|
خلع اللباس حصريا
الشربيني المهندس
الحوار المتمدن-العدد: 5144 - 2016 / 4 / 26 - 11:55
المحور:
المجتمع المدني
علمونا أن الجو في مصر حار جاف صيفا .. لكن التعري وعدم ستر العورة هو تعبير عن فقدان كل شئ أو خلع لباسه بالتعبير المصري .. لا علاقة لفيلم حار جاف صيفا بما نقول .. كيف تسير الأمور مع هذا الرجل طبعا هذا يختلف عن الرجل الذي حمل كفنه وذهب بقدميه إلي صاحب الثأر طمعا في أن يقبل الدية .. ربما يكون موقف رجل اشتعلت النيران داخل منزله فيخرج إلى حديقة البيت يلوذ بأعشابها طلبا للسلامة. ولكن في نهاية المطاف سوف تلحق به ألسنة النيران وتلتهمه أينما حاول الاختفاء". أوضح ويبقي في كل الأحوال التوقيت المناسب .. قبل أن نستكمل المقال نعترف أن فيلم حار جاف صيفا»، أقرب للآهة المصرية الصادقة، النابعة من القلب والعقل، يمتزج فيها الألم بالأمل، الغضب بالتسامح، العناء بالقدرة على الصمود، الرضا بما هو خارج عن السيطرة، الإيمان العميق بإمكانية الإنقاذ من المصائر الفاجعة.. هذه كلها، من المعالم الجوهرية للشخصية المصرية، يعبر عنها، ببساطة وبلاغة، الفيلم المعتمد على طاقات إبداعية تفهم الواقع المصري .. يبدأ الفيلم صباحا، الرجل العجوز، عم شوقى، بأداء خلاب من محمد فريد، ينشر الغسيل على حبال شرفة شقته المتواضعة فى بيت قديم. سرواله يقع.. على صوت تنبيهات ابنه الذى لن نراه، يستكمل ارتداء ملابسه البسيطة، ولا يفوته ــ حسب التوجيهات ــ أن يحمل الأشعة والتقارير الصحية كافة، لعرضها على طبيب الأورام الألمانى الزائر.. الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة، من أهم ايجابيات الفيلم، تمنحه مذاق الحياة. زجاجة مياه مثلجة، يحملها عم شوقى بإعزاز، يبلل بجرعات صغيرة منها حلقه الجاف فى هذا النهار الحار.. السروال، يجده حين يغادر باب البيت، يلتقطه من الأرض، يضعه فى كيس الأشعة والتقارير.. لاحقا، فى عيادة الطبيب، يسقط السروال. ينشغل شوقى فى سحب السروال، بقدمه، بينما يعرب الخبير الألمانى عن دهشته من بقاء العجوز على قيد الحياة، حتى الآن. يصرح بأن الرجل سيغادر الدنيا، خلال فترة وجيزة.. أما كيس الأشعة، فإنه سيصبح أحد أبطال الفيلم! اللقطة الأخيرة» لأى رئيس، هى دائما ما تسجل فى كتب التاريخ.. فجمال عبد الناصر، رحل وهو يقاتل لاستعادة الأرض التى فقدها فى 67، كان الزعيم ولا صوت يعلو علي صوت المعركة فجاء بعده عادل إمام زعيم مدرسة المشاغبين .. وأنور السادات صار علي طريق عبد الناصر بالأستيكة ولقبوه بطل الحرب والسلام فاغتيل احتجاجا على توقيع اتفاقية كامب ديفيد التى أعادت الأرض المحررة فى 73، وكان قد بدأ حياته بالاغتيال وقضية عثمان .. وحسنى مبارك لن يتذكره التاريخ كـ«صاحب الضربة الجوية الأولى»، ولكن كحاكم فاسد بحكم القضاء، ومحمد مرسى، سيسجل كأول حاكم مصرى ارتدى البذلة الحمراء، بعد إدانته فى قضية الفرار من سجن وادى النطرون، أما الرئيس عدلى منصور، فسيظل بين أوراق كتب التاريخ وقلوب المصريين، مصحوبا بلقب «المستشار الجليل». حاول حسني مبارك السير علي طريق السادات بخطوات متسارعة بأن يخدّرشعبه . وضعه في مسارٍ لا عودة عنه ولا نفع فيه. حالة اهتراء وفراغ عصفت بمصر. فجأة، كان توقيت التوريث والسيناريو سيئا فتحوّلت «ساحة التحرير» إلى قرارٍ بتحرير مصر من الاستبداد. مصر تستحقّ شعبها، هكذا قال «الربيع المصريّ»، وشعبها يستحقّ مع الحريّة والكرامة والرغيف.الإحترام والتقدير .. قبلها حاول أنور السادات أن يأخذ مصر معه إلى «كامب ديفيد»، بعد أن رفع الراية البيضا بان حرب اكتوبر هي آخر الحروب مع اسرائيل ووقّع المعاهدة ولم يوقّعها الشعب المصري. وحده يملك المعرفة والحقيقة .. الفكرة جيدة والتوقيت والسيناريو خرج من يده .. هكذا ظلّت مسألة التطبيع مع «إسرائيل» في خانة الحرام السياسي. كانت تمثل اللهو الخفي بينما شعب مصر يؤكّد حضوره بصمت الأقوياء وفيض من العطاءات. كانت مصر دائمًا أكبر من أرضها. خريطتها في السياسة مترامية الأطراف. عروبة بجدارة الحضارة والقضية. اتساع يصل أفريقيا بآسيا والعالم .. الملكة الفرعونية حتشبسوت وصلت بلاد بونت أو الصومال ومحمد علي غزا منابع النيل يوم خرجت مصر من فلسطين، مع اتفاقية كامب ديفيد انهار النظام الإقليمي العربي. لم تعد مصر ترفع إصبعها مع السادات. كلامها مرفوض وموقفها تخلّ. ومع ذلك، كان لا بدّ منها. أحجمت عن حلّ في حرب لبنان. عبد الناصر أنهى حرب لبنان بحكمة وحزم. في غياب مصر اللا ارادي ، اختار كلّ نظام بوصلته إلى الجحيم. تسبّبت السياسات المتهوّرة لهذه للأنظمة باندلاع حروب، كانت فاتحتها مع إيران، وخاتمتها باحتلال العراق وتدميره، وجرّ البلاد إلى الخراب والدمار. وفي غياب الموقع والمرجع، بدأت الأمّة تنسحب لصالح «الآيات» ولكلّ «آية» سيفٌ يستمدّ قوّته من حجج «يوم السقيفة».. قبل أفول مصر، ما كانت الساحة لا سنيّة ولا شيعيّة. فهل هذه مصر؟ افتقدنا العروبة .. دمشق وبغداد شقيقتان في العقيدة، عدوّتان في السياسة، مستنفرتان وفلسطين خلفهما. «الجماهيريّة» ألغت ليبيا وأخذتها إلى جنون العظمة وغرائب المواقف. تضاءلت الجزائر. تحوّلت «الرجعيّة» إلى مرجع لا بدّ منه، مالاً ووهابيّة. انتشرت في فراغ مزدوج: فراغ الخزائن وفراغ الروح والقضايا. وكأنا يكرر التاريخ نفسه ويبدو سوء التوقيت وكفاءة الاداء والأنا المتضخمة سمات راسخة في النظام المصري .. وتأتي أحداث التنازل عن الجزر للملكة العربية السعودية، ووفاة الطالب الإيطالي، والأحوال المتردية في البلاد، لطخت سمعة النظام المصري محليا وفي الخارج لتعلن أن الحظ خلع لباسه مصريا . ما لبث النظام يحرق الشمعة من طرفيها، فبعد أن أضرم النار بدربه قمعا واضطهادا لأكبر حزب سياسي في مصر، جماعة الإخوان المسلمين؛ مطمئنا إلي أن الشعب يؤيده بعد ان اكتشف لباسهم المزيف .. ذهب يمارس الأسلوب نفسه في التعامل مع الليبراليين العلمانيين الذي دعموا انقلابه ضد الرئيس الأسبق من خلال السجن، والإبعاد وحتي المجتمع الدولي غير مضمون . وقد ذهب هذا الأسبوع يضرم النار بدربه هناك أيضا. سياسة العند المباركية لحقت بعناد السادات آخر أيامه ليصل هو أيضا لخرج السلطة مطرودا بل مسجونا .. وترك سياسة العند تخرج لسانها .. لا أدري لماذا نفرق بين الداخل والخارج كجزر منفصلة حتي ابناؤنا في الخارج يشعرون بذلك قالوا كانت هناك جزيرتان تعيش عليهما كل المشاعر الإنسانية من مودة ورحمة وسماحة وطهارة وكرم وصدق وإخلاص ومثابرة وإجادة وإتقان وثقة وإيمان وولاء وسلام وأمان، وفى يوم من ذات الأيام هبت عاصفة شديدة الانتقام أعلنت فيها الطبيعة عن غضبها الساطع، وأرادت أن تقتلع الأخضر واليابس معاً، وكانت الجزيرتان على وشك الغرق، فتسرب الذعر فى عروق كل المشاعر وتجمدت خوفاً إلا شعور الحب ظل ثابتاً راسخاً متشبثاً بالحياة يبث همسات السكينة والطمأنينة لكل أقرانه، عازما على النجاة، مشغولا بصنع قارب ليهرب بكل المشاعر وينقذهم من المصير القاتم، وبعد أن انتهى الحب من صنع القارب صعدت جميع المشاعر على متنه إلا شعور واحد تعنت وتسمر فى مكانه بمنتهى الغباء، إنه العند الغريب .. نزل الحب ليرى من هو الشعور الذى تخلف عن المضى قدما، فكان العناد، وتحاشى الحب الصدام مع العناد وحاول بمختلف الطرق والأساليب أن يقنعه بالهرب معهم والبدء من جديد على أسس يسيرة ومرنة تحقق له الانسجام والتناغم مع بقية المشاعر، فلا يشعر بعزلة أو موات، لكن العناد أصر على عناده، منفصلاً عن الجميع، منغلقاً على ذاته فى الوقت الذى كانت فيه المياه ترتفع أكثر فأكثر وتبتلع من يتحداها، فتضرعت جميع المشاعر وطلبت باستماتة أن يصعد الحب إلى القارب تاركاً العناد إلى حدفه، لكن الحب خُلق ليحب ويضحى من أجل الحب، وفى النهاية هربت جميع المشاعر ومات الحب غرقاً مع العناد على أطلال الجزيرتين كان من المفروض أن يبدأ أسبوع السيسي بحدث عظيم، ألا وهو زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى مصر، فبعد كل التوتر الذي شهدته العلاقة بين البلدين ، وعقد مؤتمر شرم الشيخ ونحن في الانتظار للنتائج العنكبوتيه .. هرب الحب من بين المصريين .. وبعد كل التقارير التي كانت تفيد بأن الأموال الواردة من المملكة السعودية قد نضبت، كانت تلك مناسبة مواتية لإسكات جميع المشككين: فها هو سلمان يستثمر 22 مليار دولار في مصر، حتى إن الرئاسة المصرية وصفت زيارة سلمان بأنها "تتويج للروابط الأخوية بين البلدين". لكم روج لزيارة سلمان إلى مصر، تماما كما روج من قبل لزيارة السيسي إلى بريطانيا في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، حيث توقع السيسي في كل واحدة من هاتين الزيارتين بأنها ستكون فريدة من نوعها وخارقة للعادة، إلا أن زيارته إلى لندن تخللها إلغاء كاميرون للرحلات الجوية البريطانية إلى مصر إثر إسقاط الطائرة المدنية الروسية فوق سيناء، التي آذنت بموت صناعة السياحة المصرية، ويا له من سوء حظ فقد انتظرت السيسي كارثة مشابهة إثر زيارة الملك سلمان إلى مصر كان الإعلان عن خلع اللباس سريا هذه المرة .. الإرث ثقيل وكيس الاشعة قد إمتلأ .. محمد فريد الممثل يحاول استرداد سرواله ،لكن مصطفي كامل التاريخ والإعلام طفقا يضعان اوراق الشجرة علي العورة والشيطان يبكي من كثرة الضحك
#الشربيني_المهندس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شهوة السرد والتجريب وحقوق القارئ حياء أبو نصير نموذجا
-
في انتظار القادم وخالص نعازينا
-
جديد من وراء الكواليس
-
قصة من يمسك بالفأر
-
ذاكرة الرماد و القصة البورسعيدية
-
الأدب والتغيير
-
صدي حديث المدينة
-
نيو زد لايف
-
اولاد الابالسه
-
السعيد الورقي والصور السردية
-
علي مقهي ادبي
-
سي سي نو وهيكل أيضا
-
شائعات طائرة
-
الصفر المصري وبنزين 80
-
الصرصار والكلب والمفتح يكسب
-
الصندوق الأسود وما بعد الافتتاح
-
ظريف العرب
-
النظام في الكهف بين بدلتين وجنازتين ..
-
المآدب الرمضانيه وجبل الجليد
-
المسكوت عنه بين التاريخ والعواصف الحربيه ..
المزيد.....
-
الأمن الروسي يعلن اعتقال منفذ عملية اغتيال كيريلوف
-
دراسة: إعادة اللاجئين السوريين قد تضر باقتصاد ألمانيا
-
إطلاق سراح سجين كيني من معتقل غوانتانامو الأميركي
-
إعلام الاحتلال: اشتباكات واعتقالات مستمرة في الخليل ونابلس و
...
-
قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات خلال اقتحامها بلدة قفين شمال
...
-
مجزرة في بيت لاهيا وشهداء من النازحين بدير البلح وخان يونس
-
تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
-
الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت
...
-
أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر
...
-
السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|