أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف أحمد إسماعيل - مواطن بأوراق ناقصة














المزيد.....

مواطن بأوراق ناقصة


يوسف أحمد إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 5142 - 2016 / 4 / 24 - 14:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في بداية التهجير ، كان الهمّ مقيماً في التفاصيل اليومية التي رفضت الخروج من جذورها، وبقيتْ في الذاكرة والدمِ تعشّش في المخيّلة ، وترسم شكل الوطن ! حيث يُعَرَّفُ ، للتوضيح ، بأنّه، هو بيتك وأهلك وجيرانك وسهراتك وصحبتك وضحكتك وغضبك وفرحك وحزنك ، مع كل من ساهم في عيشك بشكل إيجابي أو سلبي ... إنه كل ذلك ..؟!
مع هذه الحرارة في التفاصيل، يبقى الوطن شاهداً يومياً على عذاباتك ، ولذلك تلجأ إلى الإعلام لتسمع وترى أخباره الكبرى، اطمئناناً على تفاصيلك الصغيرة .. ولكن حين يطول تهجيرك ، وتتراكم الأحداث والأيام والتفاصيل الصغيرة، بغيابك وغيابهم، ما الذي يحدث بداخلك ؟! لعله ، من أول الانعكاسات السلبية أنك توقف الزمن عند لوعتك المنقضية، وتجمّده حيث غادرتَ تفاصيلَك ، وأوقفت تراكمها ، لتنشئ، رغماً عنك ، ذاكرة جديدة ... ذاكرة قد لا تعجبك ؟! وقد تؤلمك ، وتطحن عظامك ، وتحيلك أو تهيّئك للموت البطيء، ولكنها حالة ، في حدودها الدنيا ، هي شكل من تفاصيلك الجديدة .. قد لا تستند ، وهذا غالباً ، على تفاصيلك القديمة التي غادرتها أو غادرتك ، ولكن المطلوب منك أن تعيش فيها بلا روح أو طعم أو حرارة ، ولذلك قلنا : إنها قد تؤدي بك إلى الموت البطيء.. حينها يتصاعد حنينك إلى ذاكرتك المنقضية هناك، وتفاصيل عيشك الماضي ، ويصبح الوطن طيفاً، أو حلماً ، صُنع للإمعان في وجعك ..
حين يطول التهجير ، وتتراكم التفاصيل ، عندك وعندهم ، بعيداُ عن المشاركة المتبادلة ، يتحوّل التواصل إلى جزء من العالم الافتراضي الذي يحمل ألوان الأخبار في الإعلام ، مرة بحيادية، ومرة باستغراب، ومرة بحزن عابر ؛ ولكن كل ذلك الاهتمام لن يتجاوز الدقائق المعدودة ، أو التعليقات السريعة . وفي ذلك الوجع العميق والباهت في الوقت ذاته، تكون قد ضيّعت ، رغماً عنك ، ذاكرتك القديمة وحولتها إلى ألبوم صور ، دون قصد أو دون لوم ..وحينها تتحول إلى مَسخ ، يكابد من خلال قدرته على تعداد الأيام ، وهو ينظر في الفراغ؛ لأن الوطن أصبح بعيداً دون تفاصيل وجزئيات، تشارك في صناعتها، مع من كان يمثل الوطن لديك ..
قد نلجأ في اعتراضنا على ذلك إلى المقولات الكبرى ، مثل ، عليك أن تكون واقعياً، وتثبت ذاتك في هجرتك ؟! نعم عليك فعل ذلك من أجل أن تكون مبدعاً في قدرتك على التلاؤم والعيش ، ولكن يجب التنبيه، حينها، أننا نتحدث عن المهجَّر وليس المهاجر ، كما نتحدث عن الوطن الذي تشكّل من تفاصيل ذاكرتك، وليس الوطن الذي سيتشكّل من تفاصيل اندهاشك في الفرجة .. أو من تفاصيل وجعك في الغربة أو من تفاصيل التزامك بالقوانين التي تنظّم علاقتك مع الجيران والزملاء والعابرين بك .
في تحوّل الوطن عند المهجّر إلى فكرة معذّبة بعد أن كان عيشاً ومشاركة ، يمثّل جريمة تُرتكب بحق المواطن المهجّر أولا والمواطن المهجور ثانياً ؛ هذا على المستوى الفردي ، وبحق الوطن ككيان اجتماعي على المستوى العام ... فإلى أي المحاكم سيلجأ المهجّر من سورية ؟! وماذا سينفع الانتصار لحقه في محكمة ما ، بعد أن تحوّل الوطن لديه إلى فكرة ؟! وتحوّل هو في نظر الوطن إلى أثر من آثار الهزيمة والانكسار ، ويتحول خلالها إلى مواطن بأوراق ناقصة ، وغالباً ، وفي كل الدكتاتوريات العريقة ، مواطن بأهلية ناقصة ، ولذلك إذا لم يساندها ، حين تحتاجه ، تفتح أوراق تهجينه ، وتسحب منه أوراق انتمائه إلى الوطن ؟!



#يوسف_أحمد_إسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وطن بلا حرافيش
- سرود قصرة (10 )
- سرود قصيرة (9)
- سرود قصيرة(8)
- سرود قصيرة (7 )
- مفارقات
- سرود قصيرة (6)
- سرود قصيرة (5)
- سرود قصيرة (4)
- المعارضة السلمية (3)
- المعارضة السلمية (2)
- المعارضة السلمية(1)
- الشارع السوري - توصيف في الحالة السورية -
- سرود قصيرة (3)
- من راية الانتداب إلى راية الاستبداد
- الإعلام المحرِّض - توصيف في الحالة السورية -
- سرود قصيرة
- العنف والوعي الاجتماعي - توصيف في الحالة السورية -
- مفاوضون بلا حقيبة - توصيف في الحالة السورية -
- أنا من هنا . أنا من هناك - توصيف في الحالة السورية


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف أحمد إسماعيل - مواطن بأوراق ناقصة