أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فكري آل هير - عزف على وتر آخر غير فضيلة الغرب..!!















المزيد.....

عزف على وتر آخر غير فضيلة الغرب..!!


فكري آل هير
كاتب وباحث من اليمن

(Fekri Al Heer)


الحوار المتمدن-العدد: 5133 - 2016 / 4 / 14 - 00:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


النظر الى الواقع العالمي الراهن من النافذة الغربية يجعل من تلك المعايير التي حفل ويحفل بها الغرب دائماً عن "الإنسان"، بمثابة أدلة على البون الشاسع الذي يفصل بين عالمين نسميهما غالباً (الشرق والغرب)، أو كما يحلو لمفكري العولمة الاقتصادية تسميتهما بــ عالمي (الجنوب والشمال). وبالطبع فإن الغرب يبدو جميلاً ومتحضراً وأكثر انسانية.. ولكنني أعتقد أننا بحاجة الى أن نستقر على رؤية الغرب نفسه من نافذته المعيارية ذاتها، دون اللجوء الى المقارنات التي يؤمن الكثيرون بأن نتائجها دائماً ما تكون لصالح الغرب.
كيف يمكن أن نرى الغرب من نافذته المعيارية نفسها؟!- هذا سؤال بسيط من حيث الصياغة، ولكنه عميق من حيث المطلب المعرفي والموضوعي، لاسيما من خلال اعتبار (التقدم) عنواناً عريضاً للحياة الغربية.
يمكن أن نختزل الأمر برمته من بين مقولتين، فيما يتعلق بمغزى التقدم والحضارة الغربية، وما يفترض أن تكون عليه هذه الحضارة وأن تقوم به إزاء الإنسانية، التي حمل الغرب على كاهله – كما يقال لنا دائماً- عبأ قضاياها منذ برز المذهب الإنساني في عصر النهضة الأوروبية، وحتى آخر تاريخ تم فيه التوقيع على معاهدة دولية أخرى في إطار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
المقولة الأولى لــ "فرانسيس بيكون" الذي عاش في نهايات القرن السادس عشر، حيث قال: "أن هدف العلم هو أن يحقق كل ما هو ممكن".- هذا القول كان يعبر في بداية المسيرة الغربية عن الطموح، وعن الرغبة الجارفة في معرفة وإدراك كل ما يدور في هذا العالم، وصنع كل ما هو ممكن دوماً، ولم يكن من الناحية العملية ليثير قضية أخلاقية أو يهدد أمن وسلامة الإنسانية.
أما المقولة الثانية، فيعود تاريخها الى وقت قريب من اليوم، وبالتحديد في منتصف القرن العشرين، وبالتحديد بدقة أكثر بعد لحظات من إدراك العالم لحجم الموت والدمار الذي تسببت به قنبلة "هيروشيما" النووية، وقائلها هو العبقري الأول في تاريخ البشرية "البرت اينشتاين"، والذي قال: "هناك على كل حال أشياء من الأفضل عدم إنجازها".
مقولة اينشتاين هذه تمثل أرقى مستويات الوعي الإنساني إزاء ما يمكن أن يعتبر تقدماً، وتأكيداً على ضرورة إعمال المعايير الأخلاقية والإنسانية تجاه كل ما يمكن أن ينتجه العلم ويسمح بإنتاجه التقدم العلمي، أما إذا استمر حال التقدم على هذا نحو قنبلة هيروشيما، والمائل الى خلق أسباب الدمار والموت المهول للبشرية، فإن الأمر لن يعتبر تقدماً، بل على العكس تماماً فإنه سيكون جحيماً من التخلف الذي يقوده العلم، وتوظف فيه التقنية المتقدمة لأغراض تتنافى تماماً مع ما أطلق عليه دوماً بــ "المعايير الإنسانية الغربية"- باعتبارها فضيلة الغرب التي قدمها للعالم.
ما حدث بعد عبارة "اينشتاين" هو أن تلك "الأشياء التي من الأفضل عدم القيام بها"، تكاثرت وتضاعفت أعدادها، وتضاعفت معها حجوم آثارها الكارثية، في الوقت نفسه الذي لازال الكثيرون فيه يتحدثون عن المعايير الإنسانية التي تقدمت في ظل عناية الغرب ونموذجه المتحضر، انطلاقاً من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وانتهاء بالمواثيق الدولية لحقوق المرأة والطفل والعمال والأقليات واللاجئين وأسرى الحرب.. الخ.
وإذن، بخلاف المضمونات الفكرية والفلسفية والقانونية النظرية، ماذا أنجز الغرب المتقدم على صعيد الواقع العملي؟ وما هي معطيات هذا التقدم الغربي العملية التي قدمها للحفاظ على البشرية ومنحها الشعور بالأمان إزاء ما يسمى بــ "مصير الإنسانية"؟!
ثمة مصطلح لا أذكر أين صادفني ولا من أين جئت به، لكنه سيخدمني كثيراً في هذه المقالة، وهو مصطلح "جنوح العلم"، والذي يمكن أن أعطيه تعريفاً بأنه يشير الى انحراف العلم عن طريقه الافتراضي الذي يتوقع أن يؤدي فيه الى تحقيق السلام والرفاه للإنسانية، واتخاذه مسلك مناقض تماماً يحمل معه التقدم العلمي كل المخاطر والويلات التي تهدد أمن البشر وأمن الحياة والبيئة الطبيعية على وجه الأرض، الأمر الذي تجسده المحصلة المعنوية لمفاهيم من نوع: "ثقب الأوزون، الاحتباس الحراري، التصحر، شحة المياه، التلوث البيئي، الكوارث الناجمة عن التجارب الحيوية والجينية"، بالإضافة الى ما يطفو على سطح الواقع من كوارث ناجمة عن الاستمرار في التجارب النووية، تطوير صناعة وتجارة الأسلحة المحرمة دولياً، انتشار البرامج النووية السلمية التي يمكن أن تؤدي الى كوارث جهنمية كان أبرزها مؤخراً كارثة "فوكوشيما اليابانية".
وفوق هذا كله تأتي المصائب الناجمة عن مساوئ إدارة الغرب السياسية والاقتصادية للعالم، فالعولمة صنعت عالمين بلا شك، عالم الشمال الثري المتخم بالثروة، وعالم الجنوب الفقير الغارق في وحل الفقر، وليت الأمر توقف عند الحد الخطير جداً، بل وقادت السياسات الغربية مستخدمة كل التكنولوجيا العلمية الى تمويل كل الحروب في دول ومناطق عالم الجنوب بشتى أنواع الأسلحة الفتاكة، في حين أن تدخلات الغرب العسكرية بصيغتها التحالفية أدت في أغلب الأحوال الى نتائج عكسية لأهدافها المعانة، تمثلت بالمزيد من الفوضى التي تحتمل (القتل، الدمار، النزوح بالملايين والتشرد.. الخ)، وما يصاحب تلك الحروب من جرائم وحشية وجرائم ضد الانسانية واتجار بالبشر وبالأعضاء البشرية، وغيرها من الجرائم التي وثقتها بنصوص قانونية الاتفاقيات العالمية وقوانين المحكمة الجنائية الدولية، وكل عناصر القانون الدولي، التي لازالت مجرد إطار نظري لما يجب القيام به، ولكن دون القيام به.
سيقول قائل، إن في هذا تحامل على الغرب وتمليص للقوى الحقيقية من المسؤولية، فالغرب ليس مسؤولاً عن نشوب الحرب الأهلية في ليبيريا ولا عن جرائم الإبادة العرقية في بورما، ولا عن الجماعات الإرهابية التي يغذيها التراث الفقهي الإسلامي المتطرف، ولا عن العداء التاريخي بين الطائفتين السنية والشيعية، ولا عن انحراف الثورات الشعبية في بعض دول المنطقة العربية وتحولها الى حروب أهلية.. الغرب ليس مسؤولاً عن هذا كله بدرجة رئيسية، وإنما يمكن القول بأنه مسؤول بشكل غير مباشر.
وأقول، هذا صحيح- ما يمكن أن يسميه البعض دون أدنى تحامل بــ المسؤولية الغير المباشرة للغرب"، هي عينها وذاتها جوهر ما أتحدث عنه في هذه المقالة، بفارق بسيط هو أني أسميها "المسؤولية الأخلاقية للغرب"، ولن يكون هناك أسوأ من ذلك الرأي الذي يقلل فيه صاحبه من قيمة هذه المسؤولية ويجعلها في المرتبة الثانية أو الثالثة، ووصفها بأنها مسؤولية لا يترتب عنها أي أثر قانوني.
مثل هذا الرأي المنافق من يخدم بحق الله؟!- كيف يمكن لخطابات إعلامية وفكرية وعلمية أن تقلل من القيم الأخلاقية والإنسانية، التي يفترض أن يتم احترامها والعمل بموجبها إزاء كل ما يتعلق بأمن وسلامة الإنسان، في الوقت الذي تهلل فيه وتطبل هذه الخطابات للمعايير القانونية والحقوقية التي يمنًّ بها الغرب علينا في كل وقت وحين، وكأنه خالقها الأول.
إن ما يسمى بــ "الديمقراطية" في الغرب، يرتبط في جذره الأول كمفهوم وممارسة بحرية الرأي، في الوقت نفسه الذي يفترض فيه أن الشعوب الغربية تتمتع بهذه الميزة، كما أنها تتمتع بكونها أكثر احتراماً للقيم والمعايير الإنسانية، وهذا صحيح بالنسبة لقياس المسألة على مستوى القناعات العامة لدى الأفراد وبعض الفئات والمنظمات الناشطة في مجال تطبيق ومراقبة تطبيق تلك القيم والمعايير الإنسانية سواء بطابعها القانوني أو طابعها الأخلاقي، إذ يستحيل أن نفصل بين الجانبين، لأن الأخلاق كانت ولازالت وستظل روح القانون، ولكن لماذا لا نتساءل عن الأسباب الكامنة وراء ضعف وتدني مستوى تأثير الرأي العام في الغرب على حكوماته، لاسيما إزاء ما هي متورطة فيه بشكل أو بآخر تلك الحكومات، ويهدد بل ويتسبب بالقتل والدمار للكثير من البشر في دول كثيرة لا طائل لحصرها، سواء في الشرق الأوسط أو في مناطق أخرى ليست بأهمية الشرق الأوسط بالنسبة لدول الغرب المهيمن؟!- الجواب على هذا السؤال ببساطة شديدة، هو لأن الرأي العام في الدول الغربية لا يفهم أو ربما لا يعرف بالضبط حقيقة ما يجري في العالم، فكل ما يعرفه هو فقط ما تخبره به وسائل ومؤسسات صناعة الرأي العام هناك، وهذا أمر معروف ولا يحتاج الى إثبات. ثم عن أي وعي غربي عام نتحدث إذا كانت حقيقة الأمر على هذا النحو، أن شعوباً تعيش في قمة الديمقراطية والتقدم، ولازالت عرضة للخداع والاستغفال على هذا النحو المهين؟!
واقتراباً أكثر من الواقع الذي نحن على صلة به، ألا يجب أن نتساءل كيف يعلن الغرب حربه السامية ضد الإرهاب، ثم يترك لعصابة متطرفة حقيرة مثل "داعش" أن تقتطع مساحات واسعة من العراق وسوريا وتعلن عن قيام دولة لها؟- لماذا توقفت الحرب ضد الإرهاب فجأة؟- وهو السؤال نفسه لماذا وكيف تمددت داعش وتضاعفت قوتها؟!- والسؤال الأهم والأشد وضوحاً هو: من أين يأتي كل ذلك السلاح الذي تطول به آماد الحروب وتنتعش به أعمالها وممارساتها، التي خلفت ورائها حتى اليوم مئات الآلاف من القتلى والملايين من النازحين والمشردين؟!
طبعاً لن يتجرأ أحد هنا ويجيب على هذا السؤال قائلاً بكل صفاقة: هذا السلاح يصنع في كمبوديا وتتاجر به عصابات الاحتيال الالكتروني في نيجيريا..!!
وإذن، فإن ما يجب أن يستقر عليه وعينا وإدراكنا وألا نتجاهله أبداً، هو أن الحقيقة لا تظهر كاملة من جهة واحدة، طالما وأننا نعلم يقيناً بأنه لاتزال هناك ثلاث جهات أخرى يمكن أن ننظر بها الى ما يجري في هذا العالم..!!- هذا كل شيء..



#فكري_آل_هير (هاشتاغ)       Fekri_Al_Heer#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معركة العقل ضد الكهنوت: الخاتمية والمهدوية في الإسلام نموذجا ...
- الدلالة والقصدية في ضوء النظرية التداولية- -زلاَّت اللسان مث ...
- في ضوء علم نحو النص: المعنى بين التشكيل والتَشكُّل
- الدلالية النحوية والدلالة النصية بين النحو التقليدي واللساني ...
- الرموز والدلالة وجدل المعرفة الباطنية- مقاربة ابستمولوجية
- من العمق: استخلاص بحثي لقراءة مغايرة في الطراز الروائي: الحل ...
- ثرثرة عابرة على صفحة كتاب الوجه
- الخاصرة المطعونة: هل بدأت نهاية النفوذ السعودي في اليمن؟
- الطعن في الخاصرة: الرئيس هادي يتحدى إرادة العائلة السعودية ف ...
- اللحظة العصية بين الوعي واللاوعي قراءة في ذبذبات الفعل الثور ...
- لا شيء هنا أكثر من الهَوَس


المزيد.....




- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فكري آل هير - عزف على وتر آخر غير فضيلة الغرب..!!