|
استنساخ العصمة
حسن إسماعيل
الحوار المتمدن-العدد: 5148 - 2016 / 4 / 30 - 02:55
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
السؤال .. إنت معانا ولا مع التانيين ؟
الإهداء .. للتانيين
هل تشعر أنك في طريق الصواب هل أنت مع مجموعة أو جماعة تشعر معهم بالرفقة والمعية والدفء وروح العائلة الواحدة أم أنك تشعر بالوحدة والاغتراب وعدم الصواب والتيه والضلال والأنانية
هل تعرف أن كل جماعة أو طائفة أو مذهب لغة تظهرها .. حركات ما .. ألسنة ما .. دوران ما .. سـُكر روحي ما .. ضحكات ما .. بخور ما .. أيقونات وتماثيل ما .. وطقوس وشعائر وفروض ما ؟
أم أنك تحيا اليوم في العادي والمألوف تجوع فتأكل .. تعطش فتشرب .. وغداً تموت .. عادي زي الحيوانات والبشر
هل تعرف أن العالم كله مزحوم ومتنافس ومتصارع حتى في مارثون المطلق والصواب والطريق والحق .. كل واحد يتخيل أن جماعته ومذهبه وطائفته ومعتقده هو الحقيقة المطلقة وأن لا شريك لحقيقته الداخلية جداً وأن العالم كله منقسم إلى .. مَن معه ومَن عليه مَن مع النور الذي هو نوره .. ومَن مع الظلام الذي في الآخر ولكل معبد وهيكل ومكان للعبادة والشركة والإتحاد والعهد والبيعة حتى لو كان .. بيت صندوق للنذور للعشور لبيت المال وحركات جسدية مشتركة وكلمات ولغة مشتركة واختبارات ووجد وحضور مشترك
هناك يوجد للمنتمي وللمؤمن وللعضو وللتلميذ شكل ما .. إطار ما .. برواز ما إذ لم يدخله لا ولن يـُـقبل إذ لم يشابه القائد والجمع المنتمي .. لن يصعد سلم الرضا والقبول والإقتراب الحميمي فالدائرة الأولى واسعة جداً ومع الإنتماء والتقليد والتشبه والعهود .. تنتقل لدائرة أضيق فأضيق فأضيق فأضيق فكل جماعة أو طائفة أو مذهب مطبخ ما .. لا يدخله غير المقربين جداً .. المنتمين جداً .. المتشابهين جداً .. المستنسخين جداً
هكذا هو هرم الجماعات والأوطان الموازية والكهوف الموازية والسماوات الموازية دائرة جهنمية تفوق كل تخيل غير التخيل البشري
والعجب العجاب .. أن كل جماعة ترى أن الجماعة الأخرى غير منطقية وجنونية وخرافية وأفيونية وضلالية وكل جماعة تــُبرر لنفسها ما هو أكثر خرافية وأكثر جنوناً وأكثر ضبابية .. لماذا تبرر ؟ ولماذا تشعر براحة ضميرها وهي تحكم على غيرها ولا تحكم على نفسها ؟ لماذا عقلها متوهج في نقد الآخر .. وقلبها فقط يعمل عندما تمارس جماعتها مئة كيل وليس بمكيالين فقط
تدعي التواضع وهي حالة من حالات الكبرياء في أبهى صورة تحكم على كل الجماعات والطوائف والمذاهب والعقائد .. تحكم على ملايين بل مليارات من البشر .. تدينهم وتضعهم في هاوية الضلال بكل دم بارد وابتسامة بلهاء تتلذذ بضلال الكل وصوابها وصلاحها وتقواها .. المجموعة التي بلا دنس .. الفرقة الناجية .. الطائفة المستقيمة والمذهب الصحيح .. نحن فقط الناجون من النار
لا أعرف من منكم حضر حوار بين جماعتين أو اثنين يشعرون بعصمة أفكارهم واختباراتهم حوار الطرشان أعمق بمراحل فصراع المطلقات يفوق الحرب النووية - ما أدراك بقلب يشعر بالعصمة -
الآن اعرف قيمة أن تمتحن كل شيء .. وتظل تمتحن إلى أن تموت تمتحن نفسك أولاً جماعتك أولاً طائفتك أولاً تظل تفتش الكتب وتبحث .. فلا يوجد أسهل من الإجابة في المعابد كلها ولا يوجد أسهل من سلام القلب الميت .. والمتخيل أنه حي فالأفيون الروحي والنفسي صنع هذا الكوكب المتصارع الذي نقطن فيه إلى درجة التوحش المبرر بالغاية المقدسة والإنعزال عن العدالة والحرية والفقراء المُبرَر بالملكوت المقدس وزخرفة القبور وقناع التقوى والمعابد يفوق التخيل وجوع الإنسان للقبول وللرضا وللتشجيع وللدفء وللحميمية والإحتماء رهيب جداً .. ويبرر
التاريخ البشري مليئ بالمقتنعين إلى حد النخاع .. إلى حد الإنتحار المقدس .. إلى حد إدعاء العصمة لا يوجد أسهل من أن تصبح شخص غير مُصغي لا يوجد أسهل من أن تصبح خروف من القطيع الأمين والصالح لا يوجد أسهل من أن تصبح من الخلايا النائمة أو النشطة لا يوجد أسهل من أن تطيع أن تسلم نفسك وروحك لقائد ما أو جماعة ما أو طائفة ما فمذبح الأضحية البشرية لم يتوقف .. استبدل الأجساد بالأرواح فقط .. وهناك من أبقى على تقدمة الجسد لا يوجد أسهل من الأمل والانتظار لاستعلان الجائزة الكبرى لك ولكل المشابهين فشهادة التأمين الروحية تجعل المستقبل المجهول أكثر خضارا وزاهي وغير مربك لا يوجد أسهل من أن تغمض عينيك وتسلم يديك لآخر يأخذك حيث يشاء أو يشاء من يمسك يديه هو. طابور من التسليم من التقليد من العنعنة .. من التوارث المتنازل عن البحث والنقد الموضوعي والامتحان والتمييز .. لا يوجد أسهل من امضائك على شيك على بياض هو عمرك فالراحة مطلب جماهيري جداً والهروب من المسئولية حل لا مثل له في خضم العالم وتخمة الأنانية المقدسة مخازنها جذابة جداً والحرية مزعجة جداً
والإنسان قادر على التبرير والجدال والإثبات .. وإذا لم ينتصر في الواقع سينتصر في خياله وبين عشيرته المنتصرين مثله في خيالهم هناك بعيداً عن الواقع .. وعن العلم وعن الوجود وعن الفقراء وعن العجائز وعن المرضى .. هناك في صومعتهم واجتماعهم ومذهبهم وطائفتهم .. هناك فقط منتصرون مهللون فرحون .. هناك فقط يشعرون أنهم أغلبية وأنهم بارعون ومرتفعون وأقوياء وشامخون هناك فقط يحييون حيث الإجابة التي لا شريك لها حيث الإنسان المتميز والمتفرد والمختار والمهم رغم أنه يشابه الجميع هناك .. في عالم الإستنساخ كل واحد يشعر بسراب طعمه ولونه ورائحته فكل الطرق تؤدي .. إلى الفخ المقدس والتشابه المقدس والطاعة المقدسة والأمل المقدس ويظل الواقع يعلن .. أن الإنسان هو المشكلة والإنسان هو الحل
#حسن_إسماعيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رشفة سرك
-
الخلاص المزيف
-
كواليس الخارجين عن النص
-
أدين بدين الشرك
-
فخ تجديد الخطاب الديني
-
تيجان الجوهر
-
Dream Trap
-
ممتليء أنت .. وخاوية أنا
-
المحاربون
-
هل كُتب علينا أن نغتال السؤال بدم ديني بارد ؟
-
البصمة .. والذوبان
-
احنا ازاي .. احنا ليه .. احنا ايه ؟!!
-
بريق الخلود .. وضجيج الفناء
-
لعبة الفراغات القديمة
-
الأحباء .. والغرباء
-
مازلت أؤمن
-
من يكفر بنفسه
-
ألذ .. ألذ .. ألذ
-
نير الحب
-
PASSION
المزيد.....
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|