أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - قاسم علي فنجان - الأول من أيار وفخر الصناعة الوطنية














المزيد.....

الأول من أيار وفخر الصناعة الوطنية


قاسم علي فنجان

الحوار المتمدن-العدد: 5149 - 2016 / 5 / 2 - 02:04
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


عندما كان علماء الاجتماع يعقدون مقارنة بين العامل الصناعي والعامل القروي، وجدوا أن العامل في القرية أكثر ميلا إلى التدٌين وأكثر محافظة على التقاليد والعادات التي يعيش عليها, أما العمال الصناعيون فهم ميالون إلى التجديد والتحديث لأن أسلوب وإيقاع الحياة مختلف عن القرية, اليوم في عراق ما بعد 2003 تلاشت هذه الفروق, وبتنا نعيش في بيئة تكاد تكون قروية بالكامل -من حيث الرؤية لكل مجالات الحياة– أو هكذا صنعت القوى التي جيء بها, والتي حكمت العراق بأسوأ ما يمكن أن يتحمله إنسان على هذا الكوكب, وها هو يوم الأول من أيار يمر ويحتفل العالم به بأشكال مختلفة حتى يبدو كأنه أصبح طقسا في بعض البلدان, لما لهذه المناسبة من أهمية في تذكير العالم أن الصراع طبقي وليس صراع أديان أو حضارات أو أرادات الخ...
ولأن أيار قام به عمال صناعة, فلقد صار لزاما أن نشارك ونتحدث بشكل مقتضب عن واقع الطبقة العاملة في العراق، وما آلت أليه في بنيتها الفكرية والاجتماعية أو هكذا استطعنا أن نقرأ الواقع, ولنجعل الأمر يبدو كقصة, فهكذا ينكفئ النظر من الحاضر إلى الماضي.
في السابق كانت هناك مصانع عملاقة, تحوي الآف العمال, يعملون وينتجون ويتحدثون عن ساعات العمل والحافز والربح والإنتاج والعلاوة والإجازات, كانت الثمانيات الثلاث موجودة في لغتهم (8 ساعات عمل, 8 ساعات نوم,8 ساعات ترفيه) أو هكذا يصار تقسيم اليوم, كان العمال وبحسهم "الوطني" يفتخرون بصناعتهم, والهمة في زيادتها, مع أنها كانت رؤية البرجوازية الوطنية, لكننا بتنا نتحسر عليها, لأنهم أصبحوا ينتجون "الله" فقط في أحاديثهم, بعد أن ماتت معاملهم وآلات المصانع توقفت أو بالأصح أوقفت.
بعد ضجيج المصانع, والإنتاج الكبير, وطموح العمال بتشكيل نقابات أو اتحادات, -رغم المحاولات البائسة بتغيير هويتهم وتحويلهم إلى "موظفين"-, ومحاولتهم دخول المعترك السياسي, جاء التغيير الذي حدث عام 2003, الذي كان وبالا ومأساة على العراق بشكل عام وعلى الطبقة العاملة بشكل خاص, ارتسمت بوضوح اكبر وبصورة ملموسة أكثر المعالم والخيوط الكبرى التي ينبغي أو يجب على العمال أن يسيروا أو يوضعوا بها, ليسوا كقادة للنضال الطبقي, بل كمجموعة متشظية ومشتتة, غابت أو غيبت عنها هويتها, لقد استطاعوا أن يفككوا ويزيلوا كلمة سر الطبقة العاملة, التي كانت النضال من أجل حياة كريمة وعادلة, واختاروا لها كلمة سر جديدة هي, الدين, القومية, الطائفية, والعشائرية. فأصبح عامل اليوم يتحدث عن "الله" أكثر من حديثه عن نفسه واحتياجاته, عينه وأذنه تتجه صوب المراكز الدينية لسماع الفتاوى التي تصدر من هناك, ليس له علاقة بنقابة أو رابطة أو اتحاد عمالي, يدافع عن دينه أو طائفته أو قوميته أو عشيرته, عامل اليوم يفتخر بقاتل طائفي هنا, أو بطل قومي شوفيني هناك, أو شيخ عشيرة ذكوري لا يفهم من الحياة شيئا سوى مفردة "الركوب", عامل اليوم لا يؤمن بالفن أو يسمع موسيقى لأنها حرام ككل شيء أخر, بل يسمع دعاء أو لطميه أو ذكر, وفي أفضل الأحوال يسمع ما يطلقون عليه (صفكه), عامل اليوم أصبح يركض ويتخندق خلف رجال الدين, ظناً منه أنهم سيجلبون له حقوقه.
من كل هذه الصفات التي صنعتها القوى المسيطرة الجديدة وغيرها, تبلورت شخصية للعمال جديدة, فتجسدت عندهم روح الاستسلام والخضوع واللابالية, مكسور ومحبط هو, أخذ منه الزمن كل مأخذ, يزفر دائما, لأنه مضطهد, يبحث عن روح عالم لا قلب له, ولا يجد متنفسا ألا بممارسة الطقوس والشعائر الدينية, وبسماع الأدعية واللطمية والذكر, لأنها تناغي أحاسيسه الحزينة والكئيبة, ولأنه يشعر ويعتقد أن مستقبله مجهول, فالموت يلف المكان كله, كما الآلات التي كان يعمل عليها, والفساد والنهب قد طالا حياته, وهو يعلم أن شكل الحكم الذي أقيم لا يهدف ألا الخراب -وهو يفعل ذلك-, شكل حكم بغيض ومقيت جدا بأفراده ودستوره ورعاته الداخليين والخارجيين, شكل حكم صُنعت لهم منطقة أو بقعة عُزلت, يعيشون فيها, لا خطر يداهمهم أو قلق أو توتر ينتابهم, فهم يمسكون الجماهير -العمال بالأخص- ويسيطرون عليها بالدين والقومية والعشيرة, فالأمان والحياة الرغيدة لهم, والبطالة والخوف والموت والحرائق حصة هذه الجماهير.
لكن هل نستطيع أن نصلح هذا الوعي الزائف الذي يحمله العمال اليوم, ونقول لهم يجب أن تكونوا سادة وعيكم, الذي هو الأكمل والأمثل, ونوقظهم من حلم بل من كابوس يعيشون فيه -والقوى القائمة دائما تغذي هذا الحلم, بالدين مرة والقومية والعشيرة والطائفة بأخرى, أن نرجع لهم كلمة السر الحقيقية, التي هي أنهم قادة المجتمع, وبيدهم جر النضال إلى مواقعه الصحيحة, وأن يعلموا أن الضياع الذي يعيشون به لن يزول بالدعاء أو اللطم, بل باسترداد الوعي الحقيقي, وهو أنهم منتمين إلى طبقة, وليس لدين أو طائفة أو قومية. وأن عليهم أن يزيلوا هذه المفردات من قاموس حياتهم, لأنها قد تملكتهم وأصبحت هي التي تملك حياتهم وتتحكم بهم.
لقد كانوا يفتخرون بمنتجاتهم وهم يستذكرونها, ألبان أبو غريب, إطارات الديوانية, سمنت الكوفة, مصابيح نوار, معمل البطاريات, حديد وبتروكيمياويات وورق البصرة, نسيج الكوت, أحذية باتا, بيرة شهرزاد, قصب العمارة, الكترونيات ديالى, الخ.... من قائمة تطول لصناعات كانت هنا في يوم ما. تغير هذا الفخر وأصبح من الماضي, بدئوا يحالون على التقاعد أو يعطوا أجازة طويلة بدون راتب لكي يذهبوا ويشاركوا بمعارك طائفية وقومية, يفتخرون بها, لأن الموت والتهجير والفساد والحروب أصبحت اليوم هن منتجات-نا الوطنية ولا غير ذلك.



#قاسم_علي_فنجان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التيار المدني - إلى الوراء دُر-
- عن ظاهرة المثقفين في العراق
- نحو فهم جديد لوضع المرأة
- حكومة جامعي الغذاء أو اقتصاد الكفاف
- إصلاحات العبادي ووصايا موسى
- الكتلة التاريخية وعقدة يونس
- مثليي الجنس أو ال (كور-غارٌو(
- مناقشة لشؤون عمالية
- الرؤية الآن عن المرأة
- حول التعليم الجامعي
- قانون الأربعين يوما
- ثقب اسود
- إعادة رسم الصورة
- في تجربة النقد
- عمال الصناعة ووهم التفاوض
- العبادي واللبراليين في العراق
- المرحلة الفمية لمجلس النواب
- الفارماكوس نعيم عبوب
- المالكي: الأضحية المقدسة
- بؤس العقل السياسي حول (تجريم الطائفية)


المزيد.....




- تعرف على موعد صرف رواتب الموظفين شهر ديسمبر 2024 العراق
- تغطية إعلامية: اليوم الأول من النسخة الأولى لأيام السينما ال ...
- النقابة الحرة للفوسفاط: الامتداد الأصيل للحركة النقابية والع ...
- مركز الفينيق: رفع الحد الأدنى للأجور في الأردن: استثمار في ا ...
- وزارة المالية بالجزائر توضح حقيقة زيادة 15% على رواتب المتقا ...
- اصابة مدير مستشفى كمال عدوان وعدد من العاملين بقصف مسيّرات ا ...
- مراسلنا: إصابة مدير مستشفى كمال عدوان حسام أبو صفية وعدد من ...
- السلطة الشعبوية تعلن الحرب على العمال وحقوقهم النقابية
- سياسات التقشف تشعل غضب العاملين في القطاع الصحي بالأرجنتين
- طريقة التقديم على منحة البطالة في الجزائر 2024 والشروط المطل ...


المزيد.....

- الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - قاسم علي فنجان - الأول من أيار وفخر الصناعة الوطنية