أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد المسعودي - الدولة العراقية وآفاق المستقبل















المزيد.....

الدولة العراقية وآفاق المستقبل


وليد المسعودي

الحوار المتمدن-العدد: 1391 - 2005 / 12 / 6 - 09:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بدأ العراق بشكله الحديث عبارة عن أقلية مهيمنة على جميع مفاصل الدولة ومؤسساتها وما يتخللها من ثروات وحضوة وامكانية يتداركها جميع من أتفقت سياستهم مع الدولة البريطانية بأعتبار الاخيرة مثالا للمنتصر والغالب الذي يضفي سطوته واسلوب تعامله مع هذه الاقلية التي عملت بدورها على تصدير العنف الى بقية المكونات الاصيلة للشعب العراقي ، والتي كان نصيبها الابعاد والاقصاء عن جميع خيرات الوطن وثرواته ، ومن ثم لم تكن ولادة العراق آنذاك يشوبها القدرة على الاستمرار والتطور وبناء الجاهزية المجتمعية القائمة على التمدن وتأصيل وعي مجتمعي غير قابل الى الاجترار والتكرار لنفس السياقات والاسس المعتمدة تاريخيا من حيث تأثير السلطة القائمة على العنف والاستبداد ، ليس بشكله المادي المرتبط بمحابة ومعاقبة الجسد السياسي العراقي فحسب بل تمثل في عملية تعطيل قدرة الاجيال القادمة ، التي ظلت تراوح وتعيد عملية انتاج ماضي العراق العثماني المؤصل في داخله تراتبية وإثار وسطوة الاقلية الاجتماعية على حساب الاكثرية التي تعاني الاستلاب والحرمان بجميع اشكاله وصوره ، هكذا كان تمثل الدولة العراقية في عهدها الحديث والمؤسس ضمن حاضنه لم تستطع ان تستوعب بقية المكونات لتشملها ضمن نفس الرعاية والاهتمام بحيث يغدو الكل الاجتماعي واحد ومؤصل في داخله تكوين الدولة العصرية المؤسسة على طابع المواطنة واحترام حقوق الانسان والحريات كافة .
بعد سقوط الدولة المكونة ضمن هذه الحاضنة البريطانية بدأ العراق يعمل على انجاز الوطن بشكله الانساني وظهرت الكثير من الايديولوجيات المؤصل فيها " العراقوية" كهوية وانتماء بدءا بأحزاب اليسار متمثلا بالشيوعي العراقي والحزب الديمقراطي الوطني وانتهاءا بالاحزاب الكردية التي رفعت شعار الوطن الواحد الجديد المختلف عن نسق السلطة الملكية وما كانت تضفيه من تمايز لصالح طبقة الاغنياء والاقطاعيون المتنفذين داخل الدولة الملكية على حساب بقية الطبقات والتكوينات المجتمعية الاخرى ، إذ ظهرت الدولة في بدايتها حاملة جوهر العراق من حيث امتلاك السيادة والاستقلال بشكلهما النهائي ، رغم طبيعة المرحلة الحرجة والدموية التي شهدها فيما بعد من خلال سطوة وايثار النزاعات والصراعات بين قادة مجلس قيادة الثورة المشكل مابعد 14 تموز 1958 ولاسباب تتعلق بعوامل داخلية وخارجية ، ثقافية مجتمعية ، صراعات ايديولوجية يتخللها نفي الاخرين بشكل دموي ، كل ذلك عطل استمرار بقاء السيادة بشكلها الحقيقي والقائم على بداية نشوء دولة المؤسسات المرتبطة بحرية الافراد ودرجة تميزهم كقدرة وقوة مؤثرة على المحيط الاجتماعي والثقافي والسياسي .. الخ
بعد زوال عراق مابعد الملكية دخل في جحيم مطلق وجاهزية قيم لم تؤصل لدى الاجيال القادمة اية قيمة تذكر للمدنية ، ومن ثم كان هناك ذلك التراجع عن اجتراح البديل غير المرتبط بنسق الايديولوجيات والافكار النهائية المتصارعة فيما بينها بشكل عنفي والمتمثلة بجميع ايديولوجيا الزيف القوموي واليساروي المؤسسة على فكرة الامة الطوبى كجاهزية حكم مطلق ومهيمن بالنسبة للامة في اطارها القومي او بالنسبة للامة البشرية المدركة لجوهر التخلي عن عنصري التمايز والتفاوت اللذان يشكلهما بشكل مستمر إرادة الهيمنة المرتبطة بالقوى الاكثر حضوة وانتصارا متمثلة بقوى رأس المال وسيطرتها على مقدرات ودرجة تراتبية استقلال المجتمعات عن تأثير المركز وهيمنته المدعوم من قبل هذه القوى الرأسمالية .
هكذا تمثل تكوين العراق بشكله الحديث من فقدان أصيل لجميع بوادر وإمكانيات التجاوز وتحقيق ماتصبو اليه إرادة الذوات المجتمعية من غير هيمنة وفرض قسري لقيم معينة على أخرى ، كان من الممكن مساعدة العراق وتشكيل الدولة المدنية منذ عقود خلت من قبل ذات القوى الكبرى التي عملت على نشوءه في البداية ، ولكنها إظطرت الى ترك المجال مفتوحا امام هيمنة هذه المجتمعات ذاتها اي من قبل سطوة الاقلية الحزبية او الطائفية كنموذج معمم على اكثر الانظمة العربية والعالم ثالثية بحيث تبقى هذه المنطقة يشوبها ذات التراجع وذات الانحسار النهائي للخير الانساني المرتبط بالتطور والتغيير وبناء ذوات مجتمعية غير ماثل أمام قدرة الانساق السلطوية وجاهزيتها ، ومن ثم تتحول الى سجن مجتمعي يضفي العنف وجميع تراتبية قيم الالغاء لحرية الانسان ووجوده ، فالقوى الكبرى عملت على مساعدة الاقلية الحزبية او الطائفية في اكثر البلدان العربية وذلك لانها ضامن أكيد لمصالحها أمام قوى أخرى كانت تشكل خطرا ماثلا امامها لايمكن تجاوزه او إمحائه ، ومن ثم بقاء المجتمعات العربية في مأزق النهاية والاستتباع الحضاري والثقافي دولا ومجتعات بحيث عطلت الحداثة بشكلها الخصوصي والمجترح من قبل الذات ورغبتها في الاختلاف والتفرد عن التجارب المنجزة لدى الشعوب والدول الاخرى .
بعد زوال الصنم ظهر العراق " الجديد " من خلال ولادة شبه ميته او قيصرية تشكل غاية في الصعوبة من اجل البقاء والاستمرار خصوصا بعد ان تأصلت كثيرا قيم القبائل والطوائف والمناطقية أكثر من تأصيل الوطن والمواطنة والشعور المشترك بالانتماء النهائي لهذه الارض ، وذلك نتيجة طبيعية لعامل الانحسار واللجوء المباشر الى جاهزية قيم تعود الى ماقبل تشكيل الدولة والمتمثلة بطبيعة تكوينها المعاصروالحديث ، وهكذا نقول ان العراق الجديد بدأ من حيث تكوينه وفق إرادة وسطوة المركز العالمي المهيمن ، هذا العراق شكل وفق إرادة الاخر ، ومن ثم تظل إرادة المجتمعات في أزمنتنا الحاضرة يشوبها عدم الادراك المجتمعي الحقيقي لقيمة الذات العراقية المالكة لطبيعة الدولة والسيادة مادامت هذه المجتمعات غير راسخ لديها التراث الديمقراطي الانساني ، ومن ثم التراث الانتخابي الذي يضفي بدوره وعي الهامش كطرف رئيس في صياغة مستقبل العراق ، وان ذلك الاخير لايحتوي على هوامش واطراف إذا تحققت الارادة المجتمعية القائمة على زحزحة الشروط التي أدت الى ولادة العراق " الجديد " بشكله العياني المعاش .
ان هذه الزحزحة لشروط المحتل يحتاج الى تضافر جهود كبيرة وعظيمة من أجل تكوين الدولة المستقلة بشكلها النسبي المختلف عن هيمنة الاخرين الكبار ، كل ذلك من الممكن ان يتحقق من خلال التغيرات الدولية التي تجعل العالم يكف عن صيرورته ضمن هيمنة المركز وثقافته النهائية ، التي من الممكن ان تساهم في رسوخ التبعية بشكل واع ومدرك من قبل اكثر المجتمعات بحيث يغدو ذلك ، وكأنه واقع اجتماعي سياسي مقبول ومبرر بشكل مباشر وفي غاية التقبل والانصياع
ان مستقبل الدولة في العراق يشوبها الكثير من الضبابية ، ولكن مادام النسق السياسي الكبير يدخل كطرف نهائي في الازمنة الحاضرة ، فأن عامل بقاء العراق موحدا امرا واقعيا له الجاهزية والوجود المستقبلي وذلك لعدة اسباب وعوامل تتعلق بستراتيجية مصالح القطب النهائي داخل المنطقة العربية الاسلامية ، ومن ثم لاتوجد هنالك بوادر زعزعة وحدة العراق وتقسيمه الى دويلات صغيرة بل ان التكوين الجديد سوف يكون قائما على الاكثرية المجتمعية من حيث وجودها كأداة حكم وسيطرة ، وهنا الاكثرية المجتمعية لاتتمثل بإرادة المجتمعات ومحصلة وجودها النهائي بل يتمثل بقدرة الرموز الكاريزمية المؤثرة على تلك الاكثرية المجتمعية المفارقة لعنصري التمييز الواضح لمصالحها بشكل مستقل عن إرادة اللاعبين الكبار ، بحيث تغدو الدولة مقسمة طائفيا وعرقيا الى فترات قادمة لايعرف مداها ، ومن ثم هناك التغييب المباشر لوعي المواطنة والشعور بالهوية الوطنية والانتماء النهائي للعراق كشكل جوهري جامع ومؤصل في داخله تلك السيرورة الدائمة للتجديد وممارسة جدلية نفي الداخل والخارج من القيم والافكار وتمثل الهويات ضمن قابلية مجتمعية أكثر مدنية وعطاءا وتطورا .



#وليد_المسعودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقف والمؤسسة .. جدلية الرفض والقبول
- العنف الذكوري ضد المرأة
- الذات العراقية بين احتلالين
- المرأة العراقية بين الواقع والمثال
- أدلجة الحقيقة - عنف المعنى
- الديمقراطية والحركات السياسية الاسلامية
- شريعة الافكار
- الدولة الناشئة في العراق -السيادة والديمقراطية
- جسر الأئمة واساطير السياسة
- الذات العراقية من تأصيل العذاب الى تأبيد الاغتراب-نحو إعادة ...
- ميشيل فوكو والنزعة الانسانية
- نحو تأصيل جديد لثقافة الحرية
- الانسان العراقي بين الدكتاتورية والارهاب
- دولة الاستبداد - دولة الحرية
- قبول الاخر
- الدولة الديمقراطية


المزيد.....




- دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك ...
- مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
- بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن ...
- ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
- بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
- لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
- المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة ...
- بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
- مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن ...
- إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد المسعودي - الدولة العراقية وآفاق المستقبل