|
لماذا الأزهر ضد الوحدة الوطنية ؟
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 5154 - 2016 / 5 / 6 - 12:29
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ما مغزى عدم تهنئة المسيحيين ؟ لماذا ساهم الأزهر فى حريق (الفتنة الطائفية) ؟ فى كل أعياد (المصريين) المسيحيين يخرج عتاة الأصوليين الإسلاميين فى (فضائياتهم) ليبخوا سمومهم بالتحريض على عدم تهنئة أبناء شعبنا لمجرد أنهم (غير مسلمين) فهل لكلامهم مرجعية دينية؟ وماهى؟ ومامغزاها؟ مرجعيتهم أنّ المسيحيين (كفار) لأنهم يؤمنون ب (التثليث) وإذا كان هذا هو موقف عتاة الأصوليين ، فإنّ مجلة الأزهر شاركتهم فى هذا التوجه الهادم للوحدة الوطنية ، قبل أنْ يمتلك الأصوليون الإسلاميون الفضائيات ، وكان ذلك عندما كتب البابا شنودة دراسة حول (التثليث) وهل يتنافى مع التوحيد ؟ وجاء فى دراسته ((إنّ مشكلة الذين يُـحاربون التثليث أنهم يفصلونه عن التوحيد . ويظنون أنّ التثليث المسيحى لونٌ من الشرك أو تعدد الآلهة ، ولكننا كمسيحيين نقول : إننا نؤمن بإله واحد لا شريك له. ولا نؤمن إطلاقــًـا بثلاثة آلهة لا علاقة لها بالمسيحية. فالمسيحيون يؤمنون بإله واحد لا غير. بل يرون أنّ الإيمان بأكثر من إله أمر يتنزه عنه حتى الشيطان)) والبابا لم يكتف بالصيغ الإنشائية بل أسّـس رأيه بآيات من القرآن . ولو أنّ مؤسسة الأزهر مصرية الوجدان ، فكان من المُـنتظر أنْ تــُـرحـّـب بذلك الاجتهاد وتطوى صفحة النقاش ، وتبتعد عن لغة التكفير، وتهتم بما ينفع شعبنا. ولكنها كلــّـفتْ أحد شيوخها للرد ، فكتب مُـخاطبـًـا البابا قائلا ((وما دمتَ تستشهد بالقرآن على أنكم لستم مُـشركين ، ويتبيـّـن خطؤكم فى الاستشهاد بترككم بقية النسق القرآنى . فماذا تقولون فى وصفكم بالاشراك بالله فى قوله تعالى ((قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألاّ نعبد إلاّ الله ولا نــُـشرك به شيئــًـا ولا يتخذ بعضنا بعضـًـا أربابـًـا من دون الله فإنْ تولوا فقولوا اشهدوا بأنــّـا مسلمون)) (آل عمران/64) فقد دعتكم الآية إلى ترك عبادة المسيح وغيره وأنْ لا تــُـشركوا بالله شيئــًـا. وقد نصّ ميثاق الإيمان الذى أقرّه مجمع نيقيه لدينكم على ربوبية كل من الآب والابن والروح القدس ، وسُـمى هذا توحيدًا مع توغلها فى الاشراك . وأكثر من هذا أنكم حصرتم هذه (الشركة) كلها فى السيد المسيح ، فجعلتموه أبـًـا وابنــُـا وروح قدس ، ولهذا تعبدونه وتــُـقـدّمون له القرابين . ولقد نعى عليكم القرآن هذه (اللخبطة) وكفــّـرها فقال ((لقد كفر الذين قالوا إنّ الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئــًـا إنْ أراد أنْ يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن فى الأرض جميعــًـا)) (المائدة/17) وأضاف الشيخ ((عندنا العهدان القديم والجديد. ولقد قرأناهما وعرفنا منهما كيف ضيـّـعتم الحق الإلهى ، حق التوحيد المُـطلق (النظيف) من تلك التناقضات التى ورثتموها عن أسلاف أعدموا أناجيل التوحيد ، وورّثوكم أناجيل مُــتناقضة ، قطعتْ عنكم المدد الإلهى الذى يـُـضىء لكم سبيل الحق)) لم يكتف الشيخ بذلك (ومع مراعاة أنه لم يُـقـدّم الدليل على إعدام أناجيل التوحيد) وإنما أشار إلى دراسة مُـقارنة بين عقائد المسيحيين وعقائد (الوثنيين) من براهمة الهند وكذلك عقائد البوذيين . وقسـّـم صفحة المجلة قسميْن رأسييْن لعقد المُـقارنة بين عقائد من أطلق عليهم (الوثنيين الهنود) فى كريشنة وعقائد المسيحيين فى عيسى (مجلة الأزهر- يناير1985- من ص500- 503) لقد تعمّـدتُ ذكر تاريخ مقال هذا الكاهن (الإسلامى) الذى مضى على نشره 31سنة ، أى أنّ الأزهر سبق عتاة الأصوليين الذين يـُـكفــّـرون أبناء الوطن ، لمجرد اختلاف الديانة. وهذا المثال يطرح العديد من الأسئلة : هل الأزهر حريصٌ على (الوحدة الوطنية) ؟ أم يعمل على هدمها ؟ أليس ذلك انحياز للدين ضد الوطن ؟ وتقسيم أبناء الوطن الواحد على أساس المرجعية الدينية ، كما فعلتْ دول الاستعمار بسياسة (فرّق تسد) ؟ ولماذا لا ينتبه العاملون بمؤسسة الكهنوت الأزهرى إلى خطورة لغة (التكفير) الهادمة لأى بناء وطنى ، والمُـشعلة لكل حرائق (الفتنة الطائفية)؟ ولماذا لم ينتبه الكاهن الإسلامى/ الأزهرى إلى التناقض الذى وقع فيه وهو يستشهد بالقرآن؟ حيث من اليسير الرد عليه بآيات تنفى الآيات التى استشهد بها لأنها تتعارض معها ، وتــُـكرّس لحق الاعتقاد مثل ((فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)) (الكهف/29) وأنه أجـّـل عقوبة الكافرين ليوم القيامة. كما أنّ القرآن وضع مبدأ حرية الاعتقاد (بدون أية شروط) كما ورد فى سورة (الكافرون) التى نصـّـتْ على ((قل يا أيها الكافرون. لا أعبد ما تعبدون . ولا أنتم عابدون ما أعبد. ولا أنا عابدٌ ماعبدتم. ولا أنتم عابدون ما أعبد. لكم دينكم ولىَ دين)) وأكثر من ذلك عندما خاطب الله نبيه قائلا له ((أفأنتَ تــُـكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)) (يونس/99) وتلك هى الآيات التى يستشهد بها فريق (يسار الإسلام) فيرد عليهم فريق (الكهنوت الإسلامى) بآيات أخرى تؤكد وجهة نظرهم لدعم تقسيم الوطن مثل آية ((لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله فى شىء)) (آل عمران/28) وآية ((يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولــّـهم منكم فإنه منهم)) (المائدة/51) وطبعـًـا فإنّ أى أصولى يأخذ من القرآن ما يشاء ويتجاهل ما يشاء ، ويتجاهل باب (أسباب النزول) بل ويكرهه ، لذلك يتمسـّـك الأصولى بحرفية النص ، كما فعل كل الأصوليين من جمال الدين الإيرانى الشهيربالأفغانى إلى البنا وسيد قطب وتلميذه شكرى مصطفى ومحمد عبدالسلام فرج صاحب كتاب (الفريضة الغائبة) واستشهد فيه بحديث نبوى نصه ((بـُـعثتُ بالسيف. وجعل الله رزقى تحت ظل رمحى)) (ص154) وهو الحديث الذى يؤمن به أعضاء التنظيمات الإسلامية الذين خرّبوا العراق وسوريا وليبيا ولبنان.. إلخ ، ويرفض الأزهر إدانتهم بحجة أنهم ((مسلمون موحـّـدون)) وإذا كان يستحيل على موظفى الكهنوت الأزهرى التراجع ، حيث أنهم لا يملكون (بضاعة) غير مرجعيتهم الدينية ، فلماذا يتعامل فريق (يسار الإسلام) مع نفس البضاعة ؟ أليستْ (حرب النصوص) كارثة تــُـهـدّد أى انتماء وطنى وأى استقرار اجتماعى؟ ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما مغزى تحالف (الوسطى) مع المتطرف ؟
-
هل للترتث العربى جدوى من استمراره ؟
-
الماركيز دى ساد بين المسرح والواقع
-
مغزى أنْ يستعين النظام بترزية القوانين
-
لماذا لم يتعلم العرب درس التقدم ؟
-
عبد الوهاب المسيرى وتفسيره الإسلامى للحضارة
-
هل مصر دولة دينية أم مدنية ؟
-
ليه النظام خايف يعرض الاتفاقيه على البرلمان ؟
-
هل الأنظمة الوطنية تفرط فى أراضيها ؟
-
لماذا لا يتم تدريس التاريخ الحقيقى للإخوان المسلمين ؟
-
لماذا يدافع الأزهر عن الدواعش ؟
-
المفكر الرافض نموذج النسخة الكربونية : د. على مبروك نموذجًا
-
تاريخ العلاقة بين فكرة الآلهة والبشر
-
مفتى مصر ومفهوم المواطنة
-
لماذا لا تتعلم أوروبا الدرس ؟
-
نداء إلى منظمات حقوق الإنسان العالمية
-
لماذا الرعب من الاتهام بالسامية ؟
-
أوروبا وكيف انتصرت العقلانية
-
تاريخ علم المصريات
-
ما سر عودة الحمساويين للتمحك فى مصر؟
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|