|
مغالطات ذاكر نايك في التشبيه و الإستدلال 2/2
منال شوقي
الحوار المتمدن-العدد: 5152 - 2016 / 5 / 4 - 22:21
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ننتقل الأن إلي السؤال الثاني للشاب الملحد و الذي يقول : إذا كان الله عظيماً جداً و لا يلزمه إلا ( كن ) ليكون له ما أراد فما الذي يجعله يُصِر علي لفت إنتباهنا لعظمته تلك و البديهي أنه عظيم و خلقه للجبال و السماوات و الأرض و الإبل شئ في منتهي التفاهة بالنسبة له مقارنة مع عظمته . و أود هنا ـأن أوضح وجهة نظر الشاب بكلمات أخري فسؤاله فلسفي و له معني عميق كامن بين السطور غير ذلك الذي يبدو عند أخذه بسطحية الكلمات التي صاغها بها . . و كي نغوص في معني السؤال دعونا نطرح السؤال التالي : هل الله عظيم لأنه خلق ما يدعونا للنظر إليه عبر سلسلة أسئلته في القرآن ( ألم تري كيف أو أفلا ينظرون إلي ) أم أن الله عظيم في ذاته حتي و إن لم يخلق شئ ؟ إن العقل البشري الذي خلق الإله لم يستطع أن يُجنب الإله الوقوع في فخ البشرية أو الإله البشري أو ذو الصفات البشرية . فنحن نطلق صفة الكريم علي من يؤثِر الأخرين علي نفسه و الحكيم علي من تكلم بالحكمة و المتسامح علي من يعفو عن الناس ، هناك إذن دائماً سبب ما لإلحاق صفة ما بشخص ما . فالله يدعونا للإيمان بعظمته لأنه خلق هذا و ذاك ، ماذا إذن إن لم يكن قد خلق شيئاً ؟ أكان سيحتفظ بعظمته تلك أم كانت تلك الصفة ستنتفي عنه ؟ فإذا كان سبب عظمته هو قدرته علي الخلق فإن عظمته بالتالي مرتبطة و منوطه بخلقه و تنتفي عنه صفة العظمة في حال أنه لم يخلق شيئاً و بالتالي فهو يحتاج لوجود مخلوقاته كي يستحق صفة العظيم . هذا هو الإله البشري الذي أصر مخترعوه علي أن يثُبتوا عظمته و يعطونها شرعية عن طريق الربط بين تلك العظمة و بين ما خلقه . . يبدو أن ذاكر شطح خارج إطار السؤال فبدأ يتكلم عن الجبال باستفاضه و التي هي ليست إلا مثالأ علي الخلق ثم تطرق لضرب أحد أمثلته المغلوطة كالعادة بأن سأل الشاب إذا كان الجميع يستطيع دخول كلية الطب و التي تستلزم قدرات عقلية خاصة فأجاب الشاب أن لا لأن الجميع لا يمتلك تلك القدرات و هنا هلل ذاكر مستدلاً بذلك علي أن من سيدخلون الفردوس هم أولئك الذين إمتلكوا من الذكاء قدراً كافياً يؤهلهم لطاعة الله و بالتالي لدخول الجنة و لكنه لم يشترط لدخول الجنة توافر تلك القدرات العقلية مكتفياً بالطاعة أو بالإيمان الأعمي . . و لعل ما سأرد به أصبح شائعاً و مكرراً و لكن ليس باليد حيلة و نفس المغالطة مازلت علي قيد الحياة . إن الطالب النبيه ذو القدرات العقلية الإستثنائية يمتلك ذكاءً فطرياً و قدرة علي التحصيل أكثر من غيره و إلا لكنا جميعنا أينشتين ، فمن الذي خلق فرقاً بين عقل أينشتين و عقل موظف عادي في هيئة السكة الحديد ؟ أليس هو الله نفسه ؟ إصنع سيارتين سرعة إحداهما 100كم /ساعة بينما الثانية تسير بسرعة 200كم / الساعة و اطلقهما في سباق للسيارات تتساوي فيه مهارات سائقي السيارتين ثم عنف السيارة الأولي و احرقها لأنها لم تستطع قطع المسافة في المدة المحددة . . و رداً علي القائلين بإرادة حرة للإنسان و كونه مخيراً أقول ، نعم أنا مُخيرة في حدود قدراتي العقلية و ليس في حدود أعلي منها و هنا سأضرب مثالاً من تفسير ابن كثير لما جاء في القرآن (واحلل عقدة من لساني يفقه قولي ) و التي فسرها و غيره باللثغة في لسان موسي عندما وضعوا أمامه جمرة و تمرة للتدليل علي أنه طفل لا يعي فاختار موسي الجمرة و هو إختيار مرتبط بمستوي إدراكه العقلي لا نستطيع أن نلومه عليه . فحتي لو سلمنا بكوننا أحرار في إختيارتنا تظل هذه الإختيارات مرهونة بقدراتنا العقلية و التي ليس لنا فيها ذنب أو فضل بل مسؤول عنها خالق هذه العقول و الجاعل منها طبقات تعلو فيها الواحدة علي الأخري . . يلاحظ الشاب أن ذاكر لم يفهم سؤاله فيعيده عليه بصيغة أخري قائلاً : أنا أعلم أن الله عظيم و أنه خلق كل هذه الأشياء المبهرة و لكنني أعلم أيضاً أنه إله و بالتالي فأنا لن أندهش من أنه خلق هذا أو ذاك ، لماذا يريد مني أن أندهش و أنا أعلم أن كل ما يحاول إثبات ألوهيته به هي أمور عادية جداً بالنسبة لإله . و مثال علي الطرح السابق : ما هي إمكانبية إنبهارك برؤية رافع أثقال تلك هي مهنته و التي تدل عليها عضلاته البارزة إذا رأيته يرفع ماوزنه 100 كيلو حديد ؟ ما مدي سخافة أن يقول لك هذا الشخص : أنظر كيف أرفع هذا الوزن بعضلاتي القوية ؟ أفلا تعقل ؟ أفلا تندهش ؟ أفلا تخر مغشياً عليك من الإنبهار ؟ . للمرة الثانية يشطح ذاكر بعيداً عن جوهر السؤال فيقول : أراد الله لنا أن ننبهر بعظمة خلقه لنطيعه فأنا حينما أعلم أن خالق هذا الكون المبهر هو الذي يأمرني بعدم شرب الخمر و عدم أكل الخنزير فإنني قطعاً سأطيعه و لن أسأله لماذا تأمرني بهذه الأشياء ، لن أسأله لأنني أعلم أنه خالق عظيم و أنا إنبهرت من خلقه و لكن سأطيعه مباشرة . . و مرة أخري أقول : يُصِر الله أو بالأحري خالقيه علي مقارنته بالبشر فإن كان البشر لا يستطيعون أن يخلقوا الجبال فالله يستطيع و لذلك عليهم طاعته بلا نقاش متناسين أن مقارنة الإله أو قدرات الإله بتلك التي للبشر هي في حد ذاتها تحقير و أنسنة للإله . . وجد الشاب في النهاية أن ذاكر لا يريد أن يفهم فضرب له مثالاً توضيحياً فقال : إذا أعطاني بيل جيتس مائة دولار فهل يجب أن أندهش ؟ بالطبع المائة دولار مبلغ تافة جداً عند بيل جيتس كما يعلم الشاب و لذا فإن الشاب لن ينبهر بأن بيل جيتس أعطاه مائة دولار لأنه يعلم أن مائة دولار عند بيل جيتس هي أقل بكثير جداً من سنت واحد بالنسبة له و لكن ذاكر يرد ببلاهة : أخي ، السؤال هو لماذا أعطاك بيل جيتس المائة دولار ! ( تصفيق و لا أعلم لأي سبب ، ربما أراد الحضور أن يُعلنوا إنتصاره رحمة به ) ثم يُضيف بطريقة إستعراضية مسرحية : إذا أخبرتني أن رجلاً عادياً أعطاك مائة دولار فلن أندهش و لكن بيل جيتس ؟ بيل جيتس أعطاك مائة دولار ؟ بيل جيتس ؟ . فإن كنا نندهش من أن بيل جيتس هو الذي أعطانا المائة دولار و ليس ( الرجل الأخر ) فهل لذات السبب علينا أن نندهش من أن الله هو الذي خلق الجبال و ليس ( الإله الأخر ) ! . https://www.youtube.com/watch?v=ANi6eIFl5zM
.
#منال_شوقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التشريع الهدام لإله الإسلام
-
المغالطات في التشبية و الإستدلال عند ذاكر نايك 1/2
-
يا هؤلاء أنا أري الله في الزهور و أنتم ترونه في القبور
-
المجد لك محمد ولد امخيطر
-
دينك علي راسي و لكن !
-
هل عليكم حرج إن تحممتم في بيوتكم ؟
-
أزمة الله مع النسوان
-
و هل كان محمد ليسأل و هو المُجيب !
-
القرآن يزدري الأديان
-
أرباح الله البنكية من الرؤوس
-
كنت لأختار القناطر لا تورنتو
-
و إنك لنصاب كبير
-
و الله خير الماكرين
-
هل تجدان صعوبة في بلع حذائي ؟
-
الأزمات النفسية للملحدين 2/2
-
عقلى الصغير و الإله الأصغر
-
تمثيلية نصف المجتمع
-
إدخلوا الإسلام يا مسلمين
-
يوميات إمرأة مسلمة (2)
-
إرهاصات نبوة محمد (1)
المزيد.....
-
قائد -قسد- مظلوم عبدي: رؤيتنا لسوريا دولة لامركزية وعلمانية
...
-
من مؤيد إلى ناقد قاس.. كاتب يهودي يكشف كيف غيرت معاناة الفلس
...
-
الرئيس الايراني يدعولتعزيز العلاقات بين الدول الاسلامية وقوة
...
-
اللجوء.. هل تراجع الحزب المسيحي الديمقراطي عن رفضه حزب البدي
...
-
بيان الهيئة العلمائية الإسلامية حول أحداث سوريا الأخيرة بأتب
...
-
مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
-
التردد الجديد لقناة طيور الجنة على النايل سات.. لا تفوتوا أج
...
-
“سلى طفلك طول اليوم”.. تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصن
...
-
الحزب المسيحي الديمقراطي -مطالب- بـ-جدار حماية لحقوق الإنسان
...
-
الأمم المتحدة تدعو إلى ضبط النفس وسط العنف الطائفي في جنوب ا
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|