احمد جميل برهان
الحوار المتمدن-العدد: 5153 - 2016 / 5 / 5 - 01:11
المحور:
تقنية المعلمومات و الكومبيوتر
المحامي احمد جميل برهان
مرحلة التغيير التي شهدها العراق من النظام الشمولي الى الحكم الديمقراطي وما تلاه من أنفتاح على العالم واطلاق الحريات , ولا سيما حرية التعبير عن الرأي , عن طريق مختلف الوسائل الصحفية والاعلامية وغيرها من الوسائل المختلفة , تزامن كل ذلك من انفلات في استخدام الحرية وبات التعدي على خصوصية الاخرين من سب وقذف وتشهير , امراً شائعاً في العراق , وهو ما جعل القضاء العراقي يستحدث محكمة النشر والاعلام للحد من هذه الخروقات , لتتولى المحكمة النظر بجميع القضايا المتعلقة بوسائل الاعلام .
للجرائم الالكترونية والمعلوماتية صور متعددة , منها :
- جرائم الارهاب الالكتروني .
- جرائم الاتجار بالبشر عن طريق الانترنت .
- تجارة المخدرات بأستخدام الانترنت .
- استخدام الانترنت في ارتكاب الجريمة المنظمة .
- تزوير البيانات .
- القرصنة الالكترونية .
- انتحال الصفة عن طريق الانترنت .
- الاحتيال عن طريق الانترنت .
- السب والقذف والتشهير عن طريق الانترنت .
هذا يعني أن للجرائم الالكترونية والمعلوماتية صور متعددة , أي ان جميع الاعمال المخالفة للاعراف والقوانين والاداب العامة التي تحدث على ارض الواقع , تُعتبر جرائم إن وقعت داخل الشبكة العنكبوتية , والامر لا ينحصر ضمن اطار مواقع التواصل الاجتماعي فقط , بل يتعداها ليشمل جميع المواقع والصُحف والوكالات الالكترونية .
الا أن اكثر ما نلاحظه في العراق هي الخروقات القانونية وجرائم السب والقذف والتشهير تحدث داخل مواقع التواصل الاجتماعي ومنها الـــ فيس بوك – Facebook .
في تاريخ 7 / 5 / 2015 , أكدت السلطة القضائية على أن مواقع التواصل الاجتماعي ومنها - الفيس بوك – من وسائل الاعلام المُشار اليها في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 في المادة (19) الفقرة ( 3- العلانية : تعد وسائل للعلانية ) :
أ- الاعمال او الاشارات أو الحركات اذا حصلت في طريق عام او في محفل عام او مكان مباح او مطروق او معرض لأنظار الجمهور أو اذا حصلت بحيث يستطيع رؤيتها من كان في ذلك المكان أو اذا نُقلت إليه بطريقة من الطرق الآلية .
ب- القول أو الصياح اذا حصل الجهر به أو ترديده في مكان مما ذُكر أو اذا حصل الجهر به أو ترديده بحيث يستطيع سماعه من كان في مثل ذلك المكان أو اذا أُذيع بطريقة من الطرق الآلية وغيرها بحيث يسمعه من لا دخل له في أستخدامه .
جـ- الصحافة والمطبوعات الاخرى وغيرها من وسائل الدعاية والنشر والاعلام .
د- الكتابة والرسوم والصور والاشارات والافلام ونحوها , اذا عُرضت في مكان مما ذُكر أو اذا وزعت أو بيعت الى اكثر من شخص او عُرضت في أي مكان .
فكون الفيس بوك من وسائل الدعاية والنشر ولانه مُتاح ويصل الى الجميع ويتوفر فيه عنصر العلانية للفعل , ويُشار الى أنه يُستخدم بشكل كبير من قبل المواطنين وأصبح وسيلة مشابهة لوسائل الاعلام , أذ يُستخدم بنشر الاخبار العاجلة والحصرية , وأُستخدم بشكل كبير في السب والقذف والتشهير وتبادل الاتهامات بين المتخاصمين , فقد عُد من وسائل الاعلام , بالتالي فهو يخضع لمحكمة النشر والاعلام .
•نظرت محكمة النشر والاعلام في السنوات 2010-2015 أكثر من ( 1500) قضية , وتم أنهاء هذه القضايا أما بالغلق أو الاحالة الى محكمة مختصة أو محكمة الجنح , كون بعض القضايا تحتوي على جرائم قد نص عليها قانون العقوبات العراقي , مثل جرائم السب والقذف والتشهير في صحف وقنوات وأنترنت وفيس بوك ومواقع أخرى .
•طبيعة الدعاوى الخاصة بالانترنت
أغلب دعاوى الانترنت التي نظرت بها محكمة النشر والاعلام تتعلق بالفيس بوك ومنها دعاوى جزائية ومدنية صدرت بها قرارات مختلفة حسب نوع الدعوى , ولكن أكثر الدعاوى كانت نشر عبارات لأشخاص يعبرون عن أرائهم ويعتمدون عبارات سب وقذف لأشخاص أو جهات رسمية أو غير رسمية أو أشخاص معينون يتسنمون مختلف المناصب في الدولة , وهنالك منشورات نُشرت عن طريق الفيس بوك ضد اشخاص قد تؤثر على عملهم أو سُمعتهم .
دستور العراق لسنة 2005 , قد كفل حرية التعبير عن الرأي بكافة الوسائل حسب المادة ( 38 ) في الفقرتين ( 1 , 2 ) حيث نصت المادة على :
1- حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل .
2- حرية الصحافة والصناعة والاعلان والنشر والاعلام .
على شرط أن لا تُخالف هذه الحريات قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 , الذي نص في المادتين ( 433 , 434 )
حيث نصت المادة ( 433 ) على :
1- القذف هو أسناد واقعة معينة الى الغير بأحدى الطرق العلانية التي من شأنها لو صحت , أن توجب عقاب من أسندت اليه أو أحتقاره عند أهل وطنه , ويعاقب من قذف غيره بالحبس وبالغرامة أو بأحدى هاتين العقوبتين .
واذا وقع القذف بطريق النشر في الصحف أو المطبوعات أو بأحدى طرق الاعلام الاخرى عد ذلك ظرفاً مُشدداً .
2- ولا يُقبل من القاذف أقامة الدليل على ما أسنده الا اذا كان القذف موجهاً الى موظف او مكلف بخدمة عامة او الى شخص ذي صفة نيابية عامة او كان يتولى عملاً يتعلق بمصالح الجمهور , وكان ما اسنده القاذف متصلاً بوظيفة المقذوف أو علمه , فأذا قام الدليل على كل ما اسنده أنتفت الجريمة .
ونصت المادة ( 434 ) على أن :
السب هو رمي الغير بما يخدش شرفه أو اعتباره او يجرح شعوره وإن لم يتضمن ذلك أسناد واقعة معينة - كواقعة القذف – ويُعاقب من سب غيره بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على مائة دينار أو بأحدى هاتين العقوبتين .
وأذا وقع السب بطريق النشر في الصحف او المطبوعات أو بأحدى طرق الاعلام الاخرى عد ذلك ظرفاً مشدداً .
وقد أسند القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 , ما جاء بالمادتين المذكورتين من قانون العقوبات , في الباب الثالث منه , باب الاحكام المشتركة للاعمال غير المشروعة في المادتين ( 204 – 205 ) , ففي المادة ( 204 ) نص على أن ( كل تعد يُصيب الغير بأي ضرر أخر غير ما ذُكر في المواد السابقة - الاضرار المذكورة في المواد السابقة اضرار مادية - يستوجب التعويض .
أي أن كل تعد معنوي أو أدبي يُصيب الغير فهو يستوجب التعويض , وهذا نص صريح بخصوص جرائم السب والقذف والتشهير , التي تعد من الجرائم المعنوية .
اما المادة ( 205 ) فقد نصت على :
1- يتناول حق التعويض الضرر الادبي , فكل تعد على الغير في حريته او في عرضه او في شرفه او في سمعته او في مركزه الاجتماعي او في اعتباره , يجعل المتعدي مسؤولاً عن التعويض .
2- ويجوز ان يقضي بالتعويض للأزواج وللأقربين من الاسرة عما يصيبهم من ضرر أدبي بسبب موت المصاب - المتضرر عليه - .
3- ولا ينتقل التعويض عن الضرر الادبي الى الغير الا اذا تحددت قيمته بمقتضى أتفاق او حكم نهائي .
كل قذف هو تشهير بالاخرين ويُعتبر جريمة , وهنالك فرق بين حرية الرأي والتعبير والنقد وبين القذف .
فمثلاً القول بأن هنالك وزارة غارقة بالفساد المالي والاداري فهذا يعتبر رأي , أما حين القول بأن الوزير او المحافظ او النائب الفلاني تعاقد على عقد فيه فساد او القول بأنه فاسد فهذا ليس تعبيراً عن الرأي وأنما أتهام صريحة وأسناد واقعة وصفة ويعتبر هذا الفعل جريمة يُحاسب عليها القانون .
#احمد_جميل_برهان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟