أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سعيد تيسير الخنيزي - تعالياً على الحاضر















المزيد.....

تعالياً على الحاضر


سعيد تيسير الخنيزي

الحوار المتمدن-العدد: 5126 - 2016 / 4 / 7 - 19:43
المحور: حقوق الانسان
    



(في الاتحاد قوة وفي الخلاف ضعف)

عبارة تُسْمعْ كثيراً وتُفْهَم قليلاً. على الرغم من المعنى الأصيل الذي يتجلى في معاني هذه الجملة البسيطة لغوياً إلا ان أكثرنا صُم، بكم، عميٌ لا نتدبر حديثاً آو نَسْمَع قولاً. نسمع وكأننا لا نسمع؛ نفتي ولا نتعظ؛ نرى كُلَّ شيء بِظَواهِره فقط. حالتنا صعبة وحياتنا مملة!

بالأمس صادفت عيناي مقالة بال (Economist) البريطانية تشيد للعالم علناً وصراحة بأن الشرق الأوسط، بالأخص العالم العربي، ليس مكاناً مُوفَقاً ومُثْمَراً لأرسال الطلاب للتعلم والإنتاج والنمو. قام أحد المُعَلِقون على المقالة بِرفْع سَبَبْ منطقي يقول فِيه، لغرق العالم العربي بالمعارك والأحقاد على من هو الأفضل، الأحَقْ، الأقْوم، الأكثر إستقامة، الأصح ديناً، الأكثر جاهً ونفوذاً، الأسمى عشيرةً أو قبيلة، تاركين جانباً قِيَمْ القرآن الذي يزعمون دائماً إنهم سادته وعلمائه، والذي ينطق أنا الإختلاف الحميد والشورى والخَيّر والحَقْ والحُبْ للعالمين ولَسْتُمْ أنتم! وبالتالي تسائلتُ عجباً: هل ماوصلنا عليه اليوم في إبتعادنا عن الحَقِيقَة والحَقْ هو عَدَمِية الإيمان بشيء جوهري مُّبِين آم خَلَلْ في فِهم الواقع بشكل أكثر شمولية آم الجهل بواسعية الْكَوْن ورحابته للجميع آم تَطَايرنا بالرياء الإجتماعي آم إحتقار الفقراء والمساكين وتبجيل الشيوخ والعارفين.. آم هِيَ علاقة مُعَقَدة بين كُلْ ماذُكِرْ!

لاأدي لماذا لا نَسْتَعيّير التجربة الغربية مثلاً في إحترام الأخر المختلف بِغَضْ النظر عن دينه أو حالته الإقتصادية أو الإجتماعية أو منصبه أو فكره أو عرقة. فهذه القِيَمة- آحترام الأخر- هِيَ التي جعلت العم سام اليوم، وبعد ثلاثمئة سنة، الرائد عالمياً على جميع المستويات والأصعدة، علمياً وعسكرياً وقانونياً وتقنياً وطبياً وفضائياً. وهي التي جعلته اليوم العالمي الأقوى والأرْفَع كلمةً بين دول العالم وجعلنا الحمقى بِلا خُطْة في الإنتاج ولاطموح في النمو والحياة. وعندما تُجادِلْ الأَعْرَاب بشيء من هذا حَمْلوا إسلامهم أهوائهم فظلموا إسلامهم وأنفسهم ومن معهم آجميعن.

والعم السام لَمْ يَقُمْ بتبجيل قِيَمْ التسامح والمساواة حباً (فقط) في قِيَمْ التسامح والمساواة. العم السام لا يُيَسِّر أُمُوره ومَصَالِح أُمَتِه من نَوَاحِي عاطفية فَقَطْ كما نفعِّل نَحْن اليوم. حِكْمَة العم سام أدْرَكَتْ منطقياً آن هناك حاجة ماسة في وضع هذه القيّمة العظيمة كقاعدة أساسية لِتَيْسِيرّ عملية النمو وبلورة الدولة وحصانتها من الداخل والخارج. العم سام عملي نَشيطْ لايَحِبْ الكسل وإضاعة الوقت في أكل الكَبَسَات والنوم بعدها ومن ثم الإستيقاظ مُنْتَظراً على أحر من الجمر آن يَلْقُمُها مرةً أُخْرَى، ليتوه بعد ذَلِكْ في آوهام حور العين التي لاتنتهي إلا بإنتهاء أعراض الكبسة الجانبية!

وبالرغم من رحابة أمريكا لِكُلْ الأعراق والجنسيات إلا إن العرب فَشِلوا آن يَنْضَموا للمؤسسات الإمريكية ويقوموا على تنظيم أنفسهم ضمن أُطُرَها وآبعادها، كالَّذِي يحدث الآن مثلاً مع اليهود أو الأتراك أو الهنود أو الإيرانيون إلى حدٍ ما في الإعلام. فنسبة اليهود في آميركا 1.4% ونسبة العرب 1.14% مئوية، ولكن شتان بين إشراك اليهود في عملية القرار الأمريكي ونوم العرب في مقاهي الشيشة والكوفي شوبز. نحن الأمة الفريدة والوحيدة في العالم تقريباً التي لَمْ تَتَفِقْ على أن تَرْحَمْ إختلافها وبِذَلِك تنمو وتتطور. بَلْ إختلفت هِمَةً وهَدَفاً على آن تَخْتَلِفْ وَلَمْ تََتَفِقْ إلا على النوم والسُبَاتْ. كم عجيبة جنة الأوهام التي يعيشونها هذه!

وآخر المطاف يُحَمِلُون أوباما كلْ ذُلِهِم وتقسيمهم وضِعْفَهم ويُكَفِرون ويشتمون الجميع. كَأَنَّ الرئيس الأمريكي مثلاً كالطاغي العربي يقوم بإصدار القرارات وحيداً بشكل إعتباطي ومبعثر وفي قمة السريالية. لعلنا نَدْرِك آن العم سام ليس أوباما، بَل بجانِبْ أوباما الكونغرس الأمريكي الضَخْم الشائك بالإيديلوجيات والمَصَالِحْ الفئوية المختلفة، وهنالِكَ أيضاً المحاكم العليا والشركات التجارية الضخمة المؤثرة والجماعات الضاغطة والأحزاب، وكلٌ في فلكٍ يسبحون. وماذا يفعل لنا العم سام مثلاً إذا لم نَقُمْ نَحْنُ بِتَفعيلْ أنفسنا أولاً؟ وهل يستطيع شخص آن يقم بِتَفْعيل شَخْص آخر إذا لم تعمل الحوافز الداخلية والإرادة الحقيقة المُنْغَمِرَة في ذَلِكَ الشخص الآخر على التغيير؟

طبعاً هَذِا لاينبغي آن يكون دعوة لتقليد العالم الغربي بكل ماجاء به ودَب، وإن كَانَ من كَانْ يعتبره تقليداً، فيا ألْفَ مَرْحَبَةً ومَسْهَلة بهذا التقليد. وَلَكِنه دعوة للإبداع والتعلُّم من تجارب الدول الأخرى والخروج من الأُطُرْ المرسومة مسبقاً لنا والتقرب أولاً وإخراً وظاهراً وباطناً إلى فطرة الإنسان التي فُطِرَ عليها في العمل على القِيّم الإنسانية من العدالة والحريّة والمساواة وإحترام الأخر المُخْتَلِفْ وإعطائه حَقِّه ونُصْف.

ولا أعتقد آنِنَا من المُمْكِنْ الوصول إلى الرقي الإنساني الذي حازه المجتمع الغربي اليوم إلا بخلق آصالة في الحِسْ والإدراك والفكر والوجود. لِنُشَجِعْ المختلف والأصيل من نوعه ونَرْحَمُه وتستجيب له. لنَتَعَلم آن نُخَصْخُصْ حُصة واسِعَة للفَوارق البَشَرية على إنها عنصر صُحي وفعال لعملية النمو والتطور في المجتمع لا على أن تكون سبباً في القتل والإقتتال والتشاجر كالأطفال. فاتحاد الإختلافات والتفاوتات الفكرية والنمطية قوة كبيرة لِتَيسيّر نَهْضَة شمولية البُعْد والأفاق، وإضعاف تماسكها ورِباطِها ضَعْف شَدِيد إلى حَصَانَة الدّولة والمُجْتَمَعْ. ليس سهلاً على الأمَدْ القصير آن لا ننحاز لمحدودية عقولنا الضيقة في إلقاء الأحكام على من هَبّ ودَبْ، ولكن أرْحَب وأوسع لنا النتائِج على الأمَدْ الطويل أن نعطي الحرية لإنسانيتنا وإنسانية غيرنا في إغتنام فُرَصْ تَحْرير الذّات التي تَهَبْ كَهُبُوبْ الرِيِّحْ في البِلادْ.

فلن تكون هناك قفزة واضِحَة المعالم والبُنَى على كافة مستويات المجتمع إلا بإعادة هيكلة ثَقَافَة حَديثة من نوعها في إنتمائها وآحترامها للحُريات بالدَرَجَة الأولى، وأقصد هنا جميع الحريات.

فلَنْ يكون للحُرِيات السِياسِية آي دور رائد ومُؤثر إذا لم نَتَعَلَمْ نَحْنُ أفراد المُجْتَمَعْ أولاً على إعادة صِياغَة أدبياتنا في تقديرنا للحريات الشخصية والوِجْدانية والإدْراكية من ضغوط المُجْتَمَع المختلفة، في إما التتطابق او التنافر؛ وإما أسوداً أو أبيضاً؛ وإما معي أو ضدي. لانُريد ضَمَاناتْ أو إفْتائات أو وزَعَامَات على من هو عَالِم العُلوم في صِراطْ الدُّنْيَا المُسْتَقيم للبَشَرْ، فصِراطَات الدُّنيا مُتَفَرِعَة ومُتَفاوِتة ومُتَباينة ورَحِيبَة للكُلْ ولا تنتهي إلا بإنتهائنا نَحْنُ، الطبيعة البشرية.



#سعيد_تيسير_الخنيزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القصبي... سيناريو وإبداع
- شخصية الفرد السعودي
- آنتهاك حرمة الأديان في واقع الدستور الآمريكي؟!
- القيم المطلقة في الثقافة العربية
- التدين الظاهري وانحطاط الثقافة الدينية
- ازدواجية معايير الخطاب الاعلامي
- أخضع!
- مدى ترسخ الفهم المؤامراتي في الفكر العربي
- تداخل الفكر العلماني مع تعاليم الدين الاسلامي


المزيد.....




- الأونروا: النظام المدني في غزة دمر تماما
- عاصفة انتقادات إسرائيلية أمريكية للجنائية الدولية بعد مذكرتي ...
- غوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
- سلامي: قرار المحكمة الجنائية اعتبار قادة الاحتلال مجرمي حرب ...
- أزمة المياه تعمق معاناة النازحين بمدينة خان يونس
- جوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
- العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا بشكل رسمي
- مقرر أممي: قرار الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانت تاري ...
- جنوب السودان: سماع دوي إطلاق نار في جوبا وسط أنباء عن محاولة ...
- الأمم المتحدة تحذر من توقف إمدادات الغذاء في غزة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سعيد تيسير الخنيزي - تعالياً على الحاضر