أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نقوس المهدي - حقوق الإنسان بين الحق والباطل















المزيد.....

حقوق الإنسان بين الحق والباطل


نقوس المهدي

الحوار المتمدن-العدد: 1392 - 2005 / 12 / 7 - 07:55
المحور: حقوق الانسان
    


الإنسان هو ذلك الحي الناطق بتعبير عمرو بن بحر الجاحظ الذي يستطيع تمييز حقه من عدمه، لأن الحديث عن الحقوق يكتنفه الكثير من الغموض واللبس في لاوعي النخب المخزنية التي( تتحسس جيبها حينما تسمع كلمة حقوق الإنسان ) على شاكلة الفزع النازي من سماع كلمة ديمقراطية، وترتئي أنها على صواب دائما، وان المواطن هو ذلك الابن العاق الضال النذل والوقح، ومن مهامهم الأساسية تأديبه وتكميم فمه وتضييق الخناق عليه وتحويله إلى ملاك وديع على مقاس سلطهم، فيما يعتقد المرء خطا أو عن جهل وتهور وطيش أن المجتمع يكفل له كافة الحريات الممكنة والمحتملة كالتطاول على المقدسات والتشكيك في الوحدة الترابية والشرعية الوطنية والاتجار في الممنوعات والبلطجة..
ولا ندري على وجه التحديد لماذا ظل هذا المفهوم على المستوى الاصطلاحي محاطا بالضبابية وعصيا عن الفهم، ويقابل على مستوى الواقع بنوع من الاستياء والاستهزاء والاستخفاف والطنز من لدن المفسدين والانتهازيين مخافة سحب البساط من تحت أقدامهم آو حرمانهم من جاههم ونجوميتهم، وأخذ عزهم وبحبوحتهم، وحجب بريق ولمعان أوسمتهم ونياشينهم، بل لا ندري تفسيرا لما يرمي إليه البعض من نشر بلاغات مديح وإطراء مليئة بالافتراء والادعاء وتلميع لنمور من ورق على صفحات منابر مأجورة للتغطية على تجاوزاتهم المهنية وانتهاكهم لحقوق الإنسان، معتقدين أنهم بهذه الأساليب المفتعلة قد منحوهم جائزة نوبل للسلام، ونحن نجزم بأن صكوك البراءة تلك ليست بريئة إطلاقا لان أهل مكة أدرى بشعابها، ثم هل يصلح العطار ما افسد الدهر...
ونتساءل ما موقع حقوق الإنسان إذا فاصل المرء على السرير والدواء بالمستشفى العمومي، ودفع رشوة لاستصدار وثيقة إدارية أو قضاء غرض ما، أو تعرض للتهديد والابتزاز والإهانة والمضايقات من طرف شخص من المقروض قيه حماية المواطنين وتقديم الخدمات إليهم، في زمن أصبحت فيه هناك حقوق للحيوانات يعامل بموجبها القط والكلب والتيس بأحسن مما يعامل به ابن آدم في دياميس ليلنا العربي..
لا يتيه بنا الحديث ونحن نكذب على أنفسنا بالخوض في حقوق موازية للمرآة والطفل والشغل وذوي الاحتياجات الخاصة إلى غير ذلك، لان هناك حقا واحدا ينحصر أساسا في حماية حقوق الرأسماليين والبيروقراطيين، وتحويل وظائفهم والزيغ بها عن الاتجاه الصحيح لها واستغلالها في استباحة أرزاق الناس والتهافت وراء الربح السريع الغير المشروع وتكديس الثروات، مما يساعد على إفراز نقائضها، وتصبح الديمقراطية كتلك الشعلة التي يخفت وهجها فيعكس شعاعها الواهن أشباحا رمادية وأطيافا باهتة تتراقص على خلفية المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وصعود كائنات طفيلية انتهازية تستفيد من المرحلة ، مما يسمح بنشوء المعتقدات الظلامية والتزمت الفكري والتطرف والتعصب الديني وعدم تقبل الآخر لـ ( ان لعنة الكسل ولعنة الخوف تشكلان السبب الحقيقي في بقاء الإنسان في مرحلة القصور مما يسهل على العوام والطغاة تنصيب أنفسهم عليه أوصياء..) كما يقول كانط...
ولعل نجاح الفئات الشعبية في تشخيص أوضاعها وإدراكها لطبقيتها والدفاع عن حقوقها، والنضال المشروع ضد تلافي إجهاز مختلف الدوائر البيروقراطية المتسلطة على مشروع الحريات وحقوق الإنسان التي تنادي بها المواثيق الدولية، هو الانتصار الحقيقي للإرادة والمواطنة الحقة، وسيؤدي حتما إلى نشوء البديل الشرعي للقمع والبطش والاحتقار والانتهاكات الجسيمة والشطط في استغلال السلطة، لان تدهور الهاجس الأمني وتراجع الحريات العامة بأي بلد هو عجز للممارسة الديمقراطية، وضرب لتحرر الشعوب وتقدمها...
وإذا كانت الوطنية وحب الأوطان والإخلاص لها تقاس بقدر الطول والعرض والاستعراضات والتبجح بالبدلات الأنيقة وربطات العنق أمام الكاميرات والمصوراتية في المناسبات كـ( من يعبد الله على حرف )، فإننا نعتقد جازمين بان ذلك الحرفي والفلاح والمزارع والبناء والنجار والميكانيكي والخياط والمقاول والصانع المتواضع هو أكثر وطنية وعطاء وارتباطا بالوطن، أما تلك النخب فإن كانت تتوفر على قوة فإنما تستمدها من حيوية هذه الطبقات الكادحة، ذلك أن البيروقراطيين يدبرون الممكن أما الطبقات الشعبية فتصنع المستحيل...
يقول ويلهلم رايش في كتابه الموسوم ( ما الوعي الطبقي نحو علم سياسي للجماهير)، ترجمة جورج طرابيشي، ص 100، دار الطليعة: ( لكن لنتصور الشرطي الذي تحيط به هالة من الهيبة وهو يمتطي صهوة جواده ويعتمر خوذته ويمتشق سلاحه، لنتصوره وقد رجع إلى بيته إلى وسطه العائلي البروليتاري بصفته أخا أو زوجا أو أبا، بل لنتصوره وهو في الفراش أو حتى في ثيابه الداخلية، انه يرى إلى نفسه في الشارع وكأنه الدولة، والفتيات الصغيرات البروليتاريات يؤدين بصورة آلية حركة تدل على التبجيل والتوقير أمام حارس الأمن، لان أمهاتهن يهددنهن باستدعائه إذا أسأن السلوك، أي إذا عصين الأوامر ولامسن أعضائهن الجنسية،الخ..إن الشعور الذي يخالج الشرطي هو إذن الشعور بأنه حارس النظام، ومن هنا نجده يكبر في عين نفسه، وهذا هو الجانب الرجعي فيه لكنه في البيت والثكنة أجير بسيط يرتدي بزة مرقمة...)
صفوة القول، انه ليست لدينا مشاكل مع رجال الأمن، فهم أهلنا وناسنا ونكن لهم كامل المحبة والتقدير، وبدونهم لسنا شيئا، لكن لنتصور على ضوء هذا الكلام البليغ أن مسئولا للأمن يسوق الهوينى سيارة المصلحة في جولة استعراضية على طريقة رعاة البقر، فتتجاوزه إحدى السيارات فيبادر إلى تعقبها وإيقافها مغرما صاحبها لكونه تجرأ وتجاوزه..
أو مسئولا آخرا يصطحب ابنيه بالشارع العام في أزهى ما لديهما من ملابس ويقضمان قطعا من الحلوى، يصادف في سبيله صبيا فقيرا رث الثياب في العاشر من حلمه، ركن طفولته المعذبة ولعبه إلى حين، وخرج يبحث عن رزق يلقمه لأفواه فارغة تنتظره، وفيما هو يلهو ويمتطي شقاوته، يصوغ ضحكاته صانعا لها من براءته قوادم وخوافي، زغبا وريشا وأجنحة ويطلقها مرفرفة في الفضاء الرحب لا تلوي على غش، ويتشاجر مع غريم له من أجل قطعة خبز أمام مطعم، فيطلقان أيديهما التي بلا وزن ويرجعانها إلى جسديهما الضامرين من غير سوء، وعوض ان يشتري له أكلا، يعمد إلى إشباعه صفعا وتعنيفا أمام أترابه، ويمسك بيدي طفليه العزيزين عليه جدا جدا ، ثم ينصرف على وثيرة من تحلو لهم العودة بنا إلى رواسب العصور القروسطية والسلوكيات القايدية العتيقة المتسمة بالظلم والاضطهاد وإزهاق الأرواح، وبعث حقب الماضي التي تسعى تلك الفئات المنتفعة الحياة فيها وشدنا إليها، مكرسين لعقليات تبيح لنفسها تجاوز الخطوط الحمراء في استغلال السلطة، وتحويل مناطق نفوذهم إلى شبه محميات تعيش خارج التاريخ، ومدن ظالمة على أنقاض مدينة المعلم الثاني الفاضلة...
وما الله بظلام للعبيد...



#نقوس_المهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا تكلم عباس الثالث
- اليوسفية .. المغرب
- اضحكوا على الأقل ما دام الضحك مجانا
- من اجل مدينة تتسع لجميع أهلها
- من اجل مدينة تتسع لجميع أهلها...
- مدينة اليوسفية.. بين نهب المال العام وغطرسة المخزن
- الانتخابات الرئاسية في مصر.. طبعة مزيدة ومنقحة
- يوسف يلقي بإخوته في غيابة الجب
- صنائع من نوبة عراق العجم
- إعدام العاشق
- من مكابدات أجمد الزعتر
- هواجس عباس الخامس
- الانتخابات في مصر الآن..الفوز لآل مبارك والنصر للمعارضة
- رحلة عباس السابع
- الوضع الكارثي لقطاع الصحة باليوسفية
- مراكش الموت والميلاد
- تطريز السراب والتيه


المزيد.....




- أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
- كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ ...
- مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
- ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم ...
- كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا ...
- أمستردام تحتفل بمرور 750 عاماً: فعاليات ثقافية تبرز دور المه ...
- أوبزرفر: اعتقال نتنياهو وغالانت اختبار خطير للمجتمع الدولي
- -وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين: فصل عنصري رسمي- - هآرتس ...
- الأردن.. مقتل شخص واعتقال 6 في إحباط محاولتي تسلل
- بورل: أندد بالقرار الذي اعتمده الكنيست الاسرائيلي حول وكالة ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - نقوس المهدي - حقوق الإنسان بين الحق والباطل