|
نقد التاريخية قراءة نقدية في فكر عبد الكريم سروش ح2
عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 5136 - 2016 / 4 / 18 - 02:52
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في الفصل الرابع تنولنا موضوع الدين والضرورة ركزنا فيه على التفريق بين الضرورة و مفهوم الضرورية كمفهوم ومدلول فكري في كل الجوانب التي يتواجد فيها في المستوى التشريعي أو الشرعي وحتى في المستوى العقلي العام, فالضرورة التشريعية بمعناها نتاج أزاحه الحكم التشريعي عن محله نحو الحد الأكثري والأقلي ليولد لنا حكم جديد لكنه طارئ أي أنه مع الإقرار به لم يكن حكم أصلي بمعنى أنه ليس من النظام العام الشامل للمنهج التشريعي وبالتالي لا يمكن جعله من موارد الاستنباط الفقهي ,أن القاعدة الفكرية والعقلية بكون المستحدث الطارئ اللا قياسي لا يمكن أن يقاس علية ولا يصلح أن يكون مقياس لأن في ذلك هتك للحد الأقلي وخروج عن النمطية والنسقية التشريعية الواحدة التي تحكم الأقلي. الضرورة التأريخية كما يصفها سمير أسطيفو شبلا "التأكيد على شيء او اشياء سوف تحدث بشكل حتمي "وأضيف كلمة طالما نحن في إطارية التأريخ(حدثت) هنا يكتمل المعنى للضرورة التأريخية أنه قانون الحتم السيروري والذي نضرب له مثلا واقعيا من الحياة العامة هو أن كثرة الظلم والأضطهاد والقمع ضد الشعوب من الضرورة ان يولد أنفجارات تدميرية في المجتمع تتعدد وتتبدل هذه الأحداث حسب قوة الفعل المنشئ للضرورة، هنا نتكلم عن الحتم لا عن الضرورة لأن الحتم ينطلق من منطق السيرورة ونظام التكوين لا من موجبات الحدث فقط. إذن الحتمي لا يشبه الضروري ولا يماثله لأن في الأول وجوبية تقديرية مسايرة للنظام أما الضرورة التأريخية لا تتعدى عن خروج المنطق التأريخي عن قانونه الاستطرادي لمواجهة مسألة محدده وطارئة أي كونها غير سياقية ولا نسقية بالطبع وهذا الخروج لا يمكن جعله قياس أو مقياس أصلي أو منطقي. فيما تناول الفصل الخامس الأصولية النصية والأصولية الدلالية، الصراع بين الأصوليتين لم يقسم الفكر الإسلامي فقط إلى نصيين ودلاليين فقط بل تعدى ذلك إلى نفس هذه التقسيمات بدرجات متفاوتة، وحتى مثلا في المذهب الشيعي الذي ينتمي له الدكتور سروش هناك مدرستين أخباريه تعتمد النصوص والأخبار في بناءها للقراءة ومن ثم تحكيم الأحكام والمسائل وهناك الأصوليين الاستدلاليين العقليين ولكل فريق حججه وبراهينه التي تعتمد العقل في مقابل الجزم بما تستدل به عليه. إن حقيقة أن النص صامت لا ينطق إلا حين يدخل دائرة العقل لأن من يستنطقه ليس بناءه الهيكلي المجرد، ولكن من يستنطقه هو استعارته لسان العقل ليتكلم به على أنه جاء بطريقة أما تشكيكيه أو تساؤليه تبحث في بعدها عن الجواب الحقيقي محاولة بذلك نفي ما جاء كمعطى أو تأكيده إن ثبت العكس ,وما يتشكك فيه هو صورية وكتابة الشكل أو صياغته بأسلوب آخر وعليه فإنّ هذا يدخل في سياق خلق الجو المنطقي والعقلي لدراسة ابعاده أو إيجاد الحل ،وما يجعله بالطّبع يخرج عن كونه صامت وكما يبدوا أنّه كذلك ولكن يحمل في عمقه الفكري مجموعة من الأبعاد والّتي يمكن أن نذكرها هنا ونستخرج منها أفكار. دور المثقف الديني وهو المصطلح الذي يركز عليه سروش في مقالاته كان محور الفصل السادس حيث يجزم الدكتور سروش أن الله تعالى عندما وضع الحد الأقلي في الأحكام ترك مساحة واسعة للاختلاف مدار معالجتها العقل البشري للمثقف الديني ومن واجبته الأولى لأن الله لم يحسم هذا الخلاف بحكم خاص أو أنه تجاهله عن عمد لذا فالحكم ليس لله فيه بل للبشر وبالأخص المثقف الذي يرى بعين الواقع التجريبي لا بعين العقل الواقعي (وإن كان هناك اختلاف شديد على حكم من الأحكام فليعلموا أنّ الله تعالى ليس له حكم خاص في هذا المورد لأنّ الله إذا أراد الزام الناس بحكم معين فإنّه يتمكن حتماً من إيصاله لنا من خلال النصوص الدينية الكثيرة وبذلك يخلصنا من التورط في وحل المجعولات والمحتملات والظنيات ). وختام الفصول كان رؤية تقويمية وتقييمية لمنجز الدكتور عبد الكريم سروش الذي يمثل صوتا ليبراليا جريئا في طرح قضايا الدين في المناطق المحرمة منه ليلقي عبها حجر النظر وتحريك العقول البشرية التي تخشى المواجهة مع مثل هذه المواضيع المعقدة، نقول وبكل الثقة أن الجرأة اللا مسبوقة بفتح باب القراءة العقلية وتحت سقف الحرية المسئولة تفتح الباب ليس فقط لتجديد الأفكار وإنما تدفع باتجاه فك الترابط بين التقليدية السلفية وبين الضرورات التي يتشدق بها التقليديون من عدم قابلية النصوص للقراءة بوجه أخر. لا بد هنا أن نشيد بدعوة الدكتور عبد الكريم سروش إلى العودة إلى ساحة المعارك العقلية والفكرية بحدودها القصوى التي طمرتها وخنقتها قوة المدرسة المحافظة التي تزعمت الاصولية النصية ونادت بالسلفية الفكرية وحاربت الحرية الفكرية بكل الاسلحة الممكنة ابتداء من التكفير الى تهمة الزندقة الى القتل حتى، تحت شعار حفظ عقيدة الناس من الاهتزاز (مرّة اُخرى أقول إنّ الأشخاص الذين يقولون بأنّ البحوث الكلامية تؤدي إلى زلزلة ايمان الناس وزوال يقينهم، يجب أن نقول لهم: أيّ يقين تريدون؟ هل اليقين المهزوز، المعلّل، غير المدلّل، الموروث، التقليدي؟ إنّ هذا النوع من اليقين لم يحصل عليه الإنسان من جرّاء البحث والدليل حتّى يزول بالبحث والدليل، ). المصادر • الكتب والمجلات: 1.الصراطات المستقيمة. عبد الكريم سروش. ترجمه السيد احمد القبانجي 2. بسط التجربة النبوية. عبد الكريم سروش. ترجمه السيد احمد القبانجي 3. مجلة نصوص معاصرة، كلام الله كلام محمد، العدد:15-16. 4. عبد الكريم سروش، العقل والحرية. ترجمه السيد احمد القبانجي. 5. "لماذا الدين ضرورة حتمية؟" (Why Religion Matters) (صدر عن دار الجسور الثقافية السورية، تعريب: سعد رستم). 6. المصدر: بنية الوحي وحقيقة القرآن، حوار هام بين د. سروش والشيخ جعفر السبحاني، مجلة نصوص معاصرة، العدد 15 -16. 7. نهج البلاغة. • المواقع الالكترونية: موقع جسد الثقافة الإليكتروني على الشبكة العنكبوتية بالرابط التالي http://aljsad.com/forum29/thread3715699 2. موقع: http://www.rnw.nl/arabic/article/265034 3.تعريف لموسوعة العربية الفلسفية, أنظر http://www.arab-ency.com/index.php?module =pnEncyclopedia&func=display_term&id=10095 4.موقع القطرة الإليكتروني العائد للشيخ ياسر الحبيب http://www.alqatrah.net/ question/?id=62. 5. موقع الحوار المتمدن http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=119777
الفهرست - المقدمة - الفصل الأول: القراءة التاريخية كيفاً - تجديد قراءة أم تجديد فكر - تجربة الدين - بسط التجربة بين العقل والتاريخ - عبقرية أم نبوة - الوحي الرباني والدين - الجديد في مفهوم الوحي - الوحي ومفهوم الإخبار - النبي ساعي بريد - الفصل الثاني: حقيقة دين النبي - صناعة القرآن - الاكثري والأقلي - الكمال الديني - العلة والدليل - الفصل الثالث: صياغة الفهم الديني بين العقلانية والتجريبية - عقلانية التجريب - وظيفة الفقه - الفصل الرابع: الدين والضرورة الشرعية - الضرورات والمحذورات - الفصل الخامس: الاصولية النصية والاصولية الدلالية - الانتساب للحق - الفصل السادس: دور المثقف الديني - خطر التطرف الفكري - منجز الدكتور سروش الفكري - الملاحق (1) - الملاحق (2) - المصادر - الفهرست
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من يطلق رصاصة الرحمة على نظام المحاصصة
-
الحياد في قضايا المصير
-
المتوقع والمأمول من حراك البرلمان العراقي
-
الحرية الطبيعية ومفهوم الوعي بها
-
اللعب على المكشوف
-
قراءة في كتاب _ عندما يكون الرب لعبة سياسية . د عباس العلي
-
بيان الأمانة العامة المؤقتة للتجمع المدني الديمقراطي للتغيير
-
وأد النساء في عالم لا يعرف التمييز
-
السياديني وظاهرة توظيف المقدس
-
هل يمكننا إعادة تدوير الدين في ظل عالم فكري خاضع لفلسفة ما ب
...
-
هل يمكننا إعادة تدوير الدين في ظل عالم فكري خاضع لفلسفة ما ب
...
-
هل يمكننا إعادة تدوير الدين في ظل عالم فكري خاضع لفلسفة ما ب
...
-
ثقافة التسليع
-
شك الإيمان وظاهرة التكفير
-
حق الإنسان في أختيار العقيدة منطق ديني أصلي
-
تطورات الموقف العراقي في اسبوع
-
بين أخلاقيات الفعل الإنساني وإنسانية الفعل
-
العراق ومرحلة التغيير والإصلاح
-
طريقة الدائرة الجزئية في أحتساب أصوات الفائزين في الانتخابات
...
-
رسالة براءة وتنبيه
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|