|
توضيح حول كتاب -الحرب الأهلية في صدر الإسلام- عمر أبو النصر
رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 5147 - 2016 / 4 / 29 - 10:56
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
توضيح حو كتاب "الحرب الأهلية في صدر الإسلام" عمر أبو النصر الكثير يحاول أن يتغاضى عما حدث بين علي بن أبي طالب وخصومه، إن كان في معركة الجمل أو في موقعة صفين، لكن الثمن الذي ما زالنا ندفعه نحن العرب تحديدا، يوجب علينا جميعا أن ندرس تلك الحرب ونضع رؤيتنا حولها، وننتهي من أمرها، لكي لا نكرر أخطاءنا التي اقترفناها قبل ما يزيد عن ألف واربعمائة عام. لا شك أن طمع طلحة والزبير بن العوام كان وراء تلك الحرب، كما أن تدخل عائشة زوجة الرسول فيها أشعل النار أكثر، وأعتقد أن علي بن أبي طالب لو كان سياسيا لاستطاع أن يحسم الأمر من بدايته، لكن تربيته الأخلاقية والدينية، حالت دون ذلك، فتمسك بالأخلاق والدين في موضع كان يجب استخدام السياسة والدهاء، لنه آثر الالتزام بالجوانب التي تربى عليها، وأن يكون منسجما بين فعله ومبادئه، فكانت النتيجة وصول معاومة بن ابي سفيان للحكم، بعد مقتل علي. الكتاب صدر بطبعته الأولى عام 1950، والثانية عام 1970، المؤلف استطاع أن يحيط بالفتنة من كافة جوانبها، وأن يحدد الجهة المسؤولة عن الأحداث، فيحدثنا عن مرض الرسول ولم يستطع أن يقوم للصلاة بالناس، طلب من بلال مولى أبو بكر عن طريقة عائشة قائلا: "ليصل بهم احدهم" وكيف أن أبو بكر قام وصلى بهم دون أن يكون هو المعني تحديدا من الرسول. فالرسول لم يسمي احدا للصلاة. ثم يحدثنا عنها في فترة حكم عثمان بن عفاف وكيف كانت تأنب الناس عليه وتقول لهم: " هذا ثوب رسول الله صلى الله عليه ويلم لم يبلى، وعثمان قد أبلى منته، وقالوا أول من سمى عثمان "نعثلا" عائشة" ص31، وبعد أن قتل عثمان واخذت المداولات حول من يخلفه رفض علي الخلافة قائلا: "فإني اكون وزيرا خيرا من أن أكون أميرا" ص35، إلا أن اصرار البعض على توله للخلافة والحفاظ على وحدة المسلمين جعله يوافق بعد أن اشترط عليهم أن تكون بيعته في المسجد وليس في منزله. زبعد مبايته أخذ الزبير بين العوام وطلحة في بث سمومها في وجه علي مطالبانه بالقصاص من قتله عثمان، لكنه كان يعلم كما يعلم طلحة والزبير بأنه لا يستطيع في هذا الوقت بالذات من الاقدام على هكذا خطوة قائلا: "إني لست أجهل ما تعلمون، لكن كيف أصنع بقوم يملكوننا ولا نملكهم، وقد ثارت معهم عبدانكم، وثابت إليهم مواليكم، فهل ترون موضعا لقدرة على شيء مما تريدون؟ قالوا: لا" ص39، لكن هذا المحاجة لم تكن نزيهة من قبل طلحة الزبير، فمرادهما كان الاستحواذ على الخلافة لأحدهما، من هنا يتماديان أكثر ويطلبان من علي بن أبي طالب الذهاب لمكة لتأدية العمرة، لكنه يعرف ما يريدان ويقول لهماك "ما العمرة تريدان وإنما تريدان الغدرة، ونكث البيعة امضيا إلى شأنكما .. فمضيا" ص64. وهنا تكمن احد اخطاء علي، يعرف بأنهما سيكونان عليه، ويعملان ضده ومع هذا سمح لهما بالخروج والذي يعني تسهيل مهمتهما في تشكيل جيش المعارضة. تأكيد لإدانتهما بالفتنة، وأنهما لم يكونا يبحثان إلا عن مصالحهما الحوار الذي جرى بينهما وبين سيد بن العاص: " ـ أن ظفرتما لمن تجعلان الأمر .. أصدقاني؟ قالا: نجعله لأحدنا ..أينا اختاره الناس قال: بل تجلونه لولد عثمان.. فإنكم خرجتم تطابون بدمه فقلا: ندع شيوخ المهاجرين ونجعلها لأيتام" ص89، طبعا لا يستكفي الكاتب بهذا الحديث بل انه يتحدث عن اللقاء الذي تم قبيل معركة الجمل وكيف ذكر علي طلحة والزبير بحديث الرسول بأنهما "ستقاتله وأنت له ظالم له" ص125، لكن الحمية الجاهلية جعلت الزبير يخوض المعركة ويسقط من المسلمين ما يتجاوز العشرة آلاف إنسان من الطرفين، وبعد أن تحسم المعركة لعلي تعترف عائشة بخطئها، عندما قالت: "ليت لي من رسول الله عشرة كلهم ثكلتهم ولم يكن يوم الجمل، ليتني موت قبل يوم الجمل" ص138، بدون شك هذا الأمر يؤكد موقف عائشة الخاطئ من الحرب وخروجها من بيتها إلى العراق للمطالبة بدم عثمان، ومن مفارقات هذه الحلاب أن الذي قتل طلحة هو مروان بن الحكم الذي كان يقاتل في مع طلحة والزير وعائشة، لكن حقده على طلحة الناتج عن تأليبه الناس على عثمان أيام خلافته، مما جعلهم يندفعون ويقتون الخليفة. من مفارقات هذه الحرب أن من كان يدعوا الناس للثورة على عثمان مثل عائشة وطلحة والزبير، تحالفوا جميعا وأخذوا يطالبون بالقصاص من القتلة، طبعا هذا حصل بعد أن آلت الأمور إلى علي بن أبي طالب، ولو أنها آلت إلى طلحة أو الزبير لما حدثت الفتنة وتم وأدها. في المقابل يصف لنا الكاتب موقف علي النبيل من الحرب، وكيف كانت اخلاقه تحول دون وقوعه في مستنقع المصالح الشخصية، فكان بأفعاله قبل أقواله يمثل الرجل الملتزم بالدين والاخلاق في كافة المواقف، فبد أن حسم معركة الجمل لصالحه طالب جنده قائلا لهم: "لا تتبعوا مدبرا، ولا تجهزوا على جريح، ولا تدخلوا الدور" ص134، وعامل عائشة بطريقة إنسانية لا يمكن لأي متحاربين أن يكونوا بمثل التسامح وهذه الاخلاق: "كيف أنت يا امه قالت بخير قال: يغفر الله لك" وبعدها "وارسلها معها أخيها محمد بن أبي بكر مع أربعين سيدة من البصرة" ص136، بدون شك كان علي مثل للأخلاق والتسامح، لكنه كان لا يتقن التعامل بالسياسة، التي تعني التقلب والتلون، فكانت نهايته على يد المعارضة التي قتلته لكنها تساهلت وتجاوزت وهادنت معاوية وعمرو بن العاص. ما نريد توضيحه من هذا المقال، أن المصالح غالبا ما تتحكم بسلوك الناس، حتى لو كانوا ـ بنظرنا ـ اتقياء وورعين، فطلحة والزبير من المبشرين بالجنة، وعائشة زوجة الرسول وأم المؤمنين، وغيرهم كثير من الصاحبة خاضوا مع الخائضين وكان القتل بالجملة، وتعبها معركة صفين التي لم يقل عدد القتلى فيها عن موقعة الجمل، كل هذا تم باسم الاسلام والقصاص للخليفة المغدور، لكن الحقيقة والمتمعن بما حدث يشير إلى ضرورة الفصل بين استخدام الدين لتحقيق مآرب شخصية، ـ حتى من قبل أشخاص في غاية الروعة والكمال ـ وبين السياسة، فهذا لها سلوكها المتمثل بالزبير وطلحة وعائشة، والاخلاق المتمثلة بشخص علي بن أبي طالب.
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فرح
-
تجاوز المألوف في ديوان -أحلام السنونوة- علاء الدين كاتبة
-
عبث الفعل في ديوان -مقفى بالرماة- محمد لافي
-
لعادية في ديوان -أوراق من ذاكرة المسفر- أمجد محمد سعيد
-
نقد النقد في كتاب -ملامح السرد المعاصر- فراس حج محمد
-
نبل الشاعر في ديوان -صاحب الشأن- منصور الريكان
-
-حوار مع فراس حج محمد- حاوره رائد الحواري
-
الصراع والتوازن في ديوان -قنص متواصل- عمر أبو الهيجاء
-
المرأة هي الملاذ في مجموعة -السيف والسفينة- عبد الرحمن مجيد
...
-
المندى والمخاطب في ديوان -قبس- عبسى الرومي
-
المنادى والمخاطب في ديوان -قبس- عيسى الرومي
-
خراب فلسطين
-
قتامة النص في ديوان -كأني أدحرج المجرات- عثمان حسين
-
ثقل الواقع على النص في ديوان -أجنحة للإقلاع- أمينة العدوان-
-
اليهودي والفلسطيني في رواية -دارة متالون- نهاد توفيق عباسي ا
...
-
هيفاء وخليلي وأنا
-
-بنية الخطاب في الرواية النسائية الفلسطينية- حفيظة أحمد
-
مطاردة شاعر
-
القسوة في مسرحية -أضغاث أحلام- سعيد سعادة
-
النص الأسود في-حديث النهر- شوقي عبد الأمير
المزيد.....
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
-
محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت
...
-
اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام
...
-
المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|