|
التأثيرات المصرية على الديانة المسيحية
بارباروسا آكيم
الحوار المتمدن-العدد: 5127 - 2016 / 4 / 8 - 23:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إِنَّ عملية فهم الخلفية التاريخية للاهوت المسيحي ( الثالوث ، القيامة ، حياة مابعد الموت ..الخ ) تتم من خلال فهم الخلفية التاريخية للمنطقة .
تعريف الثالوث المسيحي لمن لايعرف وببساطة شـديدة هو ثلاثة أَقانيم ( الآب - الإبن - الروح القدس ) وهذه الأَقانيم تمتزج في كيان واحد .
بــدايـــة الأَفكار الـمـتـعـلقة بالثالوث ( الـخـلفية التاريخية )
نشأت فكرة الثالوث في مصر القديمة ، ومن المعروف إِنَّ الديانة المصرية هي ديانة تراكمية مَرَّت بمراحل زمنية وحقب تاريخية طويلة جداً وعمليات تطور مختلفة ،
يقول ياروسلاف تشرني عن الديانة المصرية : (( وقد أَدت هذه الأَحداث السياسية الى علاقات متقاربة بين الآلهة المحلية ، فقد أَصبح إله عاصمة الإقليم المعبود الرئيسي في الإقليم ، بينما إِنزوت الآلهة الأُخرى الى مصاف المعبودات الثانوية ، أيضاً أَضحى إله العاصمة السياسي للملكة الموحدة الإله الأَكبر لها جميعاً . وفي مجرى هذا التطور حجبت أَو ضمرت بعض المعبودات لحساب الآلهة الأَكثر أَهمية ، أَو امتصت واندمجت فيها تماماً فاقدة قوامها الفردي ، منتهية بذلك الى النسيان ، وقد عَمد كهنة وأَتباع الآلهة المحلية المهددة الى النضال من أَجل الحفاظ على آلهتها من هذا المصير ، فأعلنوا أن معبوداتهم ماهي إِلا مجرد إقنوم من أَقانيم الإله الرئيسي لايختلف معه في جوهر صفاته الخاصة إذ كانا يحملان بالفعل ملامح مشتركة بينهما ، وقد تم على مدى الزمن التوحيد بين الكثير من المعبودات بدرجات مختلفة تتراوح بين المزج التام واختفاء أَحدهما كلياً في كيان الآخر ، أَو ظهور المعبود الأَقل أَهمية كمجرد نعت يضاف الى أَلقاب الإله الأَعظم نفوذاً وأَهمية . فقد إِمتص [ بتاح ] إله منف على سبيل المثال المعبود [ ســوكــر ] إله جبانة سقارة فأصبح الأَخير لايظهر بعد ذلك إِلا في شكل [ بتاح - ســوكر ] وهناك إسلوب آخر لجأ اليه كهنة الآلهة القديمة للحفاظ على كيانها بإدخالها عضواً في ثالوث إلهي مقدس مع آلهة رئيسية يجعل دورها بينهم دور الزوج أَو الزوجة أَو الإبن . والنماذج هنا شـهيرة في تاريخ الديانة المصرية ، ففي مدينة [ Antinoupolis ] زُوِجَـــتْ الإلهة [ حكات ] من الإله الكبش [ خنوم ] وفي منف ضم ثالوثها المقدس المعبودة اللبوءة ســـخــمت كقرينة للإله [ بتاح ] بينما لعب الإلــه [ نفرتوم ] دور الإبن والعضو الثالث في الثالوث المنسوب الى منف ))
الديانة المصرية القديمة ، تأليف : ياروسلاف تشرني ، ص 34 ، ترجمة : د. أَحمد قدري - مراجعة : د. محمود ماهر طه ، الطبعة الأولى - 1996 ، الناشر : دار الشروق - القاهرة
قد يتسائل البعض عن إِرتباط اللاهوت المسيحي تحديداً من خلال عملية التجسد أَو التأنسن باللاهوت المصري .
يقول ياروسلاف تشرني تحت عنوان [ أَرباب في صور بشرية ] : (( ويبدو أَن إسباغ الأَشكال والصفات الإنسانية قد بدأ منذ وقت مبكر منذ نهاية عصور ماقبل التاريخ ، ففي الصلاية الاردوازية للملك - نعرمر - في بداية عصر الأُسرات نجد رسم معبود ذي وجه إنساني وإن حمل ذلك الوجه أُذني بقرة ، وربما كان هذا الرسم يدل على الإلهة [ حتحور ] وقد وجدت ثلاثة تماثيل للإله [ مين Min ] عثر عليها في [ كوبتوس Koptos ] تعود تقريباً الى نفس الفترة ، وهي منحوتة في شكل بشري يبدو منه عضو الإخصاب المميز للإله مين في وضع الإنتشار ، والجسد عار إِلا من حزام ، والرجلان ملتصقان ببعضهما بينما الذراعان مشدودان الى الجنب والرسغ الايمن به حفرة لعلها كانت أَصلاً موضع تثبيت السوط الذي يعد أحد علامات الإله [ مين ] ))
الديانة المصرية القديمة ، تأليف : ياروسلاف تشرني ، ص 29 ، ترجمة : د. أَحمد قدري - مراجعة : د. محمود ماهر طه ، الطبعة الأولى - 1996 ، الناشر : دار الشروق - القاهرة
فــكــرة الـمــــوت والإنبعاث للإله والإنـســـان
فكرة الإنبعاث بعد الموت سواءاً للإله أَو الإنسان هي فكرة إِرتبطت بشكل لاهوتي بمصر القديمة .
في الثالوث المصري تتزوج الإلهة المصرية [ أيزيس ] الإله [ أوزيريس ] وينجبان الإله [ حورس ]
(( هناك روايتان مختلفتان عن موت [ أوزيريس ] فطبقاً للأولى منها فأنه قتل عند [ نديت Nedit ] وهو موقع غير معروف حتى الآن ، ثم قُطِع جسده الى أَشلاء والقي به في النيل .
وطبقاً للرواية الثانية فأن أوزيريس أُغرق في النهر وفي كلتا الروايتيين فأن بعثه واعادته للحياة كان نتيجة لأَعمال السحر التي برعت فيها [ إيزيس ] كما إِن صلة موته بالنيل يفسر الإعتقاد بأن اوزيريس كان اله النيل والفيضان وإيضاً إله الخضرة والنبات الذي يعقب ظهورها بأنتظام فيضان النهر وهي خاصية تبدو واضحة الإشارات المبكرة اليه في النصوص المصرية في نهاية الأُسرة الخامسة ، ولكن طابع الملكية والسلطة يبدو أَكثر وضوحاً وإِستمراراً في ملامح هذا الإله ، فكل ملك مصري كان يوحد مع أوزيريس بعد وفاته وكما بُعث أوزيريس سيبعث الملك مرة أُخرى ، في عالم مابعد الموت ))
الديانة المصرية القديمة ، تأليف : ياروسلاف تشرني ، ص 40 - 41 ، ترجمة : د. أَحمد قدري - مراجعة : د. محمود ماهر طه ، الطبعة الأولى - 1996 ، الناشر : دار الشروق - القاهرة
#بارباروسا_آكيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نفحات عطرة من غار خِراء 2
-
أَمام باب بيتك في جمعة الآلام
-
المشاركين في قتل عثمان من الصحابة - الحلقة الأولى -
-
منظومات القتل الصعب هل ستجعل الدرع لايقهر ؟!
-
أُستاذنا سامي الذيب وتعريف المصطلحات
-
الإعجاز القرآني في تحريم لحم الخنزير
-
تعقيب سريع على السيد مسلم عزيز
-
نفحات عطرة من غار خِراء
-
المطلوب حرب دولية على النقاب
-
إِنَّ شر البلية مايُضحك
-
إِعتذار واجب للسيدة سندس القيسي
-
بحثاً عن هوية ضائعة لا وجود لها
-
الى السيدة سندس القيسي ..حظاً موفقاً في المرات القادمة
-
فلسفة الملابس والحجاب
-
الى عارات الإسلام السياسي
-
قداسة محمد تسلب الإنسان عقله وإِرادته
-
هشاشة الفكر القومي
-
فاشية الإسلام
-
الأَعيان في ملة السريان
-
فضل مسيحيي المشرق على المسلمين
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|