نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 5136 - 2016 / 4 / 18 - 21:43
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
بعد أن احتل الامريكان مدينة الناصرية في نيسان 2003 .
هبت الناصرية متوجهة الى مبنى المحافظة يوم سمعوا ان السياسي المعارض أحمد الجلبي جاء مع جيشه الذي كان يدربه في براغ وسيلقي خطابا من شرفة مبنى المحافظة .
ذهبت مع الناس لارى هذا الرجل الذي رحل عن عالمنا الآن ، فأطل على الناس بأبتسامة عريضة وكانت ابنته معه وتحدث عن وعود التحرير ، المباني الجديدة ومدن الالعاب والمشافي والشوارع المبلطة والحصول على الفيزا بيوم واحد الى اي بلاد في العالم . وختم خطابه : مدينتكم التي عذبها الدكتاتور تستحق كل هذا وستتحول الى جنة ما دامت هي موطن ولادة النبي ابراهيم الذي سازور بيته بعد هذا التجمع .
وفعلا ، غادر المرحوم ( الجلبي ) مبنى المحافظة الى قاعدة اور الجوية القريبة بنصف ميل من بيت النبي السومري ، ولم تعد الناصرية تراه الى يوم وفاته.
أنا لايهمني خطاب الجلبي ، بل يهمني الشرفة الجميلة لمبنى المحافظة والتي منها القى خطابه ، فبعد طلة الرجل علينا تم اهمال المكان وقصف بالطائرات والمدفعية في بعض اجزاءه ولكنه بقيَّ شامخا حتى الامر الحكومي المحلي بتهديم البناء ، وكان بالامكان اعماره بسهولة لكنهم ربما كانوا متقصدين في قتل بعض من جمال الذاكرة المعمارية للمدينة .
وحتما المقاول الذي هدم البناء باع طابوقة ( الجف قين ) الاملس والاثري بأبخس الاثمان وليتحول المكان الى كراج للسيارات وسط اكوام التراب والسكراب والفوضى.
كلما امر على الاطلال الخربة للمكان ، واتذكر لمعان الطابوق الاصفر والايوانات والممرات والغرف العالية لهذا المبنى الاثري والاداري الذي عاش عهود الملكية والجمهورية ، يسكنني الالم والحسرة والتسائل :كيف فكر المسؤول بتهديم شيء من حضارة مدينته ، وقبل ذلك هدموا مبنى البلدية ذو الطراز المعماري الجميل وبيوت الشناشيل اليهودية في شارع التوراة ونادي الموظفين في الناصرية ومبنى سينما الاندلس والبطحاء الشتويتين ومبان اخرى.
الآن أتساءل : لو كانت تلك الابنية في مدينة اوربية ، هل يتجرأ اي مقاول ليبيع طابوقة واحدة .
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟