|
ظاهرة الإنتحار
بنواحي هناء
الحوار المتمدن-العدد: 5148 - 2016 / 4 / 30 - 09:19
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
الإنتحار كما هو معروف أن يقدِم الشخص على قتل نفسه ، سواءً بأخد كميات كبيرة من الأدوية مثل مهدئات الأعصاب ، أو شنق نفسه ، أو قطع الوريد ، المهم تتعدد الأسباب والموت واحد ، وهذا ما يحرص عليه الشخص الذي يرغب في إزهاق روحه بيديه ، والحرص على تغييبها عن الجسد ، الذي أتعبته مرارة الأيام وقساوتها .
الشخص الذي يفكر في الإنتحار أولا وقبل كل شيء هو إنسان يعيش صراعا ذاتيا بينه وبين نفسه ، يخوض حربا ضارية ضد روحه التي تكون مثقلة بالهموم والأحزان ، والتي تأخده إلى عالم الضياع ، والوحدة هذان الأخيران اللّذان إذا إستفردا بروح ينخرانها ببطئ، وفي كل نخرة تفقد الروح طاقتها الإيجابية وحيويتها ، لتعلن بذلك بداية إستسلامها تدريجا من هذه الدنيا ،فهي أصلا لا تشعر أنها حية أبداً ، إما لأنها رأت أحلامها تحولت من ممكن إلى مستحيل ، أو أنها خاضت حربا مع المرض النفسي الحاد أو عصبي أو عقلي ، أو ضاقت بها جدران الحياة وأذاقتها العذاب وأشربتها كؤوسا مرة من الألم والوجع ، لتشعر الروح أنها معلقة في برزخ لا هي من الأحياء ولا هي من الأموات لتصبح الروح هائمة في متاهات الضياع فتفقد البوصلة التي تحدد بها إتجاهها وأين تذهب بظبط .
وبتالي يتحول الشخص المقدم على الإنتحار، مازوشي ، انهزامي وانطوائي ، سلطوي ، وعدواني في بعض الأحيان ، وعصبي المزاج ، متشائما ، يغلب عليه طابع الإندفاع والتسرع في اتخاد القرارت ، ويصعب عليه التعبير عما تعيشه روحه حيث تخونه الأحرف والكلمات التي قد تعبر عما تعتري أرض روحه الجرداء ليصبح قلبه يرى العالم كله ظلام في ظلام ، بحيث يصعب عليه رؤية بصيص من نور الأمل ينقده من الغرق ، حيث يحكِمُ إغلاق جميع الأبواب عليه والنوافذ ويسدل الستائر ، لكي يطفئ الأضواء المحيطة به وضوء روحه التي لم تستطع أن ترى هذا العالم بألوان ربيعية كما يراها الغير حتى أنه لا يبالي بالغير أبداً يهمل ذاته ملبسه ويفقد الشهية أو يصبح أكثر نهما لطعام ، تجده في حالة ضياع تامة ، لا يبالي بأحاسيس الأخرين بالمرة ، يعيش غربة بينه وبين الناس كيف لشخص لا يجد روحه ولا يشعر بها أن يشعر بمأساة وسعادة الأخرين ذلك مستحيل والمشكلة الكبرى أن لا أحد يحاول فهمه وفهم سلوكه الذي ينبأ بأنه سينتحر لا محالة لذلك لا يجد من يدعمه سواءٌ من الأسرة أو العائلة أو الأصدقاء فقط هو يسمع فقط أن الإنتحار حرمه الله لكن هو لا يبالي أبدا ً، ولا يهتم بما قد يقوله ، المشايخ وعلماء الدين في ظاهرة الإنتحار ، ولا يهتم بما سيخلفه من حزن عميق في نفسية محبيه، كل هاته الأمور لا تردعه عن العدول عن إرتكاب جريمة في حق نفسه ، هو يعرف بينه وبين نفسه أن الإنتحار حرام لكن هو يقول في نفسه " مجبر أخاك لا بطل" لأنه يريد أن يتخلص مما تعيشه روحه لذلك يعتقد أن الخلاص هو الموت .
هو لو علم أن الخلاص سيجده في بحار الطب النفسي والصحة النفسية لما كان أصلا تشبت بفكرة الموت لأن من يتشبت بفكرة الموت يكون متألما جدا ً ، هو لم يسمع أبدا بطب النفسي فقط هو يعرف أن الطب للأجساد فقط لا غير لأنه نشأ في وسط لا يبالي بالمرة بالصحة النفسية والعقلية والعصبية ،فقط هم يظنون أن الطب النفسي هو للمجانين لا غير ، لا يعلمون أن كيفما يمرض الجسد تمرض الروح أيضا ، لأن أجسادهم تعيش في القرن الوحد والعشرين وعقولهم مازلت نائمة على سرير القرن الحادي عشر تعتمد على السحر والخرافة وزيارة الأضرحة لعلاج الأمراض النفسية والعقلية والعصبية ،التي تزيد الطين بلة، لتزداد الأمور تعقيداً حتى تقع الكارثة بأن ينتحر ذلك الشخص لأنه لم يخضع للعلاج النفسي بل قتلته الخرافة ونفسيته الكئيبة
لتنتهي حكايتهم بمأساة لأنهم لم يتمكنوا من إنقاده في الوقت المناسب ، رغم أنه أنذرهم ودق ناقوس الخطر مراراً وتكرار ً لكن لم يجد أذننا صاغية بل وجد فقط نفوسا لوامة ومتخلفة، وعندما يدفنوه يتحدثون عنه بالسوء ويبدأون في اللغو واللغو حتى يتحولون إلى حكام لدار الاخرة ويقولون ان الشخص المنتحر سيدخل النار ، الذي سيدخلكم النار هو لسانكم المسموم الذي يؤذي الأحياء والأموات ، تلك الأمور إلاهية ، ولا أحد منا يعلم من منا سينعم بالجنة أو من منا سيلقى في جهنم ، من الأحسن أن تطبقوا أفواهكم ، وأن تبتعدوا عن أمور لا تفقهون فيها شيء حتى أمور الله تتدخلون فيها تلك الأمور من إختصاص إله الكون ، انتم دوركم يتجلى في إنقاد الشخص الذي يريد أن ينتحر وتقديم له يد العون عن العدول عن ذلك الطريق هذا دوركم فقط لا غير ، حكموا المنطق يا ناس وحاولوا أن تدرسوا الأمور من كل الجوانب ومن كل الزوايا وليس فقط من زاويتكم.
#بنواحي_هناء (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التربية البناءة
-
رياح الإدمان العاتية
-
فتيات الليل
-
حكاية إيطو الخادمة
المزيد.....
-
لوبان لا تستبعد استقالة ماكرون
-
ترامب يوقع أول قانون بعد عودته إلى المنصب
-
10 شهداء في مجزرة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي ببلدة طمون بال
...
-
إسرائيل تعترف باستهداف فلسطينيين في غزة رغم اتفاق وقف إطلاق
...
-
تحول تاريخي في سوريا.. تشكيل إدارة جديدة وإنهاء ستة عقود من
...
-
كيف يستعد الجنود من المتحولين جنسيًا لمواجهة ترامب بإعادة تش
...
-
الصين تحتفل ببداية عام الأفعى وسط طقوس تقليدية وأجواء احتفال
...
-
توجيه إسرائيلي لمعلمي التاريخ بشأن حرب أكتوبر مع مصر
-
الجزائر تسلم الرباط 29 شابا مغربيا كانوا محتجزين لديها
-
تنصيب أحمد الشرع رئيسا انتقاليا لسـوريا
المزيد.....
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج
/ توفيق أبو شومر
-
كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
كأس من عصير الأيام الجزء الثاني
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية
/ سعيد العليمى
-
الشجرة الارجوانيّة
/ بتول الفارس
المزيد.....
|