|
العراق000بين هدم الماضي وبناء المستقبل
تيسير خروب
كاتب وباحث
(Taiseer Khroob)
الحوار المتمدن-العدد: 1392 - 2005 / 12 / 7 - 07:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ليس مهما من يحكم العراق طبعا بأستثناء الاجنبي الغازي000فليس هناك ما يمنع ان يستلم الاكراد السلطه ويساعدهم العرب الشيعه اوالعرب السنه وبقية الطوائف والفرق الاسلاميه منها وغير الاسلاميه 00فقد سبق وان وحد العالم الاسلامي كرديا من شمال العراق وقف في وجه الغزاة الصليبيين وكان له الفضل في وقف المد الصليبي وتحرير المقدسات الاسلاميه من ايديهم الا وهو صلاح الدين الايوبي الكردي0 وليس يمنع ان يستلم الشيعه مقاليد الامور ويساعدهم السنه العرب والاكراد وغيرهم ما دام الهدف هو النهوض بالعراق وتضميد جراحاته0فليس هناك قانونا اجباريا يحصر السلطه في يد العرب السنه ويجعل الاخرين وهم الاكثريه تابعين لهم منفذين لاوامرهم فكل من يحمل الجنسيه العراقيه وعاش على ارض العراق له الحق في ترشيح نفسه وان يدعي اهليته لاي منصب كان في الدوله وادارتها0 وتشهد الساحه السياسيه الان ومنذ تسلم رموز السلطه العراقيين الجدد لمناصب الدوله بداء من رئيس الجمهوريه وانتهاء بفراش المكاتب حالة من سيطرة الوهم والاصرار عليه على نبذ القديم بكل اشكاله والتصريح عبر وسائل الاعلام المختلفه ومن خلال اللقاءات الرسميه وغير الرسميه الى التطلع والتصميم على بناء المستقبل ومحاولة السيطره على مقدرات الامور وقيادة حمله واسعه من الاعمال التي من شأنها ان تنهض بالعراق وتبني مؤسساته المختلفه ومحاولةمداوآة الجروح العراقيه 00ولا يتأتى لهم ذلك ويتحقق الا بتحطيم الماضي 00وهدم الماضي00التخلص من الماضي وبروح مفعمه بالتعصب الاعمى 000 فالعالم المتحضر اليوم بأجمعه لا يقر النظام السابق على اخطآءه وتجاوزاته والجرائم التي اقترفها بحق الشعب العراقي من تضييق على الحريات العامه وخنق حرية التعبير والفكر وعدم السماح بسماع صوت الطرف الاخر وانتهاء بالتصفيات الجسديه التي مارسها النظام السابق لمعارضيه00وهذا يحصل في جميع انحاء العالم التي تشهد بلدانهم حاله من عدم الاستقراروالاضطراب حتى في بلدان متقدمه وليس مقصورا على العراق وحده0 لكن وبالتسليم بهذا الواقع المرير الذي آلت اليه حالة العراق سابقا لا يعطينا الحق ان نتناسى او نغفل عن بعض الانجازات ومحاولة البناء والنهوض التي قام بها النظام السابق في المحافظه على وحدة العراق طائفيا ودينيا 00وعرقي وسياسي ومحاولة بناء قوه عسكريه في منطقة الشرق الادنى تلوح باستخدامها بوجه من يتحدى او يتطاول على وحدة العراق والنيل من تماسكه ووحدته الوطنيه او مصادرة واجباته ودوره كقوه عسكريه وموقعه الاستراتيجي وما تتمتع به قيادته السياسيه من حس وطني قومي وسط اجواء ساخنه غير مستقره وجيران لا تربطه بهم علاقات وديه او حميمه0 وقد صور الغير العراق على انه رافع لواء وراية(الله اكبر) ذات الصبغه الدينيه التي تعطيه الشرعيه و الحق بفرض سيادته على دول الجوار ومحاولة استخلاص الحقوق المغتصبه وفرض السياسه الواحده التي من شأنها ان تشكل لدول الشرق الادنى العربيه والاسلاميه وحده سياسيه واحده يكون خطرها بالمقام الاول على دول الاستعمار التي تتربص بهذا الوطن الكبير بحجج واسباب واهيه وكثيره خولتها سياسة التجزئه والاقليميه في هذه البلدان الى العبور من خلال منافذ المصالح المنفصله والخطر المزعوم الذي يهدد هذه الانظمه لتكون لهم الذريعه في التدخل وضرب بلدان هذا الوطن الكبير بعضه ببعض والتي نجحت الولايات المتحده الامريكيه في تمرير سياساتها الى حد كبير واكبر دليل على نجاحاتها وجودها العسكري والاستخباراتي في المناطق العربيه وتحكمهم في مقدرات الامور رغم الفشل والتصدي الذي تبديه قطاعات واسعه من ابناء كل بلد عربي لرفض هذه السياسات المغرضه وقطع الطريق عليها من اتمام ابرام ونجاح صفقاتها السياسيه وجني مكاسب وارباح على حساب التجزئه العربيه ومن ثم الاعداد للحصول على مكاسب وارباح اكبر واكثر من خلال التوسع والتدخل في مناطق اخرى ما بعد العراق0 اما بعد هذا الطرح المعروف للقاصي والداني عن حالة هذا الوطن الكبير والمهيء من الناحيه النظريه لملاقآة المصير نفسه الذي آل اليه العراق 00فأي هدم وتحطيم واي تخلص من الماضي من اجل بناء المستقبل المجهول في حالة ان يكون هناك مستقبل واعد ينتظر هذا الواقع المظلم والمأساوي ليكون مصير هذا البلد المحتل او ذاك المرشح للاحتلال في المستقبل القريب!!! فلوا افترضنا ان صدام حسين واركان حكمه احتاجوا في وقت السلم وغياب الغازي وليس هناك احتلال واضطراب وفوضى سياسيه احتاجوا الى ربع قرن من الوقت والصبر والجهد والاعداد وفي ظل وحدة الشعب العراقي بجميع طوائفه واطيافه السياسيه حتى وصلوا الى ما وصل اليه العراق قبل الغزو الامريكي الاول عام 1991م والاحتلال الامريكي البريطاني وبقية قوى التحالف الاجنبي للعراق عام 2003م وما رافق تلك السنوات من الاستقرار والبناء والنهوض بعناصر قيام الدوله الحديثه من صناعه وتعليم وتخريج آلاف العلماء المميزين في شتى المجالات بالاضافة الى مد جسور التعاون مع الدول العربيه والاسلاميه والافريقيه ودول العالم التي تسعى شعوبها الى التحرر من سيطرة الغازي الاجنبي000حيث كان للعراق الفضل في تعليم عشرات اللالآف من الطلاب غير العراقيين على نفقة الدوله العراقيه والتكفل بتكاليف التعليم والسكن والمعيشه لهم00بالاضافة الى الشيء الاهم وهو التضحيه بدماء العراقيين شيعه وسنه ومسيحيين 000عرب واكراد في الدفاع عن ارض فلسطين والمقدسات الاسلاميه والمسيحيه على السواء وما زالت مقابر شهدائهم على ارض فلسطين وعلى ثرى الاردن اكبر دليل على تضحياتهم التي يشهد لهم التاريخ بها0وهناك حرب تشرين عام 1973م حيث كانت القوات العراقيه في مقدمة القوات العربيه التي شاركت القوات السوريه في جبهات القتال 0 وهناك التبرع بالنفط والمال لدول الجوار لتحسين اوضاعهم والتخفيف من اعبائهم للنهوض بدولهم لمواكبة عجلة التطور والتخلص من تبعة الماضي والانفلات من قائمة دول العالم الثالث او الدول المتخلفه00او الناميـــــه وكأن هناك دولا ناميه تنمو وتكبر واخرى نايمه وجامده لا تنمو ولا تتحرك!!! فهل هذا ما يريد حكام العراق الجدد ان يهدموه ويحطموه 00؟ واذا هدموه00وهم فعلا ساعين في هدمه ويساعدو على هدمه00 فهل سيكون بمقدورهم البناء من جديد00؟ ومن اول السلم في زمن قياسي في ظل الاحتلال الامريكي والبريطاني ودول التحالف وتآمر دول الجوار 00وفي ظل الفوضى السياسيه وانعدام الامن والاستقرار0 اعتقد ان من واجب الحكومه العراقيه الحاليه الافاده من التجارب السابقه واستغلال ما وصل اليه البناء في العهد القديم وترميمه والنهوض من النقطه او المرحله التي وقف عندها النظام السابق وبعد ذلك لهم الحق ان يضعوا لمساتهم السحريه ويظهروا فضلهم ومزاياهم في بناءهم الجديد لا ان يهدمو ويحطمو الماضي جميعا ليفكروا بعد ذلك من اين يبدأون البناء او ان ينكروا فضل من سبقهم مثلما حصل عبر التاريخ الاسلامي والامثله فيه كثيره لكن اورد هنا مثلا طريفا للعبره000 ففي اثناء بناء قبة الصخره سنة 72هجريه على عهد الخليفه الاموي عبد الملك بن مروان والمسجد الاقصى وتم اكتمال البناء في عهد ابنه من بعده الوليد بن عبد الملك سنة75 او 76 هجريه كما تقول المصادر التاريخيه 000وقد نقش على البناء نص يقول: بنى هذه القبه عبد الملك بن مروان امير المؤمنين في سنة اثنين وسبعين هجريه تقبل الله منه0 وعندما جاءت الخلافه العباسيه ووصل الحكم الى الخليفه عبد الله المأمون بن هارون الرشيد ادخل تصليحات وترميمات على البناء نفسه في احدى سنوات حكمه الممتده بين(198-218هجريه) فكان من التعصب الاعمى ان قاد احد المشتغلين بالاصلاحات ان مسح اسم عبد الملك بن مروان الخليفه الاموي من على النقش المذكور سابقا وكتب محله اسم عبد الله المأمون ومن سخرية القدر ولاظهار الحقيقه بقيت سنة بناء عبد الملك بن مروان 72هجريه منقوشه على البناء وشاهده على بناء وانجازات من سلف ودليل على تزوير التاريخ من قبل اشخاص مغرضين0!!! وهناك امثلة كثيره من التاريخ الحديث والمعاصر وحتى التاريخ القديم لم يتم فيها هدم الماضي وتحطيمه وخرابه من اساسه والقيام ببناء جديد يختلف شكلا ومضمونا عن القديم0 فاسرائيل مثلا عندما احتلت فلسطين ابقت الضفه الغربيه وقطاع غزه على قوانينهما الاردنيه منها والمصريه في قطاع غزه من انظمة وتشريعات وعملات نقديه وتعاملات بنكيه وتجاريه0 وقبلها معظم دول الوطن العربي ومنها العراق التي كانت تحت الحكم العثماني ومن بعده الاستعمار الانجليزي والفرنسي 000بقيت هذه الدول تتعامل لغاية الان بقوانين وانظمه مأخوذه عن انظمة ودساتير هذه الدول المتغلبه رغم نبذ وكره هذه الدول جميعا لعصور الاحتلال والسيطره والاستعمار لهذه الدول الكبرى التي اخضعت شعوب هذه البلدان لاقسى واعنف انواع التعذيب والتشريد والاستعباد0 اليابان مثلا ما كانت لتصل الى ما وصلت اليه من تقدم وازدهار وبناء قاعده صناعيه ثقيله بدأت تنافس الدول الصناعيه المتقدمه مثل امريكا ودول اوروبا الصناعيه لولا انها اخذت واقتبست ما وصل اليه التقدم العلمي والتقني الصناعي في هذه الدول ومحاولة الانطلاق من حيث وصل الاخرين خاصة ما وصلت اليه امريكا بعد الحرب العالميه الثانيه وهزيمة اليابان والاحتلال الامريكي لاراضي يابانيه رغم ان صورة امريكا مثلا لا زالة ماثلة في الوجدان الياباني على انها صورة الوحش البشع والمخيف الذي انزل الخراب والدمار بارض وشعب اليابان وما هيروشيما ونكازاكي الا خير دليل وشاهد على العنف والارهاب الامريكي في تجربة سلاح نووي كوني على البشر0 وقديما ابقت الدوله الاسلاميه –العربيه الاولى سنوات طويله على قوانين وانظمة امبراطوريتي فارس وروما وكان بعض الوزراء او كتاب البلاط في القصر من غير العرب من فارس وروما000حتى العملات التي كانت متداوله في التعامل من بيع وشراء في صدر الدوله الاسلاميه كانت عملات رومانيه-بيزنطيه وفارسيه وبقيت كذلك حتى عصر الدوله الاسلاميه الثانيه-عهد بني اميه الى عهد الخليفه الاموي عبد الملك بن مروان الذي قاد عدة اصلاحات من بينها تعريب عملة النقد حيث اخذ على عاتقه سك اول عمله اسلاميه(الدينار والدرهم) نقش عليها نقش اسلامي سكت في العراق0 افبعد هذه النماذج والامثله من التاريخ البعيد والقريب والتي لها تماس خاص ومباشر مع العراق موطنا وشعبا وحكومة لا زال الحكام الجدد مصرين على هدم الماضي وتحطيمه000؟
#تيسير_خروب (هاشتاغ)
Taiseer_Khroob#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديمقراطيه والانتخابات
-
هيمنة الامبراطوريه الامريكيه على العالم
-
الدور الامريكي والاوروبي في افشال التسوية بين الفلسطينيين وا
...
-
احذروا الملابس الامريكيه والاوربيه000
-
المرأه المسلمه وحقوقها الزائفه
-
الزواج العرفي هل هو الغطاء الشرعي لمنع جرائم الشرف في الاردن
...
-
ازدواجية الثقافه في الفكر العربي والاسلامي
-
الاسلام في الفكر المسيحي
-
المسيحيه في الفكر الاسلامي
-
رحاله غربيين في ديار العرب المسلمين
-
الاسلام الحضاري والاسلام المعاصر
-
الخلافات الامريكيه الاوروبيه..على ماذا...
-
ازدواجية الخطاب الاسلامي واختلاف المعايير الاسلاميه
-
سوريا وتصفية الحسابات الدوليه في ظل القرار 1559
-
الولايات المتحده الامريكيه والمصلحه في اغتيال الحريري
-
اغتيال الحريري والاطراف المتهمه
-
المستوطنات الاسرائيليه والاستثمارات العربيه
-
منهجية ابن خلدون ونظرية التطابق التاريخي
-
دستور الحكم والانظمه العربيه
-
فرنسا والدور القديم00الجديد في لبنان
المزيد.....
-
قرار الجنائية الدولية.. كيف يمكن لواشنطن مساعدة إسرائيل
-
زيلينسكي يقرّر سحب الأوسمة الوطنية من داعمي روسيا ويكشف تفاص
...
-
إسبانيا: السيارات المكدسة في شوارع فالنسيا تهدد التعافي بعد
...
-
تقارير: طالبان تسحب سفيرها وقنصلها العام من ألمانيا
-
لبنانيون يفضلون العودة من سوريا رغم المخاطر - ما السبب؟
-
الدوري الألماني: ثلاثية كين تهدي بايرن الفوز على أوغسبورغ
-
لحظة سقوط صاروخ إسرائيلي على مبنى سكني وتدميره في الضاحية ال
...
-
سلسلة غارات جديدة على الضاحية الجنوبية في بيروت (فيديو)
-
مصدر مقرب من نبيه بري لـRT: هوكشتاين نقل أجواء إيجابية حول م
...
-
فريق ترامب الانتقالي: تعليق القضية المرفوعة ضد الرئيس المنتخ
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|