|
محمود أبو النصر في صفحات الثورة المنسية
حسام أبو النصر
الحوار المتمدن-العدد: 5120 - 2016 / 4 / 1 - 17:38
المحور:
سيرة ذاتية
محمود أبو النصر في صفحات الثورة المنسية رغم مرور 18 عاما على رحيله مازال يترك في نفوس محبيه الكثير من الشجون وللوهلة الاولى لذكر اسمه ، يُستذكر هدوءه وتوازنه ورصانته وفكره المحارب لم يهنأ براحة يوما هو في المنافي والشتات وجبهات النضال الفلسطيني بعد خروجه من مخيمات غزة التي التحق في صفوف حركتها الثورية مبكرا ، متجها نحو الاردن ثم الى سوريا، ثم الى ساحات الشتات في السبعينات ، بعد رحلة عذاب استطاع ان يصل الى الجزائر المستقر له ، حيث ابتعث قبلها من قبل قوات المنظمة لدراسة هندسة الطيران في اسبانيا عمل خلالها في الاتحاد العام لطلبة فلسطين معه اللواء كامل ابو النصر ،وصل الجزائر وعمل معلما لحين تكليفه بمهمته الرسمية في صفوف منظمة التحرير الفلسطينية ، وحصوله على اوراق رسمية بعد فقدانه كل الثبوتيات ، في عام 1982 التحق أبو النصر بالقوات في لبنان ليكون ضمن كوادرها التي دافعت عن الوجود الفلسطيني في لبنان وأصيب هناك اصابة خطيرة ، وفقد اثره لمدة عام اعتقدت زوجته وأسرته انه قد استشهد في تلك المعارك ، الا انه عاد الجزائر اواخر عام 1983 لكنه لم يتعافى نهائيا من الاصابة ، وخلال سنوات تدهورت صحته امر الاخ ياسر عرفات القائد العام للقوات المسلحة ، الاخ ابو علي حمودة امين الصندوق القومي في القاهرة بسرعة التوجه الى الجزائر للاشراف على علاجه وانقاذ حياته . عمل ابو النصر موظفا في مكاتب منظمة التحرير في الجزائر واشرف مع القيادة الفلسطينية على عمليات الاتصال مع القوات في الداخل وتوفير اللوجستيات باعتبار ان الجزائر كان قاعدة رئيسية داعمة للقضية الفلسطينية سهل خلالها الاتصال بين القيادة الفلسطينية والسلطات الجزائرية لدخول المطاردين من الارض المحتلة واستقبال القوات التي تتدرب في المعسكرات الجزائرية ، وكلف مندوب منظمة التحرير في مطار الهواري بومدين، اوكلت له مهمة دخول الفلسطينيين والقيادات الى الجزائر عمل خلالها على تذليل كل العقبات ومنح تصاريح دخول للمناضلين الفلسطينيين بعلاقاته مع الجزائريين ، بل وفتح بيته لهم ولم يبقى احد من هؤلاء الذين شكلوا فيما بعد نواة السلطة الفلسطينية إلا ودخل بيته ، وقد كتب الاعلامي الكبير حسن الكاشف مقال في جريدة الايام عام 1999 بعد رحيله ، عنونه " من منكم لم يحتسي القهوة في بيت محمود ابو النصر " تحدث خلالها عن التاريخ النضالي له وظلم الثورة لحقه موجها رسائل الى قيادات السلطة لعدم احترام تاريخه النضالي ، وكان صديقه احمد عبد الرحمن اول المؤازرين والمبادرين بعد المقال لتواصل مع ذويه . اضيفت مهمة كبيرة للاخ ابو النصر في الجزائر في اوائل الثمانينات وهي العمل في الاعلام الموحد لمنظمة التحرير الفلسطينية نظرا لما تمثله الحالة من ضرورة العمل وتوجيه الاعلام نحو القضية الفلسطينية وخاصة في ساحة بحجم الجزائر ، وطوال فترة عمله كان مهمته التواصل مع القيادة في تونس بتوازي ونظراءه في الدول العربية الاخرى ، سواءا في السلك الدبلوماسي الذي كان يتبع الدائرة السياسية بقيادة فاروق قدومي مباشرة انذاك او من خلال الاعلام الموحد ، وعمله جعله من المقربين من الاخوة المناضلين على رأسهم الاخ ابو اياد والاخ ابو جهاد الذي عمل على فتح اول مكتب تمثيلي لفلسطين في الجزائر والذي كان يعتني كثيرا بهذه الساحة ويعرف ضرورة الوجود الفلسطيني فيها كداعم رئيس وخلفية أساسية للثورة ، كل ذلك اعطى زمام الامور لأبو النصر باتخاذ والمشاركة في قرارات هامة كانت ترفع للقائد العام ياسر عرفات ، فيما اشرف مع قيادات عسكرية على دورات الاشبال والزهرات والصاعقة التي كانت تعقد في تونس وليبيا والجزائر واليمن لتسهيل انعقادها وتأمينها ، وحتى اواخر الثمانينات ذاع سيط ابو النصر في الجزائر وكان لا يمكن لأي شخصية ان تمر الجزائر دون ان تعرفه لما شكله من حالة حضور وطنية وإنسانية رائدة وصادقة ، شهد له كبار القادة الفلسطينيين الذين دخلوا بيته . إن كل ما سبق لا يسرد كل الحقيقة ، بل الأهم بعد رحيله كشفت مذكرات ومدونات صغيرة هامة سرية بينت الوجه الاخر لأبو النصر ، كان يخبئها ضمن صندوقه الاسود ، ووفق تعليمات القيادة الفلسطينية والنظام المعمول به في قيادة الثورة بالسرية ، كان اهمها ان محمود ابو النصر من خلال مهماته المدنية يخفي مهماته العسكرية والتي اشرف خلالها على تدريب المناضلين وتجهيزهم في مهمات داخل الارض المحتلة وكان ذلك بتعليمات مباشرة من خليل الوزير ، والاهم من ذلك انه كان يحمل شهادة بكالوريوس في الكيمياء استطاع من خلالها تطوير صناعة القنابل اليدوية التي ساهمت في النضال خلال الانتفاضة الاولى ، فيما استشهد الكثير من المناضلين الذين اشرف على تدريبهم في عمليات معروفة ، وكلف بمهمات شملت قبرص وعدد من الدول ، إلا أن كثير من هذه الجوانب في حياته مفقودة ، لأنها فقدت برحيله فيما استشهد كثير ممن عايشهم . على صعيد الاصدقاء تكونت علاقات جيدة مع سفرائنا في الجزائر السابقين منهم ابو خليل وافي وكانت اطول حقبة عاصرها ربطته بعلاقة وطيدة بالسفير منذر الدجاني " ابو العز " وهو شخصية مناضلة التحقت بصفوف الثورة مبكرا ، وكان يشهد في عهده بعلاقات الجالية الفلسطينية المتينة والحضور القوي مع الجزائرين . فيما ربطت أبو نصر علاقة وطيدة بقائد القوات زياد الاطرش والذي كان وفيا لعائلته بعد رحيله، والاخ ابو علي شاهين وزهير ناصر الملحق العسكري والذي كان من اقرب المقربين له وصديقه المقرب جدا ، فيما ربطته علاقة جيدة بقيادة تونس على رأسهم ابو حسان ابو الرب وابو ماهر غنيم وفاروق قدومي ، وأيضا علاقة وطيدة بنائب الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد وقائد الطيران الجزائرية ، والقائد الأممي الاخضر الإبراهيمي وايت احمد وغيرهم . فيما أذكر من عمل في فترته في الساحة الجزائرية الراحل رياض زيد ، وابو ضر ، وصديقه الاخ فايز العايدي " المالية العسكرية " ، وصديقه عمر قادري مسؤول الاعلام الموحد سابقا ، والنجار وابو محمد وافي، ويعقوب الغصين القنصل السابق ، والأخ ضيف الله الاخرس ، والاخ مروان عبد الحميد ، وربطته علاقات عائلية بالراحل ابو الوليد الوزير ، وابو ابراهيم كنعان مؤسس الاذاعة الفلسطينية ويعقوب شاهين ، وعوني سمارة ، ابو ياسين محمد مسؤول مالية المنظمة سابقا وفرح ابو زهرة واخرون ، فيما هناك اسماء لم تحضرني سأنشرها لاحقا . فيما ذكر لي بعض من عايش مواقف كثيرة له في الجزائر منهم الاخ حمدي الريفي ، والاخ فايز شراب ، والاخ عدلي صادق وابو وسام غنيم واخرون مواقف كثيرة عنه . ويذكر ان اهم المطاردين الذين دخلوا الجزائر منهم الاخ محمد دحلان " ابو فادي " ، ورشيد ابو شباك ، وجمال ابو جديان ، سامي نسمان ، احمد خضرة ، زهير شاهين وابو عدنان شاهين ، ابو حبل واخرون كثر ويذكرون كثيرا من مواقفه وتشكلت صداقة كبيرة بهذا الجيل الذي قاد الانتفاضة واسس السلطة . كلف ابو النصر مع رفاقه له بترتيبات المجلس الوطني الفلسطيني 1988 والذي تم فيه اعلان الدولة الفلسطينية وثيقة الاستقلال وكان على عاتقه هو ورفاقه تأمين هذا الحدث التاريخي والهام نظرا لحالة التربص العالمية، فيما رفضت دول عربية استقبال الحدث وعدم تحمل تباعياته ، لدرجة ان الطيران الجزائري اشرف على تامين الاجواء والموانىء بطريقة سرية وبإمكانيات ضخمة فوق التوقع ، وتسهيل وصول كافة القيادات الفلسطينية مما شكل مسؤولية كبيرة عليهم ، وكان مكلف بالاتصال مباشرة مع القيادة الجزائرية لتحقيق ذلك . وبعد انعقاد المجلس الوطني نقل ابو النصر الى المستشفى العسكري الجزائري بعد تدهور صحته بعد مضاعفات بسبب الارهاق خلال تحضيرات المجلس الوطني تطلب تدخل جراحي . في عام 1994 اعلن عودة القوات الفلسطينية الى اراضي الحكم الذاتي وقد تردد في العودة مع رفاقه الذين شكلوا اللبنة لتأسيس السلطة والوطنية الفلسطينية وكان مؤمن بأن هناك مهمات يجب القيام بها قبل العودة، فتأخر حضوره لمدة عامين ارسل خلالها عائلته الى ارض الوطن ، ثم التحق بهم ، ليعين على الكادر المدني مديرا لأحد المعابر لدخول كافة السلع والبضائع لقطاع غزة دون اعطاءه مسمى وظيفي يليق بتاريخه ، في حين ان فترة عودته كان قد تقلد كل اصدقاءه مناصب هامة ، فيما لم تكرمه السلطة بل وفقد كل مستحقاته من الصندوق القومي الفلسطيني ، عمل مدة ثلاث سنوات واستشهد متأثرا بإصاباته ومرضه السابق في سنوات النضال ، حاملا حزنه الكبير لما لاقه من معاملة سيئة ، من القيادة الفلسطينية ، رحل نظيف اليد ، رجل ثورة ، لا يعرف الاستكانة هادئ التصرف ، يد في البناء ويد في النضال ، ترك له كثيرا المحبين الذين يتحدثون عن مناقبه الانسانية وقد ظهر ذلك جليا في جنازته التي استمرت 7 ايام حضرها كل القيادات الفلسطينية في تشيع مهيب ، بقي بعض اصدقاءه الاوفياء لعائلته منهم الاخ ربحي عرفات والقائد زياد الاطرش وابو اسامة محمد ، زهير ناصر ، وضيف الله الاخرس ، ابو علي شاهين ، ابو زهدي النشاشيبي ، وابو نادر البحرية وغيرهم ، فيما كان يذكر القيادات الفلسطينية مآثره خلال لقائي بهم منهم الاخ محمد المدني ، مروان عبد الحميد ، روحي فتوح ، ابو وائل ابو النجا وغيرهم . وبعد مرور 18 عام لم تكرمه القيادة الفلسطينية او حركة فتح في أي مهرجان رسمي ، بل وتوقف راتبه عن اولاده ، رحل تاركا وراءه خمسة اولاد وزوجته المناضلة ، اسست بعده مؤسسة بيت القدس للدراسات والبحوث الفلسطينية ومكتبة الشهيد محمود ابو النصر بما حملته من ارث فكري وتاريخي .
#حسام_أبو_النصر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اوباما في أحضان هافانا
-
تاريخ المسرح في فلسطين
-
- آثار فلسطين - ... احتلال ، سرقة ، تدمير
-
فتح صراع الوظيفيون والثوريون
-
واقع المقدسات الاسلامية والمسيحية في ظل الاحتلال
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|