أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - خطبة القضاء وانتظار القدر















المزيد.....

خطبة القضاء وانتظار القدر


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 5126 - 2016 / 4 / 7 - 02:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خطبة القضاء وانتظار القدر
جواد بولس
لم تصحُ الجماهير العربية في إسرائيل وقياداتها من تلك الصفعة المدويّة التي تلقتها، في الأسبوع المنصرم، من قبضايات الكنيست الداشعين، حين مرّرت الأكثرية اليمينية العنصرية، بالقراءة الأولى، قانونًا يجيز لأعضاء كنيست منتخبين شطب عضوية نائب آخر حتى لو كان منتخبًا بشكل دستوري سليم من قبل مواطنين ناخبين مارسوا حقّهم في العملية الانتخابية العامة، وذلك في خطوة تفضي، في الواقع، إلى إفراغ العملية الانتخابية السياسية من مضمونها وتمحو نتائجها.
وحين كان البعض يسعى إلى ترتيب أفكاره ازاء ما ينهال على مجتمعنا العربي من ضربات ويحاول وضع مخططات لإنشاء سدود واقية من شأنها أن توقف ما قد يسببه ذلك الطوفان العنصري الجارف من دمار وعيث، فاجأت وزيرة القضاء أبناء جلدتها، أحفاد الأنبياء والقضاة، بهجومها الكاسح الذي استهدف، هذه المرّة، مكانة المحكمة العليا الإسرائيلية وقضاتها، على الرغم من كون هذه المحكمة، في الحقيقة، هي آخر معاقل نظام الحكم السابق والهاوي، وأهم مؤسسة فيه جُنّدت، لسنين طويلة، من قبل ساسة إسرائيل وبُناتها الأوائل، لتكون الحجة والتميمة والشفيعة لهم أمام العالم.
فمحافل قضائية عالمية واسعة وهيئات جامعات عريقة، وفقهاء قانون مفلقين، من دول كثيرة في العالم، آمنوا واقتنعوا أن المحكمة الإسرائيلية العليا هي صرح عصري هام من صروح الفكر الحر، ومفاعل بارز ينتج العدل في شرق يقتل عنادله ويبقر أحلام عذاراه، وديوان للمظالم ينصف من يقصده بتبنيه القيم الإنسانية المثلى وقواعد القانون الدولية العصرية العادلة.
نعم هي واحدة من تجاعيد العبث الذي مارسه العالم المابعد الحرب الكبرى، وأجاده قباطنته، لعقود من الزمن، في حين لم تنفع كل نداءاتنا، نحن الفلسطينيين، ولم تسعفنا جراحنا النازفة، ولا ما تكبدناه، من خلال اصرارنا على رفض الانتكاب، وكضحايا لسياسات حكومات عنصرية قمعية قهرية متعاقبة، دافعت عنها تلك المحكمة بمنهجية ذكية وبتبريرية عنصرية مغلّفة، فتنكرت لحقوقنا الأساسية وعاملتنا كجناة رغم أننا نحن الضحايا والأقوياء، فصرنا بأحكامها غرباء وضعفاء. كنا أصحاب البلاد وحماة الديار وعشاق الأرض وهي سلبتنا ب"عدلها" المهزوم والمأزوم، البيادر والمحاجر والحقول.
كانت محكمة إسرائيل العليا بممارساتها، إلى حد بعيد وفي أحايين كثيرة، درّة في تاج نظام القمع العنصري، ومبيّضة لسواد لياليه وأفعاله، ومع ذلك لم يتخيل خدمة القانون وهم في أبراجهم الفولاذية أن النزاهة تولد عارية، لا عرق لها ولا لون، ولم يتوقع مدّعو الحرية الهشة أن الإنصاف لن يقوم على سيقان من البامبو، ولم يقتنع صائدو الأحلام أن العدل لا يتوالد في خوذات الجنود ولن يسكب من فوهات البنادق الجوعى وهي تصطاد أنات الدم النازف على أرصفة العهر والعجز، ولذلك تفاجأوا حين واجهتهم سيدة القضاء الأسير ووزيرته بأكثر من توبيخ فاضح وبأقل من تهديد ناطح، لكن بما يكفي كي يجعلهم يخافون، ويكفي خوف القضاة من الغزاة، فهي من مدرسة تاريخها علّم الانسان: أن لا حرية مع الخوف ولا عدل والسيف مغمود في سرتك، فرسالة الوزيرة ولّادة للقلق وللخوف وسهمها طيّرته بأوضح من خطبة الحجاج، حين لعلع لسان حالها وقال: اسمعوا يا قضاة، ويا بني إسرائيل، ويا من تحسبون أنفسكم أرباب الحكمة والعفة والطهارة، تفكّروا، تمهلوا وأحذروا، أفلم تقضوا في سننكم المذهبة أن للبلاد سيفًا يحميها، وللأرض شعبًا يخلّصها من غبار السرو وينجيها من ريق الكروم ويحميها من بكاء الصبر والتين؟ أولم تعلنوا في صحائفكم المفضضة أن الطير في صهيون هدهد سليماني فصيح وغراب عاص يملك الفضاء والذكاء والبقاء؟ أولم تؤمنوا أن أيوبكم مات ولم يورث دمعه لأحد، فكيف نسيتم أن لا دمع في عيونكم كي تسكبوه ولا ندم، فأبوكم، الفيلسوف، علمنا كما علمكم، أن باطل الأباطيل باطل، وكل شيء كان باطلًا وما سيكون باطل.
اسمعوا يا أحفاد قضاة يهودا وملوك السامرة هتاف السماء وعويل الهياكل وعودوا إلى مهاجعكم واكتبوا بخط الأنبياء، فلا حاجة كي نفهم ولا أن يفهمكم أحد، واوتروا أقواس حكمتكم البالية واطلقوها هباءً في الوديان، ولا تنتظروا ضحكات الملائكة ولا عودة تلك الناقة، فمن سبقوكم ما زالوا يفتشون عمن عقرها وعن نحيب القمر؛ يا قضاة من غار مجفف، كان الناس في زمانكم ورقًا ولا شوك فيهم ولا وخز، أما اليوم، في هذا الزمن الأبلق، فكل الناس شوك بلا ورق، فخذوا الحكمة من قاييين: ومن لا يصِر شوكة سيبقى لقمة في حلق العدم.
إنني هنا أمامكم لأقول لكم وللمرة الأخيرة: تاريخ استهلاككم قد نفد.. فسيروا على دروب الزريبة والأرض الحبيبة والزبيبة..كي تسلموا .. والبقية ستأتي.
احتجاجات بعض النخبويين الإسرائيليين بدأت تتهافت من على المنابر وفي عدة وسائل إعلام . من بينهم برزت مواقف بعض القضاة المتقاعدين وآخرين على رأس عملهم، وقد نجد بما قاله القاضي يتسحاك زمير وهو من الشخصيات القضائية البارزة في تاريخها، ما يجسّم وسع الهاوية التي نقف عند حدها، فهو، مستفزًا من هجوم الوزيرة، صرح بأنه لم يشهد اطلاقًا مثل هذه الهجمات النابية على المحكمة العليا في الماضي، وأضاف أنه إذا ما تم ما تريده الوزيرة فعندها سيصير نظام الحكم في الدولة دكتاتوريًا.
لن تنتهي قصتنا بما قالته وزيرة القضاء الإسرائيلية بحق المحكمة العليا الإسرائيلية، ولا عند من احتج وشجب واستنفر، فبالتوازي مع طلقات حنجرتها أتحفتنا الأخبار عن انهيار سدّ آخر من سدود حيّزنا العام، وذلك بعد أن عرفنا عن قيام العديد من أقسام الولادة في مستشفيات البلاد بفصل النساء اليهوديات عن العربيات، على الرغم من أن وزارة الصحة الاسرائيلية تحظر ذلك، وعلمنا أن من بين هذه المستشفيات التي تقوم بعملية الفصل العرقي هي : هداسا، شعاري تسيدك في القدس، ايخيلوف في تل أبيب ومئير في كفارسابا. كذلك سمعنا كيف تشاوف عضو الكنيست عن "البيت اليهودي" بتسلئيل سمورتريتش، حين أعلن جهارةً عن رغبة زوجته، غير العنصرية، أن لا تكون مع والدة عربية بعد الولادة لأنها تبغي الراحة ولا تحتمل حفلات العرب.
للقصة توابع ستلحقنا، فنحن كأننا في كابوس. موجة عاتية تغرفنا من وسط لجة صاخبة وترتفع بنا حتى تخترق رؤوسنا قطعان من غيم أسود متسارع ومتناثر، وتهبط فينا بسرعة البرق فنرتطم بصخرة شرسة، ندوخ منها ولا نموت. وما أن نستجمع بقايا نفس نغرف ثانية على صدر موجة وحشية تحملنا وتندفع بنا صوب السماء، فتختفي ونبقى في الفضاء مدلين لا نعرف متى ستشج رؤوسنا.
إنه زمن الشوك .. وقد قلنا وحثثنا: يجب الإعلان عن حالة من الطوارئ وعن ضرورة تأسيس مجلس إنقاذ فوري. لقد وجهت صرختي، في المقال السابق إلى رئيسي المتابعة والمشتركة، ولا أعرف كيف كان صداها لديهما، ولكنني أرى أن الفكرة ما زالت ملقاة على رصيف الفكر العام، وقد يتناولها من يشعرون، مثل كثيرين في هذه البلاد، أننا أمام سبع عجاف وأن الوقت وقت الحصاد عسانا نملأ أهراءنا بالحنطة والحكمة والأمل.
لقد سمعنا خطبة القضاء فهل ستنتظرون حتى تسمعوا خطاب القدر؟



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجلس انقاذ لعرب 48
- إرهاب في بروكسل
- اتركوا مانديلا من فضلكم
- شكرًا مرسيل على هذا الوفاء
- من يعيد لحياتنا الهيبة؟
- وهل الدين إلا الرأي الحسن؟
- قطعن الخليليات مرج بن عامر
- عندما تصير الحقيقة جثمانا
- الكذب الحلال
- ونحن نربي الأمل
- عن إلغاء الانتخابات التمهيدية في الليكود
- جريمة أم بطولة
- محامون في قلب الحوت
- شاباك في الشِّباك
- وتبقى الحرية خالدة
- نعم لأيمن عوده في أمريكا
- حول زيارة البابا تواضروس للقدس
- انتفاضة الفراشات
- رغم اختلافي معها أنا ضد القرار الإسرائيلي
- أبالسكين يبنى وطن ؟!


المزيد.....




- ماذا فعلت الصين لمعرفة ما إذا كانت أمريكا تراقب -تجسسها-؟ شا ...
- السعودية.. الأمن العام يعلن القبض على مواطن ويمنيين في الريا ...
- -صدمة عميقة-.. شاهد ما قاله نتنياهو بعد العثور على جثة الحاخ ...
- بعد مقتل إسرائيلي بالدولة.. أنور قرقاش: الإمارات ستبقى دار ا ...
- مصر.. تحرك رسمي ضد صفحات المسؤولين والمشاهير المزيفة بمواقع ...
- إيران: سنجري محادثات نووية وإقليمية مع فرنسا وألمانيا وبريطا ...
- مصر.. السيسي يؤكد فتح صفحة جديدة بعد شطب 716 شخصا من قوائم ا ...
- من هم الغرباء في أعمال منال الضويان في بينالي فينيسيا ؟
- غارة إسرائيلية على بلدة شمسطار تحصد أرواح 17 لبنانيا بينهم أ ...
- طهران تعلن إجراء محادثات نووية مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - خطبة القضاء وانتظار القدر