أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - لماذا يحتاج الإسلاميون إلى تقنيين لا إلى مفكرين وفلاسفة وفنانين ؟














المزيد.....


لماذا يحتاج الإسلاميون إلى تقنيين لا إلى مفكرين وفلاسفة وفنانين ؟


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 5124 - 2016 / 4 / 5 - 18:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


رغم أنّ التاريخ لا يعيد نفسه، إلا أنه يبدو كذلك بالنسبة لبعض مواقف رئيس الحكومة المغربية ووزيره في التعليم العالي وآخرين من جماعته، فالقول إن الدولة لا تحتاج إلى مفكرين وفلاسفة وأدباء وفنانين بل فقط إلى تقنيين، هو كلام الراحل الحسن الثاني في عزّ سنوات الرصاص، أيام كانت الفلسفة والفكر والأدب والفن تخصصات تبدو لرئيس دولة تتخبط في متاهات التخلف، خطرا على شرعية الحاكم الذي يعتبر أن من واجبه قتل ثلث رعاياه ليتمكن من إخضاع الثلثين الباقيين، مُحيلا على المذهب الديني الرسمي الذي يعتبره المرجع في شرعية تنفيذ ذلك الوعيد الوحشي.
ولأن الإسلاميين في النهاية لا يخرجون في مشروعهم عن دائرة الاستبداد، أي السعي إلى التحكم في الرقاب باستعمال الدين، فإنهم لا بدّ أن يجدوا أنفسهم في أمسّ الحاجة إلى تقنيين منفذين، لا إلى فلاسفة مفكرين أو فنانين ساخرين وأحرار، أو أدباء منتقدين، إن الفكر والإبداع هما عدوّ الاستبداد وكل النزعات الشمولية، ولهذا يُعتبران حجر عثرة في طريق السلطوية بكل أنواعها.
وتلتقي هذه النظرة المحتقرة للفكر وللإبداع مع النزوع القوي الذي أصبحنا نلمسه نحو تنميط المجتمع على أساس الإيديولوجيا الدينية، التي تعمل على اختزال الثقافة في الدين، مما يشيع ردّة قوية في جميع المجالات تنتهي إلى تكريس وضع عام يشلّ طاقات المجتمع، ويحوله إلى "جماعة" مغلقة تعيش على الرقابة والعنف واللاتسامح، أي باختصار على حالة استنفار دائمة . ففي حين تحيل الثقافة على النسبية التنوع، تحيل التقنوية المتشحة بالدين على التنميط والخضوع لـ"الضوغما".
إن الفرق الرئيسي بين الفيلسوف والتقني هو أن الأول يعتبر المعرفة مشروعا لا يكتمل أبدا، وبحثا دائبا لا ينتهي، كما يرى في الذات الإنسانية طاقة كبيرة تتواجد باستمرار في المستقبل، بينما التقني هو الذي يمتلك مجموعة من المعارف العملية القائمة على قواعد محدّدة، تُعتمد منطلقات في تنفيذ خطة جاهزة لا يضعها التقني بنفسه. فعندما يعتبر الإسلامي أن التقني هو المطلوب وليس المفكر والفيلسوف، فلأن الإطار الفكري بالنسبة له محدّد سلفا وهو الدين، وهو إطار من النصوص الثابتة تزعجه المنطلقات المعرفية والفنية الأخرى لأنها ذات فضاءات أرحب، كما أنها ليست ملزمة بنصوص نهائية، فالمعرفة والإبداع الإنسانيان لا متناهيان.
يحتاج الإسلاميون للاستيلاء على الدولة وتحقيق مشروعهم في العودة إلى الدولة الدينية ـ دولة الفقهاء ـ إلى تقنيين منفذين، لا إلى من يفكر في البدائل الحقيقية، أو يطرح الأسئلة، أو يمتلك حسا نقديا، أو يشكك في الحلول الوهمية، ولهذا كتب أحد منظريهم قبل سنوات " إن العسكري أقرب إليّ من المتفلسف"، كما اعتقدت جماعة دينية قبل ربع قرن بأن من خياراتها للوصول إلى السلطة التحالف مع فصيل من الجيش وحلّ الأحزاب من أجل إقامة الدين، إنه نفس المشروع الذي يلتقي مع الانزعاج من الصحافة الحرّة، ومع تحقير النساء وعرقلة مبدأ المساواة بين الجنسين، ورفض التنوع الثقافي واللغوي والتحفظ على الحريات، كما يلتقي مع الحجر على الصحافة والسينما والأدب والتعامل معها بمنطق الحظر والمنع.
هكذا قد يعيد المغاربة سنوات رصاصهم من جديد لكن بشعارات مختلفة ووجوه جديدة. مع شرعنة دينية لكل التجاوزات باسم الأغلبية والتيار العام، وهو أسوأ مصير يمكن تصوره لبلدنا بالنظر إلى ما يحدث في بلدان الفتنة الشرقوسطية.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسباب الخمسة لعودة الصراع حول الهوية بعد أن حسم فيها الدست ...
- هل العنف ضدّ المرأة من تعاليم الإسلام ؟
- معنى احترام الآخر
- ما الذي ينبغي مراجعته في مناهج ومقررات التربية الدينية ؟
- السعودية / إيران، هل دقت ساعة الحقيقة ؟
- معنى أنّ -الأمازيغية مسؤولية وطنية لجميع المغاربة-
- لا يجوز تأويل الدستور المغربي تأويلا يجهض مكتسباته
- التدين والنزعة الانتحارية
- رئيس حكومة فوق الدستور ؟!
- واقع اللغات في الإحصاء الرسمي
- -الحداثة- بأثر رجعي
- المفكر والبهلوان
- صلاة الاستعراض
- لماذا يسيء المحافظون استعمال حريتهم ؟
- جرائم الشرف سلوك وحشي مضاد للعقل وللحضارة
- من يرفض تقنين الإجهاض عليه تقديم الحلول العملية
- الاعتدال المتطرف أو التطرف المعتدل
- الإساءة للأديان ليست مبدأ ديمقراطيا وإلحاق الأذى بالغير ليس ...
- بعض المسكوت عنه في النقاش حول الإرهاب
- ناقوس الخطر الذي دُق في أنكولا


المزيد.....




- سرايا القدس تنشر مشاهد للأسيرين -جادي موزيس- و-أربيل يهود- ق ...
- قائد الثورة الاسلامية يزور مرقد الإمام الخميني (ره)
- خطيب المسجد الأقصى يؤكد قوة الأخوة والتلاحم بين الشعبين الجز ...
- القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام ...
- البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين ...
- حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد ...
- البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا ...
- تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
- شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل- ...
- أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - لماذا يحتاج الإسلاميون إلى تقنيين لا إلى مفكرين وفلاسفة وفنانين ؟