|
مفتى مصر ومفهوم المواطنة
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 5120 - 2016 / 4 / 1 - 12:36
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مفتى مصر ومفهوم المواطنة طلعت رضوان هل يؤمن فضيلة المفتى بمجمل مفردات الشخصة المصرية؟ وهل فضيلته مع فصل المؤسسات الدينية عن السياسية؟ كتب د. شوقى علام مفتى جمهورية مصر أنّ المواطنيين سواء فى حقوقهم وواجباتهم تجاه الوطن ومصالحه وقوانينه ، فلكل طائفة عقائدها وشرائعها التى تتمسك بها دون مُـنازعة من الدولة أو إجبارعلى مخالفة شىء منها ((ولا يخفى أنّ هذه المعانى نـُـلاحظها مُــتجذرة فى الشخصية المصرية ، فهى سمة خاصة بهذا الشعب الأصيل ، حيث تترسـّـخ عنده مفاهيم وأبعاد مبدأ المواطنة تنظيرًا وتطبيقــًـا فى القديم والحديث ، ومن أبرز تجليات ذلك عدم وجود أى مظهر من مظاهر التباين الطائفى ، كما أنه لا يقبل تأسيس أحزاب سياسية وجماعات دينية أو عرقية على أسس طائفية ، شأن بلاد عربية وغربية. والحاصل أنّ مبدأ المواطنة أخذ فى التطور مع الاستقرار فى الفكر والممارسة وهو ما يقضى بضرورة تتبع مسائله وتشعب جذوره لدراستها دراسة فاحصة كاشفة عن مستجداته فى مجالاته المُـتنوّعة)) (أهرام11/3/2016) وهذا الجزء من مقال المفتى يـُـثير الأسئلة التالية : 1- لماذا استخدم فضيلته تعبير الشخصية المصرية ؟ وأنها تتمسك بالدولة ، وأنّ لكل طائفة عقائدها وشرائعها ؟ وأنّ تلك المعانى مُــتجذرة فى الشخصة المصرية ؟ 2- فهل تلك المعانى يؤمن بها شيخ الأزهر؟ وهل يؤمن بها باقى العاملين فى مؤسسة الكهنوت الأزهرى؟ 3- وهل فضيلة المفتى مع كل مفردات الخصوصية الثقافية لشعبنا التى توارثها عبر آلاف السنين ، مثل الولع بظاهرة الموالد التى هى امتداد لظاهرة الاحتفال بالآلهة المصرية ، ولذلك يُـمارسها المسلمون والمسيحيون ؟ وهل فضيلته مع الاحتفال بسبوع الطفل وأعياد الميلاد وخميس وأربعين المتوفى ، وهى عادات يُحرّمها الأصوليون بما فيهم الأزهريون ؟ وهل هو مع تهنئة المسيحيين بأعيادهم ومواساتهم فى موتاهم ؟ وهل هو مع بناء دور العبادة الموحـّـد بحيث لا يكون هناك أى فرق بين المساجد والكنائس ؟ وإذا كان هذا رأيه ، فما موقف باقى العاملين فى مؤسسة (شئون التقديس) ؟ أم أنه يـُـغرّد وحيدًا ؟ ورغم أهمية مقال المفتى عن (المواطنة) فإنّ فضيلته تجاهل أهم شرط لتحقيق هذا المبدأ وهو ضرورة الفصل بين المؤسسات الدينية والسياسية ، وهو السبيل الوحيد لدرء خطورة توظيف الدين لأغراض السياسة. أى الفصل بين (الثابت والمقدس) وبين (المُـتغير وغير المقدس) وأنّ الخلط بين المؤسستيْن جعل رأس المواطن أشبه بكرة القدم ، وعلى سبيل المثال : الإصلاح الزراعى حلال لأنّ السلطة السياسية (عهد عبد الناصر) أرادتْ ذلك ، ثمّ هـــــــو حرام عندما تغيـّـر موقف الحكم . حتى الحروب (غزو العراق للكويت ، وغزو أميركا للعراق) والمعاهدات الدولية والاكتشافات العلمية بما فيها الطب ، تخضع لمرجعية مؤسسات شئون التقديس وليس للعلماء ، فينحط البحث العلمى ويتحمّـل البشر الخاضعون للكهنوت الدينى ضريبة التخلف . وعندما انتشرتْ ظاهرة شركات توظيف الأموال الإسلامية ، وقع شعبنا فى المصيدة فكان السؤال : هل نأخذ العوائد الحلال المرتفعة وندخل الجنة ، أم نودع فى بنوك الدولة وندخل النار؟ ومبدأ (المواطنة) لا يتحقق إلاّ فى ظل (العالمانية) ومع غيابها يعلو صوت اللغة الدينية ، فلا يوجد فى التعليم ولا فى الإعلام أى نقد أو تحليل لخطاب الأصوليين ، بل تمجيدًا لهم أمثال جمال الدين الإيرانى الشهير بالأفغانى الذى روّج لمقولة (الرابطة الدينية) حيث ((لا جنسية للمسلمين إلا فى دينهم)) (العروة الوثقى26/7/1884) أو حسن البنا الذى قال ((نحن نعتبر حدود الوطنية بالعقيدة وليس بالتخوم الأرضية والحدود الجغرافية)) كما يتجاهل الأصوليون المعادون لمبادىء (العالمانية) أنّ التاريخ الإسلامى أثبت فى أكثر من واقعة أنّ (قانون التغير) جعل الخليفة عمر بن الخطاب يرفض أنْ يكون النص الدينى مرجعًا له ، مثل موقفه من (المؤلفة قلوبهم) وعدم قطع يد السارق فى عام المجاعة إلخ . ويتجاهلون ما حدث مع النبى محمد عندما تعرّض لجماعة خالفوه رأيه ، فحاول إقناعهم بآيات من القرآن ، فتدخــّـل على بن أبى طالب وقال للنبى قولته الشهيرة ((لا تــُحاججهم بالقرآن ، فإنّ القرآن حمال أوجه)) وأكثر من ذلك فإنّ النبى من منطلق نظرته الواقعية نصح (بُريدة) أحد قادته فى إحدى الغزوات قائلا له ((إذا حاصرتَ أهل حصن فأرادوك أنْ تنزل على حكم الله فلا تــُـنزلهم على حكم الله ، ولكن أنزلهم على حكمك ، فأنت لا تدرى أتــُـصيب حكم الله فيهم أم لا)) وهل تستطيع أية دولة (دينية) أنْ تــُـصدر قانونـًا يُـنظم أحكام الرق (= العبودية) أو منظومة (ما ملكتْ أيمانكم) بالتطبيق لأحكام القرآن فى آيات عديدة لم تــُـنسخ ؟ كما أعتقد أنّ فضيلة المفتى (رغم أهمية مقاله) تجاهل التعرض للكارثة التى وردتْ فى الدستورالمصرى ، حيث النص على أنّ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ، وبالتالى فإنّ هذا النص يعوق أى تطبيق حقيقى لمبدأ (المواطنة) لأنه فرّق بين المواطنين على أساس الإنتماء الدينى ، بينما الإنتماء الحقيقى يكون للوطن ، بمراعاة أنّ الدين ملكية شخصية ، فى إطار (الذات الطبيعية للإنسان) بينما الوطن (هو الموضوع) الذى يضم كافة المواطنين فى أعطافه بغض النظر عن إنتماءاتهم الدينية والمذهبية. وهو ما عبـّـر عنه سيد درويش عندما غنى أثناء ثورة شعبنا فى شهر برمهات/ مارس1919فقال ((اللى تجمعهم أوطانهم.. عمر الأديان ما تفرّقهم)) أما خالد محمد خالد فكتب ((وُجد الوطن فى التاريخ قبل الدين . وكل ولاء للدين لا يسبقه ولاء للوطن فهو ولاء زائف)) (روزاليوسف30/10/1951) وطلبة الحقوق يتعلــّـمون الفرق بين الشخصية الطبيعية (الإنسان) والشخصية الاعتبارية ، مثل الشركات والمؤسسات والوزارات ، وأنّ الشخصية الاعتبارية ليس لها دين ولا تتعامل بالدين ، وما ينطبق على الشركات ، ينطبق على تعريف الدولة State وبالتالى فإنّ النص فى الدستور على (دين) للدولة يعنى انحياز الدولة لشريحة من السكان (حتى ولو كانت تــُـمثــّـل الأغلبية) ضد باقى شرائح المجتمع . فهل يمكن مراجعة تلك المادة فى الدستور؟ حتى يتحقــّـق مبدأ (المواطنة) بالفعل وليس بالكلام ؟ ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا لا تتعلم أوروبا الدرس ؟
-
نداء إلى منظمات حقوق الإنسان العالمية
-
لماذا الرعب من الاتهام بالسامية ؟
-
أوروبا وكيف انتصرت العقلانية
-
تاريخ علم المصريات
-
ما سر عودة الحمساويين للتمحك فى مصر؟
-
ما سر المتاجرة بمصطلح (الوسطية) ؟
-
توابع موت عمران الأعسر - قصة قصيرة
-
تعصب المسيحيين والمسلمين من خميرة واحدة
-
هل تختلف الشعوب العربية عن الحُكام ؟
-
لماذا يتنفس أغلب المتعلمين المصريين بالعبرى ؟
-
هوّ النظام مع المعتدلين ولاّ مع المتطرفين ؟
-
التناقض فى كتاب (موسى والتوحيد) لفرويد
-
الرد الثانى على السيد (ملحد)
-
لماذا تأخر الاعتراف بجرائم حزب الله ؟
-
هل سلاح الأحذية هو الحل ؟
-
رد على السيد (ملحد)
-
هل مراجعات الأصوليين حقيقة أم خدعة ؟
-
هل شباب الإخوان المسلمين غير شيوخهم ؟
-
عبد الناصر وتبديد موارد مصر
المزيد.....
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|