|
كيف يرد المثقفون الدين ؟.....3
محمد الحنفي
الحوار المتمدن-العدد: 1391 - 2005 / 12 / 6 - 10:45
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
4) و يلعب نوع معين من المثقفين دورا كبيرا في تكريس أدلجة الدين، و هؤلاء المثقفون من ذوي الدرجة المتدنية بالنسبة للشعب الكادح، يتراوحون بين مثقفي الإقطاع، و مثقفي البورجوازية التابعة،ن و مثقفي البورجوازية الصغرى، و مثقفي الظلامية، من مختلف الطبقات الاجتماعية.
و هؤلاء المثقفون، من ذوي الدرجات المتدنية، يستأنسون بأدلجة الدين التي تصير ممارسة يومية فكرية، و إيديولوجية، و سياسية، في حياة هؤلاء المؤدلجين، و لتضليل المؤمنين، مهما كان مستواهم الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي.
و لذلك، فتهريب الدين، لا يكون إلا على يد هؤلاء المثقفين، من الدرجات المتدنية،/ الذين لا يملكون القدرة على استيعاب معنى الثقافة، و معنى المثاقفة. و لا يستطيعون أن يصيروا مثقفين، فعلا، ينتجون القيم المفيدة للشعوب، إنهم لا يملكون إلا الترديد، و الترجيع، و لا يقومون إلا بالتأويل الغث، و لا يستطيعون إلا توظيف النص الديني في الأمور الإيديولوجية، و السياسية، للاستحواذ على عقول المغفلين، ممن أحاطت بهم شروط اقتصادية، و اجتماعية، و ثقافية، و مدنية، و سياسية متردية. و لا يملكون وعيا صحيحا، يمكنهم من فهم ما يجري، و يعملون على رفع الحيف عنهم، فيصيرون ضحايا الوعي الزائف، الذي ينتجه مثقفو آخر درجة، و المتمثل في أدلجة الدين، التي لم يعمل بعد المثقفون الحقيقيون على مناهضتها. و لا يسعون إلى تشريحها، و لا يتفرغون إلى امتلاك الخبرة بها.
و ما يقوم به مثقفو، آخر درجة، من تهريب للدين، و ما حققوه من نتائج بممارسة ذلك التهريب، يقتضي من المثقفين الثوريين، و العضويين، المرتبطين بالكادحين، التوقف عند تغلغل ادلجة الدين، في صفوف الشعوب المختلفة، و العمل على تشريح هذه الظاهرة، بإبراز الشروط الموضوعية، التي أفرزتها، و توعية الناس بتلك الشروط، حتى يعملوا على تغييرها من أجل قلب ميزان القوى، لصالح سيادة الوعي الصحيح بالأوضاع الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، و الشروع، مباشرة، في العمل على تغيير الأوضاع بقيادة الأحزاب العمالية، و التقدمية، و الديمقراطية، من أجل الوصول إلى تحقيق الحرية، و الديمقراطية، و العدالة الاجتماعية.
5)و بعد الوقوف على فئة المثقفين، التي تقوم بعملية تهريب الدين، و ما يجب عمله لإيقاف عملية التهريب ننتقل إلى مناقشة طرح السؤال " متى يرد المثقفون الدين ؟" لأن "متى" هذه فيها تصريف لمغالطة كبرى. فكأن الأمر له علاقة وطيدة بإرادة المثقفين، مع أن أي عمل، و مهما كان بسيطا، لا بد له من توفير شرطين أساسيين : الشرط الذاتي، و الشرط الموضوعي.
فالشرط الذاتي يقتضي انكباب المثقفين الثوريين، و العضويين، على ظاهرة الانشغال بأدلجة الدين، التي حلت محل الدين، و التي يسمونها بالتهريب الديني، من أجل فهم الشروط التاريخية، و الموضوعية، التي أدت إلى إفرازها، و بهذا الشكل المهول الذي صار يهدد مصير البشرية، و يقف وراء تكريس مظاهر التخلف المختلفة، على أنها هي الدين الحقيقي، و لماذا هذا الجري وراء مؤدلجي الدين ؟ و لماذا تتم الاستجابة لتنفيذ "فتاواهم" التي لا حدود لها، و على جميع المستويات، و في جميع المجالات الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية.
أما الشرط الموضوعي فيقتضي إنضاج الشروط الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، على أنقاض الشروط القائمة، و المفرزة لظاهرة ادلجة الدين، حتى ينصرف الناس عن تلك الادلجة، إلى التفكير في الواقع الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و السياسي. و العمل على تغييره بما يخدم مصالح الكادحين، المستلبين بأدلجة الدين، حتى يستعيدوا وعيهم، و يعملوا على تطويره من أجل قطع الطريق أمام إمكانية عودة الوعي الزائف، و إلى الأبد.
و بالتزاوج بين الشرط الذاتي، و الشرط الموضوعي، تكتمل دائرة عمل المثقفين الثوريين، و العضويين، المرتبطين بالكادحين، الذين يجب أن يميزوا بين الدين، و أدلجة الدين حتى لا يسقطوا في ترويج مقولات المتمركسين، الذين لا يختلفون في ممارساتهم الانتهازية عن مؤدلجي الدين، و من اجل جعل الكادحين يدركون ذلك التمييز، و بالدقة المطلوبة، حتى يصير الدين لله، و الوطن للجميع، كما يقولون.
و بذلك يتبين أن المشكل ليس في " متى يرد المثقفون الدين ؟" بقدر ما هو في " كيف يرد المثقفون الدين؟". فكيف هذه هي المشكل القائم في الواقع. لأن المثقفين، بمن فيهم المثقفون الثوريون، و رغم كل كتاباتهم الرائدة في هذا المجال، لازالوا بعيدين عن إدراك ما يجب عمله، و الاشتغال عليه، من أجل الدخول في مواجهة تحديات عصر عولمة اقتصاد السوق، التي من بينها تحدي أدلجة الدين. و عندما يدركون ذلك، يستطيعون الجمع بين العام، و الخاص، و تجنب الاستغراق في العام لهثا وراء الإنسانية، أو الانغماس في الخاص، حرصا على المحافظة على الهوية.
#محمد_الحنفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف يرد المثقفون الدين ؟.....2
-
كيف يرد المثقفون الدين ؟.....1
-
حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟....
...
-
حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟....
...
-
حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟....
...
-
حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟....
...
-
حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟....
...
-
حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟....
...
-
حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟....
...
-
حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟....
...
-
حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟....
...
-
حفظ الأمن العام ، و الإخلال بالأمن العام أية علاقة ... ؟....
...
-
إذا لم يستحي الانتهازي، فليفعل ما يشاء .....2
-
إذا لم يستحي الانتهازي، فليفعل ما يشاء .....1
-
الارتباط العضوي بالشعب الكادح شرطه التخلص من أمراض البورجواز
...
-
الارتباط العضوي بالشعب الكادح شرطه التخلص من أمراض البورجواز
...
-
الارتباط العضوي بالشعب الكادح شرطه التخلص من أمراض البورجواز
...
-
في المجتمع المغربيدور البورجوازية الصغرى في إشاعة الفكر الطا
...
-
دور البورجوازية الصغرى في إشاعة الفكر الطائفي في المجتمع الم
...
-
المدرسة المغربية : الوظيفة الإيديولوجية و التسلق الطبقي.....
...
المزيد.....
-
رئيس وزراء الإحتلال الأسبق ايهود باراك: الإطاحة بوزير الحرب
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف موقع الراهب بقذائف المدفع
...
-
لماذا يصوت مسلمو أميركا لمرشحة يهودية بدلا من ترامب وهاريس؟
...
-
غدا.. الأردن يستضيف اجتماعا للجنة الوزارية العربية الإسلامية
...
-
بعد دعمها لفلسطين.. منظمة أوقفوا معاداة السامية تختار غريتا
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف تجمعا لجنود الاحتلال في ت
...
-
الهيئة الإسلامية المسيحية تحذر من تصاعد إرهاب المستوطنين الم
...
-
“شغلها 24 ساعة وابسط ولادك” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024
...
-
قائد الثورة الإسلامية يؤكد لدى استقباله الفرق الإيرانية المش
...
-
قائد الثورة الإسلامية: منعوا دولة من المشاركة في الألعاب الأ
...
المزيد.....
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
المزيد.....
|