أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عبدالله تركماني - جدل التنمية والديمقراطية ومؤشرات التعثّر المغاربي (1 - 2)















المزيد.....

جدل التنمية والديمقراطية ومؤشرات التعثّر المغاربي (1 - 2)


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 5127 - 2016 / 4 / 8 - 23:12
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


جدل التنمية والديمقراطية ومؤشرات التعثّر المغاربي (*) (1 – 2)
تؤكد التجربة الإنسانية المعاصرة على قدرة أي مجتمع للنهوض والتنمية الشاملة، إذا أحسن الاستثمار في موارده الاقتصادية والبشرية، وإذا تبنّى سياسات ومخططات واقعية قابلة للتطبيق. ولكنّ الأمر يطرح مجموعة أسئلة: هل الفاعلية الاقتصادية هي مفتاح التنمية ؟ هل النظام السياسي هو محركها الأساسي ؟ هل الظرف التاريخي وعلاقة الداخل بالخارج هو العنصر الحاسم ؟ هل الموقع الجغرا - سياسي والثروات الطبيعية هي الفيصل ؟ ثم ما هي التنمية نفسها وما مجالها ؟ وما هي الديمقراطية وما علاقتها بالتنمية ؟ وما هي أسباب تعثّر التنمية والديمقراطية في المنطقة المغاربية ؟
مفهوم التنمية
عرّف إعلان " الحق في التنمية " الذي أقرته الأمم المتحدة في العام 1986 عملية التنمية بأنها " عملية متكاملة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية، تهدف إلى تحقيق التحسن المتواصل لرفاهية كل السكان وكل الأفراد، والتي يمكن عن طريقها إعمال حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ".
إنّ تطبيق هذا الحق يقتضي استمرار الجهود لصياغة أدوات فعالة لقياس التنمية لتحديد جذور المشكلات والعقبات، ويرتبط به مبادئ أساسية خمسة وهي: العدالة، الشفافية، عدم التمييز، المحاسبة والمسؤولية، المشاركة.
ولعله من المفيد التركيز على العناصر الأساسية التالية كمؤشرات للتنمية:
(1)- التنمية عملية وليست حالة، وبالتالي فإنها مستمرة ومتصاعدة، تعبيراً عن تجدد احتياجات المجتمع وتزايدها.
(2)- التنمية عملية مجتمعية، يجب أن تساهم فيها كل الفئات والقطاعات والجماعات، ولا يجوز اعتمادها على فئة قليلة أو مورد واحد.
(3)- التنمية عملية واعية، وهذا يعني أنها ليست عملية عشوائية، وإنما عملية محددة الغايات، ذات استراتيجية طويلة المدى، وأهداف مرحلية ومخططات وبرامج.
(4)- التنمية عملية موجهة بموجب إرادة تنموية، تعي الغايات المجتمعية وتلتزم بتحقيقها، وتمتلك القدرة على تحقيق الاستخدام الكفء لموارد المجتمع، إنتاجاً وتوزيعاً، بموجب أسلوب حضاري يحافظ على طاقات المجتمع.
(5)- إيجاد تحولات هيكلية، وهذا يمثل إحدى السمات التي تميّز عملية التنمية الشاملة عن عملية النمو الاقتصادي. وهذه التحولات - بالضرورة - تحولات في الإطار السياسي والاجتماعي، مثلما هي في القدرة والتقنية والبناء المادي للقاعدة الإنتاجية.
(6)- بناء قاعدة وإيجاد طاقة إنتاجية ذاتية، وهذا يتطلب من عملية التنمية أن تبني قاعدة إنتاجية صلبة وطاقة مجتمعية متجددة لم تكن موجودة قبلاً. وأن تكون مرتكزات هذا البناء محلية ذاتية، متنوعة، ومتشابكة، ومتكاملة، ونامية، وقادرة على التعاطي مع التغيّرات في ترتيب أهمية العناصر المكونة لها، على أن يتوفر لهذه القاعدة التنظيم الاجتماعي السليم، والقدرة المؤسسية الراسخة، والموارد البشرية المدربة والحافزة، والقدرة التقنية الذاتية، والتراكم الرأسمالي الكمي والنوعي الكافي.
(7)- تحقيق تزايد منتظم، بمعنى أنه ينبغي أن يكون تزايداً منتظماً عبر فترات زمنية متوسطة وطويلة، وقادراً على الاستمرار في المدى المنظور، وذلك تعبيراً عن تراكم الإمكانيات واستمرارية تزايد القدرات وإطلاق الطاقات وتصاعد معدلات الأداء المجتمعي، وليس تعبيراً عن تغيّرات متأرجحة تلقائية المصدر غير متصلة السبب.
(8)- زيادة في متوسط إنتاجية الفرد، وهذا يمكن التعبير عنه بالمؤشر الاقتصادي المعروف " تزايد متوسط الدخل الحقيقي للفرد " إذا ما أخذ بمعناه الصحيح، وإذا ما توفرت له إمكانية القياس الصحيح.
(9)- تزايد قدرات المجتمع الاقتصادية والتقنية والثقافية والسياسية هو الوسيلة لبلوغ غاياته، وهذا التزايد الذي يجب أن يكون متصاعداً، يجب في الوقت نفسه أن يكون بالقدر النسبي المقارن بالنسبة للمجتمعات الأخرى.
(10)- الإطار الاجتماعي - السياسي، ويتضمن آلية التغيير وضمانات استمراره. ويتمثل ذلك في نظام الحوافز القائم على أساس الربط بين الجهد والمكافأة، إضافة إلى تأكيد انتماء الفرد لمجتمعه من خلال تطبيق مبدأ المشاركة بمعناها الواسع، وكذلك جانب العدالة في توزيع ثمرات التنمية وتأكيد ضمانات الوجود الحيوي للأفراد والجماعات، وللمجتمع نفسه. فهذه الجوانب، بالإضافة إلى كونها تمثل أهداف التنمية، هي في الوقت نفسه مصدر قوة وسائلها وفاعلية وكفاءة أدائها.
وفي سياق الاقتراب من تحقيق المؤشرات السابقة بُذلت جهود متعددة لتعريف الأبعاد السياسية لماهية الحكم الجيد، وهي تتراوح بين حكم القانون ومحاربة الفساد وفاعلية القطاع العمومي، وصولاً إلى قدرة المواطنين على حرية التعبير من خلال نظام حكم ديمقراطي. إذ إنّ مؤشر المساءلة العامة يقيس مدى انفتاح المؤسسات السياسية ومستوى المشاركة واحترام الحريات العامة وشفافية الحكومات وحرية الصحافة.
تعريف الديمقراطية
خضع مفهوم الديموقراطية، مثله مثل بقية المفاهيم الحديثة، لتغيّرات وأقلمات عديدة، ومتغايرة. إنّ الديموقراطية، كما نفهمها في سياق جدلها مع التنمية، هي جملة من الأدوات الإجرائية التي تسمح بتنظيم الشأن السياسي العام في صورة ناجعة، لما توفره من آليات ضابطة ومنظمة للحياة السياسية، مثل: علوية القانون، والفصل بين السلطات، وتوزيع السلطة بدل مركزتها، واستقلال المجتمع المدني عن المجتمع السياسي، والسماح بتنظيم الأحزاب والجمعيات المستقلة، والانتخابات الدورية، وتداول السلطة سلمياً.
جدل التنمية والديمقراطية
حقوق الإنسان لا تقبل التجزئة، وإنما هي حزمة متكاملة، إذ إنّ الربط بين التنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وضع على الدولة مسؤوليات وأعباء جديدة، مثل: الحق في السكن والتعليم والعمل والعلاج، والحق في حياة كريمة للمواطنين، تعتمد التعددية الفكرية والسياسية والحق في الاختلاف وتمفصل السلطات.
إنّ العلاقة بين التنمية والديموقراطية تمثل مساراً ذا اتجاهين، بمعنى أنّ الديموقراطية توفر آليات ومؤسسات من شأنها أن تمكّن من تحقيق تنمية حقيقية وذات وجه إنساني، وأنّ تقدم المسيرة التنموية من شأنه أن يخلق الظروف الموضوعية والمناخ الملائم لترسيخ الممارسات الديموقراطية في المجتمع.
ولكي ندرك عمق العلاقة بين التنمية والديموقراطية فإنه لابد أن نتطرق إلى أهمية العنصر البشري في عملية التنمية، وإلى التأثير البالغ الذي تحدثه الديموقراطية لتطوير قدرات هذا العنصر وتفعيل دوره في عملية التنمية. إذ إنّ الإنسان هو العامل الحاسم والمحرك في عملية التنمية، فبقدر ما تتاح له الفرص لتطوير القدرات الكامنة فيه، وبقدر ما تتوفر له الحوافز لتوظيف هذه الطاقات في الأوجه الصحيحة بقدر ما يتمكن من استخدام الموارد المتاحة لتحقيق تنمية حقيقية ذات أبعاد إنسانية. من هنا تأتي أهمية الديموقراطية، فهي بإفساحها في المجال أمام المواطنين للمشاركة في صنع القرار تمكّن من وضع الحاجات الإنسانية في مقدمة أولويات عملية التنمية. ولا حاجة إلى القول بأنّ تلبية هذه الحاجات من شأنها أن تعمل على تطوير قدرات المواطن وتوسيع الخيارات أمامه على نحو يساعده على تحقيق ذاته، وإطلاق طاقات الخلق والإبداع الكامنة فيه.
إنّ إدراك المواطن بأنّ فرص التقدم مفتوحة أمامه، وأنّ تقدمه مرهون بعمله دون أي اعتبار آخر، وثقته بأنّ ثمار عمله ستعود عليه، سوف يدفعه إلى السعي - دون كلل - لاكتساب المزيد من المعارف والمهارات وبذل المزيد من الجهد في العمل.
ولعلنا لا نغالي إذا قلنا: إنّ تحقيق التنمية، وضمان استدامتها، هو أمر متعذر بمعزل عن الديموقراطية. على أنّ عملية التنمية لا تتأثر بالديموقراطية فحسب، بل تؤثر فيها أيضاً. فالعلاقة بين التنمية والديموقراطية ذات طبيعة جدلية، وتنطوي على تأثير متبادل، فكما أنّ الديموقراطية توفر الإطار المحفّز للتنمية، كذلك فإنّ التنمية تخلق القاعدة المادية والمناخ الملائم لتطور الديموقراطية. فالتنمية، باعتبارها توسيع للفرص، تتيح للمواطن الارتقار بمعارفه ومهاراته وتطوير قدراته، واختيار العمل الذي يجد فيه ذاته ويحقق له دخلاً يكفل له حياة كريمة، وينمّي لديه الإحساس بالمسؤولية تجاهه، ويعزز اقتناعه بضرورة الاعتماد على الحوار والتواصل في التعامل مع القضايا العامة، الأمر الذي يخلق مناخاً ملائماً لمعالجة المشاكل الاجتماعية والسياسية بالطرق السلمية. وكلما خطت التنمية ذات البعد الإنساني شوطاً في مسارها، كلما توطد الاستقرار في المجتمع وترسخت بالتالي التجربة الديمقراطية.
بيد أنه من الخطأ الاعتقاد بأنّ التنمية تقود إلى الديمقراطية بشكل آلي وحتمي، فالتنمية تفرز أثناء التنفيذ عدداً من المشاكل والصعوبات يمكن أن تهدد العملية الديمقراطية ما لم تتضافر جهود المواطنين والدولة لحلها بطريقة سلمية تعتمد على الحوار والتواصل، وتنطلق من الإحساس بالمسؤولية المشتركة والإدراك بضرورة التعاون للتعامل معها.
تونس في 7/4/2016 الدكتور عبدالله تركماني
باحث استشاري في الشؤون الاستراتيجية
(*) – مقاربة قُدمت بدعوة كريمة من الهيئة المديرة لـ " رابطة تونس للثقافة والتعدد " يوم الجمعة 8 أبريل/نيسان 2016.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فرص وتحديات اندماج اللاجئين المغاربيين في أوروبا
- فرص وتحديات اندماج اللاجئين المغاربيين في أوروبا (2 - 3)
- فرص وتحديات اندماج اللاجئين المغاربيين في أوروبا (1 - 3)
- كي لا تكون الفيدرالية مقدمة لتقسيم سورية
- مخاطر صك الانتداب الروسي على سورية
- مقاربة للثورة السورية في ذكراها الخامسة
- الحضور المميز للنساء في الثورة السورية
- مآلات الدولة والمجتمع في سورية
- التداخلات الإقليمية والدولية وآفاق حل المسألة السورية
- محاولة استشراف مستقبل النظام الدولي
- بيان إلى الرأي العام السوري حول جينيف 3
- عقدة الأسد في خطة طريق فيينا
- بيان إلى الرأي العام السوري حول تطورات الوضع الداخلي لحزب ال ...
- معطيات المشهد السوري وتداعياته (3 - 3)
- معطيات المشهد السوري وتداعياته (2 - 3 )
- معطيات المشهد السوري وتداعياته (1 - 3)
- بيان إلى الرأي العام السوري حول قرار مجلس الأمن 2254
- بيان حزب الشعب الديمقراطي السوري حول مؤتمر الرياض
- اللامركزية الموسَّعة لسورية ما بعد التغيير
- التجربة الأوروبية في التعاطي مع ظاهرتي الهجرة واللجوء (3 - 3 ...


المزيد.....




- برلمان كوريا الجنوبية يصوت على منع الرئيس من فرض الأحكام الع ...
- إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. شاهد ما الذي يعنيه ...
- ماسك يحذر من أكبر تهديد للبشرية
- مسلحو المعارضة يتجولون داخل قصر رئاسي في حلب
- العراق يحظر التحويلات المالية الخاصة بمشاهير تيك توك.. ما ال ...
- اجتماع طارئ للجامعة العربية بطلب من سوريا
- هاليفي يتحدث عما سيكتشفه حزب الله حال انسحاب انسحاب الجيش ال ...
- ماسك يتوقع إفلاس الولايات المتحدة
- مجلس سوريا الديمقراطية يحذر من مخاطر استغلال -داعش- للتصعيد ...
- موتورولا تعلن عن هاتفها الجديد لشبكات 5G


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عبدالله تركماني - جدل التنمية والديمقراطية ومؤشرات التعثّر المغاربي (1 - 2)