|
استثمارات اقتصادية .. ام محور سياسي؟
فهمي الكتوت
الحوار المتمدن-العدد: 5135 - 2016 / 4 / 17 - 21:44
المحور:
الادارة و الاقتصاد
تحرك سعودي نحو إنشاء أكبر صندوق للاستثمار لإدارة تريليوني دولار، هذا ما أعلنه الأمير محمد بن سلمان لوكالة بلومبيرج للأنباء. لتنويع مصادر إيراداتها وتخفيض الاعتماد على النفط. ترافق الإعلان السعودي مع زيارة الملك سلمان إلى مصر وتوقيع سلسلة من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية، كان أبرزها؛ الإعلان عن إنشاء جسر على البحر الأحمر يربط السعودية مع مصر بطريق بري، وهو ذو أهمية استراتيجية، بحيث يربط المشرق العربي في المغرب العربي بطريق بري. وسيكون له أثر إيجابي على التجارة البينية والسياحة، ليس بين البلدين فحسب بل ولعدد من الأقطار العربية وبشكل خاص الأردن بحكم الجوار، على الرغم من قلق بعض المستثمرين الأردنيين في قطاع النقل البحري، خشية من آثار سلبية على بعض الخطوط البحرية.
تضمنت الاتفاقية المصرية السعودية، قروضا لإنشاء جامعة وتجمّعات سكنية في شبه جزيرة سيناء، ومشروع توسعة محطة كهرباء غرب القاهرة، ومستشفى قصر العيني، واتفاقية للتعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وتعاون في المجالات الزراعية والتجارة وغيرها من المشاريع المشتركة، بالإضافة إلى الجسر البحري.
تلتها اتفاقية مع الأردن خلال زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى العقبة، وقد تصدر الاتفاق الأردني السعودي؛ تطوير التعاون العسكري القائم بين البلدين، وتعزيز التعاون في مجالات الطاقة، والطاقة النووية والتنقيب عن اليورانيوم، وزيادة حجم التبادل التجاري، وفتح المزيد من الفرص أمام الصادرات الأردنية إلى السوق السعودي، وتعزيز الاستثمارات المشتركة في المشاريع التنموية، التي يمكن تنفيذها مع القطاع الخاص، والتعاون في مجال النقل، خصوصًا فيما يتعلق بنقل البضائع بين البلدين وتأسيس صندوق استثماري مشترك.
جاء التحرك السعودي بعد خلافات أمريكية سعوديّة، حول عدد من الملفات، منها الملف النووي الإيراني، وملف الأزمة السورية، فالسعودية غير راضية عن الدور الأمريكي غير المباشر في الأزمة السورية، والصمت أو الرضا الأمريكي عن الدور الروسي في الأزمة، كما جاءت الرسالة الأمريكية لتحذير الحليف التركي بعدم انجرار الحلف الأطلسي في مواجهة روسيا على خلفية التوتر التركي الروسي بعد إسقاط الطائرة الروسية، ليحجم الموقف التركي من الأزمة السورية، الأمر الذي أدى إلى تراجع الدور التركي أمام توسع الدور الروسي. وما يشاع عن هجر الولايات المتحدة لمنطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد خروج الجيش الأمريكي من العراق وأفغانستان. مما ولد شعورًا سعوديا بتخلي أمريكا عن حلفائها في المنطقة، ورافق ذلك انتقادات قاسية من قبل منظمات حقوقية في أمريكا وأوروبا للسعودية بسبب خروقات في قضايا حقوق الإنسان.
في ظل هذه التطورات يأتي التحرّك السعودي كمحاولة لتشكيل محور جديد في مواجهة إيران وحلفائها في المنطقة، صحيح أنّ هذا التحالف قد تشكل سابقًا، تحت مسمى "مكافحة الإرهاب"، إلا أنّه بقي تحالفًا وهميًا لا يتعدى الدعم السياسي، في حين ترددت معظم هذه الدول في المساهمة المباشرة في حرب اليمن على سبيل المثال.
في المقابل تتناقص الفوائض المالية السعودية بسبب تراجع أسعار النفط وزيادة الإنفاق العسكري ما يدفع السعودية إلى البحث عن مصادر جديدة للدخل قبل استنزاف أرصدتها المالية، في حين تواجه كل من مصر والأردن وهما حلفاء السعودية، مشاكل مالية واقتصادية حادة، والسعودية ما زالت تستطيع تقديم القروض والمشاريع الاستثمارية للبلدين لضمان استمرار مواقفهما إلى جانب السعودية، مع الانتباه إلى أنّه لم يجر الحديث عن منح وهبات بل قروض واستثمارات، ما يعكس تراجع القدرة المالية للسعودية التي تعاني من عجز في موازنتها تقدر بحوالي 87 مليار دولار في العام الحالي.
التوجّه السعودي الجديد نحو إنشاء صندوق للاستثمار لإدارة تريليوني دولار على أهميته.. ولكن السؤال المطروح، من أين توفير تريليوني دولار للاستثمار، الا يعتقد صاحب القرار أن هذا الرقم مبالغ به؟ أمّا السؤال الآخر، فهل تستطيع السعودية وحلفاؤها سحب الفوائض المالية من البنوك الغربية، لتوظيفها بمشاريع استثمارية، وهل تسمح الإمبريالية الأمريكية من حيث المبدأ بتوظيف هذه الأموال الضخمة بمشاريع استثمارية في السعودية والبلدان العربية؟
مع ذلك، في حال القيام بهذه المشاريع العملاقة في عدد من الأقطار العربية وخاصة في السعودية ومصر والأردن وفق الاتفاقيات الثنائية التي وقعت مع البلدين، لا شك أنّها تعتبر خطوة هامة لا يمكن إغفالها، في مجال بناء اقتصاد عربي يسهم بتحقيق التكامل الاقتصادي الذي كان وما زال حلما عربيا. شريطة ألا يكون هدف الاستثمار الاقتصادي تشكيل محور سياسي يسهم في تعزيز الانقسام العربي- العربي ويهدف إلى تصفية الحسابات بتوظيف أدوات جديدة، بعد فشل الوسائل والأدوات السابقة، وفرض أجندات على هذا المحور تنطلق من أنّ العدو الرئيسي في المنطقة إيران وليس "إسرائيل". أو اعتبار إسرائيل جزءًا من المحور وفق ما يعلن أحيانا على ألسنة البعض. إنّ أي تجاهل للصراع العربي الإسرائيلي باعتباره الصراع الرئيسي في المنطقة لن يكتب له النجاح قبل كنس الاحتلال وتأمين الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وتقرير مصيره وإقامة دولته وعاصمتها القدس، وحق العودة.
#فهمي_الكتوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التهرب الضريبي .. وجشع رأس المال
-
تفاقم عجز موازنات دول الخليج
-
الأردن يواجه خطر فقدان الملاءة !
-
لهذه الأسباب تمّ الانسحاب الروسي المفاجئ
-
سيبقى صراعنا الرئيسي مع العدو الصهيوني
-
دور المرأة في النضال الوطني والاجتماعي
-
السياسات النقدية لن تخرج الاقتصاد من أزمته
-
تحية عروبية للشعب الجزائري
-
كلمة فهمي الكتوت في تأبين القائد الشيوعي فايز بجالي
-
الأزمة السوريّة بين مؤتمري جنيف ولندن
-
حوار.. حول أسعار النفط والأزمة المالية
-
انهيار أسعار النفط يهدد بإشعال ازمة مالية جديدة
-
أزمة الوطن العربي.. هل من مخرج؟
-
موازنة السعودية تعكس حالة الاضطراب السياسي
-
في وداع القائد الشيوعي فايز بجالي
-
عام الرأسمالية المتوحشة
-
لماذا دفعت الشعوب العربية أثمانا باهظة؟
-
انحراف البوصلة السياسية عن الصراع الرئيسي
-
تداعيات السياسات العدوانيَّة
-
تداعيات الأزمة الروسية التركية على العلاقات الاقتصادية
المزيد.....
-
الجزائر وموريتانيا توقعان على مذكرة تفاهم لاستكشاف وإنتاج ال
...
-
أسهم أوروبا عند ذروة قياسية بعد خفض الفائدة
-
رابطة الكُتاب الأردنيين في -يوبيلها- الذهبي.. ذاكرة موشومة ب
...
-
الليرة السورية تسجل 9900 أمام الدولار في السوق الموازية للمر
...
-
20 مليار دولار صادرات تركيا إلى أفريقيا العام الماضي
-
سعر جرام الذهب عيار 21 سعر الذهب اليوم في محلات الصاغة
-
تقارير أمريكية: الولايات المتحدة تتقهقر اقتصاديا أمام -بريكس
...
-
رئيس البرازيل: سنرد بالمثل إذا فرض ترامب رسوما جمركية
-
المغرب يطلق 20 مشروعا استثماريا بقيمة 1.7 مليار دولار
-
شركات صينية تبني سكة حديدية بملياري دولار تربط تنزانيا ببورو
...
المزيد.....
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|