قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 5151 - 2016 / 5 / 3 - 11:49
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لا أراكم الله مكروها بعزيز ..
نحزنُ بالطبع ،بل ونبكي حينما نفقدُ عزيزا من أعزائنا ، لأن الفقدان يعني فيما يعنيه ،غياب أبدي للإنسان ..
لكن هل نحزن أو نبكي لفقدان من نوع آخر ؟!
لقد فَقَد العربُ كل شيء ذا قيمة ،بدءا بأرواحهم التي تتناثر شظاياها في أركان الأرض ، ولا من مُعين .. لكن سبق هذا الفقدان ، فقدانٌ أعظم وأجّل ..
فقدوا كرامتهم بأيديهم، حينما هللوا وكبروا لظالميهم ومُستَعبيدهم .. وهل لعربي من كرامة في بلاد العُرب أوطاني ؟!
فقدوا قداسة الحياة ، حينما قسّموا العالم الى فسطاطين ، فسطاط الحق وفسطاط الباطل .. وينطبق هذا على القوميين قبل الإسلاميين ، على الثوريين قبل الرجعيين .. فدم المخالف مباح ..!!
فقدوا إحترام انسانية الإنسان ، حينما قرروا خوض حروبهم مُتترسين بالبسطاء والمسحوقين ..!! وفقه التترس ليس حكراً على طرف دون طرف ..
فقدوا الأمانة ، فرأس الهرم هو رأس الفساد ، ينهش وجماعته ما تصل اليه أيديهم الملطخة بالدماء ..
فقدوا الصدق ، فالكذب ملح الرجال ، ولا يستطيع بوليغراف (آلة فحص الكذب) أن يُسجل لهم كلمة صدق واحدة ، في تيار الاكاذيب الهادر ... فالصدق مسبة والكذب مفخرة .. فهل تصّدق عربياً؟
فقدوا النزاهة الفكرية ،" فالفكر " هو إما قصائد مدح ، ردح أو إجترار ..
فقدوا مَلَكة التفكير ، فالدماغ هو مجرد "وجع دماغ" ، لا حاجة لنا به ، لكن الرأس هامٌ فهو يحمل فماً لتناول الطعام ولسانا لتبادل البذاءات ..
فقدوا التعاطف ، فلا تثيرُ الجالسين حول "المناسف" ،آلام وهموم الآخرين ..
فقدوا كرم الأخلاق ، هذا إذا كانت لديهم أخلاق أصلا ، فلا تسامح ولا صفح عن هفوات بسيطة ..
فقدوا احترام الحيز الخاص ، فكل فرد في المجتمع ، يُحاول أن يفرض عليك سلوكا أو موقفا ..
فقدوا احترامهم لذواتهم ، لا يسوئهم بأن هذه الأمة لا تستطيع انتاج ما تأكل أو ما تلبس ..
ماذا بقي لكي يفقدوه ..؟!
أن يكفوا عن التفاخر الزائف بالأجداد، ويشمروا عن سواعدهم لبناء اوطانهم ..
حينها فقط ، يمكننا أن نقول، " لا أراكم الله مكروها بعزيز ".
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟