية في المدينة وجمعوا الناس أمام قلعة دمشق وأحضروا راقصة بائسة وقعت في أيديهم وقاموا بحرقها أمام الجميع كمافعلوا ذلك في حادثة مشابهة في عهد الوالي ( أسعد باشا العظم ) عندما انتشر وباء الكوليرا في البلاد وكان يسمى اّنذاك ( الوباء الأصفر ) حيث نادى منادي الوالى لجمع الناس أمام الجامع الأموي وألقوا بإحدى المطربات الشهيرات يومها من أعلى المئذنة لأنها سبب انتشار مرض الكوليرا .....؟؟؟ كما كان سكان دمشق ملزمين أن يقدموا إلى اسعد باشا أجمل مافي منازلهم من رخام وبلاط وأبواب ونوافذ وكل مستلزمات بناء قصره العتيد الذي تحول إلى متحف في هذه الأيام .... كما حدثنا الكتاب عن صراعات الفرق العسكرية واقتتالها على نيل الغنائم والنهب من الشعب حدثنا عن معركة جرت في أسواق دمشق بين عساكر ( الإنكشارية ) وهم أطفال الشعوب المحتلة الذين خطفوا من بين عائلاتهم وجمعوا في معسكرات السلطان الذي جعل منهم جيشاخاصا يأتمر بأمره ويهتف لأبوته لهم بعد إعدام اّبائهم وعائلاتهم - وهو يشبه إلى حد بعيد الحرس الجمهوري في النظام الفاشي - وبين عساكر ( القابيقول ) وهو الجيش العثماني العام وسقوط مئات الضحايا من الشعب وأحرقت عشرات المنازل ونهبت رحم الله حلاّق دمشق القديم الذي قدّم لنا صورة صادقة عن معاناة شعبنا تحت ظل الإحتلال التركي ... أما تنابل السلطان فكانوا مجموعة من الناس الكسالى المحدودي الفهم والوعي أو ما يطلق عليهم شعبنا ( العواطلية ) كانوا يتجمعون في تكية السلطان سليم المعروفة بدمشق قبالة المتحف الوطني لينالوا صدقات السلطان ويملأوا بطونهم وهم جالسون يدمدمون بالدعاء له عدت للذاكرة التاريخية حول هذا الموضوع فور تفتق عبقرية المخابرات الأسدية عن مسرحية حلاق المخابرات الجديد الذي زرعته في لبنان لتمثيل دور التضليل في جريمة اغتيال الرئيس الحريري وهذا العمل بحد ذاته جريمة تضاف للجريمة الأصلية ويوْ كد ضلوع النظام فيها من أخمص قدميه حتى قمة رأسه .. فإذا هذا الحلاّق التافه تابعا لمخابرات النظام الأسدية منذ أمد بعيد .. والنظام بريْ من الجريمة كمايزعم رئيسه فلماذا أرسل هذا العميل الصغير لتضليل التحقيق وكيف فهم تنابل النظام أن هذا العمل الخسيس سينقذ أسيادهم .. ونظام المافيا الأسدية والجريمة المنظمة .. وعلى من يضحك إعلام النظام عندما يعلن انهيار تقرير السيد ميليس وعندما يعلن أحد تنابلة النظام أن الحلاق التافه وضع ميليس في الزاوية دون خجل ألا يضحك على نفسه وإذا كان التحقيق قد انهار لماذا يزحف روْوس النظام خلف حكام السعودية ومصر والخليج حتى السودان للتدخل وإنقاذهم ولماذا يقبل الرئيس العتيد أقدام الوسطاء وليست أيديهم للسماح له بالكلام مع الرئيس شيراك فقط وجاءت المقابر الجماعية في عنجر بجانب مركز قيادة غازي كنعان ورستم غزالى لتضيف لجنة تحقيق دولية جديدة لتكشف القتلة الحقيقيين للشعبين السوري واللبناني وماذا سيقول تنابل الطاغية الأسدي ...؟ أنهم انتحروا جماعيا ... وماذا سيقولوا عندما تكتشف المقابر الجماعية في سورية الذبيحة ... وهم في قفص الإتهام أمام حكم الشعب والقانون وعدالة التاريخ ..وهل مازال تنابل السلطان الأسدي يفرخّون حلاّقين ليصدروهم إلى المافيات العالمية لستر جرائمها وفي سبيل رفع مستوى الدخل ( القومي ) الذي بلغ الصفر بامتياز لقد ظلم الإخوان في لبنان عندما وصفوا مسرحيات المخابرات الأسدية كأنها مسرحيات غوّار الطوشة .لقد ظلموا غوار وفريقه لأن مسرحياتهم لم توْذ أحداّ بل كانت ملهاة مسلية ومضحكة أما المسرحيات الأسدية فهي مدمّاة ترتد ماّسي وكوارث على شعبنا ووطننا .... فهل يستمر جراب النظام الأسدي ‘إخراج حلاّقين وحواة أفاعي من جرابه ... وهل بقي غيره في العالم يحمل مثل هذا الجراب النتن متسولاّ على أبواب فيينا الموسيقا والحب والجمال......؟؟؟؟
#جريس_الهامس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الليلة الظلماء ينبلج البدر
-
موْتمر حمص وإعلان الميثاق الوطني والجبهة الوطنية _ عام 1953
-
إعلان حمص خطوة ثابتة وصادقة في طريق الألف ميل
-
المطلوب من الرئيس شيراك .. الإعتذار من الشعب السوري واللبنان
...
-
الوجه الشا حب والخطاب الكالح
-
بلهوانيات أسدية في الوقت الضائع
-
الهمجيات الثلاث وتقرير ميليس
-
قراءة أولية لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي
-
كنعان الصندوق الأسود في حطام المافيا الأسدية المنهارة ...؟؟
-
انتحار المافيا الأسدية ...؟؟؟
-
الموْسسة العسكرية السورية بين الأمس واليوم ..- 8 -
-
الموْسسة العسكرية السورية بين الأمس واليوم ...- 7
-
من هوالقاتل الحقيقي للشهيدة : هدى أبو عسلي ...؟؟
-
الموْسسة العسكرية السورية بين الأمس واليوم ..- 6 النضال الشع
...
-
الرتيلاء الأسدية .. في اّخر أيامها
-
الموْسسة العسكرية السورية بين الأمس واليوم . -5 ..- الإنقلاب
...
-
الموْسسة العسكرية السورية بين الأمس واليوم .. - 4 - الإنقلاب
...
-
الموْ سسة العسكرية السورية بين الأمس واليوم ..- 3
-
الموْسسة العسكرية بين الأمس واليوم ...2
-
الموْسسة العسكرية السورية بين الأمس واليوم
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|