|
الإرهاب واحد سنياً كالن أم شيعياً ولا حل لأزمة العراق غير الديمقراطية والنظام العلماني
حامد الحمداني
الحوار المتمدن-العدد: 1389 - 2005 / 12 / 4 - 13:38
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لم يكن حلم الشعب العراقي بإسقاط نظام الطغيان الصدامي الفاشي لكي يجد البديل لذلك النظام المتوحش طغيان جديد اشد وحشية أكثر خطورة على مستقبل العراق ومواطنيه ، طغيان يتخذ من الدين الإسلامي الحنيف ، ومن الطائفية البغيضة ستاراً له لتنفيذ أجندة سياسية تهدف إلى الهيمنة على مقدرات البلاد ، وإعادة عقارب التاريخ إلى ما قبل 14 قرناً من الزمان .
ويتخذ أصحاب هذا التوجه من الدين وسيلة للتدخل في كل شؤون المواطنين الشخصية فارضين أجندتهم بالعنف والقوة التي وصلت إلى حد القتل الجماعي الوحشي البشع من خلال السيارات المفخخة والعبوات الناسفة والاغتيالات والاختطاف والاغتصاب والتعذيب الذي تمارسه العناصر التي تحسب نفسها على الطائفة السنية .
كما تمارس الأحزاب الدينية المحسوبة على الطائفة الشيعية الاعتقالات العشوائية والتعذيب الجسدي والنفسي بحق المعتقلين سواء جرى ذلك من قبل الأجهزة الرسمية التي تهيمن عليها تلك الأحزاب ، أو من قبل الأحزاب نفسها خارج سلطة القانون والدولة كما هو جاري الآن من قبل[ منظمة بدر] ، و[جيش المهدي ]، وعناصر[ حزب ثأر الله ] ، و[حزب الله ] ، وغيرها من التنظيمات الظلامية الأخرى ، ومن المفجع أن تستخدم هذه الأحزاب والمنظمات اسم الله جل شأنه ، ودينه الحنيف ستاراً لجرائمها البشعة من الاغتيالات التي استشرت في طول البلاد وعرضها ، ومن خلال سجونها ومحاكمها اللا شرعية واللا قانونية ، فارضة نفسها بقوة السلاح على جماهير شعبنا الذي نكب بنظام الطغيان البعثي الفاشي فيما مضى ، والذي يُنكب اليوم على أيدي تجار الإسلام السياسي الذي نشهده على المكشوف في مختلف المدن العراقية . لماذا هوجم مقر الحزب الشيوعي في مدينة الثورة المسروق اسمها ، وجرى قتل الشهيدين [ عبد العزيز جاسم ] و[ ياس خضير حيدر ] ؟ من الذي دبر الهجوم ومن الذي نفذه ؟ وما هي الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لملاحقة واعتقال القتلة وأحالتهم للمحاكمة لينالوا عقابهم العادل ؟ أنني اشك في أن تكشف لنا الحكومة مرتكبي هذه الجريمة البشعة لسبب بسيط هو الصراع ضد العلمانية والديمقراطية ونحن على أبواب المعركة الانتخابية في منتصف الشهر القادم .
واليوم شاهدت صورة مفجعة عن تعذيب جرى في الناصرية للسيد [ قاسم متعب الغزي [عضو الهيئة الإدارية لأطفال المستقبل] الإنسانية على صفحات موقع شبكة العراق الإخبارية ، وقد بدت آثار التعذيب الوحشية على جسده وذلك على أيدي شرطة الأحزاب الإسلامية التي [تمارس الحد] !! على المواطنين فأي مهزلة هذه التي يعيش الشعب العراقي بظلها اليوم ؟
ولقد وجد أنصار نظام الطغيان الصدامي ضالتهم المنشودة في لبس رداء الإسلام والاستعانة بالعناصر السلفية المجرمة القادمة من وراء الحدود والتي كان قد استقدم الكثير منها الطاغية صدام وحزبه الفاشي قبل الحرب التي أطاحت بنظامه العفن استعداداً لما سماه الجلاد بمعركة الحواسم مع القوات الأمريكية والبريطانية التي كانت تستعد لغزو العراق وإسقاط النظام ، لكي تمارس أنشطتها الإجرامية الانتحارية البشعة والقتل الجماعي ، حيث أوقعت ولا تزال توقع كل يوم العشرات والمئات من الضحايا البريئة بالإضافة إلى الأعداد الكبيرة من الجرحى الذين أصيب الكثير منهم بالعوق الجسماني مدى الحياة . إن العناصر التي تسمي نفسها بالمقاومة كذباً وزوراً هي العناصر الصدامية التي تستهدف استعادة السلطة ، والفردوس المفقود الذي كانت تتنعم به قبل سقوط النظام الصدامي ، والتي تمول نشاطاتها الإرهابية من الأموال التي سرقها النظام الصدامي طيلة 35 عاماً من حكمه البغيض ، والتي تقدر بأكثر من 80 مليار دولار ، وقد دربها النظام المقبور على استخدام مختلف أنواع الأسلحة واكتسبت الخبرة القتالية من خلال الحروب العبثية المجرمة التي شنها النظام ، الداخلية منها والخارجية ، وتركت القوات الأمريكية والبريطانية أسلحة الجيش العراقي المقهور الهائلة سائبة دون حماية أو رقابة ليغرف منها هؤلاء الإرهابيون ، ويستخدمونها في أفعالهم الإجرامية الوحشية ضد أبناء شعبنا المظلوم ، الذي خرج من كابوس ليجد نفسه في كابوس اشد ظلاماً وأقسى . ومن العجيب أن نجد رجال الدين هؤلاء الذين ينظمون أنفسهم اليوم تحت عباءة [ هيئة علماء المسلمين ] صفاً واحداً إلى جانب القوى الإرهابية التي تطلق عليها أسم [ المقاومة الشريفة ]!! ويدافعون عنها بكل صراحة في المحافل الدولية ، وهم الذين سكتوا سكوت الأموات عن جرائم صدام حسين بحق شعبه ، والذي ملأ ارض العراق بالقبور الجماعية . لماذا لم ينبسوا بحرف واحد احتجاجاً على أفعل الطاغية عندما قطّعَ الجلاد جسد الشهيد [عبد العزيز البدري] وجسد [الشهيد محمد باقر الصدر] والشهيدة [شقيقته] والعديد العديد من رجال الدين الشرفاء الذين رفضوا أن يكونوا أداة بيد الجلاد ، يسوّقون جرائمه، ويسبّحون بإسمه من على منابر جوامعهم ، داعين الله أن يحفظ الطاغية لكي يستمر بممارسة جرائمه البشعة .
ولقد كان موقف الأغلبية منهم أكثر من هذا حيث قبلوا ارتباط أنفسهم بمخابرات صدام ، يتلقّون منها خطبهم ، ويقدّمون التقارير عن المؤمنين الشرفاء ، والتي أودت بحياة الكثيرين منهم في أقبية المخابرات ، والأجهزة الأمنية ، ومحاكم الثورة وأحكامها المقررة سلفاً من الجلاد ، ومثارمهِ البشعة التي تفوق كل خيال . لماذا سكتم يا رجال الدين الوطنيين النجباء !! المدافعين اليوم عن الإرهابيين صراحة وعن الجرائم الوحشية التي يندى لها جبين الإنسانية والتي يرتكبونها كل يوم؟ أليس الساكت عن الحق شيطان أخرس ؟ أم أنكم كنتم جبناء فعلاً وآثرتم مسايرة الجلاد ؟ أم أنكم تعللون السكوت بتفاسير من عندكم ما انزل الله بها من سلطان ؟
أيها السادة أن كنتم حقاً وصدقاً مؤمنين أوفياء لله ودينه شيعاً كنتم أم سنة التزموا بدينكم ، ووفروا جهدكم للدين المنزه من المصالح الحزبية والشخصية واخدموا أبناء شعبكم بكل ما أتى به الإسلام من خير ونعمة وسلام ومحبة لبني الإنسان ، وإلا فانزعوا جببكم وعمائمكم واركبوا قطار السياسة ولا تخادعون الله ورسوله . إن الشعب العراقي اليوم يمر بمحنة لا مثيل لها حيث الإرهاب الطاغي على الجبهتين السنية والشيعية ، فالإرهاب واحد وإن تعددت الأوجه والمجازر ترتكب أمام سمع وبصر الجميع ، ومن مختلف المجموعات ، ويبقى شعبنا المظلوم يقدم كل يوم من الضحايا دون أي مبرر سوى الرغبة الجامحة للهيمنة على السلطة ، وبات الإنسان العراقي الذي يخرج من بيته يشك في عودته للبيت سالماً ، بل الأفضع من هذا وذاك أصبح المواطن لا يأتمن على حياته وحياة عائلته وهو في بيته ، بل وفي سرير نومه ، فهل هذا ما كان يحلم به شعبنا المنكوب ؟ إن الطريق الوحيد لإنقاذ الشعب من هذه المحنة يتمثل في قيام نظام حكم ديمقراطي علماني يسوده القانون ، ويتساوى أمامه المواطنون في الحقوق والواجبات ، ويمتلكون حرياتهم الشخصية التي نص على صيانتها القانون دون أي تدخل ، ومن أي جهة كانت ، فلا يجوز أن يفرض نفر متخلف أجندته على الآخرين فالإنسان حر في دينه ، وحر في فكره ، وحر في تصرفاته الشخصية التي لا تتجاوز حرية الآخرين .
الشعب العراقي ، وقد ضاقت به الحال ، ولم يعد يتحمل المزيد ، يطمح أن يسود العراق حكماً ديمقراطياً علمانياً ، وأن ُيؤسسُ جيشٌ وشرطة وأجهزة أمنية بعيدة عن هيمنة الأحزاب السياسية الشيعية والسنية ، يحترمون حقوق وحريات الإنسان العراق ، ويحفظون كرامته ، ويصونون سيادة واستقلال العراق .
#حامد_الحمداني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المشاكل والاضطرابات الشخصية التي تجابه أبناءنا
-
حارث الضاري ومؤتمر الوفاق
-
مقترحات من أجل قانون دولي لمكافحة الإرهاب
-
الأشقاء العرب وجرائم الإرهابيين في العراق والأردن
-
َمنْ يقود النشاط الإرهابي في العراق البعثيون أم الزرقاوي ؟
-
هل الولايات المتحدة جادة في محاكمة جلاد الشعب العرقي صدام حس
...
-
الشعب العراقي وعمرو موسى والجامعة العربية
-
مستقبل الديمقراطية والإصلاح في العالم العربي
-
حكام سوريا والحسابات الخاطئة
-
الحكومة العراقية والتدخل الإيراني المكشوف
-
ماهي حقيقة أزمة الفرطوسي والجنديين البريطانيين في البصرة ؟
-
الأكثرية السنية الوطنية مغيبة ، وصالح المطلك لا يمثل سوى حزب
...
-
بمناسبة طرح موضوع اصلاح منظمة الأمم المتحدة ، هذاهو الطريق ل
...
-
حقوق المرأة العراقية والدستور
-
الدين والدولة وضرورة الفصل بينهما
-
ماذا أعدت قوى اليسار والديمقراطية والعلمانية للانتخابات القا
...
-
فاجعة الكاظمية ومسؤولية الحكومة
-
خاب أمل الشعب بالأمريكان وبكم يا حكام العراق
-
حسناً فعل سماحة السيد السيستاني فهل يلتزم الآخرون ؟
-
التصدي للإرهاب مسؤولية المجتمع الدولي
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|