|
خطوات عاجلة لمعالجة مشكلات الإنتاج الزراعى
حمدى عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 5158 - 2016 / 5 / 10 - 14:27
المحور:
الصناعة والزراعة
لاشك أن المتابع لإشكاليات الريف المصري الآن سيجد أن الزراعة المصرية تعاني من تدهور حاد منذ سنوات وعقود وأن الفلاحين المصريين قد أصبحوا يعانون من أزمة جوهرية تتمثل في اختلال عملية الإنتاج الزراعي بحيث يمكن الإصطدام بحقيقة أن عملية الإنتاج هذه أصبحت برمتها عملية غير مجدية بشكل اقتصادي مباشر لكل أطراف الإنتاج الزراعي
وهي لاتحقق فائض على نحو أنها قد أصبحت طاردة لقوي العمل الزراعية ولشباب الريف بالشكل الذي أصبح معه الريف على هذا النحو مضخة للعاطلين المتدفقين إلى أطراف المدن كإضافة لذلك الكم الهائل من العاطلين وطالبي العمل في أطراف المدن الزاحفة على المدن الكبرى
ولاشك أنه يمكن تلمس عوامل اختلال رئيسية تكمن في :
1- رفع يد الدولة كاملاً منذ بداية التسعينيات خارج عملية الإنتاج الزراعي وتخليها عن تخطيط الدورة الزراعية والتزامها بتسويق المحاصيل عبر ( التسويق التعاوني) وتقليص سياسات دعم مستلزمات الإنتاج والرقابة على معايير جودتها وملائمتها للزراعة والإنسان والعناصر البيئية
ومن قبل ذلك كان تخلى الدولة منذ آواخر سبعينيات القرن الماضي عن مهمة توسيع الرقعة الزراعية عبر استصلاح الأراضي وتوفير مياه الري لها وذلك بما يتلائم مع متطلبات التنمية في ظل تحدي الزيادة المضطردة لتعداد السكان وضيق الرقعة المنزرعة في مقابل ذلك.
2 - الإرتفاع الشديد لكلفة الإنتاج الزراعي نتيجة إرتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي من أسمدة وتقاوي وبذور ومبيدات ومخصبات وتكاليف خدمة الآلات الزراعية وإرتفاع أسعار مواد الطاقة اللازمة لتشغيل تلك الآلات
3 - اختلال الهياكل التمويلية والتسويقية للإنتاج الزراعي بعد إعادة هيكلة أعمال بنك التنمية والائتمان الزراعي وتحول سياسات الإقراض فيه لتتوائم مع السوق المصرفية الحرة وهو ماتزامن مع تراجع دور التعاونيات الزراعية من جهة أخرى في سياق ماسمي بسياسات الإصلاح الاقتصادي والتي شكلت انقلاباً في علاقات الإنتاج الزراعي منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى الآن
4 - التوقف عن الإهتمام بتطوير أبحاث التربة الزراعية بما يتلائم مع ضرورة معالجة مشاكل إستهلاك التربة الزراعية وبروز ظاهرة ( تطبيل) التربة كعلامة على بلوغها حد الإجهاد والضعف
5 - واقع تفتيت الملكيات المنزرعة إلى ملكيات صغيرة مفتتة تستعصي على عمليات تحديث الإنتاج الزراعي وإعاقة إستخدام تكنولوجيا المعدات الثقيلة بفعل تقاليد الميراث ووقوف ثقافة التشبث المتطرف بثقافة الملكية الزراعية المتجذرة في الريف المصري في وجه ثقافة الإنتاج الكثيف عبر التجميع والتي فات على سلطة يوليو 1952 معالجتها ضمن في سياق قوانين الإصلاح الزراعى وتحديد الملكية
تلك بعض من أسباب الخلل في عملية الإنتاج الزراعي والتي لايمكن لأي رؤية تقدم الحلول لمشاكل الزراعة والريف المصري أن تتخطاها وتعمل على معالجة آثارها
على كل الأحوال لايمكن إلا وضع نوعين من الحلول
أولاً : الحلول العاجلة
( 1) محورين لربط الزراعة بأهداف الإنتاج الزراعي كقطاع إستراتيجي إقتصادي يهدف إلى توفير احتياجاتنا من الغذاء من جهة ومن جهة أخرى خلق فرص أولية للتصنيع وهذا يقتضي ضرورة العمل على تخطيط الدورة الزراعية على أساس علمي يضع في الإعتبار الأول ضبط التصنيف المحصولي الموسمي على أساس من دراسة إحتياجات السوق المحلي على مستوى الغذاء الإنساني والعلف الحيواني والتصنيع الزراعي ومقتضيات تصنيع الخامات الصناعية الأولية كالألياف والزيوت والخامات الطبية وما إلى غير ذلك..
ثم واقع التعاقدات التي يمكن إبرامها مع الأسواق الدولية
على أن يتم وضع التصنيف المحصولي في التنوعات الجغرافية على أساس الشروط الآتية: ا- طبيعة التربة الزراعية وحالتها ومدى ملائمتها لإنتاج محصول بشكل متميز وأكثر كثافة عن محصول آخر ب - مدى توافر مياه الري وملائمة أنظمة الري بها لأنواع محددة من المحاصيل ج - مراعاة العوامل التي تؤثر على تكلفة خدمة وتسويق المحصول مثل موقع المساحة المنزرعة من الأسواق والطرق العامة ومراعاة العوامل المؤثرة في سرعة التصريف المحصولي كالمسافة من مناطق التصنيع الغذائي أو التعبئة أو الوقوع في نطاق جغرافي قريب من المصانع التى تعتمد على مدخلات زراعية يمكن توفرها في تلك المنطقة الجغرافية
(2) تحديث آليات تسويق المحاصيل على أساس أن تصبح الدولة هي الضامن الرئيسي لتصريف وتسويق ناتج عملية الإنتاج الزراعي وهناك إقتراحات يمكن الحديث عنها في هذا المجال مثل : ا - أن تشكل لجنة تحت إشراف وزارة الزراعة يشترك فيها مندوبون عن وزارتي التجارة والصناعة ومندوبون عن التعاون الزراعي لتحديد إحتياجات السوق المحلي والتعاقدات الخارجية وعلى أساس ذلك يتم التخطيط للتسويق المحصولي بدأً من وضع التصنيف المحصولي الذي يترجم تلبية تلك الاحتياجيات والزراعات التعاقدية ككم مستهدف زراعته خلال الموسم الزراعي
ب - أن يلتزم الإرشاد الزراعي بما سبق في ( ا) وأن تتحدد مهامه على ضوء ماسبق
( ج) أن تتولى هيئات التعاون الزراعي عن الدولة مهمة مباشرة عمليات التسويق الزراعي هذا بالإضافة إلى تطوير دورها في توفير مستلزمات الانتاج عبر الجمعيات التعاونية وفتح منافذ للتسويق المحلي خاصة لإنتاج الملكيات والمساحات الزراعية المؤجرة الصغيرة
(3) أن يتولى بنك التنمية والائتمان الزراعي توفير التمويل اللازم للتعاونيات بحيث تتمكن من دفع 80 % من اثمان المحاصيل للمزارعين ومنتجي الحاصلات الزراعية وبعد ذلك تقوم التعاونيات بصرف باقي المحاصيل عند التسويق النهائي على أن تتحمل هي مصروفات خدمة التسويق وفوائد التمويل من واقع مايتحقق لها هامشياً من أرباح ناتجة عن أعمال التسويق وماتقدمه من خدمات مجتمعية عبر منافذها السابق ذكرها
(4) تشديد الرقابة على أسواق البذور والتقاوي والمبيدات والمخصبات من قبل لجان مشتركة من البحوث الزراعية والإرشاد الزراعي ووزارة التموين بحيث تتم عملية ضمان جودة وصلاحية البذور والتقاوي والمبيدات وتسليمها مباشرة إلى الفلاحين عبر التعاونيات الزراعية كذلك وبنفس الكيفية تشديد الرقابة على مايتم استيراده من مستلزمات إنتاج وأهمية ضمان عدم نزول أياً من أنواع المبيدات التي يمكن أن تسبب أية أضرار بالإنسان سواء كان منتجاً أو مستهلكاً للمنتج المحصولي أو الحيوان أو البيئة المحيطة بالإنتاج الزراعي
( 5) تتطوير مراكز البحوث الزراعية ورفع مخصصاتها المالية لتقوم بدورها الحقيقي في تطوير وتحديث الزراعة المصرية من خلال استنباطها لأنواع عالية الجودة وكثيفة الإنتاج من التقاوي والبذور هذا من جهة ومن جهة أخرى تحديث بحوث قياس وتحسين التربة الزراعية وتجديد عناصرها الضرورية المستهلكة عبر تخليق المخصبات والمكملات الغذائية للتربة
(6) مراجعة منظومة دعم الإنتاج الزراعي عبر تركيز الدعم المتداول حالياً لقروض أنشطة الإنتاج الزراعي التي يقدمها بنك التنمية والائتمان الزراعي على أن يتم قصرها على حد اقصى من خدمة المساحات الزراعية ماهو في حدود 15 فدان فأقل على أن يبقي هذا الدعم على نسبة ال 5 % فوائد دونما أية إضافات أو مصروفات إدارية أخرى تغطي القرض حتى تمام السداد
وأن تعدل السياسات التمويلية لتمويل الإنتاج الزراعي بحيث يتوفر شرط وحيد للإقراض كضمان وهو محضر معاينة لتزريع المحصول معتمداً من إدارة الزراعية بأسم القائم بالزراعة فعلاً أياً كان مالكاً أو مستأجراً بالتعاقد الإيجاري أو قائم بالزراعة بطريقة المزارعة على ألا يشترط تقديم أي ضمان آخر أو أي مستندات أخرى خلاف البطاقة الشخصية ومحضر معاينة التزريع
وكذلك يقاس على ذلك طريقة الحصول على مستلزمات الإنتاج المدعمة من الجمعيات التعاونية وكذا الحصول على الخدمات الزراعية المختلفة اكتفاءً بهذا المحضر المعتمد وإثبات الشخصية لاغير حتى يتم ضمان عدم تسرب الدعم إلى كبار ملاكي الأراضي الزراعية
( 7) تقديم دعم الطاقة لمصانع الأسمدة الآزوتية مشروطاً بالاحتساب على مايتم تسليمه فقط بالطن من الأسمدة المسلمة للجمعيات الزراعية التي تتولى تسليمها بسعر تحفيزي للقائمين فعلاً بالزراعة وفقاً للمحضر السابق ذكره وبحد أقصى مايلزم لزراعة 15 فدان للفرد بالنسبة للموسم المحصولي
(8) تشجيع إنشاء مشاريع صناعات التعبئة والحفظ وبعض الصناعات الغذائية الملائمة بيئياً بالقرب من المناطق الزراعية وذلك لتشجيع الزراعات التعاقدية
(9) توسيع مشاريع الثروة الحيوانية وفي مقدمتها مشروع تربية البتلو بآليات وهياكل تمويلية وتحفيزية جديدة تعتمد على أولوية شباب القرية المصرية وصغار مربي الثروة الحيوانية وعلى أساس تسليم الرؤوس واستلامها بعد انتهاء مدة التسمين كأوزان من اللحوم مع إجراء التأمين عليها ضد النفوق وتدريب المربيين عبر إدارات الطب البيطري المحلية وأن يتولى الصندوق الإجتماعي بالإشتراك مع صندوق الثروة الحيوانية عملية تمويل المشروع على أن تستلم الدولة ناتج المشروع من اللحوم عبر مجازر القوات المسلحة ووزارة الزراعة لطرحها عبر منافذ التوزيع
(10) إصدار تشريعات رادعة تضمن عدم الاعتداء على الأراضي الزراعية سواء بالتبوير أو البناء واعتبارهما جريمة لايمكن التصالح فيها وتجيز لسلطات الدولة المختصة بالتحرك فوراً لإزالة آثار التعدي وعلى نفقة المتعدي وأن تتضمن هذه التشريعات كذلك المعاقبة الجنائية للموظفين المختصين ( موظفي حماية الأراضي - مديري الإدارات الزراعية) كل حسب موقعه الوظيفي اللصيق بحالة التواطؤ أو الإهمال أو التقصير الذي يؤدي إلى تحقق التبوير أو البناء حال حدوث ذلك
تتبقي هناك حلول على المستوى الإستراتيجي لتطوير عملية الإنتاج الزراعي وهي تتعلق بحلحلة مشكلة التفتيت على أسس تراعي تقاليد الميراث وتضمن حقوق الملكية وتضمن عدالة توزيع عائد تنمية وتطوير عملية الإنتاج الزراعي بحيث ليؤدي النزوع نحو التجميع إلى تهميش صغار ملاك الأراضي الزراعية والمستأجرين وألا تكون عملية التجميع بوابة لتمكين كبار ملاك الأراضي الزراعية من إحتكار أعلى عوائد الإنتاج الزراعي والاستحواز على أكبر قدر ممكن من الأراضي الزراعية تحت دعوى التجميع
لابد من أن تتطور التعاونيات إلى القدر الذي يسمح لها بالقيام بهذه العملية التي تقتضي أن يدخل ملاك ومستأجرى الأراضي في اتحادات إنتاجية تسمح بامتلاك جماعي للمعدات الثقيلة وتكنولوجيا الحفر وتقليب التربة والري والزراعة والحصاد ومعالجة المخلفات الزراعية والتعبئة والنقل وخلافه من مستلزمات الإنتاج الزراعي المتطور وهذا هو أحد الحلول الاستراتيجية لتحديث وتطوير الزراعة كعملية إنتاج إقتصادي ينبغي أن نفكر فيها من الآن ونضع آفاق وتصورات لها
#حمدى_عبد_العزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في ذكرى ضحايا الفاشية التركية
-
تدوينة 24 إبريل 2016
-
هيكل أسطورة الصحافة وثعلبها السياسي
-
قيمة ابن إياس الهائلة
-
فى مديح طبق الفول الصباحى
-
ملاحظات شخصية فى مسألة الجزيرتين
-
أوراق بنما وعصا المايسترو
-
عن جمال عبد الناصر
-
أمجاد لطبق الفول الصباحي
-
يصل ويسلم إلى الرئيس
-
لم أحب رباب
-
المرأة حارسة الحياة
-
فى قضية الروائى أحمد ناجى
-
مقاطعته وعزله وإسقاطه أمر ممكن
-
دكاكين بلا بضاعة تستحق الزبائن
-
شعبطات الصبي المشاكس
-
مكاتبة ومكاشفة للرئيس
-
تنبيه عاجل
-
هل من طريقة لاستعادة ذلك الصبي ؟
-
أن تنهض جدتي
المزيد.....
-
رصد طائرات مسيرة مجهولة تحلق فوق 3 قواعد جوية أمريكية في بري
...
-
جوزيب بوريل يحذر بأن لبنان -بات على شفير الانهيار-
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
لحظة هروب الجنود والمسافرين من محطة قطارات في تل أبيب إثر هج
...
-
لحظة إصابة مبنى في بيتاح تكفا شرق تل أبيب بصاروخ قادم من لبن
...
-
قلق غربي بعد قرار إيران تشغيل أجهزة طرد مركزي جديدة
-
كيف تؤثر القهوة على أمعائك؟
-
أحلام الطفل عزام.. عندما تسرق الحرب الطفولة بين صواريخ اليمن
...
-
شاهد.. أطول وأقصر امرأتين في العالم تجتمعان في لندن بضيافة -
...
-
-عملية شنيعة-.. نتانياهو يعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي في
...
المزيد.....
-
كيف استفادت روسيا من العقوبات الاقتصادية الأمريكية لصالح تطو
...
/ سناء عبد القادر مصطفى
-
مشروع الجزيرة والرأسمالية الطفيلية الإسلامية الرثة (رطاس)
/ صديق عبد الهادي
-
الديمغرافية التاريخية: دراسة حالة المغرب الوطاسي.
/ فخرالدين القاسمي
-
التغذية والغذاء خلال الفترة الوطاسية: مباحث في المجتمع والفل
...
/ فخرالدين القاسمي
-
الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي- الجزء ا
...
/ محمد مدحت مصطفى
-
الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي-الجزء ال
...
/ محمد مدحت مصطفى
-
مراجعة في بحوث نحل العسل ومنتجاته في العراق
/ منتصر الحسناوي
-
حتمية التصنيع في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
تبادل حرّ أم تبادل لا متكافئ : -إتّفاق التّبادل الحرّ الشّام
...
/ عبدالله بنسعد
-
تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الطريقة الرشيدة للتنمية ا
...
/ احمد موكرياني
المزيد.....
|