صبحي نبو
الحوار المتمدن-العدد: 5157 - 2016 / 5 / 9 - 03:03
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
القوالون مفردها (القوال )
صفة مهنية أمتهنتها رجال اتصفت بها مجموعة خاصة من عوائل الإيزيدين من عشائر الدوملية والهكارية حصراً.
تميزّالقوالون بالقاء القول وإنشاد الأناشيد والقصائد والمدائح الدينية بمصاحبة آلتين موسيقيتين (الدف والشبابة بالنقر والعزف علىيهما لأحياء الطقوص الاحتفالية الخاصة بالمراسيم الدينية الإيزيدية المتنوعة . فكانت الموسيقى الدينية مصاحبة لحياة الفرد في المجتمع الإيزيدي , وذلك يعد أمتداد لتوظيف الموسيقة الدينية المصاحبة للطقوص المقامة في المعابد السومرية, كان يؤديها مجموعة خاصة من رجال دين في المعابد , ولو قارنا واجباتهم بما يقوم به القوالين الآن لرأينا أن مهمة الفرقين واحدة .
على الرغم من أن البعض يحاول أن يثبت استحداث منصب القوال إيزيدياً زمن الشيخ عدي بن مسافر عليه السلام فينسبون أسم القوال إلى التسمية العربية المشتقة من (قال ـ يقول ـ قولاً) مستندين إلى مقولة ان القوالين الأيزيدين هم مجموعة من اتباع الشيخ عدي الأول لحقوا به عندما استقر بلالش , أو صاحبوه عندما هاجر الى الى لالش , ويدعون , واصحاب هذا الرأي يقولون أن سرعة وصولهم للقيام بمهامهم ادى الى وصفهم بالطازي من قبل الشيخ عدي (شيخادي ) ( حرف الزاي اعجمية بثلاث نقاط ) ولكون لغتهم عربية استقروا في بعشيقة وبحزاني وتميزوا حتى الآن بلهجتهم التي تشبه اللهجات السورية رغم أن معظم الأقوال الدينية باللغة الكوردية الى الآن .
علماً أنه يتخلل الاقوال الدينية أقوال قليلة باللغة العربية والتركية و الفارسية ايضاً .
متبني هذه الأراء يظفون عليها تأكيدات بأنتسابها الى رجل دين ليقطعوا الشك بها . ولكن أن تتبعنا لهجة أهالي بعشيقة وبحزاني فهي اللهجة العربية المعروفة والمشهورة باسم ( الجزيرية ) يتكلم بها اهالي تكريت والحضر وجبال حمرين في العراق مع اختلاف بسيط وفي ماردين بتركيا ومجاوريها من القرى والارياف , عرفت تحت تسمية ( الملحمية ) أو (الملاحمة ) نسبة لجدهم ملحم الذي هو اول من سكن المنطقة بدل اللهجة ( الجزرية ) ولا زالت لهجة ماردين وبعشيقة وبحزاني واحدة .(ك . اعياد ومناسبات وطقوص ايزيدية – كل ما يخص بعشيقة وبحزاني – سالم الرشيداني )
تأكيداً لهذا الرأي نرى انه ( لا يمكن لمجموعة صغيرة كالقوالين وإن كانوا فعلاً قد صاحبوا الشيخآدي , أن يغيروا لهجة ولغة سكان منطقة بعشيقة وبحزاني أن كانت بلغة أو لهجة أخرى غير المعروفة بالهجة الجزرية ) وأصحاب الرأي الآخر أعتمدوا لفظة طازي كبديل على سكنة اهالي المنطقة من القوالين تشبهاً بالسلوقية (طازي ) لسرعة حركة هذا النوع من الحيوانات والتفافها حول صاحبها ومهارتها في خدمته .
ولفظة (طازي ) نرى أن لها عمق ودلالة تأريخية سبقت وجود القوالين في بعشيقة وبحزاني بالآف السنين وقد اطلقت على الطبقة السادسة من الطبقات المثرية , وطاج بمعنى الركض , إطلقت على ( ركاضي قرص الشمس) أي القائمين على خدمة الإله (مثرا ) ومنها يتضح المعنى الحقيقي من تكلفة مجموعة معينة لخدمة بيت آديا زمن الشيخ آدي ,
لذلك اطلقت على سكان ( كوندي قوالا ) = (باشيك وبرزان ) لفظة (طازي ) والمفروض أن تطلق لفظة (طازي ) على القوالين فقط دون غيرهم من سكان المنطقة .
والقوال كما هو متعارف عليه في الوسط الصوفي الإسلامي هي الطبقة التي أدّت وظائف العزف والإنشاد المصاحبة للصوفيين الذين لا ينتمي اغلبهم إلى القومية العربية وقد كفرّ المسلمون أغلبهم ويعتبروهم ملحدين تستروا بلباس الإسلام وأغلبهم ينتمون إلى القومية الفارسية والكوردية مع قلة قليلة عربية , وتاريخ الصوفيون العرب حديث نسبياً مقارنةً مع تواجد وتلازم الصوفية في الديانة الهندوسية وعليه فهي سابقة للرهبنة والتصوف المسيحي أيضاً .
والملفت للنظر أن تسمية ( قوالي ) متواجدة في المجالس الهندوسية وبنفس معنى ومفهوم القوال لدى الإيزيدية ,
ونقف عند التحليلات اللغوية التي قام بها مختصين أظهروا أن تسمية (القول ) ومعناه الواضح مأخوذة من مصادر أقدم و مشتقة من (كالو Kalo) السومرية .
و(كالو Kalo) في اللغة السومرية تعني : الكاهن، الرجل المتدين، كبير السن .
يقول الباحث د. خليل جندي : وفي لغتنا الكردية وخاصة في لهجة أهل شنكال فان (كالو Kalo) تستخدم بنفس المعنى المذكور ) في اللغة السومري .
و صفة ( رجل دين ) تطلق على اشخاص في ديانات أخرى كلقب وصفة (الملا ) في الإسلام أو( القس) في المسيحية .
واذا تمعنا في انحدار رجل الدين( القوال الإيزيدي) وإتخاذ اللقب وراثياً في الإيزيدية من عوائل القوالين الا أن اللقب لا يمنح جزافاً الا بعد ان يخضع المتدرب من ابناء القوالين الى التمرين والفحص , ولا يجوز له ممارسة مهنة القوال الا بعد اجتياز امتحان خاص يحضره مجموعة قوالين متمرسين وكبير القوالين لأحياء جلسة سماع معدّة لتنصيب القوال لمنحة ( كمّة القوال ) وقد يحضر بابا شيخ هذه الجلسة
كمّة القوال (كولك ) هي بمثابة التاج بعد أن يمتحن المتدرب و يدار به بمسكه من اذنه والسير والدوران به ثلاث دورات في تلك الجلسة ثم يمنح بعد ذلك لقب القوال ( بحث القوال والصوفية – سالم الرشيداني – جريدة الإتحاد ).
ويذكرنا الطقص بتنصيب الملك البابلي السنوي لمنحه تاج الملوكية في ذكرى أعياد نيسان السنوية حيث يقوم الكاهن الكبير بجره من اذنه ليدار به ثلاث دورات أمام نصب الاله مردوخ ( ك . العراق القديم – جورج رو ) في المعبد ثم يقوم الكاهن بصفعه على خده في امتحان تكون غزارة دموع الملك شهادة لنيل استحقاق منه التاج لحكم البلاد بنود وعادله الأله الذي يحب تواضع خدامه وممثايه بين الرعية .
طقص تنصيب القوال لا وجود له الآن بين القوالين الا انها كانت تمارس والى الأمس القريب وقد استفسر عنها باحثين أيزيدين من كبير القوالين المرحوم قوال سليمان سفو عندما كان على قيد الحياة , فأيد ممارستها في مجالس القوالين وايّده آخرين كالقوال حسن هكشي وكان من المشاركين في الطقص .
ويتضح من الطرح اننا أمام ممارسة قديمة لها ارتباطها بأرث ديني قديم ينفرد بها القوال الايزيدي
دون باقي رجال الدين في ديانات أخرى كالملا في الغسلام أو القس في المسيحية
صفة (القوّال) = كالو منشد المراثي البالية ولا تشابه لهذه المهنة في الأديان الأخرى
ولايمكن إن يكون التشابه في التسمية والمعنى محض صدفة .(د. خليل جندي )
لو تتبعنا طبقة الكالوا لوجدناها بين الميديين وهي العوائل التي إمتهنت تأدية المهام والطقوص الدينية واطلق عليها المؤرخون أسم (الماكي ) وكانت طبقة من خارج المجتمع الميدي ولا تنتمي له , لكن للماكي صدى آخر يمكن ربطه
بالتسمية السومرية (كالا) باللغة الأكدية(كالو) إلى تشير الى الكاهن الذي يرتل ويعزف الألحان الحزينة عند دفن الموتى وغيرها من المناسبات، ومنها كالا- ماخ GALA-MAK أو كالا ماك وهنا يظهر معنى الماك على انها سومرية وتعني الكاهن والموسيقي الذي يمارس الغناء الحزين ويعود إلى طبقة رجال الدين والمعبد.
و( ماك MAK ) بالكردية تحديدا هي الأم أو العرق الرئيسي , ولنا في الأقوال الإيزيدية قول رئيس معروف بإسم قول ( الماكي ).
صبحي نبو (ريزكارأبو علي ) ناشط في الشأن الإيزيدي وسياسي مستقل.
#صبحي_نبو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟