|
فرويد أو الذات باعتبارها نصا
الحسن علاج
الحوار المتمدن-العدد: 5136 - 2016 / 4 / 18 - 22:47
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
فرويد ، أو الذات باعتبارها نصــــــــــا مما لا ريب فيه ، أن النظريات الفرويدية قد عملت على تغذية الفكر الحديث للكتابة ، وذلك لأنها تعتبر الذات (sujet) ، قبل كل شيء ، بناء لُغَويًّا. إن أي شخص ، بالنسبة لفرويد ، انشغل بالأدب أم لا ، فإنه " يَنكَتِبُ " ، إلى حد ما ، يعيد بلا انقطاع صياغة المتخيلات fictions) (التي تشكله ، بوعي أو بدونه . آن إيمَّانويل برغر 1 ترجمة : الحسن علاج يعتبر فرويد ، في نواحٍ عدة ، أول منظر عظيم لما يسمى بال" كتابة " في السبعينات : فإذا كان مفهوم الكتابة يعني جيدا الكتابة الأدبية ، فإنه سيتم البحث صحبته [مفهوم الكتابة] على مستوى أدنى من أجل تمييز الأدب كمؤسسة ثقافية أو كممارسة اجتماعية بدلا من التشديد على ما يتم تسميته كذلك ب"عمل اللغة " .ينبغي على عمل اللغة أن يُفهم ضمن البعد الذاتي والموضوعي المزدوج للمضاف إليه génitif) ( : وكذلك الطريقة التي يكون فيها الكاتب ، مجيدا للغة ، منقبا ومدققا في هذه اللغة أو تلك ، وكالطريقة التي تكون فيها كل ذات " يتم تشغيلها " ، بعدم علمها أو بعلمها بذلك ، من خلال اللغة التي تمنحها شكلا ومكانا ، وفقا لصنف لغة أو لغات عدة يتم تلقيها أو يتم تعلمها . بهذا المعنى ، فإن عمل اللغة يشير إلى الطريقة التي " تَنكَتِبُ " من خلالها كل ذات ، إذا جاز قول ذلك ، من خلال حقيقة انطباعها في ، وتشكل عبر ، اللغة . مع إيلاء اهتمام خاص بترحلات وانزياحات الخطاب ـ بالتفكير في طبيعة وشكل كلمات النكتة ، مثلا ، أو بالتنظير لفلتات اللسان 2lapsus) ( ـ ، بالاهتمام ، مثلما سوف يفعل بروست ذلك ، ببعض نماذج القياسات التي تعمل ، كما الحال على لوحة سحرية ، إظهار " حقيقة " الذات حتى في ملفوظ كذبه ـ أفكر في تحليله المضحك مثلما هو مضيء لما يسميه ب" منطق المرجل " ـ ، بالاعتكاف على مشكلة الرمزية الحلمية و ، بطبيعة الحال ، بتأويل لغة الحلم ، فقد وضع فرويد الإصبع جيدا على الإواليات الأساسية التي تجعل من " الكتابة " ممكنة ، لكن أيضا معقولة . كان علماء الشعرية في القرن العشرين ، في الطليعة ومن ضمنهم رومان ياكوبسون Roman Jakobson) ( 3، باعتباره مبتكرا لل"شعرية " Poétique) (كعلم للأدب ، لم يكونوا لينخدعوا بذلك ، وقد سجلوا أعمالهم في أعقاب الاكتشافات الفرويدية . ولطالما ألَحَّ ياكوبسون على تصوره للغة ، وخاصة [تصوره] للغة " الشعرية " ( بمعنى ، الأدبية ) ، كان مدينا للتحليل الفرويدي لِلُغةِ الحُلُمِ . إن تنظير ياكوبسون للعبة محوري الاستعارة والكناية ، لاسيما الامتداد الذي تمنحه اللسانيات لتلك التنظيمات المجازية tropologique) ( ضمن تصوره لبَنيَنَةِ اللغة ، هما مدينان للتحليل الفرويدي للغة الحلم ، ولاسيما إضاءة فرويد لعمل الانتقال déplacement) ( والتكثيف condensation) ( للوحدات الدالة لتحضير الحلم . يعتبر فرويد ـ لا أستطيع البرهنة على ذلك هنا ، على أنه من الضروري إعادة قراءة ، على سبيل المثال ، النص الذي خصصه سنة 1908 للخلق الأدبي والحلم المتيقظ ـ أول مفكر عظيم حديث لل" استبدال " substitution) (، من ثَمَّ العملية المجازية ، في بعدها النفسي ، غير القابلة للتفريق ، واللساني مفتتحا خطا للتفكير يمتد إلى دريدا Derrida) ( مرورا بلسانيات ياكوبسون ومراجعتها اللاكانية ( نسبة إلى لاكان Lacan) ( ) . أدب وتحليل نفسي يوفران على حد سواء معارفَ تطبيقيةً حول منطق الرغبة إذاً فقد كان لاكان Lacan) (على صواب بقوله العودة إلى رسالة فرويد ، والتي أجاد قراءتها ، رسالة فرويد إذاً ، عندما عرَّف الكائن البشري مثل " ذات متكلمة " parletre) ( ، حينما ربط مفهوم الذات نفسه ، بالمعنى التحليلنفسي للكلمة ، بمجال اللغة التي لولاها ما كان لل"ذات " أن تقوم لها قائمة وتتعين كما هي ، وعندما يقول في المقابل ، سيرا على أثر فرويد وياكوبسون ، بأن اللاشعور مبنين مثل لغة ، فيما يخضع هو نفسه إلى لعبة الاستبدال substitution) ( ، الاستعارية ( عَرض) والكنائية ( رغبة ) . إن كل ذات ، باعتبارها ذاتا متكلِّمة ، تكون ضحية لفخاخ اللغة . فإذا لم يكن كاتبا ، ولاسيما كاتبا جيدا ، يرغب ، بالرغم من ذلك ، في أن كل ذات تعتبر وفقا لذلك المعنى كاتبا في الطليعة . من ثَمَّ الإغراء الذي أسر العديد من الذوات المتكلمة للكتابة ، شريطة توفرهم أو توفرهن على منفذ كافٍ لكنوز اللغة ؛ ومن ثم أيضا التساهل الذي يُتخذ لصالح كاتب ما ، ما دمنا كلنا حالمين ، وموضع أحلام . ــ هوامش المصدر : Le Magazine Littéraire ) (يونيو 2014 عدد 544 1 ـ آن إيمانويل برغر Anne – Emmanuelle Berger) (ناقدة أدبية ، ناقدة " ثقافية " ومحللة لقضايا " النوع " ، وهي معروفة في الوقت الراهن على الصعيد الفرنسي والأمريكي . ذهبت في سنة 1984 للتدريس في الولايات المتحدة الأمريكية حيث أصبحت أستاذة لتدريس الأدب الفرنسي . وفي سنة 2004 عادت إلى فرنسا لتدريس الأدب الفرنسي ودراسة النوع . وهي تدير حاليا مركز الدراسات النسوية ودراسة النوع بجامعة باريس 8. 2 ـ فلتة اللسان : خطأ يتم ارتكابه أثناء الكلام ، في الكتابة ، من خلال الذاكرة ، عبر الحركات . وهو يكمن في أن شخصا ما يعبر عن شيء آخر غير ما كان يتوقع التعبير عنه . وهو من وجهة النظر اللسانية ، استبدال صيغة بصيغة أخرى . 3 ـ رومان ياكوبسون : (1896 ـ 1982) ، مفكر روسي أصبح واحدا من علماء اللغة الأكثر تأثيرا في القرن العشرين وذلك بوضعه اللبنات الأولى لتطور التحليل البنيوي للغة ، للشعر والفن . [email protected]
#الحسن_علاج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عزلة الفيلسوف
-
فن المالنخوليا
-
حوار مع باتريك موديانو
-
حوار مع ميلان كونديرا
-
ما لا يمكن الكشف عنه
-
شاعر في مواجهة الهاوية
-
جاك دريدا -أن نترك له الكلمة الأخيرة-
-
أنطونيو تابوكي كتب اللاطمأنينة
-
لودميلا ساراسكينا :- كل ما بَشَّر به حَدثَ -
-
بابِلُ والثقافة
-
ريجيس دوبري : التفكير في الديني
المزيد.....
-
وزارة العدل الأمريكية تتهم إيران بالتورط في خطة اغتيال مأجور
...
-
-لحظة إصابتها وسقوطها-..الحوثيون يعرضون مشاهد لإسقاطهم مسيّر
...
-
نيبينزيا: مؤسسات الرعاية الصحية الروسية تتعرض بانتظام لهجمات
...
-
ضجة في إسرائيل عقب أحداث أمستردام
-
إيران: امتداد المواجهة مع إسرائيل دولي
-
فوز ترامب يخيم على قمة بودابست
-
كيف سيتعامل ترامب مع إيران وبرنامجها النووي؟
-
وزارة العدل الأمريكية تتهم إيرانيا بالتخطيط لاغتيال دونالد ت
...
-
إشكال دبلوماسي قديم جديد بين فرنسا واسرائيل ..ما الرسائل؟
-
ما جدوى مقترح -تقدم- بإنشاء مناطق آمنة لحماية المدنيين بالسو
...
المزيد.....
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
المزيد.....
|