|
تربية المستقبل.. مطلب آني
احمد الشبلي
الحوار المتمدن-العدد: 5129 - 2016 / 4 / 10 - 22:17
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
سؤال المستقبل ذاك هو السؤال اللامفكر فيه في قطاع التعليم، يخططون للآني فينفذون في المستقبل، العقلية عقلية حل الأزمة أو على الأقل التمويه بذلك؛ فالتخطيط عندنا مرتبط بمشكل ما، حيث لا وجود لمشكل لا وجود لتخطيط، يكون في حضوره ويغيب بغيابه فهو مرتبط بإصلاح الفاسد هنا والآن، في حين أن التخطيط بالتعريف تفكير في المستقبل. أكيد هناك تفكير في هذا المستقبل كيف لا والكلام يكاد لا ينتهي عن مسلسل الإصلاح، إحدى حلقاته: إصدار وزارة التربية الوطنية مذكرة إطار تهدف إلى تحديد الإطار المرجعي للتدابير ذات الأولوية- والشروع في أجرأتها- التي تندرج في إطار التنزيل الأولي للرؤية الاستراتيجية 2015-2030 التي أعدها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، بما تضمنته من رافعات استراتيجية للتجديد، تروم ترسيخ مدرسة جديدة تتجسد فيها مبادئ الانصاف، وتكافؤ الفرص، والجودة للجميع، والارتقاء الفردي والمجتمعي. هي إذن رافعات للنهوض بالمدرسة المغربية التي جاءت بعد نقاشات ومشاورات دامت لشهور لتتوج بهكذا خلاصات، التي أراد لها السيد عزيمان أن تصاغ مضامينها في قانون إطار، لتتحول إلى إطار مرجعي تعاقدي يلزم الجميع وتلتزم به "الدولة" كضمانة للتطبيق- من بين ضمانات أخرى- حتى لا تكون عرضة للنسف قبل أن تستنفذ إمكانياتها الفعلية والممكنة. أكيد لسنا في حاجة إلى التأكيد على أهمية التعليم ودوره في رقي المجتمعات، نظرة ولو سريعة على بعض التجارب التي حققت تقدما محترما واستطاعت أن تفرض نموذجها، فعلت ذلك عندما آمنت أن سر الرقي فكرا وممارسة لا يكمن في الاستثمار في مجال قطاع غيار السيارات وبناء الأبراج فقط، بل يكمن أساسا في بناء الانسان-المواطن. فجعلت من المدرسة فضاء رحبا للاستثمار في عقول الناشئة، وهو أكيد استثمار مربح لكنه يتطلب أولا وأخيرا جرعات عالية من الوطنية، وهذا هو الفرق بين أولئك وهؤلاء. لكن هل نحن فعلا أمام تخطيط لمستقبل وطن أم مخطط لتصريف الأزمة وتخفيف وطأتها والتمويه بأن القائمين على الشأن التربوي يفكرون فعلا وقولا في مستقبل المدرسة المغربية العمومية؟ استبشرنا خيرا ذات يوم، بعد أن تأسس مجلس "مستقل" يسهر على وضع الاستراتيجيات الكبرى أو ما سماه المجلس بروافع المدرسة المغربية. لكننا لا نستطيع الآن أن نقيم تلك الروافع لأنها تبقى في حاجة إلى كيفيات للأجرأة، بل وأساسا لأنها لم تكشف عن الأرضية التي بنت عليها استراتيجياتها؛ بصيغة أخرى: لا نعرف نموذج المواطن الذي نريده بعد سنة 2030، لأن هذا هو السؤال الحقيقي الذي يجب أن نناقشه، وبناء على ذلك سنحدد المرتكزات التي سنأجرأ من خلالها تلك الغاية. هل نريد مواطنا حاملا لفكر نقدي مؤهلا للانخراط الفعلي والإيجابي في قضايا وطنه، وقادرا على الإدارة و القيادة، أم نريد حشودا من العمال قابعين بين مطرقة متطلبات اليومي وسندان رب العمل؟ إننا في حاجة إلى مشروع مجتمعي متكامل الجوانب، أو لنقل مشروع تربوي مجتمعي ما دامت جل الأدبيات السوسيولوجية قد بينت مدى كثافة التماهي بين التربوي والمجتمعي، فكل اختيار تربوي لا ينجح في الوجود إلا إذا استجاب لدواعي ومكونات المجتمع، حتى لا نعيد إنتاج نفس الأعطاب، وإن أردناها أن تكون فعلا لحظة قطيعة. فلم يسبق لنا –على حد علمي- أن فتحنا نقاشا عموميا حول مشروعنا المجتمعي، أقصد النقاش المتحرر من كل القيود السياسية والشروط المسبقة والخطوط البنفسجية المحددة لنقط التماس التي لا يمكن تجاوزها، إننا في حاجة إلى نقاش شبيه بالحالة التي يوجد عليها الأفراد في "الوضعية الأصلية" التي افترضها جون راولز. وهو مشروع يجب بالضرورة أن تساهم فيه كل الفئات والهويات الاجتماعية المشكلة للمجتمع فيتبلور نتيجة ذلك تقارب التصورات و تكاملها دون أن تلغى الاختلافات بينها، لنكون فعلا أمام وطن يتسع للجميع، فيتم بموجب ذلك وضع المبادئ العامة والحاجيات الواقعية والمفترضة، لتكون أرضية للتوافق المبدئي حول مشروع مجتمعي متكامل، و بناء عليه تبنى توجهات المدرسة والجامعة. فالتفكير في مستقبل المدرسة اليوم ليس مسألة تقع على هامش الأولويات كما أراد لها البعض، بل هي أولى الأولويات، وهو تفكير استأنف اللحظة لكن بنفس الأطر العقلية، حيث الارتجالية و اللاحسم هو سيد الموقف، ولا أدل على ذلك من كيفية تعامل الحكومة مع ملف الأساتذة المتدربين(وهو نموذج فقط) وما صاحبه من دود أفعال سواء من طرف الخاصة أو العامة، و هو مؤشر على كوننا لم نهتد بعد إلى طريق "الإصلاح"، فالاصلاح يجب أن يبدأ من حيث وجب البدء وعليه أن يكون شموليا وليس بالتقسيط. و لم نهتد لأننا لا زلنا نُغَلب في قضية مصيرية التي هي التعليم السياسي على التربوي والآني على المستقبلي و نزوات البعض على مستقبل وطن.
#احمد_الشبلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانحلال الاخلاقي داخل المؤسسات التعليمية
المزيد.....
-
العثور على مركبة تحمل بقايا بشرية في بحيرة قد يحل لغز قضية ب
...
-
وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان يدخل حيّز التنفيذ وعشرات
...
-
احتفال غريب.. عيد الشكر في شيكاغو.. حديقة حيوانات تحيي الذكر
...
-
طهران تعلن موقفها من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنا
...
-
الجيش اللبناني يدعو المواطنين للتريّث في العودة إلى الجنوب
-
بندقية جديدة للقوات الروسية الخاصة (فيديو)
-
Neuralink المملوكة لماسك تبدأ تجربة جديدة لجهاز دماغي لمرضى
...
-
بيان وزير الدفاع الأمريكي حول وقف إطلاق النار بين إسرائيل ول
...
-
إسرائيل.. إعادة افتتاح مدارس في الجليل الأعلى حتى جنوب صفد
-
روسيا.. نجاح اختبار منظومة للحماية من ضربات الطائرات المسيرة
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|