|
إقرار السيادة للشعب
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 5133 - 2016 / 4 / 15 - 21:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اقرار السيادة للشعب ان الديمقراطية إمّا ان تكون واقعا يسود العلاقات الاجتماعية والسياسية ، او لا تكون . فليست الديمقراطية يافطة تعرض على السياح او موسم للاحتفال به موسميا . انها حقيقة يجب ان تفتح لكل واحد امكانية التقدم والمعرفة ، وتتطلب تنظيما اجتماعيا يحتاج هو نفسه الى تغييرات في الهياكل ، وليس فقط ، مراجعة دستور في غياب الممثلين الحقيقيين للجماهير الشعبية . ان تطبيق الديمقراطية على الحياة السياسية ، يعني البحث عن الماسكين الحقيقيين بزمام القوة السياسية لإخضاعهم لإرادة الشعب . فبهذا الوضوح حدد المهدي بن بركة المضمون الاجتماعي للديمقراطية الذي يعني استحالة الجمع بين واقع القهر والهيمنة ، وبين مؤسسات ديمقراطية فعلية . ان النضال الديمقراطي يجب إذن ، ان يبقى وفيا للهدف الاستراتيجي الثابت ، الذي هو تحقيق السيادة الشعبية ، وبالتالي ، فعليه ان يتجنب الفخ الذي ينصبه الحكم باستمرار لمحاولة حصره في افق ضيق ، وجعله في نهاية الامر ، يخدم المشروعية القائمة ويرممها ، ويسمح للنظام بإيجاد واجهة شكلية تصونه من العزلة الداخلية والخارجية . ان اي انزلاق في هذا الاتجاه ، او اي مبادرة تضع الالتزام بالعمل على تحقيق سيادة الشعب جانبا ، وتتوهم امكانية الاصلاح الايجابي للأوضاع القائمة ، لا يمكنها ان تنعكس إلاّ بمردود سلبي . وهذه تجعله غير راغب ، بل غير قادر على تحقيق اية تجربة ديمقراطية ليبرالية ، عدا التجارب البرلمانية المزيفة والمشوهة التي تبقى في كل الاحوال ، سجينة الايديولوجية الاقطاعية ، عدوة الديمقراطية ومُدمّرتها . ان وضع النضال الديمقراطي في افقه الثوري الصحيح ، يعني انه لا يشكل اختيارا تكتيكيا تفرضه ضرورات الرواج السياسي ، بل محورا اساسيا لكفاح الجماهير وقواها الحية المختلفة . إن تحقيق السيادة الشعبية كهدف ثوري لهذا الكفاح ، يقتضي بدوره ، نهج اساليب ثورية في تثقيف وتنظيم الجماهير ، لا اساليب التسلط ، والانحراف ، والتعامل مع المناضلين بنفس المنطق المخزني الذي يشكل عماد الحياة اللاّديمقراطية المفروضة على الشعب المغربي . ان النضال الديمقراطي ، مثل كل المعارك النضالية ، إذا لم ينطلق من وضوح تام في المواقف ازاء النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي القائم ، و إذا لم يتبلور هذا الوضوح على مستوى الشعارات والمهام النضالية اليومية بوضع الخط الفاصل مع الطبقة السائدة ، وسياستها وشعاراتها ، فإنه لن يؤدي إلاّ الى نتائج عكسية تضر بالمسيرة النضالية الثورية . لا غرابة إذن ، مرة اخرى ، أن يؤدي خوض " المعركة الديمقراطية " بمنطق " الاجماع الوطني " ووسائله وضوابطه الى عزلة اصحابها ، وبقاءهم سجناء انصاف الحلول السلبية ، ومؤسسات النظام النخبوية والهامشية ، وانفضاح امرهم على الصعيدين الوطني والديمقراطي الحقيقي ، عند الخاص والعام . انه من البديهي ان من يكتفي بالخطة التكتيكية المرحلية ، دون ان ينطلق من افق استراتيجي ، يكون مصيره إمّا ان يسرق منه الخصم سياسته ، وإمّا ان يظهر بمظهر الانتهازية والوصولية . إذا كان النضال الديمقراطي بمعناه الاصيل ، وليس بما الصق به من تشويهات وتحريفات انتخابية ضيقة ، يقتضي فرز العدو الاساسي ، والحيلولة دون تلغيمه للصف الوطني الديمقراطي الحقيقي ، والتصدي لتكتيكه السياسي بخط وطني مستقل ، فإن الانفتاح الذي يجب ان يسود في الحقيقة ، هو بين القوى الوطنية والتقدمية والتغييرية المناضلة التي يوحد بينها هدف اقامة سيادة وسلطة الشعب ، وتحرير البلاد من السيطرة الاجنبية بكل مظاهرها . لذلك نؤكد ان لا اجماع حقيقي غير الاجماع الشعبي حول ضرورة الديمقراطية الحقيقية كعنوان لمرحلة التحرر الوطني بكاملها . ان الديمقراطية إذ تعتبر بهذا المعنى ، معركة شاملة ، فهي تتطلب استعدادا شاملا يدمج كل الطاقات والقطاعات الشعبية ، والتنظيمات التقدمية في نضال يومي ، في سبيل ايقاف عدوان الحكم على المستضعفين ، ايقاف انتهاك الحقوق الديمقراطية ، انهاء الاعتقال السياسي ، اقرار مواطنة المواطنين ، وبكلمة في سبيل مواجهة الحكم المطلق الفيودالي ودولة الاستبداد والطغيان . إذن لا خلاص من الاسراع بتشكيل كتلة شعبية جماهيرية تاريخية وثورية ، يجب ان تكون تجسيدا متكتلا لهذا التطلع الديمقراطي ، وإطارا وحدويا لتحقيقه من خلال : --- تكثيف الدعاية للمفهوم التقدمي الحقيقي للديمقراطية . --- الجواب على الوضع القائم حاليا ، لتعميق القطيعة مع الطبقة السائدة ، والنضال ضدها في كل الواجهات السياسية والنقابية والثقافية والجمعوية . --- تنمية وتطوير الفرز الايديولوجي والسياسي والتنظيمي على طريق بلورة الاداة الثورية . ان تعميق التوجه الوحدوي على اساس هذه المهام ، هو الكفيل بتوفير شروط العمل الكتلوي ، وشق الطريق نحو بناء الكتلة التاريخية الثورية الشعبية العريضة ، كهدف ثابت وبُعد استراتيجي للمدارسة الآنية . والخلاصة هي ان القضية الديمقراطية شكلت ، ولا تزال تشكل ، محور الصراع في مجتمعنا ، وستظل كذلك لغاية حل التناقض الرئيسي في البلاد ، وفرض السلطة الوطنية الديمقراطية . ان المعركة الديمقراطية بهذا المفهوم ، معركة دائمة ومستمرة ، ولا يمكن اختزالها في لعبة انتخابية فوقية ، او مراجعة دستورية مقلبية . إنها معركة شاملة ، غايتها الاسمى ، اقرار سلطة الشعب ، بتصفية سيطرة الطبقة السائدة التي تقف عائقا في وجه التحرر الوطني الديمقراطي ، ووليدة الاستعمار بشكلية القديم والجديد .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون - اتق الله يا جلا
...
-
قرار مجلس الامن المرتقب حول نزاع الصحراء
-
مثقف الطريق الوسط الراكد وراء المنصب الكبير
-
هل الصحراء مغربية ؟
-
هل سيتم حل قضية الصحراء الغربية بلجوء مجلس الامن الى الفصل ا
...
-
التجييش والتهييج
-
هل تعترف الامم المتحدة بالجمهورية الصحراوية ؟
-
وضع المرأة في المجتمع الراسمالي : الجنس والاستغلال
-
المرأة المحتقرة في النظام الراسمالي
-
في المغرب سلك القضاء من وظائف الامامة
-
اربعون سنة مرت على تأسيس الجمهورية العربية الصحراوية
-
النظام الملكي في مواجهة مباشرة مع مجلس الامن والامم المتحدة
-
الدولة القامعة
-
عندما تغيب الاستراتيجية تُفقد البوصلة ويعم التيه
-
تحقيق الوعد الالهي : دولة الاسلام
-
سؤالان حرجان ومحرجان : هل يوجد هناك شعب صحراوي . وان كان الا
...
-
لو لم يكن ادريس البصري وزيرا للداخلية لكان في المعارضة -- من
...
-
مملكة السويد تقرر عدم الاعتراف بالجمهورية الصحراوية -- حين ي
...
-
شيء من الدراما : الأبسينية دون كيتشوتية مُتطورة لحل ازمة الث
...
-
الدولة البوليسية : ان الشكل الاكثر بشاعة للقهر هو استغلال اج
...
المزيد.....
-
لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق
...
-
بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
-
هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات-
...
-
نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين
...
-
أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا
...
-
الفصل الخامس والسبعون - أمين
-
السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال
...
-
رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
-
مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|