أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - توماس برنابا - سلسلة (لماذا لا أؤمن؟) - 4 – لماذا لا أؤمن بالبهائية؟















المزيد.....


سلسلة (لماذا لا أؤمن؟) - 4 – لماذا لا أؤمن بالبهائية؟


توماس برنابا

الحوار المتمدن-العدد: 5149 - 2016 / 5 / 1 - 18:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الدين البهائي هو دين عالمي مستقل ينتشر أتباعه في أكثر من 235 دولة ويمثلون أكثر من 2300 عرقا من أجناس و قبائل وشعوب الكرة الأرضية. وهو دين شامل عام يحتضن في عقيدته مبدأ وحدانية الخالق ووحدة الجنس البشري ويعترف بكافة الأديان الكبرى وبأنها جميعا نبعت من نفس المصدر الإلهي. أسسه الميرزا حسين علي النوري الملقب بهاء الله في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي. ويزيد أتباع الدين البهائي في الوقت الحاضر على ستة ملايين شخص وتعترف به وبتشكيلاته الإدارية أغلب الدول في العالم. وله تمثيل غير حكومي في منظمة الأمم المتحدة منذ بداية نشأتها وكذلك في الأوساط العلمية والدينية والاقتصادية في العالم. ولازال الدين البهائي من أسرع الديانات في الإنتشار الجغرافي منذ نشأته في أواسط القرن التاسع عشر .
ويعترف الدين البهائي إعترافا كلّيا لا لبس فيه بأحقّية الديانات السماوية التي سبقته ويؤكد على مصداقية مصدرها وأهدافها بشفافية وبدون تحفّظ ويعترف بقوانينها وأحكامها وبأنها كلها عبَّرت عبر العصور عن إرادة الخالق لبريّته حين وحيث مانزّلت .. والدين البهائي في نظرته الى هذه الأديان يذهب خطوة أبعد عمّا اعتدنا عليه، فهو لا ينظر إليها كأديان منفصلة عن بعضها البعض و مستقلة كل الإستقلال بذاتها فحسب، بل يرى كل الأديان كدين واحد ظهر بالتدريج على أيدي المرّبين السماويين من رسل وأنبياء ومظاهر إلهية كما قال حضرة بهاء الله : "هَذَا دِين الله مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ". !!!

معتنقي البهائية وغيرهم من Universalists أو العالميين في مختف بقاع الأرض ؛ هم نوع من البشر أكثر إرتقاءاً من اللاطائفين Non-denominationalists داخل كل دين، الذين نبذوا الطائفية وراح فكرهم يرتقي إلا أن وصلوا لدرجة عالمية من الإيمان بالله والأديان بأنه يجب أن يكون مصدرها الله الواحد، وبحجة أن الله لا يترك نفسه بلا شاهد ، فأنه يرسل لكل شعب ولكل جيل فيه أحد رسله لتعليم وتوجيه الناس نحو الفضيلة والأخلاق!

مرحلة التمذهب أو الطائفية Denominationalism تكون داخل الدين الواحد سواء اليهودي او المسيحي أو الإسلامي... فالمسيحيين لديهم مئات الطوائف ويمكن تلخيصهم في ثلاث Categories هما الكاثوليكية والارثوذكسية والبروتستانتية. والإسلام به مذاهب وفرق عديدة أشهرها السنة والشيعة وكذلك اليهودية وأي دين على وجه الأرض ستجد له فرق ومذاهب أو طوائف لإختلاف الفكر والتأويل من مجموعة بشرية لأخري. وينشأ المؤمن داخل مذهب معين ويُربى عليه ويتشرب مبادئه داخل إطار مبادئ الدين الكبرى! ثم نجد مرحلة اللاطائفية أو اللامذهبية Non-Denominationalism. وينمو عقل معظم شباب الدين الواحد نحو الإعتقاد والإيمان التام بأن الإنقسام والتشرذم داخل الدين الواحد هو إضعاف له ويحاولون بذل مجهوداتهم الفردية والجمعية لإقناع الناس بنبذ الخلافات وبناء الجسور بينهم وإقامة المؤتمرات الإسلامية والمجامع المسكونية للمسيحيين لمحاولة جمع الشمل لمواجهة خطر الأديان الأخرى والإلحاد النامي المتصاعد...ومن حسن نية هؤلاء اللاطائفيين أنهم يبذلون كل غالي ونفيس لتوحيد النفوس من مال وجهد ودراسة وقراءة وإجتهاد ونقد ونقض نصوص الطائفية!


وهذه الروح اللاتشرذمية يصل تفكيرها وإرتقائها الى نبذ الفرقة حتى بين الأديان نفسها وترى أنه يجب توحيد الأديان كلها بل توحيد لغاتهم وعاداتهم وإلغاء الحدود حتى بين الدول! نعم نظرتهم عالمية كونية Universal !


وفي هذه النمط الفكري نجد مجموعات قليلة من الناس بعد قراءتها للأديان المختلفة ويجدوا الخط الأخلاقي يجمعها جميعاً فهم ينادون بأن كافة الأديان تحث على الأخلاق... وبما أن الله حي للأبد فمن المؤكد أن وحي الله ورسالاته لن تنقطع للأبد وبالتالي سيكون هناك أنبياء ورسل كثيرين في كافة بقاع الارض وفي كافة العصور السابقة والمستقبلية داخل مختلف الأديان! والمؤمن بهذه الديانة مازال متمسكاً بوجوب وجود الله ولكنه أستغني عن الطائفية بل وحتى التأدلج داخل دين واحد!!
ومن أهم مكونات العقيدة البهائية الايمان بثلاثة أنواع من الوحدة، ترتبط ببعضها البعض ارتباطا وثيقا وهي: وحدة الخالق، وحدة الديانات في اصلها ومنبعها واهدافها، ووحدة الجنس البشري. ولهذه المبادئ الثلاثة تأثير عميق على باقي مبادئ الدين البهائي وعقائده. ويرى البهائيون الديانات بصورة عامة على أنها دين واحد فُتحت طياته شيئا فشيئا على العباد عن طريق المربين السماويين مؤسسي الديانات العالمية من رسل وأنبياء قاموا على تهذيب وتنشئة المجتمعات تدريجياً حسب مراحل تطور هذه المجتمعات وتطور إحتياجاتها. ويمثل بهاء الله مؤسس الدين البهائي، أحدث الحلقات في تعاقب هؤلاء المربين الإلهيين ولكنه ليس آخرهم فالبهائيون يعتقدون بدوام حاجة البشر إلى التربية الالهية ويعتقدون بمجيء رسل آخرين في المستقبل (ولكن بعد الف سنة على الاقل من ظهور الرسالة السابقة .)

هذه الديانة بمجملها تهدف لإذابة الفروق والحدود بين البشر في أديانهم وأوطانهم ولغاتهم وعاداتهم وتقاليدهم وثقافاتهم وحضاراتهم!! وربما كانت مبادئ البهائية التمهيد والسبب في ظهور بعض الهيئات والمنظمات والمؤسسات العالمية مثل البنك الدولي وهيئة الأمم المتحدة وغيرها!!

ولكن كيف نذيب الفروق بين الأديان عن طريق توليفها والخروج بدين جديد يؤمن بها جميعاً رغم إختلافهم البين بل والتناقض أيضاً بين بعضهم البعض! إنها محاولة ورغبة ونية نبيلة ولكن الوسيلة مرفوضة تماماً! فخروجاً من التأدلج داخل منظومة دينية واحدة، كانت النتيجة أيا بهائيون أنكم أدخلتمونا وأدلجتمونا وأطرتمونا ثانيةً داخل منظومة دينية جديدة أكثر إتساعاً وتنوعاً من سابقيها!


والحق يقال فالديانة البهائية خلت من عشرات المسائل والقضايا التي رفضتها في الديانات الإبراهيمية الثلاث وهما المسيحية واليهودية والإسلام والتي تم تناولها في الثلاث مقالات السابقين في هذه السلسلة! ولكني سأتناول فيما يلي قلة من المسائل التي جعلتني أرفض إتباع هذه الأيدولوجية الدينية فكراً وسلوكاً:



1. فكرة إختيار بشر دون غيرهم لإيصال رسالات الله فكرة مبتذلة مرفوضة بالإدعاء بأنهم مظاهر الله لتربية الوجدان والوعي البشري؛ ...فلماذا لا يخاطب الله الجميع بصورة فردية شخصية بما أن هذا الإله إله شخصي؟! أليس الله قادر على كل شئ؟! إذا كان قادراً على كل شئ فيمكنه التحدث معي والى عقلي تخاطراً أو ظهوراً في هيئة نورانية أو جسدانية! فلماذا يختار أناس معينين لتبليغ بقية الناس بالله الحقيقي ؟... أهذه الوسيلة نفعت البهائيين في التبليغ بالبهائية والتي تعدادها ستة ملايين فقط في مختلف بقاع الأرض وعمرها يقارب المائتي عام؟! ولكن لو حادث الله أو ظهر الله لكافة الناس بطرق متعددة ومتنوعة لأمن الكل به ... ولم يوجد هذا التعصب الأعمى في إتباع دين ما، ولم يظهر أي ملحد بوجود الله من الأساس! أنا أرفض هذه الفكرة الفوقية بإختيار أنبياء ورسل للتبليغ والتبشير والشهادة والدعوة بدين ما أيّ كان!


2. وحدة وتوحيد الأديان والإنتقائية في إختيار النصوص الدينية!!

يرى البهائيين أن هناك دين واحد، وهو دين الله، وهو ينمو ويتطور باستمرار وكل نظام ديني يعتبر مرحلة من مراحل ذلك التطور الكامل. والدين البهائي يمثل المرحلة المعاصرة من مراحل تطور دين الله. كما قال حضرة بهاء الله : "هَذَا دِين الله مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ".
وبالنسبة للأنظمة الدينية المختلفة التي ظهرت في تاريخ الإنسانية يقول حضرة بهاء الله في كتاب (منتخباتي): "هذه الأصول والقوانين وتلك الأنظمة المحكمة المتينة قد ظهرت من مطلع واحد وأشرقت عن مشرق واحد، أمّا إختلافها فراجع إلى إقتضاء الوقت والزمان والقرون والأعصار".

ولتوحيد هذه الأديان لا يمكن أن تأخذ من الدين ما يناسب دوافعك وأهوائك وتترك الباقي! كل النصوص داخل كل دين هي كل متماسك مترابط يمثل منظومة دينية وأيدولوجية لمجموعة من البشر، فلا يمكنك لهدف توحيد الأديان أن تأخذ ما يناسب إطارك الفكري التوحيدي فقط منها وتترك الباقي! ففي البهائية نجدهم متمسكون بالتوراة اليهودية ذات الخمس أسفار ( التكوين والخروج واللاويين والعدد والتثنية ) دون بقية اسفار العهد القديم التي تبلغ 34 سفراً والاربع أناجيل المسيحية فقط دون بقية الرسائل والتي تبلغ 23 سفراً!!! والقرأن فقط، تاركين السنة والأحاديث! وفعلوا هكذا في البوذية والزرداشتية والهندوسية وغيرها حيث أختاروا جزءاً يؤيد فكرهم وأعترفوا به ونبذوا الباقي!!! حتى في النصوص التي تم إختيارها عندهم تأويلهم الخاص بها!! فحضرة بهاء الله هو مسيا اليهود المنتظر! وهو تجلي ثاني لمسيح المسيحيين وهو أيضاً وفي ذات الوقت مهدي المسلمين المنتظر وهو تجلي أخر للإله فيشنو الحافظ الهندوسي !!! فهو يعتبر مظهر من مظاهر الإله المختلفة !!!

وإنطلاقاً من مبدأ: "إما أن تأخذ الكل، أم تترك الكل" ( Take all´-or-leave all!) وليس أن تأخذ من كل بستان زهرة! أقول أن فكرة التوليف بين الأديان وإنتقاء أسفار ونصوص منها دون غيرها لايصلح ولا ينفع أبداً في إنتاج نظام ديني أو فكري متناسق وصالح للإتباع! وقلة أتباع هذا الدين العددية هي أبلغ دليل على فشل هذه المنظومة الدينية في إقناع الكثيرين من المثقفين بها! فلو أتت هذه الديانة بنفس مبادئها دون الإنبثاق من الأديان السابقة لأختلف الوضع كثيرا، وربما أنضم الملايين بل والمليارات لها في أقل فترة ممكنة!!


3. يدعون أن الله واحد وله أسماء عدة في الاديان المختلفة براهما أو الله أو الرب أو يهوه وغيرها ... ولكن دارسي الأديان يرون الإختلاف الواضح والجم بين إله المسيحية مثلا وإله الإسلام وهكذا! فإله المسيحية بالإختلاف النصي في أقواله يختلف عن إله اليهودية والإسلام؛ فهذا محب مضحي والأخر دموي منتقم جبار ... وهكذا فشخصية الشخوص الإلهية في الأديان التي تقوم عليها البهائية وتدعي أن هذه الشخوص هي واحد، هي مختلفة تمام الإختلاف ولا يمكن لأي قارئ منصف لجميع النصوص المقدسة بها أن يستخلص ما أستخلصه البهائيون بأنهم إله واحد...! وإلا فهذا الأله متعدد ومتناقض الأوجه! مثله مثل المريض العقلي بأمراض الشيزوفرنيا وثنائي القطبية! فالمريض بثائية القطبية نجده بعدة شخصيات مختلفة في اليوم الواحد كل منها لها أسم وعواطف وأفكار بل و وظيفة تختلف كل الأختلاف عن غيرها من الشخصيات التي يتمثلها! والغريب أن المريض لا يعي ذلك! وأن أرفض أن ألصق هذا المرض بالإله عند إيماني بأن أديان متناقضة بإلهة بشخصيات مختلفة هي ذو مصدر واحد وإله واحد بإسماء متعددة كما تدعي البهائية!!


4. تَدعي البهائية أن الرسل والأنبياء ( أو المربيين السماويين أو الروحيين للبشر في تاريخ البشرية) في الدين الواحد وكل الأديان مظاهر مختلفة ومتعاقبة لله الواحد الأحد ...!

( كما يقول البهائيين في إحدى كتاباتهم عن هذا الأمر الأتي : "وتبيّن ما أصبح الآن مفهوما للبهائيين عن طبيعة المظاهر الإلهية من رسل وأنبياء من حيث أنّ ذواتهم المقدسة كانوا أناسا كباقي البشر يأكلون ويشربون ويمرضون ويتعبون ويفرحون ويتألمون ومحدودين بنفس الحدودات البشرية التي تؤثر علينا جميعا، ولكنهم في نفس الوقت كانوا مظاهر ومرايا بالغة الصفاء تنعكس فيها بكامل الصدق كل الصفات الإلهية والمحامد الربانية من رحمة وشفقة وصبر وحلم وقدرة وعلم وفضل وجود وبأس وهيمنة وعدل وغفران ... من عرفهم حقّ العرفان عرف منهم صفات الرحمن وسمع منهم قوله وعرف منهم إرادته كأنهم قصبة نايٍ فرغت من حشايا الذات وشوائب النفس والهوى وخلت من كل العلائق والموانع تسري منها نغمة الله بكل صفائها وفطرتها الاولى" !! .. وفي إحدى النشرات الصادرة عن المركز البهائي العالمي نقرأ: "إذا فليس من الوافي أو الملائم أن نرى مقامات الرسل والأنبياء ومهماتهم منحصرة في كونهم مؤسسي ديانات محددة أو منفصلة وإنّما نعرف قدر مكاناتهم حين نراهم على حقيقتهم كمربين روحيين في تاريخ البشرية وقوى محرّكة في نشأة ونمو الحضارات الإنسانية وتطورها حيث تتفتح العقول وتنكشف الأسرار وتنتعش النفوس وتزدهر الأفكار ..." )!!!


هذا برغم إختلاف شخصياتهم ومعارفهم الواضحة جلياً لدارسي الأديان و التي تختلف بين بعضهم البعض: فبعضهم شبق ، والأخر مترهب عفيف؛ وغيره دموي قتّال، والأخر محب؛ فنجد الجاهل الرسل مصدرهم واحد أبداً ولا أن يكونوا مُرسلون من كائن واحد بأي حال من الأحوال!


5. فكرة الألف سنة ( على الأقل) بين تعاقب ظهور مظاهر الله (الأنبياء والرسل) المختلفة على الأرض!

لماذا ألف سنة يا بهائيين؟ مع أن محمد ظهر بعد المسيح بأقل من سبع مائة سنة! أتتركون لأنفسكم فترة من الزمن لتزدهروا رافضين أي نبي أو رسول يمكنه الظهور في بلد ما وفي نطاق دين موجود ما أو دين جديد؟! ألا تفعلوا هنا ما فعله المسيحيين والمسلميين في أن الله لن يرسل أحد بعد مجئ أبن الله بذاته وأن محمد خاتم الرسل والنبيين! أنتم بأنفسكم أنتقدتم هذا الأمر في هذين الديانتين فلماذا تسمحوا لأنفسكم بالمثل ولماذا الف سنة بالذات؟! حتى الهندوسية التي تؤمنون بها وبمظاهر الله المختلفة فيها (التجسدات المختلفة للإله فيشنو الحافظ "أو براهما" avatars ) ... لم تحدد الهندوسية مدة معينة لتجسد جديد للإله بين البشر تاركة الأمر للظروف ومدى إنتشار الشر في العالم الذي يستوجب مجئ مخلص أو تجسد جديد للإله حتى ينتصر على الشر؟! نعم لم يحدد أي دين مدة لمجئ المخلص بها لا الزرادشتية ولا البوذية ولا المهدي المنتظر للمسلمين الذي تدعون أنه حضرة بهاء الله نفسه الخاص بكم؛ ولا مسيا اليهود المنتظر في اليهودية ولا مجئ المسيح الثاني في المسيحية ... اللذان تدعون أيضاً بأنهما هما ذاتهما حضرة بهاء الله!! لماذا هذا التلفيق والتدليس ... مَن مِن أتباع تلك الديانات صدق إدعاءاتكم؟!



6. فكرة اللاوطنية

ففي نصوص البهائية تطويب وتفضيل للذي يحب العالم عن الذي يحب وطنه!!! فيذكر حضرة بهاء الله بخصوص هذا الأمر: ("ليس الفخر لمن يحب الوطن بل لمن يحب العالم… في الحقيقة إنَّ العالم يعتبر وطنًا واحدًا ومن على الأرض أهله" ..... وفي موضع أخر قال: "يا أهل العالم إنكم أثمار شجرة واحدة وأوراق غصن واحد اسلكوا مع بعضكم بكل محبة وإتحاد ومودة واتفاق. قسمًا بشمس الحقيقة إنَّ نور الاتفاق يضيء وينور الآفاق".)

وأيضاً يرى البهائيين كما هو منصوص في نصوصهم الدينية في أنفسهم حزب عالمي قائم بذاته و ليس له مستقر وطني أو جغرافي.... (وهو نفس فكر الأخوان المسلمين الفاسد المدمر للأوطان وهو فكر مرفوض تماماً!!)..... كما ذكر في لوح البشارات ( وهو أحد الكتابات الدينية البهائية) ما يلي: "إن هذا الحزب إذا أقام في بلاد أي دولة يجب عليه أن يسلك مع تلك الدولة بالأمانة والصدق والصفاء هذا ما نزل من لدن آمر قديم " وطبقاً لأفكارهم ومبادئهم لا ينحاز البهائيون إلى جانب دولة ضد دولة أخرى. لان انحيازهم لأية دولة هو إعلان بعدم الحيادية. ولكن هذا لا يعني عدم الولاء التام لتلك الدولة والعمل على خدمة وتطور المجتمع الذي يعيشون فيه، فهم يفضلون العمل على خدمة أفراد المجتمع البشري وصلاحه بدل التدخل بالأمور السياسية.


فلا وجود لأفكار إنتمائية لوطن واحد داخل منظومتهم الدينية ... فهم كما هو منصوص في كتاباتهم حزب واحد لا جغرافي ولا يجوز الإنتماء لأي حزب داخل أي دولة ولا حتى الإنتماء العرقي أو السياسي لأي دولة!! فهم يعيشون بإستقلالية عن أي أفكار سياسية وطنية أو قومية أو عرقية!!!


7. تحرّم المباديء البهائية الإشتغال بالسياسة وقبول المناصب الحكومية المرتبطة بالسياسة أو حتى مجرد الإنتماء الى الأحزاب السياسة أو حتى ما يبدو منه ما يشبه السياسة مثل الفرق الغير مفتوحة للجميع أو غير العلنية!!!

وفي هنا إنعزال عن المجتمع القائم على هذه الأمور المحرمة في البهائية ... فكيف يقيم البهائي في دولة لا يحترم فيها الأحزاب ولا النظام الحكومي ولا أي أمر سياسي فيها؟! سيصبح غير وطني تماماً ... والبهائية تشجع بالفعل على اللاوطنية من الأساس!!

وكون البهائية تشجع على إحترام وإطاعة الحكومة للبلد الذي يسكن فيه بكل أمانة و وفاء وصدق ( كما يقول حضرة بهاء الله مؤكّدا على هذا المبدأ في البهائية: "إن هذا الحزب إذا أقام في بلاد أي دولة يجب عليه أن يسلك مع تلك الدولة بالأمانة والصدق والصفاء هذا ما نزل من لدن آمر قديم " (لوح البشارات)...وكذلك قوله: "ليس لأحد أن يعترض على الذين يحكمون على العباد دعوا لهم ما عندهم وتوجهوا إلى القلوب" (الكتاب الأقدس) !! دون الإيمان الكامل بالأسس والقواعد التي تقوم عليها أي بلد من سياسات ونظم لهو أمر يشبه السفسطة وعدم الشفافية بل إتباع لمبدأ التقية والذي يسمح للأفراد بإظهار غير ما يبطنون لتفادي إلحاق الضرر بهم - وهذا في إعلانهم عن إيمانهم بأحقية ومصداقية الإسلام و إظهار محبتهم لباقي أفراد المجتمع، وفي ولائهم للدولة!!- وهي أمور تنم على اللاوطنية واللاقومية وهي صفات غير حميدة في مجتماعاتنا الحالية! فكيف يتم الوثوق بهؤلاء الناس وقت الحروب أي كان نوعها سواء الحروب الميادنية أو الإقتصادية أو الثقافية وغيرها مما يستجد من أنواع!

8. الصوم: الامتناع عن الأكل والشرب من الشروق إلى الغروب خلال الشهر الأخير في التقويم البهائي
(وهذا الشهر 19 يوما فقط بحسب التقويم البهائي وهو تقويم شمسي يعتمد 19 شهراً في السنة، لكل شهر 19 يوماً، ليتبقى أربع أيام يسمونهم أيام الهاء وتقع قبل الشهر الأخير شهر الصيام ويتم الإستعداد فيها للصوم!)

وهذا الصوم هو ذاته مفهوم الصوم عند اليهود والمسلمين ... وقد تناولته من قبل!

حينما كان وزني 90 كيلوجراماً كانت حاجتي من السعرات الحرارية هي 3000 سعر حراري في اليوم وهذه القيمة لا تساعد على النحافة ولا السمنة ، فهذا هو القدر الذي يحتاجه الجسم لأداء وظائفه الحيوية! فالمنطق والتفكير العقلاني السليم يقول حينما أصوم ( أو أتبع نظام حمية أو رجيم لخفض الوزن) يجب أن أخفض استهلاكي من السعرات الحرارية اليومية الى النصف أو الثلث! أي أتناول طعام يكافئ 1500 أو 1000 سعر حراري! ولكن ما وجدته مع الصائمين أنهم ينقطعون عن الطعام والشراب من الفجر للمغرب ثم يلتهمون أطعمة غنية بالسكريات والنشويات والبروتين من المغرب للفجر التالي تقارب ضعفي أو ثلاث أضعاف ما يحتاجه الجسم من سعرات حرارية باليوم أي حوالي 6000 أو 9000 سعر حراري يومياً! وهذا يفسر زيادة وزن أغلبية الصائمين بعد شهر الصيام!

ناهيك عن خطر الانقطاع عن المياه طوال هذه الفترة على الكليتين وأثر ذلك فى تخفيض عملية التمثيل الغذائي او الايض Metabolism والتي تحول الطعام والدهون المتراكمة بالجسم الى طاقة حيث ان قلة المياه والانقطاع عن الطعام لاكثر من اربع ساعات يعطل ويخفض من سرعة عملية الايض مما يساعد فى تحويل الغذاء الى دهون تتراكم فى حشايا الجسم وتسبب السمنة!


ودليلي على ذلك أنظر الى كم الغذاء التي يستهلكه شعب ما أثناء شهر رمضان ( على المستوى الفردي وعلى المستوى الجمعي) فبحسبة بسيطة تجد المواطن يصرف على طعام شهر رمضان ما قد ينفقه في عدة شهور أخرى لا صيام فيها! و واردات الدولة من الأطعمة فى هذا الشهر قد توازي شهور السنة الباقية فى! فأين هو الصوم الذي معناه بحسب فهمي المحدود هو تقليل استهلاكي من الغذاء لا زيادته! فلا معنى لإنقطاع عن طعام وشراب لساعات ثم التهم أضعاف ما أتناوله فى يوم لا صيام فيه! فهكذا أشعر بالفقير والجائع أن أقلل أستهلاكي الى النصف والنصف الاخر أعطيه لفقير! ويا حبذا لو كان هذا أسلوب حياة طوال السنة وليس فى شهر واحد فقط!


وإلى اللقاء في العدد التالي والخامس من هذه السلسلة من المقالات بعنوان:

سلسلة (لماذا لا أؤمن؟) - 5 – لماذا لا أؤمن بالزاردشتية؟


أعداد سابقة من نفس السلسلة:

1. سلسلة (لماذا لا أؤمن؟) - 1 – لماذا لا أؤمن بالمسيحية؟ ... الرابط : ( http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=514531 )
2. سلسلة (لماذا لا أؤمن؟) - 2 – لماذا لا أؤمن باليهودية؟ .... الرابط: ( http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=514675 )
3. سلسلة (لماذا لا أؤمن؟) - 3 – لماذا لا أؤمن بالإسلام؟ .... الرابط: ( http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=515167 )



#توماس_برنابا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلسلة (لماذا لا أؤمن؟) - 3 – لماذا لا أؤمن بالإسلام؟
- سلسلة (لماذا لا أؤمن؟) - 2 – لماذا لا أؤمن باليهودية؟
- سلسلة (لماذا لا أؤمن؟) - 1 – لماذا لا أؤمن بالمسيحية؟
- مراحل غسيل المخ المسيحي أو عملية التمسحن Christianization
- ماذا يفعل الملحد وهو في صحراء اللامعنى؟
- ختام الأمر كله: نحن نعيش في عالم ملحد رغماً عن أنف الملحدين! ...
- أيهما الخائن: أ بارباس أم يسوع؟
- بهلوانية المسيح داخلاً أورشليم!
- تعدد الإلهة في الكتاب المقدس!
- العدم الأخروي في العهد القديم للكتاب المقدس
- وجهة نظر لادينية للمؤمنين!
- حوار توماسي من النوع الماسي مع زوجتي المصون!
- سلسلة في نقد العقل المصري – 6 – الشحات المصري!!!
- سلسلة القول الصريح في الإلحاد الصميم - 3 – مسرحية بعنوان ( ف ...
- سلسلة القول الصريح في الإلحاد الصميم - 2 – التدرج السُباعي ن ...
- سلسلة القول الصريح في الإلحاد الصميم - 1 – الإله الدموي !!!
- سلسلة في نقد العقل القبطي المسيحي – 8 – الميلاد الثاني أو ال ...
- سلسلة في نقد العقل المصري – 5 – الدستور المصري يعترف بيهود ل ...
- سلسلة في نقد العقل المصري – 4 – تحذير لفاعلي الخير!
- علموا أولادكم اليهودية والمسيحية والإسلام ... أيا معشر الملح ...


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - توماس برنابا - سلسلة (لماذا لا أؤمن؟) - 4 – لماذا لا أؤمن بالبهائية؟