|
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 65
ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن-العدد: 5125 - 2016 / 4 / 6 - 10:48
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 65 ضياء الشكرجي [email protected] www.nasmaa.org [أثناء عملي في لجنة كتابة الدستور كتبت الكثير من البحوث والمقترحات والحلول الدستورية، كما نشرت أكثر من مقالة، أدرج بعضا منها، أو مقاطع م بعض المقالات، وأدناه واحدة من المقالات التي نشرتها حول الدستور.]
مقالة هموم دستورية مناقشات مهمة على ضوء نتائج عمل اللجان الفرعية، والمسودة الأولى، والمشاركة في أعمال اللجنة منذ تشكيلها، وأعمال واحدة من أهم لجانها الفرعية، بهدف الوصول إلى حلول توفيقية للقضايا الخلافية. أواخر تموز 2005 الدستور بين قضاياه الخلافية وحلولها التوفيقية المقدمة بعد تقديم «دراسات دستورية - المجموعة الأولى» المعدة قبل انعقاد الجمعية الوطنية، كان في النية إصدار مجموعات أخرى، إلا أن الانهماك في المشاركة المتواضعة، ولكن المكثفة في أعمال لجنة إعداد الدستور وإحدى لجانها الفرعية، وفي أمور أخرى حال دون إصدار مجموعة ثانية من «دراسات دستورية»، وربما أغنت المشاركة المباشرة في أعمال اللجنة عن تقديم رؤى دستورية إضافية. ولكن الآن وبعد انتهاء اللجان الفرعية من أعمالها، وتقديم نتائج هذه الأعمال، والتي صيغت كمسودة أولى، من أجل مناقشتها في لجنة إعداد الدستور والهيأة التفاوضية لكتابة الدستور، وفي الدوائر الشعبية خارج إطار الجمعية الوطنية، رأيت أن لا بد من تقديم مناقشة للقضايا الحساسة، ولاسيما الخلافية منها، لطرح تصورات عن صياغات توفيقية، توفق بين الرؤية العربية، والرؤية الكردية، بين الرؤية الإسلامية، والرؤية العلمانية، بين رؤية المشاركين في العملية السياسية، ورؤية غير المشاركين. ففي المسألة الدستورية يجب أن يحاول الإنسان أن يفكر بعقلية عراقية شمولية، تجمع بين الإسلامية والعلمانية، بين العروبية والتعددية القومية، بين الكردستانية الخاصة والعراقية العامة، مع ضم العقل الدستوري التركماني، والآشوري الكلداني السرياني، والإيزيدي والصابئي، بين مطالب رؤى الأكثريات والأقليات، بين الوحدوية واللامركزية. سميتها «هموم دستورية»، لما تمثل بالنسبة لي من هم وقلق يعيش معي في كل ساعات يقظتي وحركتي وتفكيري وحواراتي. هي في الواقع رؤى دستورية، أو قل حوارات دستورية، تحاول أن تفكر بالعقل العراقي الجامع، لا العقل الإيديولوجي، أو الديني، أو المذهبي، أو القومي، الخاص، تحاول أن تتعرف على ثوابت كل طرف، والخطوط الحمراء لكل طرف، ولا تتردد في التنازل، لا تخليا عن المبادئ، بل تمسكا بمبدأ من أهم المبادئ، وهو التوفيق والتوافق، الذي يعني فيما يعني تنازلا من كل طرف، لنلتقي في وسط الطريق، هذا التنازل الذي يعتبر عنصر قوة للوطن، للعراق، لكل العراقيين، وإن بدا وكأنه يمثل عنصر ضعف، من زاوية التمسك الحاد في الخصوصية الإيديولوجية، أو القومية، أو المذهبية. أقدم هذه الرؤى بكل تواضع، وأنا أدرك أنها ليست على المذاق الخاص للبعض، ولكنها حاولت أن تكون على مذاق الجامع الوطني العام. أأمل أن تكون لهذه المساهمة المتواضعة، ولكن المفيدة إن شاء الله، حظ من مساعي تنضيج المسودة الأولى، وإيصالها إلى مرفأ التوافق الوطني. عذرا، قد لا أتقن فن السياسة كثيرا، ولا أجيد المساومات التي قد تكون من لوازم السياسة، لكني قد أتقن فن انتزاع نفسي من قناعاتي، لأفكر دستوريا بعقل جامع، لأني أفهم العملية الدستورية مختلفة كثيرا عن العملية السياسية، وإن التقتا في كثير من مفاصلهما. ولذا أرجو من كل من لا ينسجم فكريا، أو نفسيا، مع المطروح هنا، أن يتحملني.
الإسلام وعموم الدين في الدستور من غير شك أن موضوعة الدين بشكل عام، والإسلام باعتباره دين غالبية الشعب العراقي بشكل خاص، من الموضوعات المختلف في صياغاتها الدستورية. ففيما يتعلق الأمر بالإسلام، هناك مجموعة عناوين، وصياغات دستورية، ذات علاقة بالموضوع، وهي الإسلام: 1. كدين رسمي للدولة. 2. كهوية عامة للشعب بغالبيته. 3. كمصدر للتشريع. 4. كجزء من اسم أو تعريف الدولة. 5. كتوصيف للعراق كبلد. 6. كتوصيف للشعب. نمر عليها الواحدة تلو الأخرى. الإسلام كدين رسمي للدولة: هنا لا يوجد اختلاف بين الإسلاميين والعلمانيين في قبول عبارة «الإسلام دين الدولة الرسمي»، وإن كان بعض العلمانيين ربما يتمنى ألا ترد أية عبارة عن الدين في الدستور [وهو الصحيح للدولة المدنية المعتمدة لمبدأ المواطنة]، ولكن معظم العلمانيين المشاركين في العملية السياسية يتمتعون بقدر من الواقعية، يجعلهم لا يعترضون على العبارة، ناهيك عن العلمانيين الذين لهم ثمة اعتزاز بهويتهم الإسلامية، إن كانوا مسلمين، أو ثمة احترام لها، إن كانوا من غير المسلمين. [لي رأي آخر اليوم، ومنذ نهاية 2006 في مقولة "الهوية الإسلامية"، أذكرها لاحقا.] الإسلام كهوية للشعب: نفس الشيء يمكن أن يقال عن عبارة أن الإسلام يمثل «الهوية العامة لغالبية الشعب العراقي يجب احترامها»، والتي تمثل مطلبا آخر للإسلاميين، فهي مما قبل به العلمانيون [مضطرين] كذلك، ولا اعتراض لهم عليه. [لم أعد أتفاعل مع مقولة "الهوية الإسلامية"، فكون غالبية الشعب مسلمين بالولادة، لا يعني أن أكثرية هذه الأكثرية تتخذ من الدين هوية لها، فهذا يحتاج إلى اقتراع شعبي بتصويت سري، يسأل فيه كل مواطن، ما إذا يريد تثبيت أن الإسلام يمثل هوية غالبية الشعب العراقي.] الإسلام كمصدر للتشريع: هنا بالذات يقع الاختلاف، ولو إنه من نوع الاختلاف الذي يمكن أن نجد له حلا توافقيا، وصيغة توفيقية وسط، كما هو الحال مع معظم القضايا الخلافية، إلا ما ندر. هنا نجد ست صياغات متفاوتة في درجاتها، أعلاها «المصدر الوحيد» وأدناها «مصدر من المصادر»، وذلك كالآتي: [بل أدناها ألا يذكر ذلك مطلقا، كما طرحته في مسودة الدستور العلماني.] 1. الإسلام هو المصدر الوحيد للتشريع. 2. الإسلام هو المصدر الأساسي للتشريع. 3. الإسلام مصدر أساسي للتشريع. 4. الإسلام مصدر أساسي من مصادر التشريع. 5. الإسلام مصدر للتشريع. 6. الإسلام مصدر من مصادر التشريع. ابتداء لا بد لنا من استثناء خيارين؛ الأول والسادس، أي كل من خيار السقف الأعلى وخيار السقف الأدنى، ومع هذا فلنمر على جميع الخيارات الستة الواحد تلو الآخر: [هذا كان رأيي آنذاك.] 1. بالنسبة للخيار الأول «الإسلام هو المصدر الوحيد للتشريع»، فهو مرفوض قطعا من كل العلمانيين، لأنه يقتصر على جعل الإسلام حصرا مصدرا للتشريع، ويمنع بالتالي، كما هو واضح، الرجوع إلى أي مصدر آخر. صحيح أنه يمكن القول في حال الفهم الصحيح، والتفسير الصحيح، والتطبيق الصحيح، بأن هذا النص لا يمنع من الرجوع إلى مصادر أخرى، لأن الشريعة الإسلامية نفسها تتمتع من المرونة ما يجعلها تسمح بذلك، إلا ما كان متعارضا ومتقاطعا مع الإسلام. [ليست كل الاجتهادات الفقهية تقر بذلك، وخاصة بعد رفع عبارة «المجمع عليها»]. ولكن مما يجعل مناقشة هذا الخيار مستغنى عنه، كونه أصلا غير مطروح كمطلب من قبل الإسلاميين، بل لا يحبذه جلهم، لأنه قد يفتح الباب عريضا أمام التطرف الإسلامي [وفيهم المتطرفون أو على الأقل المتشددون، لكن الباطنيون، أي المتظاهرون بالاعتدال والانفتاح والمرونة اضطرارا] مما يخشاه الإسلاميون [فقط أولئك الإسلاميون من أمثالي آنذاك]، ربما أكثر مما يخشاه العلمانيون، لأنه ذو ضرر مزدوج؛ تارة على القضية الوطنية، وعلى مبادئ الديمقراطية، ولكن وتارة أخرى - وهذا هو الأهم والأخطر [على ضوء فهمي آنذاك كإسلامي يغرد خارج السرب] من ذلك بالنسبة للإسلاميين - ما يترتب من التطرف من ضرر فادح على الإسلام نفسه، لأن معاول التطرف من داخل الجسم الإسلامي أكثر ضررا بكثير من كل معاول الخصوم الخارجيين للإسلام. 2. والخيار الثاني «الإسلام هو المصدر الأساسي للتشريع» مرفوض هو الآخر من العلمانيين، لأنه كما يرون [وهي كانت رؤيتي حتى في ذلك الوقت] ولعله بحق يؤدي إلى نفس نتائج الخيار الأول، ولكن هذا الخيار يختلف عن الأول، لكونه مما يطالب به بعض الإسلاميين [المجلس الأعلى وممثلوا المرجعية بشكل خاص] وقد يصر عليه قليل منهم [بعناد وإلحاح مزعجين]. لكن الكثير منهم، إما لا يحبذه، وإما لا يراه ضروريا، ولا يطالب بالتالي به، لا لأنهم يرفضونه من حيث المبدأ، وإنما بسبب واقعية نظرتهم السياسية، وحرصهم على الوصول إلى جامع وطني مع الآخرين [وهم قليلون جدا، وكلهم خضع لأساليب الضغط والإحراج والابتزاز، ولم يبق مصرا على الرفض غيري، أسجلها للتاريخ]، ولعلمهم أنه غير مقبول من غيرهم، مع عدم وجود مبررات مقبولة ومعقولة تدعو إلى الإصرار عليه، ما زال غيره الأكثر مقبولية يمكن له أن يؤدي ذات الغرض مما يرومون. 3. الخيار الثالث «الإسلام مصدر أساسي للتشريع» لعله يمثل مطلب أكثر الإسلاميين، وهو مما يرضى به كسقف أعلى بعض العلمانيين، مع تحفظ الكثيرين عليه، لأنهم يريدون أن يعبر بشكل أكثر وضوحا عن وجود مصادر أخرى للتشريع. [وافق عليه بالنتيجة العلمانيون، ووافقت شخصيا عليه، ليس من قبيل القناعة به، بل لأنه الأقل سوءً وتطرفاً من الخيار الثاني.] 4. الخيار الرابع «الإسلام مصدر أساسي من مصادر التشريع» هو الأكثر قبولا من أكثر العلمانيين، إذا ما جرى إصرار من قبل الإسلاميين على لفظ «أساسي» [أو «أساس»]، كما وإنه الخيار الذي يقبل به في نفس الوقت الكثير من الإسلاميين، لا سيما المعتدلين والمرنين إسلاميا، رغم مبدئيتهم الإسلامية، والواقعيين سياسيا، والذين جلهم من الممارسين للعمل السياسي المعارض منذ عقود من الزمن، دون أن يعني ذلك سلب ما ذكر من صفات عن غيرهم، ممن يملك رؤية أخرى. 5. الخيار الخامس «الإسلام مصدر للتشريع» هو أكيدا الخيار الأرجح عند جل العلمانيين [وهو الخيار الذي كنت أرجحه، في حال لا بد من ذكر الإسلام كمصدر للتشريع]، ويقبل به فريق من الإسلاميين، ويتحفظ عليه أكثرهم، ولهم مبرراتهم لهذا التحفظ. [وهي أي هذه المبررات ليست إلا ناتجة إما عن تطرفهم وتشددهم، وإما من قبيل مزايدة بعضهم على بعض في مدى إسلاميتهم.] 6. الخيار السادس (الإسلام مصدر من مصادر التشريع) هو ما قد يتمناه أغلب العلمانيين [وكنت أتمناه]، ويرفضه معظم الإسلاميين لأسباب معنوية، أكثر منها عملية وحقيقية، لأنها من حيث الإيحاءات اللغوية للفظ تعطي للإسلام منزلة متأخرة، ودورا هامشيا، وإن كان الأمر ليس بذي أثر من الناحية العملية. من هنا، وكما ذكر في البداية، نستثني الخيارين الأول والسادس، ونتناول ثانية الخيارات الأربعة المتبقية. 2. الإسلام هو المصدر الأساسي للتشريع. 3. الإسلام مصدر أساسي للتشريع. 4. الإسلام مصدر أساسي من مصادر التشريع. 5. الإسلام مصدر للتشريع. وحيث إنه سيصر الكثير من الإسلاميين [أصروا ووعاندوا عناد الأطفال الصعبين] على رفض الخيار الخامس، الذي يمثل صيغة قانون إدارة الدولة، كما وسيصر الكثير من العلمانيين على رفض الخيار الثاني [وقد شكاني الإسلاميون المتطرفون عند حزب الدعوة، بسبب رفضي له بقوة، وتنظيري لأسباب ذلك الرفض]، لا يبقى لنا إلا أن نجعل البحث يدور في الخيارين الثالث والرابع: 3. الإسلام مصدر أساسي للتشريع. 4. الإسلام مصدر أساسي من مصادر التشريع. بهذين الخيارين نكون قد قاربنا بين الترجيح الإسلامي والترجيح العلماني. وهنا وكإسلامي أدعو إخواني الإسلاميين بالقبول بالخيار الرابع. سيقال لماذا يجب أن نكون نحن الذين يتنازلون، بالرغم من وجود أكثر من مبرر يجعل من الواجب أن يكون العلمانيون هم المتنازلين، ومن هذه المبررات أو المرجحات لتنازل العلمانيين هي: 1. العراق بلد مسلم بغالبيته. 2. الشارع العراقي على الأعم الأغلب إسلامي التوجه والعاطفة والولاء. 3. بحكم الاستحقاق الانتخابي، باعتبار الإسلاميين يمثلون الأكثرية البرلمانية، يجب ترجيح مطلبهم. ولكن الذي يرجح أن يكون الإسلاميون هم أصحاب موقف المرونة، ولا أقول التنازل، هو: 1. لو عرضنا عبارة «الإسلام مصدر أساسي من مصادر التشريع» في استبيان، أو حتى استفتاء في الوسط الشعبي ذي الولاءات الإسلامية على وجه الخصوص لوحدها، ودون وضعها في مقابلة ومقارنة مع العبارة المجردة من لفظة «من مصادر»، سنجد هذا الشارع منسجما مع هذه العبارة تمام الانسجام، وموافقا عليها تمام الموافقة، بل معتبرا إياها مكسبا مهما للهوية الإسلامية في العراق، في مقابل ما جاء في قانون إدارة الدولة «الإسلام مصدر للتشريع». [مجرد إضافة «أساسي» أو «أساس» هو تصعيد لدور الإسلام في التشريع القانوني، يبعد الدولة عن صفتها المدنية، ويقربها من الصفة الثيوقراطية.] 2. إضافة «من مصادر» لا توحي أبدا بالتقليل من الدور التشريعي للإسلام، إذا ما أخذنا عبارة «أساسي» بنظر الاعتبار. 3. الصيغة تمثل نصف المسافة بين قبول العلمانيين بـ«أساسي»، وقبول الإسلاميين بـ«من مصادر»، وهذا هو عين التطبيق لمبدأ التوافق؛ هذا التوافق الذي لا يعني إلا مقدارا من التنازل من هذا، ومقدارا منه من ذاك، من أجل الالتقاء على نصف المسافة بين الرؤيتين، وهو المطلوب، فتكون العبارة: الإسلام مصدر أساسي من مصادر التشريع ولكن إذا ما أبدى العلمانيون من جانبهم المرونة وقبلوا بـ«مصدر أساسي للتشريع» من غير إضافة، مع إصرار - لا أقول الإسلاميين على نحو التعميم - بل أولئك الإسلاميين الذين لهم اليوم تأثيرهم على العملية لأسباب اعتبارية أكثر منها واقعية، فيمكن أن تحسم القضية بهذا الاتجاه. [للأسف ربح الإسلاميون، وبالذات الشيعسلامويون المعركة الدستورية، وحققوا قدرا كبيرا من أسلمة وأشيعة الدستور.]
ما يجب مراعاته منه في التشريع: في سياق ذكر الإسلام 1) كدين رسمي، 2) كهوية لغالبية الشعب العراقي، 3) كمصدر للتشريع، كان مطروحا أن تذكر أربعة عناوين أخرى في نفس المادة ونفس النص، وهي: 1. عدم جواز سن قانون يتعارض مع الإسلام. 2. عدم جواز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية. 3. عدم جواز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الواردة في الدستور. 4. حفظ حقوق الديانات الأخرى. بالنسبة لشرط عدم جواز سن قانون يتعارض مع ثوابت الإسلام، أو مع ثوابت وأحكام الإسلام، أو مع ثوابت وأحكام الإسلام المجمع عليها، فهو كما هو واضح من مطالب الإسلاميين [ولم أكن مؤيدا لمطالبهم]، وكان هذا المطلب قد أخذ به حتى في نص المادة في قانون إدارة الدولة، مع الاقتصار فيها على لفظ «الثوابت»، دون لفظ «الأحكام» [الذي طرح هذه الإضافة هو علي الصافي، أحد وكلاء السيستاني في البصرة، لا أدري أمبادرة منه، أم بطلب منه (من عبد العزيز الحكيم، همام حمودي، أحمد الصافي) من قبيل توزيع الأدوار] وبإضافة «المجمع عليها». بينما يمكن اعتبار شرطَي عدم جواز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية، ولا مع الحقوق والحريات الواردة في الدستور، من مطالب العلمانيين [جزاهم الله خير الجزاء]، التي لم ير الإسلاميون فيه ضيرا، لاسيما أنهم يتفقون [أكثرهم ظاهرا واضطرارا] مع غيرهم في أهمية مراعاة مبادئ الديمقراطية وحقوق المواطنة، وهكذا هو الأمر مع حفظ الحقوق الدينية لأتباع الديانات الأخرى. إلا أنه يُطرَح إشكال من قبل الإسلاميين في ذكر مبادئ الديمقراطية والحقوق والحريات في هذا السياق، ومقرونا بعدم التعارض مع ثوابت الإسلام، لأن ذلك يستبطن تهمة أو شبهة تهمة للإسلام في أنه يمكن أن يتعارض مع الديمقراطية والحقوق. [وبلا شك يتعارض الإسلام في ضوء قراءة من القراءات، واجتهاد من الاجتهادات مع كل ماذكر، لاسيما بعد رفع «المجمع عليها»] ولذا يرجح الإسلاميون أن يدرج هذان الشرطان في سياق آخر، بينما يصر العلمانيون أن يذكر كل ذلك في سياق واحد ونص واحد. هنا نستطيع أن نتبنى حلا توفيقيا بين الرؤيتين، وهو أن نستجيب لمطلب الإسلاميين في فصل شرطَي عدم التعارض مع مبادئ الديمقراطية ومع الحقوق والحريات الواردة في الدستور عن المادة التي تحدد موقع الإسلام كدين رسمي وهوية لغالبية الشعب العراقي، ولكن نفصل عن ذلك أيضا شرط عدم التعارض مع ثوابت وأحكام الإسلام (مع أو بدون «المجمع عليها»). فتكون هناك مادتان دستوريتان منفصلتان عن بعضهما البعض، تتكون كل منهما ربما من فقرات؛ الأولى مادة (الدين)، والثانية مادة (التشريع القانوني). مادة الدين: الإسلام دين الدولة الرسمي، والهوية العامة لغالبية الشعب العراقي، التي يكفل هذا الدستور صيانتها، كما ويصون كافة الحقوق الدينية والاجتماعية والثقافية لأتباع سائر الديانات الأخرى. مادة التشريع القانوني، وتتكون من فقرتين: 1. الإسلام هو مصدر أساسي للتشريع. أو (مصدر أساسي من مصادر التشريع). 2. إن أي نص قانوني يخالف هذا الدستور يعد باطلا، لاسيما ما كان متعارضا مع ثوابت وأحكام الإسلام المجمع عليها، أو مع مبادئ الديمقراطية، أو مع الأسس الدستورية الواردة في هذا الدستور (مع ذكر الباب الواردة فيه الأسس) [لم تدرج الأسس التي أقرت بالإجماع في اليوم الأول من عمل لجنة كتابة الدستور، باستثناء معترض واحد هو وائل عبد اللطيف]، ومع الحقوق والحريات الواردة في الباب الثاني منه. أو يمكن اختصار الفقرة التالية بما يلي: إن أي نص قانوني يخالف هذا الدستور يعد باطلا، لا سيما ما كان متعارضا مع الأسس الدستورية الواردة في هذا الدستور. (مع ذكر الباب التي ترد فيه الأسس). وفي الواقع فإن الصيغة الأخيرة كافية، لأن الأسس تتضمن كل ما ذكر، فيما يتعلق بالإسلام، والديمقراطية، والفيدرالية، والحقوق والحريات، ووحدة العراق، والسيادة الوطنية، والسلام، وسيادة القانون وسمو الدستور، إلى غير ذلك. [الأسس الدستورية التي طرحتها في أول اجتماع من عمل لجنة كتابة الدستور، أقرت بما يقترب من الإجماع، ثم جرى تجاهلها، وأقول الحمد لله، لكوني قد جعلت الإسلام من الأسس، بينما تغيرت رؤيتي، وهذا ما تجسد في مسودتي للدستور العلماني، الذي أسميته بدستور 2025. وهنا أعطي الحق لهمام حمودي رغم اختلافي معه، عندما قال لي، عندما سألته عن سبب تجاهل (الأسس الدستورية)، فأجاب الرجل، ما نراه أسسا ثابتة قد لا تكون من الثوابت عند الأجيال القادمة. لكن لو استبعدنا أساس الإسلام، تبقى الأسس الأخرى، مما يمكن اعتباره من الثوابت، كالنظام الجمهوري، والديمقراطية، واللامركزية، والسلام، والفصل بين السلطات و...، لكانت مهمة ومفيدة جدا، وسأعرض لذلك عند تناول الأسس.]
إذن تكون مادة التشريع القانوني كالتالي: إن أي نص قانوني يخالف هذا الدستور يعد باطلا، لا سيما ما كان متعارضا مع الأسس الدستورية الواردة في هذا الدستور.
#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 64
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 63
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 62
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 61
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 60
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 59
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 58
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 57
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 56
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 55
-
التناقضات في حكم سن التكليف
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 54
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 53
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 52
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 51
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 50
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 49
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 48
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 47
-
ربع قرن من عمري مع الإسلام السياسي 46
المزيد.....
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|