المثقف العربي وعقلية التعصب

شمدين اكرم شمدين

الحوار المتمدن-العدد: 1390 - 2005 / 12 / 5 - 11:06
المحور: حقوق الانسان
    

تعالت في الآونة الأخيرة وبصورة ملفتة للنظر كتابات تهاجم الأكراد وتتهمهم بالتآمر على وحدة التراب العراقي والعمل على إقامة دولة كردية مستقلة وكأن الأكراد ليس من حقهم أن يحلموا وان يطمحوا إلى العيش بسلام ضمن حدودهم الجغرافية والتاريخية المعروفة والتي يعرفها العرب والعالم اجمع باسم كردستان أو ارض الجبال هذا الشعب المتواجد على ترابه التاريخية منذ الألف الثالثة قبل الميلاد حينما تسلم الملوك اللوليون السلطة في أراضي سومر ثم ظهر في كردستان الشعب الكاشي الذي يعتبر أجداد الكرد الحاليين وعلينا أن لاننسى الميديين ذلك الشعب العظيم الذي انشأ إمبراطورية ميديا الكبرى التي أهدت الفرس الحاليين كل معارفهم وما النار الميدية التي عرفها اليونانيون القدماء بهذا الاسم إلا عنوانا صارخا للحضارة الضاربة في القدم الموزعة على أجزاء كردستان الأربعة وإذا كان بعض المثقفين العرب ما زالوا غارقين في بحار التعصب القومي الذي ألغى قوميات كثيرة كانت متواجدة على ترابها وشاءت الإرادة الاستعمارية أن تصبح تحت حكم العرب فان التاريخ يبين إن الشعوب المضطهدة والأكراد واحد منها لا بد وان تنهض في يوم ما وان تنتزع حقوقها المشروعة وفق جميع القوانين والمواثيق الدولية وخاصة المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص صراحة على إن من مقاصد الأمم المتحدة إنماء العلاقات الدولية بين الأمم على أساس احترام مبدأ المساواة في الحقوق للشعوب وحقها في تقرير مصيرها
ومن هنا أتوجه إلى هؤلاء المثقفين الذين ما يزالون يعتبرون صدام حسين بطلا قوميا بسبب بعض الصواريخ التي أصابت الأرض الخلاء في إسرائيل بينما ظل طوال سنوات عدة يضطهد شعبه ويقمعهم اشد القمع حتى وصل به الحال إلى استخدام الأسلحة الفتاكة ضد هم ,لأبين لهم النقاط التالية :
1- إن الأكراد هم أخوة العرب في الدين والتاريخ وقد دافعوا عن التراب العربي بشرف وإخلاص وعلى العرب أن يعيدوا أواصر المحبة والإخوة معهم ويبتعدوا عن سياسة التخوين فالكرد ليسوا بعرب بل أخوة متساوون معهم .
2- على المثقف العربي أن يترك سياسة الكيل بمكيالين بحيث يشرع لنفسه ما يحرمه على غيره فهو يطالب بإقامة دولة فلسطينية ويعارض في الوقت نفسه حق الكرد في الدولة بحجة تقسيم العالم العربي بينما يغض النظر عن جنوب السودان والصحراء الغربية وغيرها .
3- إن اتهام الكرد بالعمالة للأمريكان يُظهر جهلا شعبيا عربيا فصلاح الدين كان كرديا ولن ينساه الغرب أو اليهود ثم إن معظم الدول العربية والحركات المعارضة تقيم علاقات استخباراتية مع أمريكا وان الطائرات الأمريكية التي ضربت العراق خرجت من الخليج ومرت عبر قناة السويس فأين كان دور الأكراد في كل ذلك .
4- إن هؤلاء المثقفون الذين دأبوا على مهاجمة الغرب واتهامه بتقسيم العام العربي وفق اتفاقية سايكس بيكو والذين ظلوا طوال عقود يستنكرون الحدود بين الدول العربية ويتهمون الدول المجاورة باغتصاب الأجزاء الشمالية والشرقية من الوطن العربي أصبحوا اليوم يقدسون هذه الحدود ويبيحون القتال من اجل شبر هنا وهناك وخاصة عندما يتعلق الأمر بكردستان المذكورة في جميع كتب التاريخ الإسلامية وذلك حينما كان المتعصبون القوميون العرب خارج السلطة.
5- إن القوميين العرب قد اثبتوا فشلهم في القيادة وقادوا شعوبهم إلى المهالك والويلات والمطلوب من المثقف العربي أن يسير في ركب الإنسانية ويتبنى الديمقراطية والمساواة وحقوق الشعوب كإطار عام لكتاباته وأرائه
6- إن الشعارات التي يطلقها بعض القوميين العرب الذين يظنون أنفسهم الأصح دائما وإنهم بأعمالهم وأفعالهم إنما يدافعون عن أمتهم هم في الحقيقة يثيرون البغضاء والحقد بين الشعوب ويبيحون سفك الدماء التي حرم الله سفكها إلا بالحق والحق هو إقامة مجتمع عربي يؤمن بحقوق الآخرين كما بحقوقه فضلا عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.

وخلاصة القول إن العالم يتغير وان الشعوب بدأت تأخذ زمام أمورها بنفسها والطريق الطويل الذي يؤدي إلى شاطئ الحرية و الكرامة والذي كان وما يزال يمتلئ بالعقبات والصعاب لن يثني الأكراد رغم كل الظلم الذي عانوه عن المضي إلى نيل حقوقهم المشروعة والى العمل مع الأخوة العرب الشرفاء على نشر مبادئ الإخاء والمساواة رغم انف كل المتعصبين ومثقفي المال و بائعي الضمير.

#شمدين_اكرم_شمدين (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات