أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الطيب طهوري - الأقوياء المتنفذون وحدهم من يخدمهم الدين في الواقع















المزيد.....

الأقوياء المتنفذون وحدهم من يخدمهم الدين في الواقع


الطيب طهوري

الحوار المتمدن-العدد: 5148 - 2016 / 4 / 30 - 13:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


1- إنزال االدين إلى واقع الناس كممارسة باسمه وإدخاله في شؤونهم الحياتية وجعله يتحكم في عقولهم ومشاعرهم وتصوراتهم للحياة وموااقفهم من قضاياها وفي تصرفاتهم من ثمة عمومأ،يحوله حتما إلى فهوم متعددة له ،وفي تحوله الفهومي ذاك يصير مجالا للتجاذبات الاجتماعية االطبقية والسياسية والاقتصادية والثقافية ..وبالتأكيد – وهذا ما حدث في كل تاريخ البشرية – تفرض القوى المتنفذة في المجتمع فهمها ليكون الفهم المهيمن موظفة في ذلك وبمختلف الوسائل رجال الدين لخدمتها، وموا جهة فهوم الآخرين المخالفة لفهمها والناقدة لتصرفاتها ،سواء كانوا أفرادا أو جماعات، وقد تتهمهم بالمس بذلك الدين وتضطهدهم حتى ، وبذلك تحول الدين إلى وسيلة تحافظ بها على مصالحها وبقائها كقوى متنفذة..القوى لمعارضة الموظفة للدين قد تلجأهي ذتها – وهو الغالب- إلى اتهام تلك القوى المتنفذة بلخروج عن الدين..ويتحول الصراع من ثمة بين مختلف القوى في المجتمع إلى صراع حول الكفر والإيمان ، وتصير كل قوة تدعي أنها المدافعة عن الله ودينه ،متهمة المخالفة لها بعصيان لله والابتعاد عن دينه..وبذلك يتحول الصراع من أرضيته، من الدفاع عن مصالح الناس والوقوف ضد الفساد والعمل على تقدم المجتمع ليمسي صراعا حول السماء، حول قضايا هامشية كالحجاب والسفور وشرب الخمر من عدم شربه وسفر المرأة وحدها أو بمرافق لها ،تغيب ما هو أساسي من القضايا التي يجب الصراع حولها كقضايا الفقر والجهل والتخلف..إلخ ..والنتيجة الحتمية لذلك التوظيف لا تخرج أبدا عن أن تكون عائقا يمنع المجتمع من التقدم ويبقيه في تخلفه..
الغرب الذي مر بنفس ما نمر به نحن الآن من حروب دينية راح ضحيتها الكثير الكثير من الأبرياء ،وتألم مثلما نتألم نحن الآن، ويذهب الآلاف منا ضحايا حروبنا الدينية، أمكنه بفضل فكر التنوير أن يعي ذلك جيدا فعمل على حصر الدين في مجاله الحقيقي الذي هو أنه قناعة شخصية لا تتجاوز حدود علاقة الفرد بما يؤمن به دينيا ، وحقق بذلك لمجتمعاته الدخول في عالم العلمانية التي تحضن الجميع وتجعلهم يتعايشون مع بعضهم البعض في إطار الاحترام المتبادل والتعاون فيما بينهم لخدمة مجتمعاتهم ،مهما اختلفت معتقداتهم ومذاهبهم ومواقعهم الاجتماعية وأجناسهم وألوانهم..
للأسف، ما تزال المجتمعات العربية بعيدة كثيرا عن ذلك الوعي..ما تزال القوى المختلفة فيها توظفه وتتصارع فيما بينها لاحتكاره وادعاء تمثيله ..ولأننا مجتمعات متخلفة عقليا فإن ذلك الصراع تجاوز حدود الممارسة السياسية والثقافية ليصير حروبا مدمرة لأوطانها وأبناء أوطانها، مرسخة أكثر تخلفنا ووحشيتنا وخروجنا من التاريخ..
2- في تاريخنا لعربي الإسلامي يلاحظ هذا التوظيف الصراعي للدين بشكل واضح وعميق..علي بن أبي طالب وأتباعه الذين كانوا يفهمون الدين على أنه جاء لخدمة الفقراء أساسا ، وأنه دين يدعو إلى العدالة لاجتماعية ويعمل من أجل تحقيقها ،تحاربوا مع معاوية بن أبي سفيان وأتباعه الذين كانوا يعطون للدين في بعده الاجتماعي فهما مؤداه أن الله خلقنا ليكون فينا الغني والفقير، وليكون الناس طبقات متفاوتة في مكاناتها الاجتمعية..إلخ..وقد انتصر معاوية في النهاية لآن القوى المتنفذة ماديا كانت في صفه..كما لم يكتف بذلك لانتصار،حيث سرعان ما جعل حكمه وراثيا استبداديا..
العباسيون الذين استغلوا صراع الأمويين كأسرة حاكمة حول كرسي السلطة وظفوا الدين هم أيضا ودفعوا الناس ، خاصة الفرس وغيرهم من الأجناس الأخرى التي مارس الأمويون عليها سياسة العنصرية،إلى الانضمام إليهم في حربهم وحققوا بهم ومعهم الانتصار، وحافظوا على نظام الحكم الأسري الاستبددي الذي سنه قبلهم الأمويون المنهزمون ، لكنهم اضطروا بحكم نفوذ الأجناس غير العربية بينهم ، وفي مجال القوى العسكرية والمجال الثقافي خاصة ،وحتى لا يحدث لهم ما حدث للأمويين ، إلى الانفتاح على ثقافات تلك الشعوب بآدابها وفلسفاتها وهندستها في البناء وجمالياتها ، وحتى دياناتها ..إلخ، وهو ما سمح للمجتمع العباسي بأن يحقق لنفسه التعايش بين مختلف مكوناته الأجناسية والثقافية،وتنوع عاداتها وتقاليدها ومظاهر عيشها، ويوجد التنافس السلمي بينها ليبرز كل جنس منها ماعنده ويعمل على تحقيق التفوق له،وهو ماجعله منفتحا على الحياة أكثر، حيث انتشرت مجالس اللهو والطرب إلى جانب مجالس العلم والأدب، وبذلك حقق ذلك المجتمع ( العباسي) لنفسه االتقدم وبنى حضارته الراقية التي سادت حوالي الـ 300 سنة، ثم بدأت الدخول في عالم الانحطاط تدريجيا نتيجة ما وقع للأسرة العباسية الحاكمة من ضعف نتيجة تنافس أفرادها على كرسي الحكم واستغلال أمراء الأقاليم كل ذلك للانفصال العملي عنها،إلى جانب استغلال رجال الدين الوضع لمحاربة الفلسفة والفكر والفن والإبداع عموما، وشحن عواطف الناس بكره الحياة وجمالها، بدعوى أن كل ذلك فساد أو طريق تؤدي إليه، وهو ما عمق ضعفها أكثر، لتسقط عاصمتها بغداد أخيرا على أيدي هولاكو المغولي..
العثمانيون حكموا أيضا باسم الدين وفعلوا ما فعلوامن نهب لخيرات الشعوب التي خضعت لهم وظلم مارسوه عليها،أدى بها إلى انتشار اليأس والجهل بين أفردها وهو ما سهل على الغرب لاستعماري سهولة احتلالها..
3- بعد استغلال الشعوب العربية لإسلامية ظهر ما سمي بالدول الوطنية التي فشلت لأسباب عديدة داخلية وخارجية في تحقيق التنمية لشعوبها وبناء الفرد فيها ليكون مواطنا واعيا مسؤولا، والمجتمع ليكون مجتمعا ديمقراطيا، وحتى تحافظ على بقائها في كرسي الحكم فتحت المجال واسعا للقوى الدينية ووظفتها لضرب القوى الديمقراطية المعارضة الناشئة ، لأنها تعي جيدا أن تلك القوى الديمقراطية رغم قلتها العددية ،هي التي يمكنها تدريجيا بفضل وعيها ونضالها تحقيق التغيير الإيجابي للمجتمع بما يجعله مجتمعا واعيا يقف ضد فساد تلك الأنظمة ( الدول الوطنية) التي صارت مستبدة متجذرة في الفساد بشكل رهيب..القوى الدينية استغلت بدورها الوضع لتنمو أكثر موظفة الدين لكسب عواطف الناس ومكثرة من بناء المساجد في القرى وأحياء المدن مستعملة إياها وسيلة للتغلغل في عقول الناس ومشاعرهم أكثر، موجهة إياهم نحو التدين المفرط لتغييب عقولهم أكثرة ، مستعملة كثرتهم العددية وعواطفهم المشحونة للضغط على تلك الأنظمة حتى تتنازل لها أكثر..وهكذا برز حلمها/ وهمها في الوصول إلى كرسي الحكم مكان تلك الأنظمة،والاستمرار فيه، وبدأت تتحرك على أساس ذلك فعلا ( الجبهة لإسلامية للإنقاذ في الجزائر ، والإخوان المسلمون بعدها في مصر، مثلا) وقبلهما حركة طالبان والقاعدة في أفغانستان وباكستان ، وفي غيرهما من الدول الإسلامية، غير مدركة أن تلك الأنظمة تمتلك أدوات القوة الحقيقية ( العسكر والمخابرات..إلخ) التي بها تضرب وتحافظ على كراسيها..و..هكذا وجدنا أنفسنا ندخل مجال الحروب الدينية بشكل رهيب..انطفأت تلك الحروب في بعض الدول، ويمكن أن تعود..وما تزال مستمرة في دول أخرى..والمدى لا يوحي مطلقا بانتهائها، لا لسبب سوى كون كل مسبباتها ما تزال موجودة في مجتمعاتنا بعمق، جهلا وفسادا واستغلالا وظلما ويأسا مريعا وانتشارا رهيبا للفكر الأصولي العنفي في أذهان شبابنا..



#الطيب_طهوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا خروج لنا من تخلفنا إلا بانفتاحنا على الحياة وتفاعلنا مع ب ...
- من المستفيد من دروس التربية الإسلامية في مدارسنا؟
- لماذا لم يتحرر المسلمون من استبدادهم ؟
- عالمنا العربي يتردى أكثر..ماذا نحن فاعلون؟
- عطشي الأرض..وأمطار يديك النار
- شيء من العشب..أو ..من دمي
- واصل غناءك أيها الرمل..واصلي رقصك أيتها النار
- النهر يعشق أيضا
- أطلال أخرى..
- مر من جسدي
- تلك الرسائل ما أروعها
- الفتى..كل هذا الجسد
- مريم
- أبجدية لخماسيات جزائرية
- إفريقيا بين السواد وزوارق أزرق الأحلام / الأوهام
- رواية حنين بالنعناع لربيعة جلطي...... الخطر داهم..يا مثقفي ا ...
- هذا ما وجدنا عليه آباءنا
- اللاجئون، الغرب والمسلمون ( خواطر)
- انطباعات عائد من تونس
- من طرائف جدتي


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الطيب طهوري - الأقوياء المتنفذون وحدهم من يخدمهم الدين في الواقع