محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 5157 - 2016 / 5 / 9 - 13:37
المحور:
حقوق الانسان
كعب الحذاء غير النبيل !!
* الأبوة بين الرضا والغضب !
شاهينيات ( 1208 )
لي ابن وحيد وإبنة وحيدة . الإبنة ومنذ أن أدركت قيمة وجودي في حياتها، لم تترك سبيلا يصلها بي إلا وسلكته، سواء قبل تشردي من دمشق أو بعد تشردي . لم تبخل علي لا بالنقود حسب استطاعتها ولا بالهدايا بدءا بالقمصان والبناطيل والكنزات والملابس الداخلية والجاكيتات والسترات والأحذية والجرابات والشحاطات والصنادل ، مرورا بالحرامات والشراشف والبن والموالح وانتهاء بالموبايلات ، التي لم أعرفها منذ أن وجدت إلا منها . وإني لآمل أن تكون فلسفتي صحيحة وأن الإنسان بعد الموت يعود إلى عناصره الأولية ويتحول إلى طاقة ويتحد بطاقة الخلق أي طاقة الألوهة الأزلية الأبدية ، ليس لأتمنى ذلك لها فحسب ، بل لأتمنى أن تمدها الألوهة بالعمر المديد والصحة والعافية والعقل المستنير وأن يحفظ لها ابنها وابنتها ،وأن يتيح لها ولنسلها الإتحاد بالالوهة دون تذوّق مرارة الموت . وإني لاوصي كل من يهمه الأمر من بعدي أن يكون كل ما أتركه بعد موتي وما هو من حقوقي في أرض أو كتب مؤلفة أو مخطوطات أو لوحات أو منحوتات أو مقتنيات أو عقارات لها ، ولها وحدها ولابنها ولابنتها .
أما الإبن ، فكعب الحذاء أكثر نبلا منه ، فهو تاجر جشع بكل معنى الكلمة ،لا يعنيه إلا الربح بكل السبل الممكنة مهما كانت . ربح معظم تجاراته ، لكنه خسر أهم تجارة ربما دون أن يدرك ذلك ، وهي تجارته معي كأب ، حين أسفر عن وجه عدواني قذر منحط لئيم وقح جشع ، لا تكفي كل قذارات اللغة وقذارات العالم كله للتعبير عنه ،على أثر تشردي من دمشق ، فهو لم يقدم لي ولو شربة ماء دون ثمن باهظ دفعته مسبقا له منذ أن ولدته أمه إلى أن ساعدته بثمن بيت يمتلكه وبتكلفة زواجه . ليدعني مشردا أعيش ببيت بالأجرة رغم ظروف تشردي الصعبة ورغم امتلاكه لبيتين كان أحدهما خاليا من السكن حين هربت من سورية .
ليعذرني إلهي ولتعذرني الألوهة مهما كانت لأنه لم يكن في وسعي أن أسامح ابني أكثر بعد أن سامحته أكثر من مرة ومنحته فرصة أخيرة لإعادة النظر في سلوكه وأخلاقه ، فكان الشيء الوحيد الذي فعله معي خلال ما يقرب من ثلاثة أعوام من المسامحة ، هو مكالمة هاتفية يطلب مني فيها أن أعطي زوجته نقودا إذا ما تم سجنه على أثر اتهام له بالسرقة في عمله ، وربما لجنايات أخرى لم يخبرني عنها ، رغم أن زوجته موظفة براتب جيد وانا مشرد دون أي دخل يذكر . وإني لآمل أن أتمكن من أن لا أتيح له أن يرث قرشا واحدا من تركتي . وإني لأطلب من كل من يعنيه الأمر أن ينفذ ذلك . وآمل أن يعتبر المعنيون بالأمر من الأقارب والقضاء أن هذه هي وصيتي الأخيرة . وأنني أتنكر وأتبرأ من أبوتي للمذكور( ابني ) فهو أيضا لا يعترف بها حسب ما صرح لي ، وإنني لن أتعرف عليه وعلى نسله لو مرض أو مات أو قتل وأنا على قيد الحياة ، وأن دمه لا يعنيني على الإطلاق ، وإن أي انسان في الدنيا هو أقرب منه إلي .
محمود شاهين 10/5/2016
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟