عزيز الخزرجي
الحوار المتمدن-العدد: 5133 - 2016 / 4 / 14 - 03:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل بقيت شرعية للبرلمان!؟
بدءاً : نعني بآلبرلمان: الكتل و آلأحزاب السياسية ألتي تشكل أركانه!
و قبل البدء بعرض المتن نؤكد لكم أيضاً .. ما قلناه مراراً بأنّ جذور محنتنا و فسادنا و ضياع العراق هو:
[بسبب فقدان حبل الولاية من قبل الشعب للأرتباط مع مَنْ وصّانا بهم الله بعد القرآن و هم أهل البيت (ع)عن طريق من يمثلهم بحقّ على أرض الواقع كنائب عام للأمام الحجة(عج)], بقوله (عج): [من كان من الفقهاء ....], حيث إستثنى مرجعاً ولياً واحدا من بين مجموعة المراجع ليمثل أهل البيت في زمن الغيبة الكبرى لتقليده و لتوحيد صفوف الأمة تحت راية واحدة .. لا عدّة رايات و مرجعيات, و كما هو الحال الآن, حيث يتسيد فقراء الشيعة في العراق مجموعة مراجع سببوا و يسببون من باب تحصيل حاصل تشتيت جهود و جهاد و حركة الأمة بسبب تنوع تقليدهم و إختلاف مآربهم و فتاويهم!
فبعد المواقف الأخيرة المختلفة و المتضاربة لتلك الكتل و آلأحزاب المعروفة الحاكمة في العراق لأختلاف مراجعهم و و لاياتهم , و تصريحات رؤوسائهم , خصوصاً رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري حول مجمل اوضاع العراق و المليشات, و دعوته المشينة التي تُساير دعوات الوهابية السّعودية حول الأوضاع العراقية الراهنة و التي ختمها أخيراً برفضه التوقيع على إنتخاب حكومة تكنوقراطية لنشر الأمن و أنعاش الأقتصاد الذي وصل للحضيض, هذا كله من جانب .. و من جانب آخر؛ يبدو أن معظم النواب إن لم أقل جميعهم لم يفهموا معنى التكنوقراطية الحقيقية, و بآلأخص (التكنوقراطية الأسلامية) ألتي بيّنا معالمها التفصيلية في موضوع سابق, حين لم يوقعوا على القائمة الأولى لرئيس مجلس الوزراء للبقاء على ما كان عليه الوضع خلال العشرة أعوام السابقة التي ما نتجت منها سوى قرارات تخدم مصالحهم و أحزابهم في نهاية المطاف من دون مصالح الشعب!؟
و المشكلة أن رئيس الوزراء بقصد أو ربما بدون قصد, أعاد ترتيب قائمة أخرى يبدو أنها تختلف عن القائمة السابقة قد غيّر فيها أسماء مرشحين آخرين ينضوون للكتل و الأحزاب السياسية .. يعني إلغاء التكنوقراطية التي تفتقدها الأحزاب و الكتل السياسية التي حكمت للآن, و من هنا بدأ الفساد مرة أخرى و كأن شيئاً لم يكن, و ما نتيجة المظاهرات و الأعتصامات إلا كعفطة عنز!
من جانب آخر تحشّد نصف نواب البرلمان يوم أمس معلنيين إعتصامهم داخل البرلمان لتغيير الرئاسات الثلاثة, كمحاولة لتبيض وجوهههم التي إسودّت بسبب إرتكابهم أنواع الفساد و النهب و التصويت على قرارات مجحفة خلال أكثر من عشرة سنوات لم تخدم سوى مصالحهم!؟
و ما هذا الأعتصام المغرض بنظري .. إلا محاولة لتمرير فسادهم الثابث و العلني على مدى السنوات العجاف السابقة, بل هو فوضى فوق الفوضى السارية الآن في عراق العجائب و الغرائب!
حيث كشف النائب هيثم الجبوري، الاربعاء، أن عدد النواب الموقعين على استبدال الرئاسات الثلاث 170 نائباً!
و قال الجبوري, بحسب ما أورده قناة السومرية نيوز؛[ إن 170 نائبا وقعوا حتى الان على فقرة التصويت على استبدال الرئاسات الثلاث (الجمهورية) ؛ (الوزراء) ؛ (النواب)، مشيرا الى أن العدد قابل للارتفاع].
و تشهد قاعة مجلس النواب، منذ، أمس الثلاثاء، (12 نيسان 2016)، اعتصام عدد من النواب احتجاجا على تأجيل التصويت على الكابينة الوزارية الجديدة إلى الجلسة المزمع عقدها يوم الخميس المقبل.
و هذا الأعتصام في الحقيقة يعني إعتصام النواب ضد أنفسهم .. لأنهم هم مَنْ صوّت لهذه الرئاسات و واكب عملهم و دافع عنهم, حتى إنتفضت الجماهير المليونية ليتحركوا تحت ضغط الشعب الذي هو الآخر قد تحايل عليه البرلمانيون و الكتل السياسية التي ما زالت تتقاسم الكيكة كما يقولون و الشعب من الجانب الآخر هو الذي يدفع ضرائب الفساد و النهب و السرقات التي أجهدت العراق خصوصا الطبقة الفقيرة فيه!
من جانب آخر رفض التيار الصدري الذي كان سبباً في إنهاء المظاهرات و الأعتصامات ضد مجلس النواب و الحكومة مع تيارات و كتل أخرى .. التوقيع على الكابينة التكنوقراطية الجديدة(الثانية) التي قدّمها رئيس الوزراء بدعوى أنها ترشيحات من الأحزاب و الكتل السياسية و ليسوا تكنوقراطيين حقيقيين(1)!
و بآلنتيجة إنقسم اليوم مجلس النواب إلى جبهتين:
ألأولى وتضم 170 نائباً يُطالبون بإستقالة الرئاسات الثلاث, مع إختلافات ضمنية بين بعضهم بشأن صيغة الأستقالة و أولويات إنتخاب و تشكيل الرئاسات الثلاث!
الثانية: و تضم باقي أعضاء البرلمان و هم بحدود 250 تتقدمهم الكتلة الكردستانية, التي ما زالت ترفض التغيير و تصر على آلمحاصصة في تقسيم الحكم و الوزارات و المؤسسات!
و بعد كل هذا نتساأل:
هل إعتصام هؤلاء النُّواب سيغفر ذنوبهم الكبيرة أمام الشعب(ذنب سرقة و هدر ترليون دولار), لكونهم حتى هذه اللحظة يستنزفون قوت الفقراء بإستلام كل واحد منهم على الأقل لعشرات الملايين كرواتب شهرية من دم و حقوق الفقراء!؟
و هل رفض التيار الصدري و آخرين التوقيع على قائمة الترشيحات التكنوقراطية بدعوى أنها توافقية تحاصصيه؛ سيغفر ذنبهم العظيم بفسادهم و ركوبهم مؤخراً للموجة الجماهيرية التي صادروا خلالها حقوق الشعب الرافض للفاسدين حين أنهوا التظاهر و الأعتصام ضد الفاسدين الذين هم يمثلون أحد أركانهم!؟
ثمّ أخيرأً: هل بقي لرئيس و معظم أعضاء مجلس النواب العراقي الفاشل الفاقد لأبسط المعايير الأخلاقية و الأدبية حتى على مستوى التعامل الشخصي و الديبلوماسي و الأداري و بعد كل هذا التأريخ المخزي و العراك و ضرب النساء من قبل الأكراد و إعتبار ذلك حالة صحية من قبل النواب الآخرين بجانب فسادهم العلني و الخفي منذ تشكيله و للآن .. هل بقيت لهم؛ أية شرعية قانونية أو قليل من ماء الوجه أمام الشعب الذي بات وحده مسؤولاً عن الفساد .. خصوصا بعد ما ألقى الناطق الرسمي لحزب الدعوة الكرة في ساحة الشعب حين حمّله مسؤولية الفساد من دون الفاسدين أنفسهم .. بدعوى أن إنتخاب البرلمان قد تمّ على أيديهم!؟
فآلسيد (سليم الجبوري)؛ ألذي هو رئيس البرلمان العراقي، و قيادي بارز في الحزب الإسلامي العراقي (ألأخوان المسلمين)، و ما يسمى (اتحاد القوى الوطنية) الذي يضم معظم القوى السُّنية؛ يُفترض به كأحد أكبر ثلاثة شخصيات كبيرة في الدّولة .. أن يكون حريصاً على الوحدة الوطنية، و يتجنب الخلافات الطائفية التي من شأنها الأساءة إلى الوحدة الوطنية التي هي أصلاً تعاني الموت في غرف الإنعاش!
لكنه للأسف الشديد أثبت أنهُ منافق ذو وجهين و يتحدث بلسانيّن و نواياهُ طائفية خطيرة بشأن مستقبل العراق.
فقد نشر قبل أسبوعين (27/3/2016) في صحيفة نيويورك تايمز، مقالاً لرئيس مجلس النواب بعنوان:
(ابقوا المليشيات خارج الموصل )(2)، قال فيهاعن الحشد الشعبي كلاماً جارحاً لا يليق به كرئيس للبرلمان، رافضا مشاركته في عمليات تحرير الموصل و المناطق السنية, و نسى بأن المناطق السنية وحدها من تعاونت مع داعش و أخواتها الأرهابيين، مشيرا أيضا الى أن الحشد الشعبي "مليشيات طائفية تعمد الى القيام بأعمال طائفية انتقامية تهدف الى الهدم و تدمير المساجد و المنازل في المناطق المحررة"، و أنه لا يقل خطورة عن داعش.
و هذا هو نفس الكلام الذي كرّره السفير السعودي في بغداد و كذا الحكومة السعودية و الدول الخليجية على مستوى الحكومات و الإعلام، و لكن لم نتوقعه أن يصدر من رئيس البرلمان العراقي الذي يفترض به أن يمثل الشعب العراقي الذي تشكل منه الحشد الشعبي و قدم التضحيات الكبيرة لجميع الذين تعرّضوا للأرهاب و التهجير و التدمير من قبل الدواعش، لذلك فهو مرفوض جملة و تفصيلاً،
حيث طلع علينا بعد يوم (29/3) ببيان جديد و مناقض للأول، نشر في الإعلام العراقي و على الضّد تماماً لمقاله في الصحيفة الأمريكية، يكيل فيه الثناء و المديح للحشد الوطني، جاء فيه أن "من واجه داعش وقدم التضحيات سواء من أبناء الحشد الشعبي والعشائر الغيورة وكل قواتنا الامنية البطلة يجب ان يفتخر بهم كل الشعب العراقي وتسطر ملاحمهم لتكون تاريخا مشرفا تفتخر به الاجيال القادمة ورمزا شامخا للتضحية والفداء في سبيل الارض والعرض", مختتما حديثه بالقول "لقد كانت لنا مواقف وجهود في دعم الحشد الشعبي وقواتنا الأمنية".
فأين هذا الكلام من كلامه المناقض في الصحيفة الأمريكية للأمريكيين؟
أ ليس هذا كلام منافق؟
و أخيراً : رفض هذا المنافق التصويت على القائمة التكنوقراطية التي قدمها رئيس الوزراء قبل أيام, بل و عارض المعتصمين داخل مجلس النواب .. بغض النظر عن نواياهم؛ حيث رفض إعتصامهم و نفي مطالبهم القاضية بتغيير الرئاسات الثلاث!
كل هذه المواقف حين تكون نابعة من وسط البرلمان العراقي الذي فقد الشرعية القانونية و الأخلاقية و العرفية و بإشراف رئيسه من جانب .. و كذلك مواقف رؤوساء الكتل الساسية و التهديدات المبطنة لكل جهة و الأنقسامات العديدة الجديدة؛ كل هذه الأمور تنذر بعواقب و خيمة و خطيرة سترفع عالياً نسبة الرفض الشعبي لمعظم هؤلاء الكتل و آلأحزاب و السياسيين, و ربما تفتح أمام الجماهير لكل الخيارات الممكنة للوقوف بوجه البرلمان و العملية السياسية و محاكمتهم لخلخلة الوضع الأمني و العسكري و بآلتالي الأقتصادي الذي أساساً يعاني الفساد و الدمار و الركود الكامل, و بآلتالي يعمق الرفض من قبل (العلمانيين) الذين أشكلوا كثيراً على أداء الأسلاميين الذين فشلوا في إدارة الحكومة و البرلمان و العملية السياسية و حتى العسكرية لحد هذه اللحظة لتفريق شملهم بسبب بعدهم عن الولاية .. و لا حول و لا قوة إلا بآلله العلي العظيم.
عزيز الخزرجي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) اقرأ المزيد في موقع دولة القانون عبر الرابط التالي: : http://www.qanon302.net/news/2016/04/13/83620
(2) صحيفة (نيويورك تايمز) (27/3/2016)؛ Keep the Militias Out of Mosul
#عزيز_الخزرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟