|
لماذا لم يتحرر المسلمون من استبدادهم ؟
الطيب طهوري
الحوار المتمدن-العدد: 5141 - 2016 / 4 / 23 - 11:29
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
خضعت شعوب الشرق طوال تاريخها لحكم الاستبداد .. كل شعوب هذا الشرق تحررت من ذلك الاستبداد في حاضرها ودخلت عالم الحداثة من بابه الواسع .. وحدهم المسلمون لم يتحرروا بعد..ولا يبدو أنهم سيتحررون في المنظور القريب.. لماذا؟ يبدو لي أن هناك مجموعة معيقات/سباب منعت وما تزال تمنع المسلمين من إمكانية تحررهم: 1 - ارتباطهم العميق ذهنيا ونفسيا بعالم الآخرة جنة ونارا، حيث يعوضون بأملهم في الدخول إلى الجنة والتمتع بما يعتقدونه فيها من خيرات لا مثيل لها في دنياهم كلها ، ماهم فيه وعليه من حياة يعيشون فيها محرومين من الكثير من المتع التي يرونها لدى الشعوب الأخرى، حيث إن ذلك التعويض الذي يملأ مخيلاتهم يشل تفكيرهم في التنظيم والنضال من أجل تغيير أوضاعهم نحو الأفضل، ويدفعهم أكثر إلى التدين المفرط صلاة وصياما وحجا وعمرة لتأكيد أحقيتهم في الدخول في تلك الجنة..كما يعوضون عن النضال الذي يفتقدونه ولا يرون أنفسهم في حاجة ماسة إليه، ما يتصورونه من عذاب سيلحق ظالميهم من مستغليهم وحكامهم ومسؤوليهم عموما في جهنم.. عمق ويعمق ذلك التصور ما يكثرونه من أدعية يرفعون بها أيديهم وأصواتهم في كل صلواتهم تقريبا طالبين من إلههم االانتقام لهم من أولئك الظالمين في أوطانهم، ومن ظالميهم من خارج أوطانهم أيضا.. يمكن القول أيضا بأن هذا الارتباط العميق بعالم الآخرة ، ومانتج عنه من تخلّ عن التنظيم والنضال،قد سمح لأنظمة ٍالاستبداد بالترسخ أكثر في هذا العالم الإسلامي ، حيث تشعر تلك الأنظمة بالأمان ، كما جعلها تتمادى أكثر في فسادها ، حيث لا وجود لقوة منظمة تراقب ممارساتها وتحاسبها على فسادها ذاك.. 2- إيمانهم المطلق بالقضاء والقدر خيره وشره، واعتبارهم كل ما يصيبهم من خير أو شر ، سواء على مستواهم الفردي أو على مستواهم الجماعي هو من إرادة الله، ولا راد لإرادته( كما يقولون دائم)،حيث أدى ذلك (الإيمان) بهم إلى غلق عقولهم عن التفكير في أوضاعهم ،و إلى شلها عن طرح الأسئلة عن مسببات ما هم عليه وفيه، وعن كيفية الخروج من أزماتهم الكثيرة، ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية التي تواجههم.. 3- هناك عامل آخر أعتبره أساسيا جدا في ترسخ ظاهرة الاستبداد سياسيا واجتماعيا في واقع المسلمين، ومنعهم من ثمة من التحرر منها ( ظاهرة لاستبداد).. يتمثل هذا العامل أساسا في هيمنة العقلية الذكورية البدوية على الإنسان المسلم، حيث تغيب المرأة بشكل كبير عن الفعل الاجتماعي ككائن من خلال طمس حريتها وإرادتها ومنعها من إبراز قدراتها ومن ثمة نفي فاعليتها لاجتماعية.. وفي المقابل ينظر إليها على أنها كائن لا دور له سوى إمتاع الذكر والمحافظة على نسله.. صحيح أن ما يبدو ظاهريا يوحي بأن نظرة المجتمع الذكوري للمرأة قد تغيرت، حيث نجدها عاملة ومسؤولة..و..و..لكن العمق النفسي والفكري والسلوكي من ثمة ما يزال ذكوريا لدى أغلب الناس في هذا المجتمع المسلم، حيث يعم الجهل وتغيب المقروئية بشكل كبير، وحيث الفكر لأصولي ينتشر بين شبابنا بشكل أكبر، وحيث عقلية القطيع تسيطر على العموم مغيبة بذلك ذاتية الفرد الحر، ومحاربة فكر الاختلاف في الرأي والمعتقد.. غني عن القول أن تلك النظرة الدونية الذكورية للمرأة تعكس بشكل أو بآخر عجز هذا الذكر الاجتماهي عن النضال من أجل تحرير نفسه من احتقار المستبد المتنفذ له، وهو العجز الذي أشرنا إلى سببيه الأساسيين سابقا.. 4- لا ننسى أيضا تلك العقلية الريعية التي تربى عليها الفرد العربي في معظم بلاد االمسلمين عبر التاريخ، وهي الاعتماد على الآخر غير المسلم في معيشه،غزوا وسبيا ونهبا من خلال غزو القبائل العربية لبعضها في جاهليتها، ثم غزوا ونهبا وسلبا أيضا بعد إسلامهم ( بشكل مباشر أحيانا أثناء الحروب التي يتم الانتصار للعرب المسلمين فيها، أو بشكل غير مباشر فيما يسمى بالجزية..دون ن ننسى ظاهرة تجارة العبيد واستغلالهم في مختلف الأعمال لإشباع حاجات السادة لمسلمين ، أو تحقيق الأرباح لهم، كما كان الحال مع ما عرف تريخيا باسم الزنج في عهد الدولة العباسية ... وهي العقلية التي حكموا بها مختلف البلدان التي فتحوها باسم الإسلام).. ثم ريعا بتروليا في حاضر اليوم .. بدت هذه العقلية وما تزال أيضا في تصدير مختلف الموارد الطبيعية الباطنية أساسا كالبترول والمعادن واستيراد مختلف السلع الضرورية والكمالية ، وعدم التفكير ( غالبا) فيما يعوضهم مستقبلا عما يصدرونه في حال نفاذه أو هبوط أسعاره، وهو ما تعيشه اللحظة مجمل الدول العربية النفطية، والدول غير النفطية التي كانت تتلقى المساعدات منها.. بدت وتبدو كذلك في ظاهرة استغلال مناصب المسؤوليات لخدمة المصالح الشخصية وفي الرشوة ونهب المال العام ، وفي سياسة اللاعقاب التي تسود هذه المجتمعات عموما..إلخ..
#الطيب_طهوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عالمنا العربي يتردى أكثر..ماذا نحن فاعلون؟
-
عطشي الأرض..وأمطار يديك النار
-
شيء من العشب..أو ..من دمي
-
واصل غناءك أيها الرمل..واصلي رقصك أيتها النار
-
النهر يعشق أيضا
-
أطلال أخرى..
-
مر من جسدي
-
تلك الرسائل ما أروعها
-
الفتى..كل هذا الجسد
-
مريم
-
أبجدية لخماسيات جزائرية
-
إفريقيا بين السواد وزوارق أزرق الأحلام / الأوهام
-
رواية حنين بالنعناع لربيعة جلطي...... الخطر داهم..يا مثقفي ا
...
-
هذا ما وجدنا عليه آباءنا
-
اللاجئون، الغرب والمسلمون ( خواطر)
-
انطباعات عائد من تونس
-
من طرائف جدتي
-
قصائد قصيرة
-
(كلنا قطعان، أنتم ونحن) قالت الحيوانات
-
خواطر عن الفتح..وعن الغزو أيضا..
المزيد.....
-
مكتب التحقيقات الفيدرالي: منفذ عملية الدهس في نيو أورليانز ا
...
-
خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة 2025 “انا أنا البرتقالة” ..
...
-
لماذا أوقف لبنان عبدالرحمن القرضاوي وما مصير قضيته؟
-
-الجماعة الإسلامية- بلبنان تدعو لإطلاق سراح القرضاوي
-
ماما جابت بيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 لمشاهدة أفضل
...
-
ماذا نعرف عن منفذ هجوم نيو أورليانز المشتبه بتبنّيه لأفكار ا
...
-
من -البعثية- إلى -الإسلاموية-...كيف تفاعل رواد مواقع التواصل
...
-
السيد الحكيم: الأمة الإسلامية تمر بمنعطف حساس
-
شرطة الاحتلال تقتحم حي سويح ببلدة سلوان جنوب المسجد الاقصى ا
...
-
“ضحك طفلك وابسطه الان” تردد قناة طيور الجنة الجديد على الأقم
...
المزيد.....
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
المزيد.....
|