نور الحسين علي
الحوار المتمدن-العدد: 5125 - 2016 / 4 / 6 - 19:02
المحور:
حقوق الانسان
مدينة الطّب..مدينة للبؤس !
قد رمتني الأقدار هُناك في مدينة المرضى(مدينة الطب) في حقيقة الإمر ماهي إلا مدينة للبؤس, فإعظم الآلام ؛ ليست البكاء أو الحزن حتماً , ليس الجوع أقرفها, وإنما البؤس؛نعم أعظم الآلام التي تفجع فؤاد الإنسان : بؤسه!..
لن أكتب عما قيّل أو قُوِل ,عن قرف المشافي,الرائحة المّتمزجة بين "الديتول الرخيص",وبقايا "دم جندي ٍ رافديني",,أو عن صوت النشاز للنسوة العاملات هنُاك ,ودرجة موت إحساسهن تجاه إمرأة عجوز تنتظر شوطاُ كاملاً ليخبرنّها عن موعد عملية قد توّدي بحياتها المتهالكة.أو عن أستمرار الأطباء بالمشي تغطرساً وعلّوا الأنف أو عن كثرة العمّال الأجانب من البنغلادش الذين يملّؤن شوارعنا مع مراعاة شفطها جيداً من قرفنا وبدائيتنا المتجذرة.
كُل هذا يصمت ويصبحُ غير مدع للأهتمام أمام تلك العيون التي تحتصرُ آلماً..أمام الجوع المتلهفِ للحياة, الاعداد الهائلة من البائسين والفقراء الذين يكدسون مدينة البؤس, بإزياهم البدوية, بملوحّة الوجوه, بتقشر الجلد الناعم من الأيادي.
من مساعدتهم لبعضهم البعض,في العثور على طبيب ,أو عمل أشعةٍ يطمنون فيها على أمتداد الحياة ليومٍ آخر, السيّر أشواطاً ومسافاتً عرجاء وفي النهاية تجبرهم تلك المدينة التي يقال بأنها "مجانية" إلى تسقيط ما في جيوبهم من دينارات لعمل تحليل في المشفى الخاص الموجود في المدينة المجانية!.
أما تلك النسوة..اللاتي يتباكنّ على الحظ العاثر كثيراتٌ هنَّ ,على امرأة سقط بيتُ رحمها أمام الملأ ,لم تعرف كيف تصلُ بسلام إلى هُنا إلا عندما أبتاعت كيساً من الدقيق تقدمه الحكومة المصونة لها,لتستقل سيارة أجرة ترفدها ,لم تلبث كثيراً حتى سقط ما حملت طوال سنون عمرها,, سقطت منها الحياة وهي مستمرة في ترديد "الحمدُلله خلصت" ,
اللعنة لم يكن هناك ماهو اكثرُ بؤساً من الأطفال! يتباكون.. وأنوفهم وعيؤنهم وشفافهم تسيل..تسيل وجعاً لم يسطع التخمر كما الكبّار الذين أزهقت أروحهم الحياة,, لو كان القرار بيدي لمنعتُ أحضار الأجنة إلى هذا العالم البائس بعد اليوم.
#نور_الحسين_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟