|
حكايت شاهد كردي
خالد محمد
الحوار المتمدن-العدد: 1390 - 2005 / 12 / 5 - 11:17
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
تفتقت العقلية البعثية السورية ، مؤخراً ، عن مسرحية جديدة ، اخراجها سيء والسيناريو أسوأ ، وأيضاً أداء الممثل المناط به لعب دور " الشاهد المقنع " ، في قضية إغتيال الحريري . وبهذه اللعبة الجديدة _ القديمة ، يعتقد جهابذة النظام أنهم سيخربطون أوراق التحقيق رأساً على عقب ، وأن إعادة ترتيبها يستغرق وقتاً طويلاً وشهوداً آخرين وغير ذلك من أمور .. مما يسمح لهم بتأجيل القضية وبالتالي التمتع فترة أطول بالحكم ، وإعادة ترتيب علاقاتهم بالمجتمع الدولي وإستمرارهم بلعب ما يتوهمون أنه دور إقليمي في المنطقة . ولكن ما لم يخطر على بال أجهزة الأمن السورية المتحكمة بقرار الدولة ، هو أن تمثيلية الشاهد المقنع كانت من الغباء أنها ليس فقط لم تقنع أحداً من أصحاب الشأن في هذه القضية الدولية الخطيرة ، بل وأدت أيضاً إلى توريط السلطة البعثية أكثر فأكثر ، ودائماً بتهمة تضليل التحقيق !
وما يدعو إلى الإشمئزاز في هذه المسرحية المفبركة ، أن يختار معدوها شاباً كردياً يعلن على رؤوس الأشهاد أنه عمل مع المخابرات السورية في لبنان لمدة 13 عاماً ، والذين افتتحوا له دكان حلاق للتغطية على نشاطه التخريبي . والمعلومات الموثوقة عن هذا الشخص ، والتي إنتشرت في المواقع الكردية على الانترنيت ، أنه من قرية تل خنزير في الجزيرة السورية ، من عائلة بعثية مشبوهة . وقد سبق هذه المسرحية قيام قوات الأمن بمحاصرة القرية ، خوفاً من تسرب معلومات للصحافة قد تفشل لعبة " الشاهد المقنع " . ولكن بالرغم من ذلك ، وصلت معلومات عن تأكيد أهل المدعو حسام طاهر حسام ، الشاهد ، بأنه حضر للقرية أكثر من مرة بعد تاريخ إفادته الملفقة أمام القاضي ميليس في مونتيفيردي ببيروت ! وهذا دليل حاسم ، على تورط شاهد الزور الكامل مع الإستخبارات السورية التي كلفته بالمهمة ، وسينكشف على الأرجح قريباً ، لأن القاضي ميليس دعى إلى مثوله مجدداً أمامه بتهمة تضليل التحقيق .
وهناك سؤال يتبادر للمرء : وهو لماذا أختير شاباً كردياً ، ومن منطقة الجزيرة بالذات ، للعب هذا الدور الرئيسي في المسرحية الإستعراضية ، والتي يتوهم أغبياء الأجهزة الأمنية أنها ستنقذ رؤوسهم من التسليم للقاضي الدولي بتهمة تخطيط وتنفيذ جريمة إغتيال الرئيس الحريري ؟ هدفهم الأول من ذلك بإعتقادنا ، كان لطمأنة لجنة التحقيق الدولية بالوثوق به ، لأنه معروف للقاصي والداني معاناة أبناء الشعب الكردي في سورية الطويلة المريرة مع هذا النظام الديكتاتوري ، وحرمانه لهم من أبسط الحقوق الإنسانية كحق المواطنة وتملك الأرض ، ناهيك عن حقوقهم السياسية والثقافية المشروعة بوصفهم القومية الثانية في البلد . الهدف الثاني ، إظهار الأكراد السوريين كخدم للنظام ، ينفذون مخططاته بإخلاص .. وهذا ما تجلى في ردود أفعال بعض الموتورين على صفحات الجرائد العربية والإنترنيت . الهدف الثالث وهو الأخطر والأخبث ، أن يظهر كردياً سورياً ليمتدح النظام الديكتاتوري وممارساته في لبنان ، وليشيد بأزلامه وأذياله سواء القابعين وراء القضبان من جماعة جميل السيد ، أو الفالتين على الشعب اللبناني وعيداً وتهديداً وترهيباً من أمثال السيد نصر الله وجبريل وقانصوه ، وصولاً إلى إمتداح الدور التخريبي الإيراني في المنطقة ، بحجة دعم المقاومة . . وبهذا الهدف الأخير ، يكون النظام البعثي قد حاول دق إسفين بين الشعبين الكردي واللبناني ، لمنع إتحاد قواهما في سبيل الخلاص من هيمنته وتسلطه وجوره . وما يعزز كلامنا هو تأكيد الشاهد المزيف حسام طاهر حسام على " كرديته " أكثر من مرة ، وتلقينه من قبل أجهزة الأمن لكي يسوق كلام طائفي بغيض مثل : " قالوا لي في لبنان ، أنتم السنة والأكراد غالبية الشعب السوري ، فكيف تسمحون لنصف مليون علوي بالتحكم فيكم ؟!" .. وكذلك محاولة التشويش على المواقف الوطنية والعربية للأستاذ وليد جنبلاط ، بزعم أنه مازح هذا الشاهد الكردي قائلاً له : " نحن أقرباء ! " ، ملمحين إلىالأصل الكردي للعائلة الجنبلاطية العريقة في لبنان .
ونرجو أن يكون وليد بك ، وغيره من السياسيين اللبنانيين الأصيلين ، قد أخذوا العبرة من قضية هذا الشاهد المزيف ، وألا يتهاونوا في مواقفهم من النظام الديكتاتوري البعثي أو يبرروا سياساته تجاه شعبنا الكردي ، بحجة الحرص على الوحدة الوطنية وعدم تكرار مثال العراق . ومطلوب أيضاً من الحركة الكردية في سورية التحاور مع اللبنانيين المخلصين على إختلاف تياراتهم وإنتماءاتهم ، وتقديم صورة متكاملة عن معاناة شعبنا الكردي خاصة والسوري بشكل عام تحت ظل الديكتاتورية ومقارنتها بمعاناة الشعب اللبناني طوال ثلاثين عاماً بظل هيمنتها على وطنه . وبهذه المناسبة ، لايمكن للمرء إلا أن يستغرب لموقف المعارضة السورية ، العاجزة عن لعب مثل هذا الدور الهام على صعيد العلاقات السورية اللبنانية ؟ فبحجة عدم إثارة حساسية النظام الديكتاتوري البعثي ، يتم تشجيعه على التمادي أكثر فأكثر على توتير العلاقات بين الدولتين الجارتين وشحن الأحقاد تجاه الشعب اللبناني .
كلمة أخيرة لابد من قولها ، بخصوص هذا الشاهد المزيف . وهي أن المقارنة الآن بين قضيتيْ إغتيال الرئيس الحريري والشيخ الخزنوي ، أضحت لا مفر منها وخاصة أن مسرحية تطابق تبني الجريمتين من قبل جماعات أصولية مزعومة ، تشير بإصبع الإتهام لنفس الجهة الأمنية السورية المسؤولة عن التخطيط والتنفيذ . ولا ننسى أنه في جريمة إغتيال المرحوم الخزنوي ، تمّ تقديم شهادات مفبركة وملاحقة أشخاص راحوا يموتون الواحد إثر الآخر في " حوادث مرور " ، ثم طويت القضية نهائياً فلا تحقيق جرى ولا تم تقديم أحد للمحاكمة ولا من يحزنون !! فهل يكون مصير " الشاهد المقنع " حسام طاهر حسام ، الموت بنفس الطريقة ( وكما جرى للمدعو أبو عدس في قضية الحريري ) ، وعلى أيدي أجهزة المخابرات البعثية نفسها ، التي إنتسب لها وخدمها بإخلاص ، بائعاً شعبه الكردي المضطهد بحفنة من الدولارات ؟؟
#خالد_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
!على نفسها جنت براقش
-
* لماذا قتلتم شاها رمو؟
-
الطلقة الأخيرة- تخطأ !
-
من ابو حمزة المصري الى ابو زكريا الجزائري
-
تفجيرات دمشق المفتعلة وبإخراج فاشل
-
الأكراد سورين ..... ولكن !
-
الأستاذ والتلميذ
-
النظام السوري ومعا رضوه
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|