|
رداً علي وليد عبدالناصر : اليسار المصري لم يكن دائماً علي صواب
عبدالقادر ياسين
الحوار المتمدن-العدد: 11 - 2001 / 12 / 19 - 20:47
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
ليت أخطاء وليد عبدالناصر ( الحياة 1/21) اقتصرت علي تاريخي زيارة السادات إلي إسرائيل، وحل الحزب الشيوعي المصري ، فمثل هذه الأخطاء يمكن أن يقع بها أي كاتب. لكن، أن يمتد الخطأ إلي المعلومات التي يعتمد عليها الكاتب، فأمر يحتم الرد. فزيارة السادات في 91/11/7791، وليس في 12/11، و الحزب الشيوعي المصري حل نفسه، في نيسان (ابريل) 5691، وليس 4691. علماً بأن ثمة حزبين يحملان هذا الاسم، وحلا نفسيهما، في الشهر نفسه، مع فارق اسبوعين، وفي مضمون بيان الحل. ناهيك عن تنظيمين شيوعيين صغيرين لم يحلا نفسيهما، هما وحدة الشيوعيين ، و طليعة الشيوعيين . نأتي إلي المضمون والأفكار، والمعلومات الواردة في مقال وليد عبدالناصر، بدءاً من أن شخصيات يسارية من حزب التجمع أو من الأحزاب الشيوعية السرية، حيّت زيارة الرئيس السادات للقدس، وما سُمّي، حينذاك، بمبادرته السلمية. وأثار ذلك الاستغراب، لدي بعض المراقبين . الأمر الذي لم يحدث علي هذا النحو الذي يصوره مقال عبدالناصر. ومجموع اليساريين السابقين الذين أيدوا مبادرة السادات لم يتعد الاثنين، هما: صلاح حافظ، وعبدالستار الطويلة، وهما من خارج الأطر المنظمة لليسار، العلنية منها والسرية، وليسا صحافيين وأكاديميين ، بل إن حافظ والطويلة صحافيان بارزان، ولا شك. رحمهما الله. في هذا السياق، أذكّر بأن صلاح حافظ كتب، مستهجناً، موقف اليسار المصري، الذي عارض المبادرة ، فيما دأب هذا اليسار علي المناداة بالسلام، فيما دعم الإخوان المسلمون المبادرة ، علي رغم موقفهم المتشدد من اليهود والصهيونية. يستطرد عبدالناصر في الاعتماد علي مادة لا أعلم من أين أتي بها، أو أنه ربما تهيأ له وجود مواد مكتوبة، بررت زيارة السادات و مبادرته بالمواقف الشعبوية والديماغوجية العربية، أو بالرغبة في بناء القدرات الاقتصادية المصرية المنهكة، بعد عقود من المواجهة . وبرر بعض ثالث من يساريي الأخ عبدالناصر - الذين لا وجود لهم في الواقع - مبادرة السادات بفضحها لموقف من سموهم الرجعية العربية المفلسة التي لم تتجاوز (لاءات) الخرطوم الثلاث، وبموجبها تفتح الحكومات العربية لنفسها شرعية ادعاء مواجهتها إسرائيل، وتبرر ممارساتها القمعية والاستغلالية في حق شعوبها، من دون تحقيق نجاح يذكر علي صعيد المواجهة مع إسرائيل . وأتحدي بأن يأتي الكاتب وليد عبدالناصر بنصوص تؤكد هذه التبريرات الثلاثة. فضلاًَ عن أن أياً ممن يسميهم الرموز اليسارية والشيوعية في مصر لم يشبّه مبادرة السادات بصلح لينين مع ألمانيا، عقب الثورة البلشفية، سنة 7191، وهو صلح بريست ليتوفسك . موقف الشيوعيين العرب - ومنهم الشيوعيون المصريون - ظل مندداً بالصهيونية، علي طول الخط، مطالباً باستقلال فلسطين، وانسحاب القوات البريطانية منها، لإقامة دولة ديموقراطية فيها، حتي كان اليوم المشؤوم (92/11/7491)، الذي اصدرت فيه الجمعية العمومية للأمم المتحدة قرارها الجائر بتقسيم فلسطين. وكانت المفاجأة أن المندوب السوفياتي في الأمم المتحدة أعطي صوته لمشروع قرار التقسيم. ولم يعارض هذا الموقف السوفياتي المستهجن إلا قيادي شيوعي مصري واحد، هو المرحوم أحمد صادق سعد، في الجريدة السياسية السرية للطلبة والعمال، التي حملت اسم الهدف . اللافت أن التنظيمات الشيوعية المصرية كتبت مؤيدة التقسيم الجائر، باعتباره أحسن الحلول السيئة ، مفضلة قبوله تكتيكياً، ورفضه استراتيجياً وتاريخياً . وليس صحيحاً ما ذكره عبدالناصر من أن الشيوعيين المصريين دعوا إلي قبول دولتين، عربية ويهودية، تحت الانتداب البريطاني . واسمح لنفسي بتحديه، للمرة الثانية، بأن يأتي بنص واحد يقول تحت الانتداب البريطاني . إلي ذلك مَن مِن بين التنظيمات الشيوعية المصرية دعا الرئيس الراحل جمال عبدالناصر إلي الدخول في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل للتوصل إلي تسوية ، كما يري وليد عبدالناصر؟ إن هذا لم يحدث منذ ثورة تموز (يوليو) 2591، وإلي أن غادرنا جمال عبدالناصر، في 82/9/0791. أما المستهجن فهو ما نسبه وليد عبدالناصر إلي عدد من الشخصيات والتنظيمات الشيوعية المصرية من أنها اعتبرت مقاطعة إسرائيل وبالاً علي التقدم الاقتصادي والاجتماعي للشعوب العربية وشعب إسرائيل، وإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي، إنهاءً للنفوذ الغربي في المنطقة . الأمر الذي لم يصادفني، وأنا أؤرخ للحركة الشيوعية المصرية، حين ألفت كتابي فكر اليسار المصري والقضية الفلسطينية ، فضلاً عن متابعتي مطبوعات المنظمات الشيوعية المصرية، منذ أواسط الخمسينات، أولاً بأول. الأمر الأكثر استهجاناً أن وليد عبدالناصر يقول في نهاية العمود الثالث من مقاله ذي الأربعة أعمدة: ... حتي بالنسبة الي غالبية التيارات الشيوعية المصرية التي عارضت زيارة الرئيس السادات للقدس... فإن بعضها لم يلق باللائمة علي الرئيس السادات، وحده، بل ربط بين الزيارة وما سبقها من خطوات، منذ عهد الرئيس عبدالناصر . أي أن الكاتب يسلم بأن غالبية الشيوعيين كانت ضد مبادرة السادات، وتداعياتها، وذيولها. فيما كان الكاتب نفسه أكد في بداية مقاله، أن غالبية الشيوعيين أيدت المبادرة . في هذا الصدد أستطيع أن أؤكد أن اليسار المصري وقف، بكل فصائله، العلنية (التجمع)، والسرية (الشيوعي المصري - العمال المصري - 8 يناير - التيار الثوري - والتروتسكيون) ضد الزيارة، واتفاقيتي كامب ديفيد، فضلاً عن معاهدة الصلح مع إسرائيل. ومن يراجع سجلات محاكم السادات سيكتشف أن للشيوعيين نصيب الأسد في القضايا السياسية التي نظرتها تلك المحاكم. وحين اعتقل السادات، في أيلول (سبتمبر) 1891، زهاء 0051 معارض مصري، فإنه كان للشيوعيين نصيب الأسد في هذا الرقم. ولم يكن هذا مجرد مصادفة. أما إشارة حزب العمال إلي أن مبادرة السادات استمرار لنهج عبدالناصر، فليست تبريراً، بل شمول عبدالناصر بالهجوم. وعلي رغم الباع الطويل لوليد عبدالناصر، إلا أن مراجعته خذلته بصدد موقف اليسار من السادات، ومن الصراع العربي - الإسرائيلي، وحيال الصهيونية، التي خصها اليسار المصري، باهتمام كبير، وفي ما بين سنتي 3291 و3991، أصدر الشيوعيون المصريون ثمانية كتب تحليلية، شرّحوا فيها هذه الحركة الاستعمارية التوسعية، منذ كتب رفيق جبور (3291)، وأنور كامل (4491)، وأحمد صادق سعد (7491)، وفتحي الرملي (6591)، وعبدالمنعم الغزالي (8591)، واحمد فرج (3891)، وأديب ديمتري (0791 و3991)، عدا المقالات في الصحف والمجلات. من دون أن يعني هذا أن الشيوعيين المصريين لم يخطئوا عموماً، ولم يجانبهم الصواب، غير مرة، في التعامل مع القضية الفلسطينية خصوصاً، لكن مواقفهم إزاء السادات، منذ المبادرة لم تشبها شائبة، أو - علي الأقل - كانت واضحة، ولم يكتنفها الغموض، أو الالتباس.
ہ كاتب فلسطيني مقيم في مصر.
#عبدالقادر_ياسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل تعاني من الأرق؟.. طريقة بسيطة تسحبك إلى نوم عميق
-
ماذا نعرف عن العالم الخفي لمنجم ذهب تديره إحدى العصابات بجنو
...
-
وزارة الصحة اللبنانية: مقتل 4 أشخاص وإصابة 23 في الغارة الإس
...
-
ما هي الدول والشركات التي تبيع أسلحة لإسرائيل؟
-
سلسلة غارات إسرائيلية على منطقة البسطا وسط بيروت
-
تحليل لـCNN: كيف غيرت الأيام الـ7 الماضية حرب أوكرانيا؟
-
هل الدفاعات الجوية الغربية قادرة على مواجهة صاروخ أوريشنيك ا
...
-
كيف زادت ثروة إيلون ماسك -أغنى شخص في العالم- بفضل الانتخابا
...
-
غارة عنيفة تهز العاصمة بيروت
-
مراسلة RT: دوي انفجارت عنيفة تهز العاصمة بيروت جراء غارة إسر
...
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|