أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد القادر الفار - الموقف من استمرار الوجود - ماني الغنوصي














المزيد.....

الموقف من استمرار الوجود - ماني الغنوصي


محمد عبد القادر الفار
كاتب

(Mohammad Abdel Qader Alfar)


الحوار المتمدن-العدد: 5155 - 2016 / 5 / 7 - 15:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تعرضت في سلسلة مقالات "الموقف من استمرار الوجود" وفي مقال "مخافة الله بين بوذا ومحمد" ومؤخرا في موضوع "زمن الميمز" إلى وجهتي النظر المتقابلتين بخصوص استمرار الوجود، وجهة نظر أهل الفناء التي تحتقر الحياة والحركة وتسعى إلى فناء العالم ووجهة نظر أهل البقاء الذين يحتقرون السكون ويسعون إلى استمرار العالم وتوسعه. وفي حين أن معظم النظريات والفلسفات تستعير عناصر من كلتي وجهتي النظر محاوِلةً التوسط بينهما وسلك طريق وسطي معتدل، إلا أن معظم التأويلات والممارسات والتطبيقات تميل إلى أحد وجهتي النظر، ميلاً هو دون التطرف في العادة.

أما التطرف في أحد الجانبين فهو خطر جداً، ونتيجته وبال على من يسير فيه، فينتهي نهاية مؤلمة، وينهزم أتباعه، ولا يدوم ذكره، مهما كان مخلص النية أو صادقا أو طيب القلب أو مستقيم السلوك. التطرف في إرادة الاستمرار يمثله الجبابرة والطغاة، وفهم خطره وسوء مآلاته قد يكون أوضح للناس، كون الإنسان هو ابن الأرض الحية،المشتاقة إلى الفناء وإرادة التوقف، الأرض التي كانت الشهيدة على استنارة بوذا، المائل إلى الفناء دون التطرف في ميله. لذا ففي حين أن المخلوق من الطين قد يفهم بسهولة خطر الجبابرة إلا أنه قد لا ينتبه إلى خطر الدعوة إلى الفناء واحتقار الاستمرار.

ماني الغنوصي، الزاهد الفاني في الله، هو أحد أشد الأمثلة على التطرف في إرادة الفناء، فإذا ما قورن بوذا أو المسيح بماني، أصبحا من أهل البقاء. لقد رفض ماني الحياة الظاهرة واحتقرها ودعا إلى التوقف عن الإنجاب، أي إلى الانقراض وطوي صفحة البشرية. كذلك رفضت المانوية تماماً قتل الحيوانات والنباتات واعتبرت أن من يقتل حيواناً أو نباتاً سيكون مصيره أن يولد بعد موته من جنس الشيء الذي قتله، وهو طرح -رغم نقائه وطيبته- يعطّل حركة الحياة واستمرارها وتطورها.

انتشرت المانوية بسرعة في عهد مؤسسها وانطفأت بسرعة، بعد أن انقلب كهنة المجوس عليه وتم قتله شر قتلة بأمر من الحاكم، فلم تمكث في الأرض ولا رُفع ذكر مؤسسها. لم يبق من المانوية إلا قصتها، فاندثرت بكل ما فيها من صدق أو حسن نوايا.

إن درس المانوية درس مهم في هذا الزمن بالذات، الزمن الذي بدأت نعومة العيش فيه توجه الناس نحو عقائد "العصر الجديد - نيو إيج" والتشجيع على تجارب تبديل الوعي "Psychedelic experiences" من قبل مجاذيب معاصرين من أمثال تيرينس ماكينا وديفيد آيك وغيرهم ممن يؤيدون تقنين أنواع معينة من المخدرات، وكذلك الدعوات اللاسلطوية الأناركية التي تبشر بعالم متحرر من كل قيود النظام والعمل والسلطة. إن درس المانوية يعلمنا أن دعوات كهذه يصعب أن تمكث في الأرض. عليها أن تكون موجودة، وتلعب دورا في دفع البشرية إلى الإبداع، حيث أن الإبداع لا ينمو تحت القيود، ولكنها لن تلبث أن تنهار.

يمكن الحديث عن أهل البقاء بوصفهم قوى اليمين وأهل الفناء بوصفهم قوي اليسار.إن طبيعة اليمين، لا اليسار، في أي مجتمع هي التي تعكس درجة تقدمه. فالقوى الملتزمة بالحفاظ على الأمر الواقع تكون متقدمة طالما كان الأمر الواقع متقدما. اليمين ليس بالضرورة رجعيا. صحيح أنه يمانع التغيير ويبدي حذرا مع دعوات التطوير لكن دافعه قد يكون الحفاظ على حالة متقدمة نسبيا أو فيها امتيازات لا بد من الحذر من التفريط فيها. اليمين في مجتمعاتنا العربية مثلا محصور في قوى التعصب الديني والعشائري، وطالما أن الأمر الواقع لدينا متأخر لا بد أن قوى الأمر الواقع ليست متقدمة. هنا تبرز الحاجة المؤقتة إلى نفس تحرري يغير الأمر الواقع التعيس إلى حالة أكثر تقدما وتستحق أن تجد يمينا جديرا يحفظها ويحميها.

أما على المستوى الروحاني، فلا يسعنا أن نكون يمينيين فقط، متمحورين حول التكاليف الشرعية والحدود والمحرمات والمباحات، بل نحتاج نفسا روحانياً يسارياً يبشر بالحب والخيال والعوالم الموازية، ولكن علينا ألا نفرط في اعتدالنا، وإخلاصنا للاستمرار الذي لن نشهده.

وصلى الله على محمد وآله الطيبين.



#محمد_عبد_القادر_الفار (هاشتاغ)       Mohammad_Abdel_Qader_Alfar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عصر الأنبياء الصامتين ...
- غاية التقدم... كشف الإنسان 3
- زمن الميمز
- حاول تفتكرني - تحدي الفاني للخالد
- إجابة السؤال الوجودي - من غير ليه
- أزهار سلمى
- قبض الريح - زي الهوا
- معنى التوبة، بين الفاعل والمفعول - 2
- يا ليت قومي يعلمون؟
- الكلام في مواجهة العدم
- إذا كان هناك حياة بعد الموت، لماذا الموت أصلا؟
- نهاية الإلحاد 3
- نهاية السوشال ميديا
- نهاية الإلحاد 2
- نهاية الإلحاد 1
- سلمى (8) ... عدن
- نهاية الإلحاد
- معنى التوبة، بين الفاعل والمفعول
- فيدرالية بيتر كروبوتكين
- الزوغزوانغ ... واستحالة اتباع الحق ..


المزيد.....




- كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
- إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع ...
- أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من ...
- حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي ...
- شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد ...
- اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في ...
- القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة ...
- طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
- الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
- الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد القادر الفار - الموقف من استمرار الوجود - ماني الغنوصي